العالم تريند

ناشونال إنتريست: ماذا تعني القنصلية الصينية في إيران لأمريكا؟

عربي تريند_ في 21 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، فتحت الصين رسمياً أول قنصلية عامة لها في بندر عباس، أهم مركز نقل بحري إيراني في جنوب البلاد. وأشاد الحزب الشيوعي الصيني وإيران بهذا الحدث بوصفه خطوة نحو المزيد من تعزيز العلاقات الثنائية. وأشاد السفير الصيني لدى إيران بالخطوة، باعتبارها لحظة تاريخية في العلاقات الإيرانية الصينية، بينما قال سفير إيران السابق لدى الصين بأنه يتوقع أن تقوم الصين بدور بارز في تطوير المناطق الساحلية الجنوبية في إيران.

يرى خبراء أن طهران أصبحت مستعمرة صينية فعلاً، وحتى عرضة لحدوث تغير ديموغرافي وتدفق كبير للصينيين، وأن غرض الصين الرئيسي إقامة مركز تجسس.

ويقول محلل السياسة الخارجية المستقل أحمد هاشمي، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، إنه من أجل تفهم أفضل لأهمية هذا التطور، يتعين استيعاب الصورة الأكبر، ابتداء من توقيع وثيقة تعاون إستراتيجي شبه سرية مدتها 25 عاماً.

ويأتي افتتاح هذه القنصلية بعد توقيع اتفاق معروف بـ” الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين إيران والصين”، في آذار/ مارس 2021، في أعقاب اتفاق أولي أثناء زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج لطهران، في كانون الثاني/ يناير عام 2016.

 يقول هاشمي، الزميل الباحث بمعهد هدسون الأمريكي، إنه على الرغم من عدم الإعلان عن تفاصيل الوثيقة، تفيد بعض التقارير بأن الاتفاق يشمل تقديم إيران تنازلات خاصة للصين، من بينها بيع النفط والغاز والمنتجات البتروكيماوية الإيرانية بسعر منخفض مضمون، وتأجير بعض الجزر الإيرانية للصين، والموافقة على إقامة قاعدة عسكرية صينية لتأمين منشآت بكين في المناطق الجنوبية المضطربة في إيران.

ويرى بعض الخبراء أنه، مع توقيع الاتفاق الذي تبلغ مدته 25 عاماً، أصبحت طهران مستعمرة صينية فعلاً، وحتى عرضة لحدوث تغير ديموغرافي وتدفق كبير للصينيين. ويرى خبراء آخرون أن غرض الصين الرئيسي هو إقامة مركز تجسس بموجب الاتفاق.

ويقول هاشمي، المهتم بالشأن الإيراني وشؤون الشرق الأوسط، أنه رغم أن الدولتين مصممتان على توسيع نطاق علاقاتهما الثنائية، تواجه الحكومة الإيرانية تحدياً داخلياً لم يسبق له مثيل، حيث دخلت الاحتجاجات الأخيرة شهرها الرابع. فقد فشلت إيران في قمع شبابها الذين يسعون لتحقيق تحول هيكلي، أي: تغيير النظام، وقد تحتاج طهران إلى أن تطلب دعما خارجيا لقمع المعارضة.

والسعي لطلب المساعدة من مقاتلين خارجيين وجماعات ميليشيا غير إيرانية ليس جديداً. وعلى سبيل المثال، تم تحويل مواطنين شيعة من العراق، وأفغانستان، وباكستان، واليمن إلى تجمعات جديدة، شكلها “الحرس الثوري” الإسلامي الإيراني. وقد تردد أنه في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي وصلت إلى إيران قوات من الحشد الشعبي وكتائب “حزب الله” من العراق ، ربما للمساعدة في قمع المحتجين.

 فشلت إيران في قمع شبابها الذين يسعون لتحقيق تحول هيكلي، أي: تغيير النظام، وقد تحتاج إلى دعم خارجي لقمع المعارضة.

ومع ذلك، من الصعب الاستعانة بجيش التحرير الشعبي الصيني، إذ إن إيران تدرك أن الاستعانة بأفراد هذا الجيش، وهم غير مسلمين يمكن أن يسفر عن ردود فعل عكسية بدرجة كبيرة للغاية. ويمكن أن توفر الصين لإيران خبرتها، وقد يساعد جيش التحرير الشعبي الحكومة الإيرانية بتزويدها بمعدات مكافحة الشغب وتقنية كشف وتتبع المحتجين الإيرانيين.

وحول التساؤل عما إذا كانت القنصلية الصينية في إيران تمثل تهديداً أمنياً لأمريكا، يقول هاشمي إنه في عام 2012 عندما عزز شي سيطرته على الحزب، أصبح الحزب حازماً بشكل متزايد في هيمنته العسكرية والجيوسياسية العالمية. وليس غريباً أن شي غير أسلوب السياسة الخارجية التقليدي للحزب، حيث أنهى” الصعود السلمي”، وسعى لأن يحقق لبلاده وضع الدولة العظمى لتحل محل أمريكا في نهاية المطاف.

فدبلوماسية” المحارب الذئب” وتعيين تشاو ليجان المتشدد متحدثاً باسم وزارة الخارجية، ومبادرة الحزام والطريق، ودبلوماسية طوق الديون، وتسريع خطط استعادة تايوان تعتبر من بين التغييرات في نهج السياسة الخارجية الصينية التي بدأت أو اكتسبت زخماً في عهد شي.

وبالتزامن مع الجهود لسرعة تحقيق الريادة العالمية، أقام الحزب الشيوعي الصيني أول قاعده عسكرية خارجية في جيبوتي عام 2017، وأرسل أول أسطول له إلى الخليج، وتوصل لشراكات إستراتيجية مع الجزائر، ومصر والإمارات العربية المتحدة، وإيران.

تردد أنه وصلت إلى إيران قوات من الحشد الشعبي وكتائب “حزب الله” من العراق، ربما للمساعدة في قمع المحتجين.

وبدأت الصين في عهد شي القيام بتدريبات بحرية متعددة مع الصين وإيران. وتردد الآن أن إيران تخطط لفتح قاعدة عسكرية على الشواطىء الشمالية للخليج. ويعتبر أي وجود دبلوماسي أو اقتصادي أو أمني أو عسكري صيني في الجزء الشمالي من هذا الممر المائي أمراً غير مرحب به بالنسبة للولايات المتحدة لأسباب متعددة، من بينها اشتداد المعركة من أجل الهيمنة العالمية، وتنافس الدول الكبرى على السيطرة على المضائق الإستراتيجية، حيث سوف تسهل القنصلية الجديدة في إيران جهود الصين لتحقيق هذا الهدف.

وهناك أيضاً تحالف مثلث الصين وإيران وروسيا غير الرسمي، الذي قال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني إنه يبشر بـ” نهاية هيمنة الولايات المتحدة والغرب الظالمة”.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي وغيره من الإمكانيات التكنولوجية تشهد تطوراً سريعاً في الصين. و تزود بكين إيران بما لديها من أنواع الطائرات المسيرة، بينما تبيع إيران لروسيا طائراتها المسيرة الكاميكازي طراز شاهد16. وهذه الأسلحة المؤثرة تغير بسرعة المسرح العسكري في أوكرانيا. وفي المقابل سوف تزود روسيا إيران بعشرات من طائراتها المقاتلة طراز سوخوي إس يو 35، مما يوفر لإيران إمكانيات التفوق الجوي التي تحتاجها بشدة.

ويختتم هاشمي تقريره بالقول إن قنصلية الصين في بندر عباس سوف تكون بلا شك وسيلة لتدعيم هذا التحالف الثلاثي الجديد. كما أنها ستكون منصة لتخفيف العواقب التي تتعلق بالاقتصاد والطاقة في حالة فرض إجراء عقابي جماعي من الغرب ضد الصين، حيث ستضمن تدفق النفط إليها.

(د ب أ)

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى