العالم تريند

إسرائيل مجدّداً على صفيح ساخن.. تمرّد في جيش الاحتياط.. هرتسوغ في واشنطن ونتنياهو “محروم” منها

عربي تريند_ دخلت تشكيلات عسكرية في جيش الاحتلال ضمن الاحتياط مجدّداً على خط الاحتجاجات ومناهضة التشريعات القضائية، التي تمضي حكومة نتنياهو بتطبيقها، وسط تحذيرات من فقدان الأهلية للقتال والجاهزية لحرب محتملة.

وتواصل لجنة القضاء والدستور البرلمانية التداول في ما يعرف بمشروع قانون إلغاء “المعقولية”، تمهيداً للمصادقة عليه بالقراءتين الثانية والثالثة، قبيل نهاية الشهر الحالي، رغم المعارضة الواسعة والضغوط الداخلية والخارجية.

ويقضي مشروع قانون “المعقولية” بانتزاع صلاحية المحاكم بإلغاء قرارات منتخبي الجمهور لاعتبارها “غير معقولة”، وإجبار القضاة بإصدار أحكامهم بموجب النص الصريح للقانون دون قراءة نقدية له وللقرارات الحكومية. وهذا تعتبره المعارضة وأوساط إسرائيلية واسعة انقلاباً خطيراً على النظامين القضائي والسياسي يمّس بمبدأ الفصل بين السلطات، وبمبدأ الموازنة والكبح المتبادل بينها، بل ترى أن مثل هذا القانون يعني تقزيم السلطة القضائية، وتضخيم قوة السلطة التنفيذية، بحيث يصبح الساسة قادرين على فعل ما يحلو لهم دون رقيب ولا حسيب، لدرجة تحويل إسرائيل لدولة ديمقراطية على الورق، وتشبه عملياً المَلَكية.

يسخر رسام كاريكاتير “يديعوت أحرونوت” من نتنياهو، حيث يظهره في الرسم وهو يقول لغالانت: اجلب طيارين عسكريين من هنغاريا.

وتخشى المعارضة أن الائتلاف الحاكم، برئاسة نتنياهو، يريد تحقيق عدة مآرب حزبية وشخصية من خلال “هذا الانقلاب”، أخطرها رفع الملاحقة القانونية عن الفاسدين والمتورطين بالفساد، تقليم أظفار كل “حراس العتبة”، و “حراس الخزنة”، الذين يحرسون المقدّرات العامة، ويصونون استمرار سلطة القانون وتساوي المواطنين أمامه.

“يوم المقاومة”

وبعد فشل مساعي الوساطة التي بذلها ديوان رئيس إسرائيل يتسحاق هرتسوغ، يستعد الائتلاف الحاكم لتشريع المزيد من القوانين التي تعتبرها المعارضة ضرباً للديمقراطية، ما دفع مئات الآلاف من الإسرائيليين لتصعيد احتجاجاتهم، و”تشويش” الحياة العامة، في الأيام الأخيرة، فيما أعلن قادة الاحتجاجات عن تنظيم “يوم مقاومة”، غداً الثلاثاء، ومن المخطط أن تتم عملية تشويش المواصلات وحركة المرور في طول البلاد وعرضها، بما فيها شبكة القطارات، بعد تشويش حركة الطيران، قبل أيام، على أن يتم تنظيم مظاهرة كبيرة جداً في قلب تل أبيب، ليلة السبت القادم. على خلفية ذلك يحذّر 800 من خريجي المخابرات الإسرائيلية (الشاباك) من نشوء خطر حقيقي واضح وفوري على أمن الدولة، بحال استمرت عملية التشريع بشكل أحادي الجانب، ودون توافق مع المعارضة. هذا ما جاء في مذكرة موجّهة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن فيها يوآف غالانت، وقعها هؤلاء، وهم ينشطون، في الشهور الأخيرة، ضد خطة التشريعات الحكومية، وهم يشددّون اليوم على أن تشريع قانون إلغاء المعقولية صادر من محكمة العدل العليا وسيلة العمل المركزية المتمثلة بـ “النقد القضائي” في تعاملها مع السلطات الحكومية، وبذلك تفقد المحكمة العليا قدرتها على الرقابة الأساسية على السلطة التنفيذية. لكن ما يحرك هؤلاء ليست فقط حسابات داخلية تتعلق بالنظامين القضائي والسياسي في إسرائيل، بل هم يخشون من تبعات المساس بمكانة المحكمة الإسرائيلية العليا وصورتها في العالم وباعترافه بها، ما يسهل عملية مقاضاة العسكريين الإسرائيليين في محكمة الجنايات الدولية على خلفية جرائم ترتكب بحق الفلسطينيين وغيرهم، خاصة جرائم اغتيال الناشطين الفلسطينيين.

 حتى الآن، كانت محكمة الجنايات الدولية تتحاشى مقاضاة جنود وضباط إسرائيليين ثبت تورطهم بجرائم خلال الحروب والحملات العسكرية، وذلك لوجود جهة إسرائيلية تحقق وتقاضي من ينتهك القوانين والمواثيق الدولية. وهذا ما تشدد عليه أوساط إسرائيلية واسعة تعتبر أن محكمة العدل العليا الإسرائيلية هي بمثابة “قبة حديدية” تحمي الجنود والضباط الإسرائيليين من ملاحقتهم في محاكم دولية ويعتقدون أن المساس بالمحكمة العليا سيدمر هذه “القبة الحديدية”. في مذكّرتهم يخلص خريجو “الشاباك” للقول إنهم يناشدون نتنياهو وغالانت بالتحلّي بالمسؤولية الوطنية حيال أمن الدولة، الحفاظ على سلامة الجيش، وتعليق النية بالمساس باستقلالية الجهاز القضائي وأمن إسرائيل. ويتابعون: “نطالبكما بالتحرك فوراً لتضميد الجراح واستعادة اللحمة بين الإسرائيليين ووقف الانقلاب في النظام السياسي”.

حالة تمرّد

وتأتي مذكرة خريجي “الشاباك” على خلفية تصاعد حالة تمرد من جديد لدى جنود وضباط وحدات مهمة وحساسة في جيش الاحتياط، ممن يعلنون تباعاً أنهم لن يمتثلوا لنداءات الجيش للخدمة العسكرية، أو التطوّع لها. ويعتزم مئات الطيارين الحربيين في الاحتياط الانضمام لذات الموقف، خلال أيام.

أوساط إسرائيلية واسعة تعتبر أن محكمة العدل العليا الإسرائيلية هي بمثابة “قبة حديدية” تحمي الجنود والضباط الإسرائيليين من ملاحقتهم في محاكم دولية.

 وفي ظل هذه التفاعلات داخل المؤسسة الأمنية، خاصة الجيش الذي يعتبر قدس أقداس إسرائيل حتى اليوم، والذي تعتبره أحد أهم أركان مناعتها القومية، اجتمع وزير الأمن غالانت مع قائد جيش الاحتلال هرتسي هليفي وبقية قادته، أمس، وحسب التسريبات قال غالانت لهليفي إن عليه رفع راية تحذير حمراء بحال اتسعت وتعمقت حركة العصيان لدرجة المساس بأهلية الجيش وجاهزيته لخوض حرب. وقالت مصادر إسرائيلية إن قيادة الجيش وغالانت توافقوا على نقل صورة الوضع الحساس أمام نتنياهو، اليوم الإثنين.

تجربة عسكرية غنية

في هذا المضمار أعلن نائب وحدة الاستخبارات المركزية “8200” سابقاً الجنرال “خ” أنه يعلق تطوعه للخدمة العسكرية في جيش الاحتياط احتجاجاً على مضي الحكومة في تشريعات خلافية خطيرة.

 يشار إلى أن الكثير من هؤلاء معفيّون رسمياً من الخدمة في الاحتياط، لكنهم يتطوعون فيها، ويعتبرها الجيش عملية حيوية جداً بسبب تجربتهم العسكرية الغنية الموظفة في التدريب والإرشاد. يشار أيضاً إلى أنه على خلفية حركة التمرّد هذه التي حصلت في الربيع الفائت كان وزير الأمن يوآف غالانت قد أعلن، في مؤتمر صحفي، عن تعرّض إسرائيل لتهديدات أمنية حقيقية وفورية ما دفع نتنياهو لإقالته، ما صبّ الزيت على نار الاحتجاجات التي اتسعت كثيراً، وأجبرت نتنياهو على التراجع وإبطال مرسوم الإقالة، ولذا يطالب قادة الاحتجاجات غالانت، اليوم، بإبداء موقف شجاع، كما فعل قبل شهور ليحول دون المساس بأمن الدولة.

هرتسوغ في واشنطن

وما زالت حكومة الاحتلال تتعرض لضغوط خارجية أيضاً، تشارك فيها الإدارة الأمريكية وبايدن الذي قال، قبل أسبوع، إنه لا يتذكر حكومة إسرائيلية فيها وزراء متطرفون كما في حكومة نتنياهو الحالية. وتبعته تسريبات نشرها الصحفي اليهودي الأمريكي توماس فريدمان في “نيويورك تايمز”، مفادها أن الولايات المتحدة تتجه لإعادة النظر بمنظومة المصالح والقيم المشتركة لها مع إسرائيل. ورغم نفي البيت الأبيض هذه التسريبات، يمضي بادين بالضغط على نتنياهو بطرق دبلوماسية،  فمن المنتظر أن يغادر رئيس إسرائيل يتسحاق هرتسوغ البلاد ليحل ضيفاً، غداً الثلاثاء، على البيت الأبيض، الذي ما زال يمتنع عن دعوة نتنياهو، بخلاف التقاليد المتبعة بين الجانبين، والقاضية بدعوة كل رئيس حكومة إسرائيلية جديد لواشنطن. وتفيد مصادر إسرائيلية أن هرتسوغ وبايدن سيتحدثان بعدة قضايا، على رأسها الانقسامات الإسرائيلية الداخلية، التوتر مع “حزب الله” والملف الإيراني. ومن المتوقع أن يلتقي هرتسوغ أيضاً الأمين العام للأمم المتخدة وعدداً من قادة الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة.

توبيخ السفير وزيارة بكين

على خلفية ذلك، انتقد بنيامين نتنياهو سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، مايك هرتسوغ (شقيق رئيس إسرائيل يتسحاق هرتسوغ)، في لقاء الأسبوع الماضي، بسبب العلاقات المتوترة بين حكومته وإدارة بايدن.

ونقلت القناة العبرية 13 عن مصادر دبلوماسية قولها إن مصدر غضب نتنياهو الرئيسي عدم توجيه دعوة إلى البيت الأبيض منذ عودته إلى السلطة، في نهاية كانون الأول/ديسمبر. وبحسب ما ورد، قال نتنياهو للسفير: “يجب أن تبذل جهدًا أكبر للحصول على دعوة للبيت الأبيض”. كما نقلت القناة الإسرائيلية عن مصادر دبلوماسية قولها إن نتنياهو غير سعيد برحلة الرئيس إسحاق هرتسوغ، هذا الأسبوع، إلى نيويورك وواشنطن، والتي ستشمل لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض. وقال نتنياهو للسفير إنه يعتقد أن الرحلة ستمنح البيت الأبيض الشرعية اللازمة لتجنّب دعوة رئيس الوزراء في المستقبل القريب. وقال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في مؤتمر عبر الهاتف مع منظمة يهودية أمريكية، قبل بضعة أيام: “نتنياهو كان أول من اتصل بايدن لتهنئته بعد الانتخابات الرئاسية، ولم تتم دعوته إلى البيت الأبيض بعد”. وأشار نتنياهو إلى أنه تلقى دعوة لزيارة الصين للقاء شي جين بينغ، وهي لفتة يفسرها الكثيرون على أنها علامة على تحدي بنيامين نتنياهو لجو بايدن.

 انتقد بنيامين نتنياهو سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، مايك هرتسوغ (شقيق رئيس إسرائيل يتسحاق هرتسوغ)، في لقاء الأسبوع الماضي، بسبب العلاقات المتوترة بين حكومته وإدارة بايدن.

 أولمرت لبايدن: “يجب أن تكون ضد الحكومة”

واستباقاً لزيارة هرتسوغ هذه، قال رئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود أولمرت لبادين إنه يجب أن تكون ضد حكومة نتنياهو. وفي حديث إعلامي لقناة عبرية، وبشكل استثنائي، دعا أولمرت الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى التحرك ضد نتنياهو وحكومته. وأضاف: “أدعو قادة العالم إلى عدم لقاء نتنياهو. وأدعو الولايات المتحدة إلى إجراء تقييم جديد للعلاقات مع إسرائيل”. كما أكد أولمرت، المعروف بمناهضته لحكومة نتنياهو، أنه على كل من يحب إسرائيل أن يخرج ضد حكومتها، وقال إنه لم يكن في تاريخ الولايات المتحدة سناتوراً أكثر صداقة لإسرائيل من بايدن. وتابع: “إذا كان بايدن يحب إسرائيل فيجب أن يكون ضد الحكومة الإسرائيلية الحالية، وهو قد أعلن ذلك بالفعل، ولكن عليه الآن أن يعلن عن إعادة تقييم علاقات الولايات المتحدة مع إسرائيل”. ورغم التبعات الاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية السلبية والضغوط الداخلية والخارجية، يبدو نتنياهو مصمماً على المضي في التشريعات، كما يستدل من تصريحه أمس، بأنه يفضل إغلاق بعض الوحدات العسكرية الجوية على أن يفكك الائتلاف الحاكم. ولذا يسخر رسام كاريكاتير في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم، من نتنياهو، حيث يظهر في الرسم نتنياهو وهو يقول لغالانت: اجلب طيارين عسكريين من هنغاريا”.

 لكن نتنياهو، منذ انطلاق خطة التشريعات، في الثالث من يناير/ كانون الثاني الماضي، كان يبدو معنياً جداً بها لأن شركاءه في الائتلاف الحاكم يهدّدون بإسقاط حكمه الذي يريده بكل ثمن، خاصة أنه يقاضى في تهم فساد، بعضها خطير.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى