العرب تريند

تصريحات تبون والمصادقة على الاتفاقية البحرية أكدتها.. الجزائر تفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع تركيا

عربي تريند_ مصادقة الجزائر على اتفاقية النقل البحري مع تركيا التي كانت معلقة منذ سنة 1998، أعادت إلى الواجهة الحديث عن واقع العلاقات بين البلدين التي شابها الكثير من المد والجزر خاصة خلال فترة حكم الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، وما صاحبها من حديث عن تأثير لوبيات عملت في اتجاه عرقلة تطور هذه العلاقات.

وصدقت الجزائر منذ أيام على الاتفاق حول النقل والملاحة البحرية بين الحكومتين الجزائرية والتركية الموقع بالجزائر في فبراير/شباط 1998، حسب ما جاء في العدد الأخير للجريدة الرسمية، والذي يسمح على “تشجيع مشاركة سفن الجزائر وتركيا في نقل الركاب والبضائع بين البلدين وعدم عرقلة السفن الحاملة راية الطرف الآخر من القيام بنقل البضائع بين موانئ بلدي الطرفين وبين موانئ بلدان أخرى”، وكذا “التعاون على إزالة جميع العوائق التي تحول دون تطور تنمية التبادلات البحرية بين البلدين”، إلى جانب “إعفاء شركتيهما البحريتين من دفع كل ضريبة و/أو رسم يتعلق بالنقل البحري وكذا بالنشاطات المرتبطة به والتي تمارسها شركة بحرية على إقليم الطرف المتعاقد الآخر”.

وجاء التصديق على الاتفاقية تتويجا لتقارب جزائري تركي منذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى الحكم، في وقت تعتبر تركيا من أكبر المستثمرين في الجزائر باستثمارات تصل إلى 5 ملايير دولار، من خلال وجود حوالي 1000 شركة تركية تنشط بالجزائر في مختلف القطاعات، أبرزها مصنع الصلب “توسيالي” بوهران، ومصنع النسيج بغليزان وأيضا في مجالات البناء والمنشآت القاعدية.

جاء التصديق على الاتفاقية تتويجا لتقارب جزائري تركي منذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى الحكم، في وقت تعتبر تركيا من أكبر المستثمرين في الجزائر

ووصف الرئيس عبد المجيد تبون في حواره مع مجلة “لوبوان” الفرنسية العلاقات بين البلدين بـ”الممتازة” وقال إن “تركيا استثمرت قرابة 5 ملايير دولار دون أي مطالب سياسية مقابل ذلك”.

ورأى متابعون ذلك بمثابة رسائل مشفرة إلى الدول التي ترى في التقارب الجزائري التركي تهديدا لمصالحها وعلى رأسها فرنسا، التي تراجع موقعها في السوق الجزائرية وتعرف استثماراتها في الجزائر تعثرا غير مسبوق، بقوله إن “أولئك الذين أزعجتهم هذه العلاقة عليهم فقط أن يأتوا ويستثمروا عندنا”.

حرص تركي على تطوير العلاقات مع الجزائر
وحسب رئيس تحرير جريدة “الخبر” جلال بوعاتي لا يمكن عزل طي صفحة الفتور مع أنقرة، عن “التوتر الصامت” مع فرنسا التي يتراجع نفوذها في المنطقة وأفريقيا لصالح “تمدد” متسارع للدور التركي في المنطقة.

ونقل في مقال له تصريحات السفيرة التركية بالجزائر ماهينور أوزدمير كوكطاش، التي قالت في لقاء خاص بأن تركيا “لن تسبب مشاكل للجزائر أبدا”، نافية مزاعم دعم للتيار الإسلامي فيها، أو وجود نية لاستضافة معارضين فوق الأراضي التركية، مشيرة إلى “تسليم أنقرة قرميط بونويرة مسؤول مكتب قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الراحل الفريق أحمد قايد صالح، بعد اتصال هاتفي بين الرئيس تبون ونظيره التركي”.

وشددت كونكطاش أن “مهمتها الأساسية في الجزائر هي تنفيذ تعليمات الرئيس رجب طيب أردوغان بحماية العلاقات مع الجزائر ضد أي تشويه أو ضرر لأن تركيا بالفعل ترى في الجزائر حليفا له تأثير كبير وهام في إرساء الاستقرار في المنطقة وحوض البحر الأبيض المتوسط”.

تبون في حديثه هون من إمكانية تأثير تركيا في الساحة الجزائرية، بالتأكيد بأن تيار الإسلام السياسي “الذي لا يعطل التنمية كما هو في عدة دول لا يزعجه إطلاقا”، وتساءل في هذا السياق إن كان هذا التيار قد عطل تطور تركيا. تصريحات رأى فيها متابعون نضجا غير مسبوق في تاريخ العلاقات بين البلدين، وعن انفتاح أكبر للجزائر على تركيا مستقبلا، في مقابل إدراك أنقرة لأهمية تطوير علاقاتها مع الجزائر التي تمتلك إمكانيات استثمارية كبيرة وموقعها الاستراتيجي كبوابة إفريقيا، في ظل سعي تركيا لتقوية حضورها في القارة التي تمثل مستقبل الاستثمار في العالم.

واقع جديد فرضته المصالح الإستراتيجية
ويرى الدكتور علي لخضاري المختص في العلاقات الجزائرية التركية بأن المصادقة على تفعيل اتفاقية النقل البحري للأشخاص والبضائع بين الجزائر وتركيا بعد 23 سنة من توقيعها “يعكس المستوى المتقدم الذي بلغته العلاقات بين الجزائر وأنقرة، بالإضافة إلى الزيارات رفيعة المستوى لمسؤولي البلدين التي ساهمت في رفع مستوى التعاون الثنائي ما انعكس على مواقف البلدين حيال جملة من القضايا الإقليمية التي تقاطعت في الأطر العامة للحل السياسي للصراع المتفاقم في ليبيا الجارة الشرقية للجزائر وكذا ما تعلق بالقضية الفلسطينية”، مشيرا إلى خطاب وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم في الأمم المتحدة خلال الجلسة المخصصة للعدوان الإسرائيلي الأخير على غزة والذي عكس حسبه “تناغما كبيرا بين موقف البلدين في هذا الخصوص”.

ويرى الدكتور علي لخضاري في حديثه مع “القدس العربي” بأن “المؤشرات السياسية والاقتصادية الإيجابية التي تميز العلاقات الجزائرية التركية تفسر الإرادة القوية على تجاوز الملفات الخلافية المتعددة والتي ظلت لعقود سببا رئيسيا في حالة التباعد التي كثيرا ما ظهرت في تصريحات مسؤولي البلدين”.

وحسب المتحدث فإن “واقعا جديدا فرضته ضرورات المصالح الإستراتيجية والتحولات الكبيرة التي تعيشها الجزائر وتركيا، فالإرادة السياسية باعتبارها الفاعل الأساسي في هذا الخصوص تبدو عازمة على دفع التعاون الثنائي إلى مستويات أرقى حسب تصريحات قادة البلدين”.

وأشار علي لخضاري إلى الزيارة المنتظرة للرئيس الجزائري إلى أنقرة بدعوة من الرئيس أردوغان خلال زيارته للجزائر في بداية 2020 والتي “كانت محطة مهمة في بعث علاقات أكثر عمقا بين البلدين تبعتها تصريحات إيجابية تعكس طموحا كبيرا في التقارب أكثر بين البلدين بأهميتهما وثقلهما الإستراتيجيين”.

ويبرز المتحدث في معرض حديثه واقع العلاقات بين البلدين اليوم مقارنة بالعقود الماضية والذي وصفه بالمختلف “إذ عرفت جهود تنمية تلك العلاقات جملة من العراقيل مرتبطة أساسا بتأثيرات داخلية وخارجية أيضا، تأتي الضغوط الفرنسية في مقدمتها وهو ما يبدو أن السلطة الجزائرية في الجزائر تعمل على التخلص منه وتجاوزه بالرغم من التحديات”.

ويخلص الدكتور لخضاري إلى نتيجة مفادها وجود “تباين كبير بين تعامل حكومات بوتفليقة المتعاقبة مع الشريك التركي والخطوات الكبيرة التي قطعتها العلاقات الجزائرية في عهد عبد المجيد تبون التي تعززت بنمو التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري” إذ تشكل الجزائر أحد “أهم الشركاء لتركيا في القارة الإفريقية إضافة إلى استثمارات ضخمة في قطاعات البناء والطاقة خاصة وهي القطاعات التي كانت حكرا على شركات فرنسية صينية”.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى