مصر

الغارديان: مخاوف من استغلال مصر قمة للمناخ لغسل سجلها الحقوقي البائس

 عربي تريند_ نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا للصحافية روث مايكلصن قالت فيه إن أحد أبرز السجناء السياسيين في مصر لا يزال خلف القضبان، قبل خمسة أشهر من قمة المناخ التي ستعقدها الأمم المتحدة في شرم الشيخ.

وقالت إن علاء عبد الفتاح دخل اليوم الثامن والتسعين من الإضراب عن الطعام، إذ يعيش على مئة سعر حراري فقط في اليوم، عادة على شكل حليب بلا دسم أو ملعقة من العسل في الشاي.

وتضيف الصحافية أن عبد الفتاح، أحد قادة ثورة 2011 في مصر، قضى معظم العقد الماضي في السجن. وسجن بداية بحجة تنظيمه مظاهرات مخالفا قانونا يحظر في الواقع الاحتجاج تماما. وأعيد اعتقاله في عام 2019 أثناء احتجاجات مناهضة للحكومة لم يشارك فيها، وحكم عليه العام الماضي بالسجن خمس سنوات أخرى في سجن شديد الحراسة بتهم “نشر أخبار كاذبة تقوض الأمن القومي”، بسبب تعليقات حول التعذيب على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي رسالة أرسلها إلى شقيقته خلال زيارة السجن، الأسبوع الماضي، أشار عبد الفتاح إلى مفارقة قمة المناخ COP27 للأمم المتحدة المنعقدة في مصر. قال لها: “من بين جميع البلدان التي كان يمكن أن تستضيف المؤتمر، اختاروا دولة تمنع الاحتجاج وترسل الجميع إلى السجن، وهو ما يخبرني كيف يتعامل العالم مع هذه القضية.. إنهم غير مهتمين بإيجاد حل مشترك للمناخ”.

علاء عبد الفتاح: من بين جميع البلدان التي كان يمكن أن تستضيف المؤتمر، اختاروا دولة تمنع الاحتجاج وترسل الجميع إلى السجن، وهو ما يخبرني كيف يتعامل العالم مع هذه القضية.. إنهم غير مهتمين بإيجاد حل مشترك للمناخ

ويرى نشطاء مدنيون وبيئيون أن قضية عبد الفتاح هي اختبار حقيقي لالتزام مصر بالسماح بالاحتجاج في Cop27، وأن أصواتهم سيتم تجاهلها في وقت تحتاج فيه الحكومات بشدة إلى الاستماع للمجتمع المدني حول الآثار المتفاقمة لأزمة المناخ.

وقالت الكاتبة والناشطة نعومي كلاين، التي كتبت مقدمة لكتاب من مقالات عبد الفتاح نُشرت العام الماضي، بعضها تم تهريبها من السجن: “قبل عقد من الزمان، هتف العالم عندما احتل جيل جديد من النشطاء المصريين ميدان التحرير وأطاح بطاغية.. لكن سرعان ما عادت وحشية الديكتاتورية مرة أخرى، وتعرض العديد من الشباب الشجعان الذين قادوا تلك الانتفاضة للقتل أو التعذيب أو الاختفاء في زنازين السجون. ومن بينهم الكاتب اللامع والملهم لجيله علاء عبد الفتاح”.

وأضافت: “يجب أن تبدأ الحركة المناخية الدولية بالاهتمام بما يحدث في سجون مصر. لا يمكننا السير نائمين إلى مؤتمر Cop27 كما لو أن هذه ليست جرائم ضد الإنسانية”.

وبدأ عبد الفتاح إضرابا عن الطعام احتجاجا على معاملته في السجن، بما في ذلك رفض السلطات المصرية السماح للمسؤولين البريطانيين بزيارته والاطمئنان على صحته، بعد أن أصبح مواطنا بريطانيا العام الماضي. وانضمت شقيقته منى سيف، مواطنة بريطانية أيضا، إلى شقيقها احتجاجا على رفض السلطات البريطانية والمصرية الاعتراف بإضرابه عن الطعام. وهي الآن في يومها الثامن عشر من تناول الماء والملح فقط.

وتقول الصحيفة إن حالة عبد الفتاح تظهر الثمن الباهظ الذي دفعه العديد من الشباب المصري لجرأتهم على الاحتجاج والمطالبة بالديمقراطية. فمنذ وصوله إلى السلطة في انقلاب عسكري في عام 2013، قام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بتطهير كل المعارضة السياسية، حتى من داخل نظامه، وشن حملة قمع كاسحة على المجتمع المدني والمعارضين. وتضخم عدد نزلاء السجون في مصر، وعجت السجون بالأطباء والصحافيين ورجال الأعمال والمواطنين الذين يحتجون على زيادة أجرة مترو القاهرة وحتى السياح الذين ينشرون على فيسبوك. ومع ذلك، ادعى السيسي منذ فترة طويلة أنه “لا يوجد سجناء سياسيون في مصر”.

في عهد عبد الفتاح السيسي عجت السجون بالأطباء والصحافيين ورجال الأعمال والمواطنين الذين يحتجون على زيادة أجرة مترو القاهرة وحتى السياح الذين ينشرون على فيسبوك

وقالت كلاين: “من الواضح أن السيسي يرى رئاسة Cop27 فرصة لمسح ذاكرتنا، وإعادة تصوير مصر كمكان آمن لقضاء عطلتك أو المؤتمر القادم”.

وأضافت: “يجب ألا تكون حركة المناخ الدولية طرفا في هذا الغسيل الأخضر والتستر. حان الوقت الآن للضغط على كل حكوماتنا لاستخدام نفوذها للمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين، بدءا بعلاء عبد الفتاح. بدون ذلك، سيكون ضرر مؤتمر Cop27 أكثر من نفعه”.

وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، المكلف بالإشراف على مؤتمر COP27، في أيار/ مايو، إن مصر ستسمح بالتظاهرات في شرم الشيخ، وإن كان ذلك في منطقة منفصلة عن المحادثات. وقال: “نحن نطور مرفقا مجاورا لمركز المؤتمرات سيوفر لهم الفرصة الكاملة للمشاركة، والنشاط، والتظاهر، والتعبير عن الرأي.. سنوفر لهم أيضا إمكانية الوصول، كما يحدث عادة في يوم واحد من المفاوضات، إلى قاعة المفاوضات نفسها”.

ولكن المراقبين القدامى لسجل حقوق الإنسان في مصر يشكون.

وقال كين روث، المدير التنفيذي لـ هيومن رايتس ووتش، “لطالما كان من الواضح أن الحكومات بحاجة إلى ضغط من المجتمع المدني للتصدي لتغير المناخ بشكل معقول. لكن الرئيس السيسي كرس حكمه لقمع المجتمع المدني وأي صوت مستقل ينتقد حكمه القمعي. هذا هو عكس ما هو مطلوب لمؤتمر بيئة ناجح”.

وبحسب خبير بيئي مصري، احتج إلى جانب عبد الفتاح في 2011 وطلب عدم ذكر اسمه، “ما تحتاج حركة العدالة المناخية العالمية أن تفهمه بشأن قضية علاء أنها تمثل محنة عشرات الآلاف من السجناء السياسيين وسجناء الضمير في مصر”.

وأضاف: “إذا لم يتم الإفراج عن السجناء السياسيين في مصر قبل انعقاد مؤتمر Cop، فقد يؤدي ذلك إلى تورط المؤتمر في مساعدة مصر على غسل سجلها الحقوقي”.

وحذر من أنه من غير المرجح أن يستفيد المصريون من المساحة الموعودة للاحتجاج في تشرين الثاني/ نوفمبر، أو أن يتعرض الذين ينضمون إلى الاحتجاجات للمراقبة والاحتجاز.

وقالت منى سيف: “إن الأمر يتعلق بأكثر من مجرد علاء. إنه يتعلق بصورة أكبر وهي كيف أن القدوم والاجتماع في هذا المكان يعتبر تأييدا لهذه الحكومة بينما يتم إسكات كل من يتحدث عن أي شيء. إنهم لا يسمحون بأي نوع من المعارضة. إنه مجرد تصنع”.

ورفضت وزارة الخارجية المصرية، التي تشرف على الاستعدادات لـ Cop27، التعليق عندما اتصلت بها صحيفة الغارديان.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى