قطر

صمام قلب من دون جراحة في قطر

قبل سنوات قليلة، لم يكن أحد يتوقّع صمامات قلب قابلة للتعديل وفقاً لشكل قلب المريض، وبالتالي ضمان نسب نجاح أكبر. في قطر، تتوفّر اليوم صمامات من هذا النوع.

يقدّم مركز سدرة للطب والبحوث خدمات الرعاية الصحية المتخصصة للنساء والأطفال واليافعين، من قطر وكذلك من العالم أجمع. ويتبنى المركز الذي أنشأته مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، أفضل الممارسات المتبعة في مجالات التعليم الطبي وبحوث الطب الحيوي والبحوث السريرية، بالإضافة إلى الرعاية الصحية الفائقة للمريض وعائلته.

ويضمّ المركز الذي افتتح مستشفى حمل اسمه “سدرة” مطلع العام الجاري، مركزاً متطوراً للقلب والأوعية الدموية يعمل فيه فريق طبي بمستوى عال، وهو مزوّد بتجهيزات ومرافق متطوّرة، ويقدّم أحدث العلاجات وأساليب الرعاية المتطوّرة.

في خلال زيارتها لمركز سدرة للطب والبحوث، التقت “العربي الجديد” رئيس إدارة طب الأطفال ومدير برنامج القلب في المركز، الدكتور زياد موسى حجازي، الذي أجرى عمليات عدّة لزرع نوع جديد من صمامات القلب للمرّة الأولى في قطر والمنطقة.

ويهدف “الصمام الرئوي” الجديد إلى تلبية احتياجات عدد كبير من المرضى المصابين بعيوب خلقية في القلب الذين لا يستطيعون الاستفادة من الصمامات المتوفرة حالياً والتي تُزرع بحد أدنى من التدخّل الجراحي، وبالتالي يضطرون إلى إجراء عمليات قلب مفتوح. وحجازي، بصفته باحثاً عالمياً رئيسياً، شارك في تجمّع دولي لأطباء القلب بهدف تجربة الصمام الرئوي الجديد “فينوس”.

يقول حجازي لـ”العربي الجديد” إنّ “زرع الصمام الرئوي فينوس للأطفال المصابين بعيوب خلقية في القلب يُعَدّ عملاً رائداً، لأنّها المرة الأولى التي يُصار إلى تركيب هذا الصمام في قطر، بعد نجاح التجارب التي أجريت عليه في مناطق أخرى من العالم. وقد استفاد أكثر من 100 مريض حول العالم من زرع هذا الصمام”.

وحول كيفية استخدام الصمام، يشرح حجازي أنّه “ذاتي التوسّع ويجري تركيبه باستخدام القسطرة من منطقة الفخذ، فيُزرع كبديل للصمام الرئوي. ولا تتطلب عملية التركيب إيقاف القلب واستخدام جهاز المضخة الخاص بالقلب والرئتين الذي يُستخدم عادة في أثناء عملية القلب المفتوح. هكذا، تجري عملية تركيب هذا الصمام في حين أنّ قلب المريض يعمل وينبض ومن دون شقّ الصدر وتدخل جراحي كبير”.

ويتابع حجازي أنّ “فائدة الصمام الرئوي فينوس تكمن في إمكانية تعديله وفقاً لشكل قلب المريض بهدف ضمان دقّة تركيبه. ولقد تمكنا من تقديم طلبات لتعديل شكل كل الصمامات، إذ إنّ مركز سدرة يمتلك قدرة فريدة على الطباعة ثلاثية الأبعاد لنماذج ومجسمات طبق الأصل لقلب المريض قبل إجراء العملية. وتلك النماذج المجسمة للقلب تمنحنا فرصة فحص صمام القلب المعيب والتعرف على تشريحه قبل إجراء العملية”. ويؤكد “توفّر التشخيص عبر التصوير الصوتي (إيكو) بأنواعه المختلفة، الصورة الصوتية من الخارج، والصورة الصوتية للمريء، والصورة الصوتية للجنين الذي يشخص أمراض القلب عند الأجنّة. وبعض حالات الأجنة نعالجها بالقسطرة وهي في رحم الأم”.

ويشير حجازي إلى أنّه أجرى عملية زرع صمام رئوي لمريضة مقيمة في الإمارات حضرت إلى الدوحة من دبي، بعدما أرسلت قرصاً مدمجاً يحتوي على صورة لوضع القلب والصمام عندها. وهو استخدم الطابعة ثلاثية الأبعاد ليحصل على تصميم دقيق لقلب المريضة. ويتابع أنّ “المريضة بسبب الحصار الجائر على قطر، لم تتمكن من الحضور مباشرة من دبي إلى الدوحة، واضطرت إلى التنقّل عبر الكويت. وحالياً، تعيش بالصمام الرئوي المزروع منذ عام”. وعن حالات مشابهة، يقول حجازي إنّ “مركز سدرة استقبل قبل نحو شهرَين مريضاً من نيويورك، وهو شاب أميركي يبلغ من العمر 16 عاماً. وقبل نحو 40 يوماً، اجتازت مريضة من ليما في البيرو مسافة تطلّبت ثلاثين ساعة إلى الدوحة، من أجل إغلاق فتحة في القلب”. ويلفت إلى أنّ “أهل قطر هم الذين يقصدون نيويورك عادة للعلاج، لكن بوجود مركز سدرة فإنّ الأمور تحصل بالعكس”.

ويوضح حجازي أنّ خمسة مراكز في العالم إلى جانب سدرة تعمل على الصمام “فينوس”، في بريطانيا وبلجيكا وألمانيا والبرازيل وتايوان التي انضمّت إلى البقية الشهر الماضي. وقد أجرت هذه المراكز 62 عملية، منها تسع عمليات في مركز سدرة، وأتت النتائج ممتازة. ويشرح أنّه بعد الانتهاء من الإجراءات كلها، يقدّم الملف إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية ونظيرتها الأوروبية.

وتشارك دولة قطر كلّا من المملكة المتحدة وألمانيا والصين والأردن في تقييم الصمام الجديد للحصول على شهادة المطابقة الأوروبية. وبمجرّد حصوله على تلك الشهادة، سوف يجري إنتاجه بكثافة وبكميات كبيرة للمرضى في كل أنحاء العالم. ومن شأنه أن يساعد على إنقاذ حياة مئات آلاف المرضى المصابين بعيوب خلقية في القلب على مستوى العالم من دون الحاجة إلى عمليات القلب المفتوح الذي يأتي كخيار وحيد لعلاج حالاتهم.

ويُعَدّ مركز القلب أحد البرامج المهمة لمركز سدرة، ويضم أقساماً عدّة هي: قسم العيادات، وقسم العناية الحديثة للقلب (المتفرد في المنطقة)، وقسم القسطرة التشخيصية والعلاجية، وقسم الكهرباء لتشخيص القلب وعلاجه، وقسم هبوط القلب والتمارين الرياضية وارتفاع الضغط الرئوي، وقسم جراحة القلب.

ويقدّم مركز سدرة للطب، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، خدمات رعاية صحية متخصصة وشاملة للأطفال واليافعين في قطر، إلى جانب الرعاية الصحية المتعلقة بطب النساء والأمومة. وتشمل تخصصات الأطفال الفريدة في المركز أمراض القلب والجهاز العصبي والمسالك البولية وجراحة الوجه والجمجمة وغيرها، وهو حالياً المركز الوحيد المتخصص في قطر في تقديم العلاج والرعاية الصحية للنساء اللواتي يعانينَ من مخاطر عالية في أثناء الحمل.

والتطور والحداثة الفائقة التي يتميز بهما مركز سدرة شاهدان على ما تتمتع به دولة قطر من روح ريادية والتزام متواصل بالتنمية البشرية والاجتماعية. في السياق، يستعد المركز لافتتاح قسم طوارئ الأطفال في يوليو/ تموز المقبل. ويأتي ذلك بعد نحو ستة أشهر فقط من افتتاح مركز سدرة للطب للمستشفى الرئيسي، فيتقدّم المركز بذلك خطوة أخرى مهمة في مسيرة التطوير. وهو يسعى من خلالها إلى أن يكون أبرز المؤسسات المتخصصة في تقديم الرعاية الصحية للأطفال في قطر. يُذكر أنّ قسم طوارئ الأطفال يمثّل إضافة جديدة لمراكز طوارئ الأطفال الحالية في قطر، والتي سوف تواصل تقديم خدماتها كالمعتاد، في حين يأتي القسم كاستكمال لخدمات الرعاية الصحية في مركز سدرة للطب والبحوث.
مشاركة

المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى