باشاغا يصل إلى شرق ليبيا للقاء عقيلة صالح والتشاور حول تشكيل الحكومة
وصل رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا، اليوم الثلاثاء، إلى منطقة القبة، شرق البلاد، للقاء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، للتشاور حول تشكيل حكومته.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة المكلف إن باشاغا سيلتقي عقيلة صالح “للتشاور حول تشكيل حكومة تضمن التمثيل العادل على أساس الكفاءة والنزاهة”، مضيفاً أن الزيارة ستشمل “لقاءات تشاورية مع عدد من أعضاء مجلس النواب وقيادات سياسية”.
ووصل باشاغا إلى بنغازي، ليل أمس، لـ”إجراء عدد من اللقاءات بشأن تشكيل الحكومة ومتطلبات المرحلة القادمة”، بحسب إعلان سابق لمكتبه الإعلامي، الذي أشار إلى أن باشاغا يعتزم إجراء لقاءات أخرى في عدة مدن ليبية “بعد لقاءاته في طرابلس ومصراته”، في إشارة واضحة لإصراره على تشكيل الحكومة وتقديمها لمجلس النواب لمنحها الثقة، الأسبوع بعد القادم.
وكشفت مصادر ليبية مطلعة، تحدثت لـ”العربي الجديد”، عن اتصالات عديدة تجريها أطراف ليبية مع باشاغا ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، مشيرة إلى أن أغلبها تجري من جانب شخصيات فاعلة من مدينة مصراته، دون أن تتوصل بعد لوضع أرضية يمكن البناء عليها للوصول إلى نتائج قريبة، خصوصا في ظل إصرار باشاغا والدبيبة على مواقفهما ومضي كل منهما في أعماله.تقارير عربية
تخوفات كبيرة من تحالف باشاغا مع صالح
وفيما أكدت المصادر أن الاتصالات تهدف للوصول إلى صيغة تفاهم بين باشاغا والدبيبة تجنب البلاد إمكانية ذهابها لانقسام حكومي جديد، ولخفض حدة التوتر الذي أظهرته عدة بيانات لقوى عسكرية في غرب البلاد، خصوصا في مدينة مصراته، أبرز مدن الغرب الليبي سياسيا وعسكريا، والتي ينتمي إليها باشاغا والدبيبة، إلا أنها أكدت أن حجم المخاوف في مصراته لا يزال كبيرا من غموض أهداف تحالف الحكومة الجديدة الذي ربط رئيسها المكلف باشاغا بقادة شرق البلاد، ولا سيما اللواء الليبيي المتقاعد خليفة حفتر، الذي لا يزال يقف قريباً من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
وقاد رئيس مجلس أعيان مصراته الشيخ محمد الرجوبي أحد تلك الجهود، مؤكداً، في تصريحات لتلفزيون ليبي، أنه التقى وأعضاء مجلسه مع باشاغا، أمس الاثنين، فيما يستعد للقاء الدبيبة أيضا، وأشار إلى أن النقاشات مستمرة “وننتظر ما ستسفر عنه هذه اللقاءات من نتائج”.
وفيما وصف الرجوبي لقاءه بباشاغا بأنه كان “وديا وجيدا”، إلا أن عدة مصادر من مصراته أكدت لـ”العربي الجديد”، استمرار مخاوف أوساط في المدينة من أن يكون تحالف باشاغا مع عقيلة صالح طريقا لانقلاب ناعم يحقق لحفتر وعقيلة صالح ما فشلا فيه في السابق أثناء محاولة مليشيات حفتر اقتحام العاصمة طرابلس عسكريا، وفي الوقت ذاته ترى في باشاغا شخصية على وعي بأي هدف غير معلن لحلفائه الجدد.
ويحظى باشاغا بشعبية كبيرة في مصراته، خصوصا في أوساط القوى العسكرية، بخلاف الدبيبة الذي يبدو أنه يعول على حشد حلف في طرابلس ومدن غرب طرابلس، كما أن تحذيرات الدبيبة من أن سعي مجلس النواب لتشكيل حكومة جديدة “محاولة جديدة لدخول العاصمة للأهداف السابقة نفسها بالقوة لكن بأدوات مختلفة”، عمقت تلك المخاوف.
وأشارت المصادر إلى أن هذه الأوضاع تفرض على باشاغا تبديد المخاوف بخصوص وضع حفتر، وما إذا كان سيشارك في تشكيل الحكومة الجديدة بشخصيات موالية له، خصوصا شخصية تشغل وزارة الدفاع، أم أن الحكومة ستعترف به قائدا عاما للجيش، وهو المنصب الذي يصر على البقاء فيه منذ أن شرعنً مجلس النواب قبل سنوات.
وأجمعت المصادر نفسها على أن باشاغا بقي عاجزا عن إقناع أوساط عديدة في مصراته بأهمية استيعاب حفتر، وتأكيده أنه تلقى ضمانات من عواصم إقليمية ودولية كانت تقدم الدعم لحفتر بعدم السماح له بالانقلاب على التسوية الحالية.أخبار
وتبادل باشاغا والدبيبة إعلانهما عن خطواتهما التي تؤكد ذهاب كل منهما إلى ممارسة أعماله، فبعدما طالب باشاغا، الخميس الماضي، الدبيبة بتسليم السلطة سلميا، ظهر الدبيبة بعده بساعات، ليؤكد استمراره في ممارسة أعماله.
وبينما أعلن الدبيبة، أمس الاثنين، عن تشكيل لجنة وزارية لوضع خطة للانتخابات والإعلان عنها يوم الخميس المقبل، وصل باشاغا إلى بنغازي، ليل البارحة، واليوم وصل إلى القبة للقاء صالح وعدد من النواب للتشاور حول تشكيل حكومته.
ووفقا لقراءة الناشط السياسي صالح المريمي للمستجدات الليبية، فإن ذهاب باشاغا لزيارة بنغازي في هذه الأجواء المتوترة في مصراته وغرب البلاد، ربما يكون بهدف تهدئة الأوضاع، وأوضح لـ”العربي الجديد”، أن “ذلك كان واضحا من عدم الإعلان عن لقاء باشاغا بحفتر لتهدئة الأوضاع في مصراته، وللقول بأنه لا يعول على حفتر بشكل كبير، وإنه لا يشكل رقما مهما في مشروعه القادم”.
ورغم الاصطفافات السريعة التي أنتجها ظهور باشاغا على السطح بحلف يقف فيه حفتر في الظل، وإصرار الدبيبة على البقاء، إلا أن المريمي يرى أن قوى مصراته قادرة على منع حدوث أي صدام بين قواها المسلحة، مرجحا أن تصل الاتصالات غير المباشرة إلى صيغة تفاهم يتنازل بموجبها الدبيبة عن موقعه مقابل الحفاظ على بعض مصالحه، وخصوصاً أنه شخصية تنطلق من خلفية مجتمع رجال الأعمال. وقال المريمي إن “المجتمع الدولي لم يبد موقفا واضحا من التغيير الحكومي الحالي، والقضية الهامة بالنسبة له هي قضية الوضوح في ملف الانتخابات”.سيرة سياسية
وبحسب المريمي، يتعين على باشاغا للنجاح تبديد المخاوف بين القوى الفاعلة في مصراته حيال حفتر، وإعلان مواعيد مناسبة للانتخابات بالنسبة للمجتمع الدولي، معتبرا أن مراهنة الدبيبة على المجتمع الدولي من خلال تمسكه بخريطة طريق ملتقى الحوار السياسي لن تسعفه، وخصوصا أن الجميع باتوا على قناعة باستحالة إجراء الانتخابات في يونيو/حزيران المقبل وفق آجال خريطة الطريق.
وستبقى أمام باشاغا العديد من العوائق، بحسب رأي أستاذ العلوم السياسية خليفة الحداد، الذي يرى أن الدبيبة لا تزال بيده أوراق قوية أيضا يمكنه أن يناور بها، مشيراً، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، إلى أن تراجع المجلس الأعلى للدولة عن موقفه الداعم لقرارات مجلس النواب وإعلانه عن عدم حسمها، دليل على نجاح الدبيبة في اختراق الإجماع السياسي لمجلسي النواب والدولة الذي يعول عليه باشاغا.
أشار الحداد أيضاً إلى “البيانات العسكرية والمدنية التي صدرت من عدة مدن في مصراته وغرب البلاد، فهي أيضا من أوراق القوة التي قد يستثمرها الدبيبة ضد باشاغا”. واستدرك الحداد بالتأكيد على أن العامل الأهم في تحديد مسار الأوضاع المقبلة يتمثل في تحديد المجتمع الدولي والأمم المتحدة مواقفهم التي لا تزال غائبة، واعترافهم بأي من الحكومتين.