العالم تريند

الحرب على غزة بعد 65 يوماً.. بحث محموم عن صورة انتصار.. وكشف جديد عن عدد الجنود الجرحى

عربي تريند_ في اليوم الخامس والستين للحرب على غزة، لا تزال هذه بعيدة عن تحقيق أهدافها العالية المعلنة، فيما تواصل جهات إسرائيلية البحث عن “صورة انتصار” تعوّض عن فقدان الانتصار.

وفي ظل تزايد الضغوط الدولية من أجل وقف الحرب، كما تجلى في تأييد 13 من بين 15 دولة في مجلس الأمن، والتسريبات والتلميحات الإسرائيلية والأمريكية عن تحديد نهاية السنة كموعد لإنهاء الحرب، يطالب جيش الاحتلال بعدم تقييده بالوقت والوقوف قبالته مع ساعة.

ويشير محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل، اليوم الإثنين، إلى أن القوات الغازية تستعد للسيطرة على جباليا والشجاعية خلال أيام. ونقلت صحيفة “هآرتس” عن مصادر عسكرية تحذيرها من أنه دون “ضربة قاضية” لـ”حماس” ستعود إسرائيل لنقطة البداية، ولحرب أشد وأخطر مقابل إيران و”حزب الله”. كما قالت هذه المصادر العسكرية إن الجيش الإسرائيلي، في ذات الوقت، يستعد للمرحلة التالية التي سيجري فيها، خلال 2024، الانتقال من الحرب إلى جولات قتالية يسحب فيها قواته من القطاع ويحتفظ بحزام أمني يقتطعه من القطاع، والقيام بغزوات ضد بنى تحتية عسكرية.

ويوضح مراسل الإذاعة العبرية العامة، اليوم، أن القوات الإسرائيلية تواصل مساعيها السيطرة على الشجاعية وجباليا، واستكمال تدمير الأنفاق والبنى التحتية العسكرية في شمال القطاع. وعن صعوبة المواجهة المكلفة يضيف: “في منطقة خان يونس يخرج جنود “حماس” من أنفاق بين الردم وأكوام الهدم ويفاجئوننا بصواريخ وبنادق، وأحياناً فوهات الأنفاق مفخخة، والمشكلة أن هناك أربع كتائب عسكرية سالمة وتقاتل بقوة”.

بارنياع: شاهدنا رفع صورة للعلم الإسرائيلي في دوار فلسطين في قلب مدينة غزة. يظن الإسرائيليون أنها صورة انتصار، وقد نسوا أن الجيش لم يدخل غزة لاحتلالها، ربما نتورط هناك مدة طويلة

ويتزامن ذلك مع بداية تصاعد حالة تململ وتساؤل عن جدوى الحرب في الشارع الإسرائيلي، في ضوء الكشف عن كلفتها الباهظة، واتساع الفجوة بين التهديد والوعيد، والأحاديث المتكررة في الإعلام عن نجاحات عسكرية، فيما الوقائع على الأرض (خاصة شراسة المعارك، وكثرة الجنود القتلى والجرحى) تقدم مؤشرات مغايرة، وأحياناً معاكسة، وهي تبزّ هذه المزاعم، وتؤجج التساؤلات والتشكيكات بقدرة الجيش على تحقيق أهدافه المعلنة.

أعداد الجنود الجرحى أضعاف ما يعترف به الجيش

بعدما كشف تقرير لـ “يديعوت أحرونوت”، أمس، عن إصابة 5000 جندي إسرائيلي، حتى الآن 2000 منهم باتوا معاقين رسمياً (لاحقاً تم شطب معظم مضمون التقرير، وإخفاء الرقم 5000) يكشف تحقيق صحيفة “هآرتس”، اليوم، الإثنين، عن أن الجيش كان يرفض الرد على سؤال تعداد الجرحى، ثم بات يزعم أن عدد جرحاه بلغ 1600 جندي فقط، لكن الحقيقة مختلفة جداً”.

استناداً لمعطيات قسم التأهيل في وزارة الأمن الإسرائيلية، كشف “واينت”، أمس، عن 5000 جندي، وهذا ما يؤكده أيضاً تحقيق “هآرتس”، اليوم، (نحو خمسة آلاف جندي جريح) نقلاً عن معلومات كل المستشفيات الإسرائيلية، وهي في مجملها تتحدث عن أرقام أعلى بكثير من أرقام الجيش. وعلى سبيل المثال؛ تشير “هآرتس” إلى أن مستشفى “بارزيلاي” في مدينة أشكلون (عسقلان) الحدودية استقبل لوحده 1949 جندياً جريحاً. ومستشفى “سوروكا” في بئر السبع لوحده استقبل 1000 جندي جريح. مستشفى “رمبام” في حيفا 148 جندياً،18. جندياً في مستشفى “هداسا” في القدس. 178جندياً في مستشفى “إيخيلوف” في تل أبيب. 287 جندياً في مستشفى “بيلنسون” في مدينة بيتح تكفا. و139 جندياً في مستشفى “شاعري تسيدك” في القدس. و500 جندي في مستشفى “شيبا” في تل أبيب.

الحرب النفسية تعويض عن فشل الحرب في الميدان

وربما هذا ما يفسر تصعيد السعي بحثاً عن “صورة انتصار”، وتصعيد الحرب النفسية، التي يشارك نتنياهو فيها بنفسه، بـ “دعوته مقاتلي حماس للاستسلام، وعدم التضحية بأنفسهم من أجل يحيى سنوار”، وكذلك بالتصريحات الأخيرة للناطق العسكري دانئيل هغاري حول التصميم على قتل سنوار والضيف وعيسى حتماً”. وهذا ما يدفع وسائل إعلام عبرية نحو تغطيات لا تختلف عن مزاعم الناطق العسكري، وتبلغ حدّ السخرية بسعيها لعرض صورة انتصار، تارة على شكل علم إسرائيلي يرفعه الجنود الغزاة في دوار فلسطين في قلب مدينة غزة، وتارة صورة لرجال غزيين عراة، تبيّن لاحقاً أن معظمهم مدنيون، وأن الصورة عادت كيداً مرتداً على إسرائيل من ناحية صورتها في العالم. ولذا فإنه، في المقابل، تتزايد الانتقادات الإسرائيلية حول إدارة الحرب ومحاولات التغطية على فشلها بتحقيق أهدافها، رغم قصف غزة بـ 410 ألف طن ديناميت، و100 ألف قذيفة، وفق معطيات الجيش.

وهذا ما يدفع المعلق السياسي البارز في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم بارنياع لمواصلة التأكيد، منذ بدء الحرب، على عدم وجود صورة انتصار. ففي تحليله اليوم يتفق بارنياع مع من انتقد نشر صورة الرجال الغزيين شبه عراة، وقال إنه من المفروض أن تفرح الإسرائيليين، وتدفع “حماس” للاستسلام، لكنها في الواقع تنطوي على “قنبلة دعائية” ضدنا في العالم.

وعن صورة الانتصار المفقودة يضيف بارنياع: “شاهدنا رفع صورة للعلم الإسرائيلي في دوار فلسطين في قلب مدينة غزة. يظن الإسرائيليون أنها صورة انتصار، وقد نسوا أن الجيش لم يدخل غزة لاحتلالها، وربما نتورط هناك مدة طويلة”.

ويدعو بارنياع رئيسَ الاستخبارات العسكرية للاستقالة الآن، ليكون قدوة للآخرين، ورسالة لهم مفادها: زمنكم محدود. هناك مشكلة في إدارة هذه الحرب على يد المسؤولين عن إخفاقاتها”.

نريد انتصاراً لا صورة انتصار
في المقابل، يواصل الناطق العسكري وعدد من قادة المستويين العسكري والسياسي اجترار ما يتردد على لسانهم في الأيام الأخيرة عن بوادر انكسار المقاومة الفلسطينية في غزة. وقد وجهت الإذاعة العبرية، اليوم، سؤالاً لضابط إسرائيلي عن معنى مؤشرات انكسار “حماس”، فقال إنها تتجلى بتعليمات عسكرية من قيادة “حماس”، ولا يتم تطبيقها، علاوة على مقتل سبعة آلاف من إرهابييها، وعدد كبير من الجرحى غير معلن عنه”.

وقال الرئيس السابق للقسم الأمني- السياسي في وزارة الأمن الجنرال في الاحتياط عاموس غلعاد، للإذاعة العبرية، صباح اليوم الإثنين: “المعركة قائمة ومستمرة، وعلى الصحافة أن تتركز بالنتيجة النهائية. هذه الحرب تطول كثيراً، نحن نحتاج انتصاراً لا صورة انتصار، وهذا يعني تفكيك مراكز قوى حماس”. وعندما سئل؛ كيف يبدو الانهيار إذن؟ قال: “عندما تتوقف حماس عن أداء وظائفها، أو عندما يقتل السنوار، أو خروجه وبقية قيادة حماس من القطاع. الحرب ما زالت مستمرة منذ 65 يوماً والثمن باهظ”.

وهذا ما يؤكده أيضاً المحاضر في الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب دكتور ميخائيل ميليشتاين، بقوله للإذاعة ذاتها اليوم: “لا أعرف إذا كانت هناك أصلاً نقطة انتصار. هناك خطوات ناجحة، ولكن الانتصار يعني توقفهم عن القتال. لدى حماس لا يوجد استسلام، بل قتال حتى الرصاصة الأخيرة، حتى وإن استسلم بعضهم”. منبهاً إلى أن مؤشرات انكسار وحالة تمرد الشعب في غزة، كل هذا لا يحدث حتى الآن. علينا التعود على حرب طويلة استنزافية وأكثر محبطة ربما وحسب تقديراتي أن الحرب لن تتوقف حتى بعد قتل السنوار. علينا أن نتبنى الفهم أن الحرب طويلة، وأطول ما شهدناه حتى الآن”.

ميليشتاين: نشر صور الغزيين عراة سيفهمها العالم كعمل بربري إسرائيلي،.. وغايتها مزدوجة: ضرب معنويات الفلسطينيين، ورفع معنويات الإسرائيليين، و”فشة خلق لهم”

ورداً على صورة الرجال الغزيين العراة تقريباً، انضم ميليشتاين، وهو جنرال في الاحتياط، للانتقادات، مؤكداً أن نشرها دون شروحات هذا يعني أن العالم سيفهم الصور كـ “عمل بربري إسرائيلي”، مرجحاً أن غايتها مزدوجة: ضرب معنويات الفلسطينيين، ورفع معنويات الإسرائيليين، وتوفير “فشة خلق لهم”، لاحقاً تبيّن أن معظمهم مدنيون.

وهذا ما دفع مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي للقول، أمس، للقناة 12 العبرية، إن نشر هذه الصورة كان خطأ، ولن يتكرر.

فيما قال الناطق العسكري إنها لم تصدر رسمياً عنه، وإن “عملية تعرية الرجال جزء من البحث عن مخربي حماس والجهاد”.

مسألة الأسرى والمخطوفين
وفي التزامن، تتزايد أيضاً الانتقادات الإسرائيلية لمعالجة ملف المخطوفين والأسرى، وسط اتهامات للمستويين السياسي والعسكري بالتنازل فعلياً عنهم. ويشير عاموس هارئيل في “هآرتس” لعدم تحقيق الهدف الثاني المعلن للحرب، وهو استعادة المخطوفين. وينقل عن مصادر عسكرية أن الحملة البرية لا تساعد في استعادتهم، وهذا ينسف الرواية الإسرائيلية الرسمية الزاعمة أن التوغل البري يخدم الهدف الأول المتمثل بتدمير “حماس” ولا يتناقض مع الهدف الآخر وهو استعادة المخطوفين، بل بالعكس.

يشار إلى أن إسرائيل كانت رسمياً قد تنازلت عن استعادة الأسرى في غزة، في الأيام الأولى للحرب، بحديثها فقط عن تدمير “حماس”. وأمام استفاقة عائلاتهم ومساندتهم من قبل الإعلام والشارع الإسرائيليين صارت إسرائيل الرسمية تقرن تدمير “حماس” باستعادة المخطوفين، وضمان عدم نشوء تهديد عسكري داخل القطاع مجدداً، ضمن سلة الأهداف. لكن فعلياً إسرائيل تنازلت عنهم، وفق مؤشرات كثيرة، منها مواصلة القصف العشوائي رغم تحذيرات المخطوفين الإسرائيليين المفرج عنهم من أن حياتهم كانت بخطر جراء القذائف الإسرائيلية. ولذلك تواصل أوساط إسرائيلية الضغط بخصوص المخطوفين عملياً.

وينضم بارنياع لهارئيل في هذه المسألة، ويقول، بلغة قاطعة ينهيها بغمزة ساخرة، إنه لا مناص من تجديد المفاوضات لاستعادة المخطوفين أولاً، أما رفع الأعلام الإسرائيلية فلاحقاً”.

وذهب رئيس الموساد السابق تامير باردو مجدداً لحد القول، أمس، إن إسرائيل خانت المخطوفين مرتين، وإنها تنازلت عنهم.

في حديث للقناة 12 العبرية، عاد باردو وحمل على الحكومة الإسرائيلية، وأكد هو الآخر عدم وجود انتصار في هذه الحرب، داعياً لاستعادة المخطوفين الآن حتى بثمن وقف الحرب دون تحقيق هدفها المعلن. وحذّرَ باردو من أن إبقاء المخطوفين لمصيرهم ضربة موجعة للعائلات، لكنها تمسّ بالأمن القومي الإسرائيلي أيضاً مشدداً على أن الحل الحقيقي يتمثل بالبحث عن تسوية سياسية مع الشعب الفلسطيني.

وتبعه اليوم رئيس القسم الأمني- السياسي في وزارة الأمن سابقاً الجنرال في الاحتياط عاموس غلعاد الذي قال للإذاعة العبرية إن استعادة المخطوفين الآن مهمة وقيمة عليا بدونها لا يمكن الحديث عن انتصار.

الحل السياسي المفقود
ويتفق غلعاد مع باردو في الاتجاه العام بالتأكيد على حيوية البحث عن حلول سياسية مع الفلسطينيين بقوله: “الجيش يقدم القدرات العسكرية، لكن الحكومة لا تقدم تصوراً سياسياً شجاعاً. إن ما يقلقني هو عدم وجود إستراتيجية لليوم التالي، في ظل وجود تهديدات محيطة أخرى، كالضفة الغربية المرشحة للانفجار، وإيران وقد باتت على عتبة النووي، ولا أحد يتحدث عن ذلك، وهذا علاوة على تصاعد الانتقادات ضدنا في العالم، كما تجلى في تصويت 13 من 15 دولة داخل مجلس الأمن ضدنا قبل أيام. نحن بحاجة لخطة خاصة باليوم التالي للحرب تجيب على أسئلة كثيرة، منها من يدير شؤون القطاع، ومن يسيطر عليه، وغيرها من الأسئلة.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى