العالم تريند

“إيكونوميست”: حرب الإبادة عادت إلى دارفور.. والجنجويد يستخدمون نفس الأساليب والإجراءات

عربي تريند_ نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريراً عن “الحرب الأهلية” في السودان، مشيرة إلى أن الإبادة عادت مرة أخرى في دارفور.

 وقالت إن المهاجمين حاصروا في البداية المدينة، وحرقوا السوق، ومنعوا الطعام والإمدادات الطبية من الوصول إليها. ثم تقدم رجال الميليشيات، وبطريقة منظمة، لتدمير أي شيء: مستشفيات ومدارس ومحطات توليد كهرباء ومراكز الاتصالات التي يعتمد سكان الجنينة في غرب دارفور للبقاء. وقالت ناتالي ريموند، التي ترصد النزاع في جامعة ييل: “كان فعلاً رويتيناً ومنظماً”.

وناشد حاكم غرب دارفور، في 14 حزيران/ يونيو، للتدخل لوقف ما أسماه “إبادة”، وفي اليوم التالي قُتل بطريقة وصفتْها ريموند بأنها “قتل طوطمي (طقسي) على طريقة تنظيم الدولة”.

ناشد حاكم غرب دارفور للتدخل لوقف الـ”إبادة”، وفي اليوم التالي قُتل بطريقة وُصفتْ بأنها “قتل طوطمي (طقسي) على طريقة تنظيم الدولة”.

وفي الساعات الـ 48 التي تلت فرَّ المدنيون من الجنينة، أو قتلوا. وقال عمال الإغاثة الذين زاروا المدينة لاحقاً إنها تحولت لبلدة أشباح. ومنذ بداية المعركة على الجنينة، في نيسان/ إبريل، ببداية الحرب الأهلية السودانية الأوسع، فرّ حوالي 180.000 مدني من المنطقة نحو تشاد. ومعظمهم من قبيلة المساليت، القبيلة الأفريقية التي هيمنت، ولوقت طويل، على منطقة دارفور.

وتظهِر صور التقطتْها الأقمار الاصطناعية أن مناطق واسعة من المدينة دمرت أو تضررت بسبب النيران، إلى جانب اختفاء ومقتل ما بين 1.100 – 5.000 شخص. وتعتبر هذه الحصيلة الأعلى في منطقة، بما فيها الخرطوم، التي تظل مركز النزاع.

وقال اللاجئون من الجنينة إن رجال ميليشيا عرباً انتقلوا من بيت إلى بيت، وأطلقوا النار على الشباب فوراً. وفي الطريق للغرب من تشاد، قام مسلحون يلوّحون ببنادقهم، يحرسون حواجز مؤقتة، بسرقة المدنيين الفارين من الفظائع وقتلهم.

وتقول المجلة إن الحرب الأهلية السودانية مكونة من عدة نزاعات متداخلة، ولكن الرئيسية منها تتركز في الخرطوم، حيث تتنافس قوتان مسلحتان للسيطرة على البلد. الأولى هي الجيش النظام، تحت قيادة حاكم السودان الفعلي الجنرال عبد الفتاح البرهان. والثانية بقيادة محمد حمدان دقلو، حميدتي، قائد قوات الدعم السريع.

وأدى هذا النزاع، الذي بدأ في منتصف نيسان/إبريل، وشرّدَ الملايين، وحوّلَ معظم العاصمة إلى أرض يباب. أما الحرب في دار فور فهي مشتعلة منذ 20 عاماً، وبدأت في 2003، عندما قامت جماعات تمرد مسلحة من القبائل الأفريقية، مثل المساليت الغاضبة على الحكومة التي يتسيّدها العرب بزعامة عمر حسن البشير. ورداً على هذا قرر تسليح رعاة الجمال من العرب البدو، ونظّمهم كقوات وكيلة عنه،  وأطلق العنان لهم لمحاربة المزارعين السود، لدرجة أن محكمة الجنايات الدولية أصدرت، في 2010، بلاغاً للقبض على البشير، ومحاكمته بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

ومات في السنوات الخمس الأولى من النزاع حوالي 300.000 شخص، وشرد 2.7 مليون نسمة تقريباً. وأطلق على المسلحين العرب، الذين قاموا باغتصاب ونهب البيوت بالجنجويد “الشيطان على صهوة الفرس”. وبقيادة حميدتي، وبمباركة من البشير، حول الجنجويد لاحقاً لقوات الدعم السريع، والتي تحولت إلى إمبراطورية تجارية متعددة الجنسيات، وبروابط مع الإمارات العربية المتحدة، ومجموعة فاغنر الروسية للمرتزقة. وبات حميدتي اليوم يحلم بحكم السودان.

واعتُبرت حرب دارفور أول حرب إبادة في القرن الحادي والعشرين، وهي أول نزاع اندلع بسبب التغيرات المناحية، فمنطقة دار فور غنية بالمصادر الطبيعية والأراضي الزراعية التي تقلصت بفعل الجفاف والتصحر، وانفجرت نتيجة لسياسات حكومة البشير في الخرطوم.

وزادت الآمال بسلام دائم في المنطقة، عندما أطاحت ثورة شعبية بالبشير، في 2019، وفي 2020 تم التوصل لاتفاقية سلام مع جماعات التمرد ووعود بالمشاركة في السلطة وتمثيل عادل للمنطقة في الحكومة المركزية، وإعادة الممتلكات التي صودرت من السكان. وتم سحب قوة حفظ سلام مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي نشرت عام 2007 بحلول 2021.

ولم تتم محاسبة المسؤولين عن الفظائع في دارفور، لا البشير ولا الجنرالين المتصارعين في الخرطوم، ولا يزال العرب والأفارقة في دارفور يشعرون بالإهمال من الحكومة في الخرطوم.

 وعاد العنف مرة أخرى، وتحديداً ضد المساليت، وبعد خروج قوات حفظ السلام، عادت المواجهات، وتم تشريد حوالي 400.000 شخص. ومع زيادة القتال في الخرطوم زادت المواجهات في دارفور بين الجنجويد والأفارقة لدرجة دفعت عمال الإغاثة للخوف من عودة العنف بنفس وتيرة العقد الأول من القرن الحالي.

وقال جاستين موزيك، من التضامن الدولية ومقرها فرنسا: “هذه أسوأ حرب شاهدتُها كعامل إغاثة منذ 20 عاماً”، وكان في الجنينة وقت أعمال العنف الأخيرة.

 وأظهرت لقطات فيديو مقاتلين وهم يطلقون الشتائم ضد الأفارقة والتفاخر بأنهم سيحولون المدينة لعربية. ووصف الممثل الخاص للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرثس ما يجري في غرب دارفور بأنه “تطهير عرقي على قاعدة كبيرة”.

وتقول ريموند إن الجنجويد يستخدمون اليوم نفس الأساليب والإجراءات التي استخدمها في السنوات الأولى من القرن الحالي. وفي الوقت الذي كانوا يستخدمون فيه الخيول والأسلحة نجدهم “الآن على ظهور عربات بيك آب، ويتحركون بسرعة، ويستخدمون أسلحة فتاكة”.

 جاستين موزيك: هذه أسوأ حرب شاهدتُها كعامل إغاثة منذ 20 عاماً.

ويقول الدعم السريع إنه ليس مشاركاً في ما يوصف بأنه نزاع قبلي، لكن من الصعب التمييز  بين مقاتليه والجنجويد. كما أن الجنينة هي مركز إمدادات للدعم السريع في محاولته للسيطرة على كل السودان. وتقول خلود خير، المحللة السودانية في الخرطوم، إن حميدتي يحصل على السلاح والوقود والمرتزقة من الجارة ليبيا، وجمهورية أفريقيا الوسطى، والمنفذ عبر تشاد مهم. ولا يمكن لوحدات الجيش الموجودة في المنطقة الدفاع عن السكان، حيث تتعاون قوات الدعم السريع مع القبائل في الحرب ضد الخرطوم. وانسحب الجيش من عدة مدن إلى ثكناته بشكل سمح للدعم السريع السيطرة عليها. وفي الوقت الحالي لا يمكن لغير العرب توقع تدخل، كما في 2007، بسبب أن الحرب في الخرطوم ودارفور لم تؤد إلى ضجة دولية هذه المرة، كما يقول غيل سميث، مدير أفريقيا السابق بمجلس الأمن القومي الأمريكي. وقام ناشطون ورجال دين بترتيب اتفاقيات وقف إطلاق النار. وفي الجنينة هناك هدوء حذر، لكن السكان الخائفين يواصلون الهرب، ومعهم الأثاث والممتلكات. ويقول موزيك: “يحاولون إنقاذ أي شيء”.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى