العالم تريند

بايدن يصبّ البنزين على ماكنة القتل الإسرائيلية ويرش السكر على الموت الفلسطيني

عربي تريند_ في اليوم السابع والستين للحرب على غزة، تتواصل محاولات التوغل البري داخل جنوب وشمال القطاع، وكذلك التصدي الشرس للمقاومة الفلسطينية، رغم الحصار والجحيم الإسرائيلي- الأمريكي، ورغم غرق غزة ببحر من دم ودموع المدنيين الفلسطينيين.

رغم التقارير الفلسطينية والدولية عن استشهاد 18 ألفاً من المدنيين، وإصابة نحو 50 ألفاً داخل القطاع، معظمهم من الأطفال والنساء، يقول الرئيس الأمريكي جو بايدن مجدداً: “لست بحاجة أن تكون يهودياً كي تكون صهيونياً، وأنا صهيوني. وقال لنتنياهو: “أنا أحبك، ولا اتفق معك حول أي كلمة”.

جاءت تصريحات بايدن خلال مشاركته في طقس احتفالي بمناسبة عيد الأنوار اليهودي (الحانوكا) داخل البيت الأبيض، قال فيها أيضاً إن “الدفء والتواصل الذي أشعر به مع الجالية اليهودية لا يتزعزع”.

 وتابع، مكرراً مساندته المطلقة لإسرائيل وحربها: “وقعتُ في مشاكل وانتقادات عندما قلتُ، قبل بضع سنوات، إنه ليس عليك أن تكون يهودياً لتكون صهيونياً، وأنا صهيوني”. كما قال بايدن إن الولايات المتحدة تواصل تقديم المساعدة العسكرية لإسرائيل حتى تتخلص من “حماس”، “لكن علينا أن نكون حذرين”.

 منوهاً بأن “الرأي العام العالمي كله يمكن أن يتغير بين عشية وضحاها، ولا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك”. وأضاف: “كما قلت بعد هجوم (طوفان الأقصى في 7 أكتوبر)، فإن التزامي بسلامة الشعب اليهودي، وأمن إسرائيل، وحقها في الوجود كدولة يهودية مستقلة، لا يتزعزع”.

خمسون عاماً مرت على زيارة بايدن للناصرة، ومعها تدفقت سيول التصريحات البراقة، لكنها بقيت حبراً على ورق

 وفي التحفظات من نتنياهو، مقابل دعم غير مسبوق لإسرائيل، وفي الانتقادات المبطنة لاستخدام الأخيرة قنابل حارقة محرمة دولياً، فإن بايدن يلقي بقنبلة دخانية طمعاً بتضليل الأمريكيين والعالم وحجب الحقيقة عنهم.

وهذا هو الحال مع الأحاديث عن نية معاقبة المستوطنين المعتدين، وعن دولة فلسطينية، فهي الأخرى ضرب من التعمية، ومحاولة تخفيف وطأة الانتقادات في العالم لأمريكا، ومحاولة تحسين صورة انحيازها الأعمى الفاضح للجانب الإسرائيلي.

بايدن في الناصرة

قبل 50 عاماً، زار جو بايدن مدينة الناصرة داخل أراضي 48، بصفته سناتوراً ديموقراطياً، وفيها قال إنه قلق من تزايد قوى اليمين في إسرائيل، ودعا لإنهاء الاحتلال.

خمسون عاماً مرت، ومعها تدفقت سيول مثل هذه التصريحات البراقة، لكنها بقيت حبراً على ورق. وهذا هو حال بايدن اليوم، كرئيس لأقوى دولة في العالم. وفي هذه الفجوة الكبيرة بين الأفعال والأقوال تكمن حقيقة بايدن، الحقيقة الأمريكية التي ترى بإسرائيل ولاية أمريكية وبنتاً مدلّلة. بايدن صهيوني، وهو يفاخر بذلك، ودون أن يعترف بهذا الاعتقاد، فقد كان من قبل يترجم على الأرض قولاً وفعلاً: التوصل للحقيقة لا يتأتى بسماع ما يلهج به لسان بايدن فحسب، بل بملاحظة ما تفعله “أياديه”، فهذه الحرب تتم بأيد إسرائيلية وأسلحة أمريكية، وحتى الآن تواصل واشنطن تزويد الاحتلال بكميات كبيرة من وسائل القتل وزرع النار والدمار، فحتى الآن اعترفت إسرائيل بإلقاء 40 ألف طن ديناميت، و100 ألف قذيفة على غزة، وفوق ذلك، ورغم تحطم شعبيته مقابل ترامب (بسبب الحرب على غزة على ما يبدو)، يقول مجدداً: “أنا صهيوني”، بعد أيام من استخدام السفير الأمريكي في الأمم المتحدة حق النقض (الفيتو)، ومنع قرار عالمي بوقف حرب وحشية على غزة.

حقيقة كونها حرباً ظالمة على غزة لا على “حماس”، وثمنها الدموي الباهظ، تؤكده مبادرة 20 امرأة يهودية أمريكية قمن بتقييد أجسادهن بالسلاسل إلى سياج البيت الأبيض، وهن يرتدين قمصاناً كتب عليها: “ليس باسمنا”. وأطلقن هتافات تطالب بوقف النار في غزة، ووقف الإبادة الجماعية. كما تؤكد تلك الحقيقة استطلاعات أمريكية تفيد بأن غالبية الأمريكيين لا يوافقون على طريقة تعامل بايدن في الهجوم الإسرائيلي على غزة.

ضحايا أوسلو

في قرارة نفسه يدرك رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو هذه الفجوة بين الأقوال وبين الأفعال، التي تعكس اكتفاء أمريكياً بضرائب شفوية، ولذا فهو يكرر تصريحاته ضد الدولة الفلسطينية، وضد السلطة الفلسطينية، مثلما يرفض المطلب الأمريكي المعلن بضرورة صياغة رؤية لليوم التالي للحرب التي يسعى لإطالة أمدها بخلط الحسابات، غير مكترث بمصير الأسرى الإسرائيليين في القطاع، وبأعداد الجنود القتلى والجرحى (5000 جندي جريح حسب صحيفة “هآرتس” أمس).

بموازاة الحرب على غزة، يواصل نتنياهو، منذ أيام، حرباً نفسية داخلية في محاولة لتبرئة نفسه من الفشل الذريع في السابع من أكتوبر، وتأمين بقائه في سدة الحكم بعدما تنتهي الحرب على غزة. وهذا يفسر تصريحه الشعبوي الجديد في اجتماع لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أمس، وفيه قال إن عدد ضحايا السابع من أكتوبر يساوي عدد ضحايا أوسلو، وإن السلطة الفلسطينية لن تسيطر على قطاع غزة بأي شكل من الأشكال.

وبذلك يواصل نتنياهو نهج تكريس الانقسام بين غزة ورام الله، وهي إستراتيجية يعمل بها نتنياهو منذ عاد للسلطة، في 2009، حتى تفجرت في وجه إسرائيل، في السابع من أكتوبر، وهو يواصل التمهيد لحملة سياسية سيتبناها في حال سقطت حكومته واضطر لخوض انتخابات جديدة. وعلى خلفية هذا الخلط، ومقابل تأييد أوساط إسرائيلية رسمية وغير رسمية لموقفه، عبّرت بعض الأوساط في حزب نتانياهو عن تحفّظها من تصريحاته.

في حديث للإذاعة العبرية الرسمية، اليوم، يوجّه عضو الكنيست داني دانون (الليكود) انتقادات لتصريحات نتنياهو، ويقول إنه لا مكان للقول إن اتفاق أوسلو كارثةٌ وسببٌ لعدد كبير من القتلى، كما حصل في السابع من أكتوبر، معلّلا تحفّظه بالقول إننا في فترة حرب الآن. واتفق معه المحرر المعلق في الإذاعة آرييه غولان بمخاطبته نتنياهو: “قلت إن الجميع سيقدم أجوبة على أسئلة سنخوضها بعدما تنتهي الحرب، لكنك قلت أمام لجنة التحقيق الرسمية، في حرب لبنان الثانية، عام 2006، لجنة فينوغراد، إن “رئيس الحكومة يتحمل مسؤولية أكبر من أي شخص آخر. الحديث عن أوسلو لا ينزل عن كتفيك غراماً واحداً من مسؤولية ما جرى في السابع من أكتوبر”.

نتنياهو: عملية تغيير مسار البنادق الفلسطينية مألوفة لنا.. لكن طائراتنا جاهزة، والرد سيكون سريعاً ضد قوات الأمن التابعة للسلطة الوطنية بحال وجهت بنادقها لنا

ويرى مراقبون إسرائيليون، وبحق، أن نتنياهو في ذروة “كامبين” سياسي شخصي لتأمين استمرارية حكمه، كما تقول المعلقة السياسية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” سيما كادمون، اليوم. بمثل هذه التصريحات يقوم نتنياهو برسم عملية تشخيص جديد للواقع النازف، من خلال حملة دعائية تنقل المسؤولية والتهمة عن السابع من أكتوبر إلى أوسلو، في 1993، ولخطة فك الارتباط عن غزة عام 2005، التي أيّدها، وكانت لديه فرصة لإلغاء كل منها، فهو موجود في الحكم منذ 1996، وعلى التوالي تقريباً منذ 2009.

رداً على أسئلة بعض النواب في الاجتماع المذكور، قال نتنياهو إن عملية تغيير مسار البنادق الفلسطينية مألوفة لنا…لكن طائراتنا جاهزة، والرد سيكون سريعاً ضد قوات الأمن التابعة للسلطة الوطنية داخل الضفة الغربية بحال وجهت بنادقها لنا”.

ورغم تحذيرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، والمواقف الأمريكية المعلنة، تواصل سلطات الاحتلال منع دخول العمال الفلسطينيين لأراضي 48 للعمل، وكان المجلس الوزاري الأمني قد تباحث في ذلك، أمس، ولم يطرح الموضوع للتصويت بعدما تبين أن أغلبية الوزراء ترفض دخول العمال الفلسطينيين. وتحذر جهات أمنية إسرائيلية من تبعات ذلك على الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة فرعي البناء والزراعة المأزومين، وعلى تصعيد التوتر داخل الضفة الغربية نتيجة الخنق الاقتصادي والغضب على استمرار المذابح في غزة والقتل الواسع في الضفة الغربية ذاتها اليوم، وآخرها قتل وإصابة عدد كبير داخل مخيم جنين.

 في هذا الوقت بالذات ينبغي الحفاظ على السلطة الفلسطينية

ويعبر عن مخاوف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية القائد الأسبق للاستخبارات العسكرية الجنرال في الاحتياط عاموس يادلين، الذي ينبه أنه  في ظل الحرب في غزة والقتال في الشمال، هناك حلبة في حالة غليان: الضفة الغربية.

في مقال نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم الثلاثاء، يوضح يادلين أنه منذ بدء الحرب قتلنا أكثر من 200 فلسطيني في الضفة الغربية، و يتابع محذراً: “اعتقلنا 2000 شخص، منهم 1200 من أتباع “حماس”.

كل الشروط الأساسية لاشتعال حريق كبير موجودة: التحريض والتنظيم لتنفيذ عمليات وأفعال إجرامية يقوم بها مستوطنون متشددون في ظل سياسة توزيع السلاح الخاص بشكل واسع ومنفلت، وتراجع قوة السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، لأسباب داخلية، ونتيجة سياسات إسرائيلية متعمدة”.

ويحذر يادلين أيضاً من أن انفجار الأوضاع داخل الضفة الغربية المحتلة سيكون انتصاراً لـ “حماس” وإيران، ويفتح جبهة جديدة تثقل على المجهود العسكري الإسرائيلي. يادلين، الذي يؤيد مواصلة الحرب حتى تتحقق أهدافها، يقترح أن يتم إشراك السلطة الفلسطينية في خطة اليوم التالي لها بشروط كثيرة، منها: “وقف التحريض والإصلاحات”.

تصاعد الحرب النفسية والدعائية يعكس تورط الحرب على الأرض

في التزامن، تتواصل الحرب النفسية الرسمية، وتتصاعد الحملة الدعائية لوسائل إعلام عبرية لتعزيز ثقة الإسرائيليين المثقوبة، والمساس بمعنويات الفلسطينيين، وهذا ربما يعكس عمق الأزمة العسكرية في الميدان. هذا التورط في حرب لا تبدو نهايتها، وتعتبر الأطول منذ 1948، تستدعي في المقابل المزيد من التشكيك بقدرة الحرب على تحقيق أهدافها العالية.

الجنرال عاموس يادلين ينبه إلى أنه في ظل الحرب في غزة والقتال في الشمال، هناك حلبة في حالة غليان: الضفة الغربية

في تحليله المنشور في “هآرتس”، اليوم، يقول محللها العسكري عاموس هارئيل إن تقدم القتال، خاصة في خان يونس، يأتي على تقدم المساعي لاستعادة المخطوفين، منوهاً أن الحكومة والمؤسسة الأمنية تتصرفان ببطء، رغم موت المخطوفين نتيجة القصف، أو قتلهم من قِبل حماس”. ويشير إلى أن المعارك تعزّز تقديرات الجيش بإمكانية تحقيق الهدف بانتزاع القدرات العسكرية والسلطوية لدى “حماس” في القطاع “على المدى البعيد”، لكن حتى لو كان الجيش قادراً على تحقيق الأهداف، هناك خاصرة رخوة لدى الجيش ترتبط بتنسيق التوقعات مع الإسرائيليين. هناك أوساط واسعة لدى الجمهور ترى باستعادة المخطوفين كهدف أعلى، وفي المقابل هناك إسرائيليون كثر يطالبون بحسم “حماس” بالكامل، ويرون بتقليص القوات مع الوعود بالعودة للقطاع لاستكمال المهمة نوعاً من التهرب من تحقيق الأهداف الموعودة التي أعلنت في بداية المعركة”.

الحل باستنساخ طرد “منظمة التحرير” من بيروت عام 1982

من جهته، يقترح المعلق السياسي الإسرائيلي بن درور يميني مجدداً استنساخ تجربة خروج قيادة “منظمة التحرير” من بيروت، بعد حرب لبنان الأولى، عام 1982، غير متنبّه لاستخفاف “حماس” بمثل هذه الأمنيات، التي تخشاها إسرائيل أيضاً بعد تجربة طرد 400 من قيادة “حماس” لـ “مرج الزهور” في جنوب لبنان، عام 1988.

ويعلل بن يميني دعوته هذه، التي كررها عدة مرات، بالقول، ضمن مقال نشرته “يديعوت أحرونوت”، اليوم، إن “هناك عشرات آلاف الحمساويين المسلحين وعملية اقتلاعهم بالكامل تصغر احتمال العثور على أسرى أحياء، وتؤدي لقتل عشرات آلاف المدنيين. المجتمع الدولي سيوقفنا، وكذلك واشنطن، ولذلك أقترح مجدداً: على إسرائيل طرح وقف للنار يخرج فيها مقاتلو “حماس” من القطاع، وربما على نمط بيروت. مع ضغط دولي وتجنيد مصري، وربما قطر، هناك احتمال لإنقاذ المخطوفين والتوصل لنهاية معقولة للحرب. مع تفكير خارج الصندوق ربما يكون أمل للمخطوفين أيضاً في نهاية النفق”.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى