الكويت

استجواب الصبيح ينتهي بمكاسب حكومية … وخسائر نيابية موجعة

بعد جولات «استجوابية» خاسرة أقصت وزيرين «شيخين» عادت الحكومة إلى حسم مواجهات «المنصة» لمصلحتها، تاركة المجاميع النيابية تنشغل في خلافاتها الجانبية التي بدا أنها ستضرب «التوافق» في أجندة الاستجوابات المتوقع تقديمها في الأسابيع القليلة المقبلة.
الفريق الحكومي الذي لم يكن منسجماً في استجوابي الشيخين سلمان الحمود ومحمد العبدالله، عاد اليوم إلى الامساك بدفة القيادة مؤثراً في موقف عدد غير قليل من النواب، ما يرجح استمرار هذه «الغلبة» خلال المرحلة المقبلة ما لم تعد فوهات «المدافع الصديقة» تضرب الملفات الراكدة.
وان كان الأداء اللافت الذي قدمته وزيرة الشؤون وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية هند الصبيح في تفنيد محاور الاستجواب المقدم لها من النواب الحميدي السبيعي وخالد العتيبي ومبارك الحجرف اعطى مبرراً كافياً لدعم تحركات الضغط على النواب، إلا ان الواقع السياسي الكويتي يؤكد وجود عوامل أخرى لا علاقة لها بالردود والتوضيحات وابراء الذمة والمسؤولية ونظافة اليد للخروج منتصراً في منصات المساءلة.
وفي هذا السياق يأتي استجواب الشيخ محمد العبدالله نموذجاً واضحاً، يدلل على امكانية حسم المواجهة خارج ساحات المواجهة قياساً بمادة استجوابه التي لم تكن «كافية وقوية» للاطاحة به في موازاة محاور استجواب وزيرة الشؤون، التي استندت على مطالبات «شعبية» لا سيما في ملف هيئة المعاقين وتعيينات الوافدين والجمعيات التعاونية، بصرف النظر عن مدى شرعيتها القانونية طالما ظلت تحت تأثير المصالح الانتخابية.
فالوزير العبدالله يخرج من الحكومة على خلفية مساءلة «غير شعبية» في حين تكسب الصبيح المساءلة الشعبية وبثقة كبيرة، ما يؤكد ان المزاج الحكومي يبقى الأكثر تأثيراً في المشهد السياسي وتحديد اتجاهاته ونهاياته.
وبرغم «كلفة» النجاح الحكومي في هذا الاستجواب، إلا انه جاء في وقته المناسب، ليعطي الحكومة الجديدة الثقة والقدرة على كسب الجولات «التشريعية» والرقابية على حد سواء، ما يعطي مؤشراً لامكانية استمرار علاقة التعاون بين السلطتين وتجاوز الملفات التشريعية الشعبية، ومنها على سبيل المثال الاقتراحات النيابية بقوانين المقدمة في شأن إلغاء زيادة الرسوم على تعرفة الكهرباء والماء في السكن الاستثماري، وكذلك أسعار البنزين، وهي مرجحة ان تبقى «مجمدة» على جدول الأعمال.
وبدا ايضاً في هذا السياق أن حديث وزير المالية الدكتور نايف الحجرف عن العجز المتوقع في الميزانية العامة المقبلة، والإيحاء بحاجة الحكومة إلى رفع الدعوم الحكومية عن الخدمات، مجرد محاولة استباقية تساهم بوقف مطالب الزيادات، أكثر منها حاجة حقيقية بحسب رأي مراقبين.
ويأتي على رأس المكاسب الحكومية من استجواب الصبيح أيضاً زيادة التشرذم النيابي الذي احدثه بين صقور الاستجوابات وكان ابرزه «المشاجرة» التي شهدتها جلسة التصويت على طلب طرح الثقة بين النائبين رياض العدساني والحميدي السبيعي، وانزعاج النائب خالد العتيبي من موقف الرافض للطلب النائب راكان النصف، والمتوقع لها ان تنعكس على المواقف من الاستجوابات المقبلة، ومنها الاستجواب الذي أعلن عن تقديمه العدساني لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء عادل الخرافي في حال قدم فعلاً خلال ايام.
واعطت ايضاً نتيجة التصويت على طلب طرح الثقة (13 نائباً فقط ايدوا) مؤشراً على امكانية احتواء عدد غير قليل من النواب والتأثير على مواقفهم خلال المرحلة المقبلة، لجهة احباط محاولات الاطاحة بالوزراء واحداً تلو الآخر، مثلما حدث في الحكومة السابقة قبل ان تستقيل وتعود بوجهها الجديد.
ومن نتائج الاستجواب ايضا تحرر النواب نسبياً من تأثير منصات التواصل الاجتماعي على قراراتهم، قياساً بالحملات التي نظمت بهدف الضغط على مواقفهم ولم تفلح بتحقيق اهدافها، اذ كان لافتاً استغلال «تويتر» هذه المرة في اعلان مواقف داعمة للوزيرة فور انتهاء مناقشة الاستجواب، ما خفف من رهبة اتخاذ مثل هذا الموقف على الملأ، بعكس الاستجوابات الأخيرة التي اندفع فيها النواب في «تويتر» إلى اعلان تأييدهم لطلب طرح الثقة واحداً تلو الآخر، كانت سبباً لالزام المترددين باتخاذ الموقف ذاته.
وساهم الاستجواب كذلك في وقف هاجس حل مجلس الأمة، الذي كان يخيم على النواب ويعطيهم مبرراً للاندفاع وراء التصعيد.
وبرغم التحليلات والمعطيات والنتائج والمكاسب والارقام التي تؤكد حقيقة امتلاك الحكومة قوة تصويتية ترجح امكانية كسب جولات التشريع والرقابة، يبقى المشهد السياسي الكويتي كما هو دائماً مفتوح على التحولات الدراماتيكية، التي قد تطرأ في أي لحظة لتطوى المكاسب ويعود اللعب مجدداً في المربع الأول!

 الراي
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى