العرب تريند

لبنان في يوم المنازلة الكبرى: معارك انتخابية في مختلف الدوائر

عربي تريند_ على وقع صمت إعلامي أعقب حروباً كلامية قاسية، يتوجّه المواطنون اللبنانيون اليوم الأحد إلى صناديق الاقتراع في مختلف المناطق اللبنانية للإدلاء بأصواتهم في معركة مفصلية واختيار ممثليهم في الندوة البرلمانية بعدما سبقهم في الخارج المغتربون بنسبة تصويت جيدة يمكن أن تؤثر على نتيجة بعض الدوائر. إذ بلغ عدد المقترعين 142 ألف ناخب من أصل 225 ألفا تسجّلوا للانتخاب بنسبة 63 في المئة، وتصدّرت دائرة الشمال الثالثة نسبة الاقتراع الأعلى بنحو 18 ألف ناخب، ثم الشوف عاليه بنحو 17 ألفا، وبيروت الثانية 16 ألفا، والجنوب الثالثة 12 ألفا، فالمتن وبعبدا بنحو 9 آلاف ناخب لكل دائرة، وبيروت الأولى بنحو 6 آلاف. وهذا يعني أن تأثير الناخبين وصل في بعض الدوائر إلى أكثر من حاصل انتخابي، مثل دائرة الشمال الثالثة والشوف-عاليه وبيروت الأولى والثانية.

وفي انتظار ما ستفرزه النتائج الأولية للانتخابات اعتباراً من ساعات الليل والتي سترسم مستقبل البلد، فإن الأنظار تتركّز على معرفة نسبة اقتراع الطائفة السنية ومدى التزام مناصري «تيار المستقبل» بقرار الرئيس سعد الحريري العزوف عن خوض الانتخابات أو السير بتوجيهات مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وأئمة المساجد والرئيس فؤاد السنيورة وسفراء الدول الخليجية وفي طليعتهم السفير السعودي وليد البخاري للتوجّه بكثافة إلى صناديق الاقتراع لعدم ترك الساحة السنية وتحديداً في بيروت الثانية أمام هيمنة حزب الله ووضع يده على عدد من المقاعد السنية. ويمكن للصوت السنّي أن يقلب المعادلة في أكثر من دائرة في حال الإقبال الكثيف على الانتخاب كدائرة البقاع الغربي وبعلبك الهرمل وزحلة وطرابلس وعكار والشوف عاليه.
وإذا كان الثنائي الشيعي مرتاحاً إلى وضعيته الشعبية في دوائر الجنوب والبقاع ويطمح لتحصيل الـ 27 نائباً شيعياً وقطع الطريق على أي خرق في المقاعد الشيعية ويهدف لإعادة ترشيح الرئيس نبيه بري إلى الرئاسة الثانية، فإن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يخوض معركة في قلب الشوف وعاليه وفي البقاع الغربي ودائرة بيروت الثانية في وجه محاولات حصاره وتطويقه من قبل حزب الله وانتزاع عدد من المقاعد الدرزية لعدم حصر الميثاقية الدرزية بزعامة المختارة، وهذا ما يبقي نتيجة فوز النائبين وائل ابو فاعور في البقاع الغربي وفيصل الصايغ في بيروت الثانية غير محسومة، في وقت يجهد رئيس حزب التوحيد وئام وهاب للفوز بالمقعد الدرزي الثاني في الشوف الذي يترشح عليه النائب المستقيل مروان حماده. ويتحالف وهّاب مع الأمير طلال ارسلان والتيار العوني في دائرة الشوف عاليه ويسعون للاحتفاظ بالمقاعد الأربعة التي حصلوا عليها في انتخابات 2018 والمنافسة على المقعد الخامس مع ترجيح أن تحقق لائحة «توحّدنا للتغيير» خرقاً في هذه الدائرة.
وإلى الساحتين السنية والدرزية، تدور أم المعارك في الدوائر المسيحية التي ستحدّد الأحجام السياسية الجديدة لكل من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب والمردة والشخصيات المستقلة بعدما كان التيار العوني يحتكر صفة التمثيل المسيحي الأكبر ويطلب ترجمة هذا التمثيل في رئاسة الجمهورية والحكومة ووظائف الفئة الأولى في الدولة. وفي ضوء التراجع الواضح لشعبية التيار العوني يسعى حزب الله لمد حليفه بأصوات شيعية في الدوائر المختلطة في بعبدا وجزين وكسروان جبيل وبعلبك الهرمل والبقاع الغربي وزحلة وبيروت الثانية كي يحافظ التيار على العدد الأكبر من المقاعد المسيحية كي يستمر في توفير الغطاء المسيحي لسلاحه خلافاً لتوجهات بكركي والأحزاب المسيحية، في وقت ستكون انتفاضة 17 تشرين الأول/أكتوبر أمام امتحان كبير.
ولعل دائرة الشمال الثالثة التي تضم مختلف الأحزاب المسيحية تستقطب الأنظار أكثر من غيرها ولاسيما أن رئيس التيار جبران باسيل يترشح عن أحد مقاعدها المارونية في البترون في مواجهة مرشحين قويين هما غياث يزيك المدعوم من القوات ومجد بطرس حرب المدعوم من الكتائب، علماً أن الدائرة تضم العديد من اللوائح وتستعد للمنازلة بينها لائحة «شمالنا» التي تضم وجوهاً من المجتمع المدني. وقد لعب صوت الاغتراب دوراً مؤثراً في هذه الدائرة وفي ترجيح صورتها السيادية.
وإلى هذه الدائرة تدور المعارك في دوائر جبل لبنان، ففي كسروان وجبيل سُجل تراجع في شعبية تيار العهد، ويترشّح عن هذه الدائرة وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني والنائب سيمون ابي رميا وتتكّل هذه اللائحة على الأصوات الشيعية لحزب الله في منطقة جبيل التي تُقدّر بـ 12 ألفا لتأمين الحاصل ومحاولة حجز مقعدين إضافة إلى مقعد شيعي لمرشح الحزب رائد برو، في مواجهة لائحة للقوات تضم النائبين زياد حواط وشوقي الدكاش ولائحة «صرخة وطن» التي يترأسها النائب المستقل نعمة افرام وأخرى للدكتور فارس سعيد والنائب فريد الخازن.
وفي المتن يخوض التيار الوطني الحر معركة لإسقاط مرشح القوات ملحم رياشي الذي سعى للمصالحة بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع وذلك من خلال توجيه الأصوات التفضيلية لمنافسه النائب العوني إدغار معلوف ما قد يؤثر على المرشح الماروني ابراهيم كنعان. وفي هذه الدائرة يبدو أن رئيس الكتائب سامي الجميل يضمن حاصلين ويتطلع إلى الثالث فيما لائحة ميشال الياس المر المتحالف مع حزب الطاشناق تسعى بصعوبة لتأمين حاصلين.
وفي بعبدا سيستفيد التيار العوني من الأصوات الشيعية في الضاحية الجنوبية لتأمين فوز النائب آلان عون إلى جانب نائبين شيعيين هما علي عمار وفادي علامة، في وقت ينافس مرشح القوات النائب بيار بو عاصي ومرشح الحزب التقدمي الاشتراكي بقوة للاحتفاظ بمقعدين ماروني ودرزي والمنافسة على مقعد ماروني ثالث، غير أن وجود لائحة للمعارضة تضم معارضين عونيين ومدعومة من حزب الكتائب قد تجعل المقعد الماروني الثالث يضيع.
وفي بيروت الأولى التي طالها تفجير المرفأ تحالف التيار الوطني الحر مع الطاشناق كي يتمكنا من تأمين الحاصل الانتخابي لكليهما في ظل معركة قاسية مع عدد من اللوائح المعارضة بينها للكتائب والنائب جان طالوزيان وأخرى للقوات وثالثة للنائبة المستقيلة بولا يعقوبيان، وللمرة الأولى يتنافس النائب نديم الجميّل مع مرشح ماروني مدعوم من القوات هو جورج شهوان وآخر على لائحة التيار هو ايلي أسود بعدما تمكّن في دورتين سابقتين من الفوز على الراحل مسعود الأشقر.
بالانتقال إلى مدينة زحلة التي تُلقّب بعاصمة الكثلكة في الشرق، فإن معركة تُخاض بين مستقلين وبين الأحزاب. وتحاول ميريام سكاف استعادة مقعد زوجها النائب الراحل الياس سكاف لكن معركتها ليست سهلة في ظل مواجهة بين التيار مدعوماً من الثنائي الشيعي والقوات التي تضم في لائحتها مرشحاً سنياً من آل الحشيمي مدعوماً من السنيورة.
وتعتبر دائرة بعلبك الهرمل ذات الثقل الشيعي الطاغي معقلاً هاماً لحزب الله وتدور معركة بين لائحة «الأمل والوفاء» المدعومة من الثنائي الشيعي ولائحة «بناء الدولة» التي يترأسها الشيخ الشيعي المعارض عباس الجوهري والمدعومة من القوات اللبنانية وتضم النائب الحالي انطوان حبشي. وتسعى القوات لإنجاح حبشي الذي تمكّن عام 2018 من الفوز مع مرشح «تيار المستقبل» بكر الحجيري بعدما اقترع للائحة حوالي 35 ألفا بينهم 14858 صوتاً لمرشح القوات و11 ألف صوت لمرشح المستقبل و6658 صوتاً لرئيس اللائحة الشيعي آنذاك يحي شمص. وتبدو المعركة مرهونة حالياً بمدى مشاركة السنّة في الاقتراع في ضوء عزوف الرئيس سعد الحريري عن خوض الانتخابات علماً أن لائحة «بناء الدولة» تضم مرشحاً سنياً من عرسال هو زيدان الحجيري وصالح الشل من بعلبك. وقد مارس حزب الله ضغوطاً على ثلاثة مرشحين شيعة للانسحاب من هذه اللائحة هم رامز أمهز وأيمن مشيك ورفعت نايف المصري.
يبقى أن فوز حزب الله بالأغلبية سيترك تداعياته على استحقاقات دستورية كثيرة منتظرة في طليعتها تسمية رئيس الحكومة المكلف وتشكيل الحكومة وانتخابات رئاسة الجمهورية، فإما تنتج الانتخابات دولة قانون وسيادة وحريات وتنوعاً وإما تنتج مزيداً من الفوضى والتعطيل والانهيار والهيمنة.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى