قطر 2018.. نجاحات وتجاوز الحصار وفرض قواعد للحلّ
امتنعت مصادر دبلوماسية خليجية، عن الحديث عن مصير القمة الأميركية ــ الخليجية، التي من المفترض أن تعقد بعد تأجيلها لثلاث مرات، مطلع 2019 وبالتحديد في شهر يناير/ كانون الثاني المقبل، بحسب وزارة الخارجية الكويتية، التي كان من ضمن أجندتها حلّ الأزمة الخليجية، التي استعصت عن الحل وراوحت مكانها عام 2018، بسبب تعنّت دول الحصار الأربع (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر) ورفضها الجلوس إلى طاولة الحوار لحلّ الأزمة.
وعكست القمة الخليجية التي عقدت في الرياض في شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري واستمرت لساعات، غياب التوافق الخليجي ــ الخليجي، وعمق الهوّة بين دول الخليج العربية، إذ انتهت ببيان سياسي إنشائي، لم يحمل جديداً، ولم يتحدث عن الأزمة التي قصمت ظهر مجلس التعاون الخليجي.
تجاوز محنة الحصار
وكان عام 2018 بالنسبة لدولة قطر، التي تخضع لحصار منذ الخامس من يونيو/ حزيران 2017، من السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر، عام تجاوز محنة الحصار على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية، والانتقال إلى مرحلة التعافي والإنجاز. فقد أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في افتتاح الدورة العادية لمجلس الشورى القطري في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنّ بلاده “تجاوزت إلى حد كبير آثار الحصار الذي فرض عليها منتصف عام 2017″، وأن “استمرار الأزمة الخليجية كشف إخفاق مجلس التعاون الخليجي في تحقيق أهدافه وتلبية طموحات شعوبه”.
وشدّد على أن أمن واستقرار الدول الخليجية والعربية لن يتحققا عبر المساس بسيادتها، وإنما عبر احترام القواعد التي تنظم العلاقات بينها، والعمل على حلّ الخلافات عن طريق الحوار الذي يرعى مصالح الأطراف المعنية.
وكانت قطر قد وضعت ما اعتبرتها قواعد جديدة لحل الأزمة الخليجية، إذ قال نائب رئيس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري خالد بن محمد العطية، إن “حل الأزمة الخليجية يجب أن يكون وفق قواعد جديدة تبدأ بالاعتذار، ثم فك الحصار قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات”.
وأكد العطية في كلمة ألقاها في مؤتمر نظمته جامعة قطر عن “الأزمة الخليجية وآثارها”، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن “الباب مفتوح للحوار مع دول الحصار وأي اتفاق جديد سيكون على أسس واضحة”.
ولفت إلى أن “قطر تمكنت من هزيمة العدوان، وأنها اضطرت لتغيير العقيدة العسكرية لحماية الدولة من أيّ أخطار وخلق قوّة ردع قادرة على تحقيق الاستقرار”، مبيناً أن بلاده “عززت قدراتها في التحديث والتصنيع والتطوير العسكري، وأنها تستكمل علاقاتها بحلف شمال الأطلسي بعد توقيعها اتفاقية مع الحلف، وأن هذا مهم لضمان سلامة كأس العالم”.
الانسحاب من “أوبك”
ونجحت قطر، فعلاً، خلال عام 2018 في مواجهة تداعيات الحصار، إذ ارتفعت صادراتها بنسبة 18 في المئة، كما حافظ الريال القطري على قيمته، ولم تتأثر صادراتها من النفط بسبب الحصار. وحافظت كذلك على موقعها بوصفها أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم، وسجل الاقتصاد القطري نسبة نموّ بلغت 2.8 في المئة، وفق أرقام رسمية.
وشهد شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري مفاجأة من العيار الثقيل، بإعلان قطر انسحابها من عضوية منظمة الدول المصدّرة للبترول “أوبك”، ابتداءً من الأول من يناير/ كانون الثاني المقبل.
وفي هذا الصدد، قال وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة سعد بن شريده الكعبي، إن “هذا القرار يعكس رغبة دولة قطر بتركيز جهودها على تنمية وتطوير صناعة الغاز الطبيعي، وعلى تنفيذ الخطط التي تم إعلانها، أخيراً، لزيادة إنتاج الدولة من الغاز الطبيعي المسال من 77 إلى 110 ملايين طن سنوياً”.
في حين، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية بعد إعلان قطر انسحابها من منظمة “أوبك”، أن مسؤولين، لم تسمهم، في المنظمة بفيينا، أكدوا أن مندوبي كثير من الدول الأعضاء، بما فيها فنزويلا والجزائر والكويت ونيجيريا، أعربوا عن تزايد قلقهم بسبب منح السعودية روسيا الكثير من النفوذ بشأن أسعار النفط، مشيرين إلى أن خطط منظمتهم لرفع الأسعار ربما لن تنجح إذا لم تجد دعماً من موسكو.
وكانت العلاقة بين موسكو التي تقود الدول النفطية خارج أوبك، وبين الرياض التي تقود دول أوبك، قد ساعدت المنتجين في زيادة الأسعار بالاتفاق على خفض كبير للإنتاج.
الإنتاج الزراعي
كما شهد عام 2018 زيادة كبيرة في الإنتاج الزراعي، إذ زاد إنتاج الخضروات المحلية من نحو 50 ألف طن خلال عام ما قبل الحصار إلى نحو 65 ألف طن بعد الحصار، بزيادة قدرها 30 في المئة.
كما حققت دولة قطر الاكتفاء الذاتي الكامل من الألبان والدواجن الطازجة، إذ زاد إنتاجها من الألبان ومنتجاتها من 60 ألف طن في السنة قبل الحصار، إلى نحو 220 ألف طن في السنة حالياً (خلال عام 2018)، بزيادة تتجاوز 265 في المئة، وبالمثل زاد إنتاج الدواجن الطازجة من 10 آلاف طن في السنة إلى نحو 22 ألف طن في السنة، بنسبة زيادة قدرها 120 في المئة، كما ازداد الإنتاج من بيض المائدة من 4 آلاف طن قبل الحصار إلى نحو 10 آلاف طن في السنة حالياً، بنسبة زيادة أكثر من 150 في المئة.
وتطمح قطر لأن يشهد عام 2019 بداية تصدير الموادّ الغذائية، مثل بعض أنواع الخضروات، ومشتقات الألبان، واللحوم، والدواجن.
تفوّق اقتصادي
وكانت وكالة “بلومبيرغ” قد ذكرت في تقرير لها، نشر قبل أيام قليلة، أن اقتصاد دولة قطر تفوّق على نظيره في دول الحصار خلال العام الجاري، مشيرة إلى أن متوسط نموّ اقتصاد قطر حقق نموّاً سنوياً مركّباً، يبلغ مستوى 10.5 في المئة، ونمت احتياطات البنوك بنسبة 5 في المئة خلال 2018، وأن الاقتصاد القطري حقق نموّاً عام 2018 بنسبة 2.8 في المئة، متجاوزاً بذلك توقعات صندوق النقد الدولي، الذي قال في تقرير حديث إن اقتصاد قطر سينمو بنسبة 2.4 في المئة في 2018.
جذب الاستثمارات
وأظهرت بيانات “بلومبيرغ” أن بورصة قطر استطاعت جذب 2.47 مليار دولار من الاستثمارات الخارجيّة، كما أظهرت البيانات أن مؤشر بورصة قطر كان الأفضل أداءً، إذ صعد بـ21 في المئة خلال العام الحالي، مقابل 9.5 في المئة لبورصة أبو ظبي، و7 في المئة للبورصة السعودية، في حين تهاوى مؤشر سوق دبي المالي بـ26 في المئة.