العالم تريند

المتحدث باسم اليونيسيف: شاهدت مقابر جديدة ملئت بالأطفال في رفح

عربي تريند

قال المتحدث باسم منظمة الطفولة العالمية “يونيسيف”، جيمس إلدرز، في مقال نشرته صحيفة “الغارديان” إنه شاهد في رفح، مقابرَ جديدة تمتلئ بالأطفال، ولا أحد يتخيل أن الأسوأ قادم. فالمستشفى الأوروبي مكتظ بالأطفال الجرحى الذين يلفظون أنفاسهم الأخيرة، وعملية عسكرية كالتي يتحدث عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ستكون كارثية.

وقال إلدرز إن “الحرب ضد أطفال غزة أجبرت الكثيرين منهم على إغلاق أعينهم. فقد أُجبر محمد البالغ من العمر تسعة أعوام على إغلاق عينيه، أولا بسبب الضمادات التي غطت فجوة كبيرة في مؤخرة رأسه، وثانيا بسبب غيبوبة نتجت عن انفجار ضرب بيت عائلته”. وأضاف إلدرز: “آسف، كان عمره تسعة أعوام، وهو الآن ميت”.

وأشار الكاتب إلى أنه وفي ثلاث زيارات لغرفة العناية الفائقة بالمستشفى الأوروبي في رفح، شاهد عددا من الأطفال الراقدين في سرير واحد، وجاءوا بعدما مزقت القنابل بيوتهم، وكل واحد لفظ أنفاسه رغم الجهود المستميتة من الأطباء لإنقاذ حياتهم.

وأضاف أن العالم كان يشجب قبل عدة أسابيع القتل العبثي لسبعة عمال إغاثة كانوا في قافلة للمطبخ المركزي العالمي. وبعد أسبوع من تلك الحادثة، قُصفت عربة تابعة لليونيسيف عندما كانت تحاول الوصول لمن هم في حاجة ماسة للمساعدة، و”لكن هذه هي غزة، حيث يتلاشى الغضب من الهجمات وسط مآس جديدة مستمرة”.

وقال إلدرز إن الخوف الأكبر وسط المجاعة التي تلوح بالأفق وتزايد حصيلة القتلى، هو الهجوم الذي يخطط له الإسرائيليون ضد رفح. فهل يمكن أن يسوء الوضع أكثر من هذا؟ يبدو الأمر هكذا دائما.

وأضاف: “مرت ستة أشهر، لكن هذه الحرب حطمت كل الأرقام القياسية القاتمة في التاريخ الإنساني”. وتشير التقارير إلى أن حوالي 14,000 طفل سقطوا منذ بداية الهجوم الإسرائيلي. ولكن لا إشارة على بطء في شراسة الحرب أو وتيرتها، و”إن كان هناك شيء، فالأمور تزيد سوءا وبوعود واضحة، التهديدات بأن هذا المسار المخيف مستمر”.

وأضاف إلدرز أن “رفح ستنفجر لو تم استهدافها عسكريا، وهناك أكثر من 1.4 مليون فلسطيني يعيشون في ظروف خطيرة. ومعظمهم دمرت بيوتهم.. ببساطة، لا يوجد مكان في غزة للذهاب إليه”.

وهناك نقص شديد في المياه، ليس للشرب فقط، بل للصرف الصحي أيضا. وفي رفح، هناك مرحاض واحد لكل 850 شخصا. وهناك مكان استحمام واحد لكل 3,500 شخص، ويقول إلدرز: “تخيل: فتاة بالغة ورجل كبير وامرأة حامل، يقفون في الطابور طوال اليوم للاغتسال”.

كما أن العملية العسكرية ضد رفح ستكون كارثية؛ لأنها مدينة يعيش فيها حوالي 600,000 طفل. ويقول الكاتب: “عندما زرت المستشفى الأوروبي في نيسان/ أبريل، كان مدير قسم الأطفال منشغلا مع طفل يعاني من كدمات خطيرة في رأسه بسبب قنبلة ضربت بيت عائلته. وقال الطبيب والدموع تتجمع في عينيه: ماذا فعل هذا الطفل؟ حيث كان هذا الطبيب في الساعة الثلاثين من مناوبته الـ36، وكان يخشى أن محمد سيموت عند عودته للمناوبة التالية.. كان محقا”.

وهذه واحدة من القصص الكثيرة في المستشفى الأوروبي، حيث لجأ إليه عشرات الآلاف من المدنيين الباحثين عن مأمن. وتم بناء غرفة عناية فائقة جديدة في محاولة يائسة للتعامل مع الجرحى.

ويتساءل إلدرز عن سبب أهمية المستشفى اليوم أكثر من أي وقت مضى؟ لأن النظام الصحي في غزة دمر بشكل منظم. ولم يتبق سوى 10 مستشفيات عاملة من بين 36 في القطاع، مع أن كل واحدة من هذه المستشفيات العشرة تعمل بشكل جزئي، في الوقت الذي يحتاج فيه أطفال غزة لعناية أكبر، ولا يجدون من يعتني بهم، “ففي شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وصفت منظمة الصحة العالمية غزة بأنها مقبرة للأطفال”.

ويقول: “في الشهر الماضي، شاهدت مقابر جديدة حُفرت في رفح ومُلئت بالجثث. في كل يوم تجلب الحرب موتا ودمارا جديدا. ولم أرَ في سنواتي العشرين من العمل مع الأمم المتحدة، دمارا مثل الذي شاهدته في خان يونس ومدينة غزة. ونتوقع أن يحصل نفس الأمر خلال اجتياح رفح”.

وبعد التقارير في جلسة لمجلس الأمن لتمرير قرار بوقف فوري لإطلاق النار قبل شهر، ملأ الأمل وجوه الناس في رفح. وأخبرتني إحدى الأمهات: “ربما تكون هذه هي الليلة التي أعد فيها بنتي بأنها لن تُقتل في الليل، ولكن الأمر لم يستغرق سوى ساعات لكي تسحقهم القنابل”.

ويؤكد إلدرز: “تحتاج غزة إلى وقف إنساني طويل وفوري لإطلاق النار، كم من المرات طالبنا، بل وناشدنا من أجل هذا؟ يجب أن نرى الإفراج عن كل الأسرى ودخولا غير مقيد للمساعدات الإنسانية ومزيدا من المعابر للإغاثة”.

ويضيف: “أهل غزة في حالة من الصدمة بسبب استمرار الرعب. أمسكت أم بيدي وناشدتني مرة بعد الأخرى بأن على العالم إرسال الطعام والماء والدواء. لن أنسى الطريقة التي تشبثت فيها بيدي. حاولت أن أوضح أننا نحاول ولكنها ظلت تناشدني، لماذا؟ لأنها افترضت أن العالم لا يعرف ما يجري في غزة، ولماذا سمح لكل هذا بأن يحدث؟

تلقى العالم تحذيرا بشأن رفح. ويبقى أن نرى كم من العيون ستظل مفتوحة أو تجبر على الإغلاق، كما يختم إلدرز.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى