قطر

متحف قطر الوطني: “وردة الصحراء” على ضفاف الخليج

يشكل متحف قطر الوطني الجديد، بتصميمه المستوحى من”وردة الصحراء”، وإطلالته على الخليج، صرحا ومعلما حضاريا يجمع الأصالة والمعاصرة، كما يعد من أبرز المشروعات الثقافية الطموحة التي تشهدها الدوحة، ما يؤكد التزام قطر المتواصل بالتحوّل لمركز ثقافي عالمي.
ومن المزمع افتتاح المتحف في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ضمن احتفالات البلاد بذكرى اليوم الوطني، وبالتزامن مع الاحتفال بمرور عشر سنوات على افتتاح متحف الفن الإسلامي.
وجرى تشييد مبنى المتحف الجديد، حول القصر القديم للشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني، الحاكم الثالث لدولة قطر، ( 1880- 1957)، ويعد القصر أحد أشهر معالم الدوحة التراثية التي تشير إلى نمط الحياة القديم.
ووفقاً لرئيسة مجلس أمناء متاحف قطر، الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني فإن “رسالة المتحف تكمن في إحياء تاريخ وتراث قطر وإعادة التعريف بهما، ليس للمجتمع القطري فحسب، بل للعالم أجمع من خلال تحويله إلى قبلة للزوّار والباحثين”.
وقد ابتكر المعماري الفرنسي جان نوفيل، تصميم المبنى الجديدعلى شكل الأقراص المتشابكة المستلهَمة من وردة الصحراء، والتي تستحضر نمط حياة الشعب القطري قديما، وتسهم في معرفة المزيد عن أسلافه وعن إنشاء المدن القديمة، والتعرف إلى عملية تحديث المجتمع القطري، ويحافظ التصميم على قصر نجل مؤسس دولة قطر الحديثة، الذي كان مقر الحكومة لمدة 25 عاما، ليكون بمثابة القلب النابض لمتحف قطر الوطني الجديد.

أقراص إسمنتية مائلة
ويتكون مبنى المتحف الجديد من أقراص إسمنتية مائلة متشابكة تخترق بعضها البعض وتتلون باللون الرملي وهي تحدد أرضيات وجدران وسقوف أجنحة المتحف المتنوعة وهذه الحلقات المتداخلة توحي ببتلات وردة الصحراء، والتي ستنساب بطريقة طبيعية حول القصر التاريخي، لتعطي مشهدا جميلا للأقراص المتشابكة.
وبين الأقراص، توجد واجهات زجاجية تملأ الفراغات، كما أن ألواح الجدار الخارجي مثبتة في السقف والأرضية والجدران وهي تجعل التزجيج يبدو كأنه بدون إطار عندما ينظر إليها من الخارج، وتحجب النتوءات العميقة على شكل أقراص الشمس وترشّح أشعتها الساقطة.
وسوف تقلل المناطق العازلة الحرارية داخل تجاويف الأقراص الضغط على نظام التبريد في المتحف، بينما تنشئ الأقراص المتدلية ممرات ظليلة وباردة في الهواء الطلق كما أنها تحمي المناطق الداخلية من الضوء والحرارة.

14 صالة عرض
ويضم المبنى الجديد الذي تبلغ تكلفته نحو مليار و580 مليون ريال، 14 صالة عرض، منها صالتا عرض مؤقتتان، تجمع بين مقتنيات تاريخية وقطع فنية معاصرة تثير النقاش والحوار حول أثر التغيير السريع في المجتمعات، عبر تقنيات عرض غير تقليدية بهدف تعزيز الحس الوطني لدى الشعب القطري واعتزازه بتاريخه وهويته، حسب القائمين على المشروع.
وسيحتوي مبنى متحف قطر الوطني على مساحة تتجاوز 8 آلاف متر مربع لصالات العرض الدائمة، وما يقارب 2000 متر مربع ستخصص لصالات العرض المؤقتة واستوديو للتلفزيون.
كما سيضم المتحف قاعة محاضرات بسعة 220 مقعدا ومقهيين ومطعما ومتجرا للهدايا، ومرافق منفصلة لمجموعات المدارس والشخصيات المهمة ومركزا للأبحاث التراثية ومختبرات للترميم وأماكن لتجهيز وتخزين المقتنيات.
وتتألف مجموعة متحف قطر الوطني حالياً مما يربو عن 8 آلاف قطعة، وتشمل مقتنيات وعناصر معمارية، وقطعا تراثية كانت تستخدم فى المنازل والسفر ومنسوجات وأزياء ومجوهرات وفنونا زخرفية وكتبا ووثائق تاريخية، وتعود أقدم القطع لنهاية العصر الجليدي الأخير (عام 8000 قبل الميلاد).
كما تمثل المجموعة العصر البرونزي (بين 2000 – 1200 قبل الميلاد)، والعصر الهلنستي وأوائل العصور الاسلامية. للمتحف أيضا نماذج من الأسلحة وغيرها من القطع من فترة الحروب القبلية وقطع ذات زخارف أكثر حداثة والتي كانت تستخدم فى الحياة اليومية.

حدائق صديقة للبيئة
ويلتزم المتحف بالحفاظ على المراكب الشراعية التي كانت عصب حياة المجتمع القطري والخليجي قبل اكتشاف النفط، فقد ساعدت في الماضي على التجارة وصيد اللؤلؤ والأسماك، وستقوم فرق متخصصة باستكشاف الطرق الأصلية لبناء هذه المراكب باستخدام المسح الضوئي والتصوير الرقمي.
وسوف يحاط المتحف بحدائق تقلد مناظر قطر الصحراوية وتبلغ مساحتها زهاء 110 آلاف متر مربع.، وصممت الحديقة خصيصاً لمناخ قطر الحار وستشمل الأعشاب والنباتات المحلية مثل أشجار الفاكهة والنخيل وشجرة السدرة. وسيبرز التصميم الكثبان الرملية وحدائق مدرجة لإنشاء أماكن للجلوس ومساحات لفعاليات المتحف كالجولات والمحاضرات.
ويؤكد الرئيس التنفيذي لمتاحف قطر، منصور بن إبراهيم آل محمود، أن ” متحف قطر الوطني من أكثر الصروح الثقافية التي يترقب الناس افتتاحها، واعدا بأن يكون مركزا نابضا بالحياة، ووجهة مفضلةً للجمهور والطلاب وأخصائيي المتاحف”.
وقد حصد متحف قطر الوطني، في مارس/آذارالماضي، جائزة “MIPIM” كأفضل مشروع مستقبلي، وهي جائزة عالمية معروفة تمنح للمشاريع الأكثر تميزاً في العالم.

المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى