نائب قائد الجيش الإسرائيلي سابقاً: علينا أن نكون واقعيين.. لن يكون هناك تدمير لـ”حماس”
قال عضو الكنيست السابق (عن حزب “ميرتس”) الجنرال في الاحتياط يائر غولان إنه لن يكون هناك تدمير لـ “حركة المقاومة الإسلامية” “حماس”، ويعلّل ذلك بالدعوة لأن “نكون واقعيين” مشدّداً على أن وقف النزيف يكمن بتقاسم البلاد وإقامة دولة فلسطينية لجانب إسرائيل.
في حديث مطوّل لملحق صحيفة “هآرتس” العبرية، ورداً على سؤال حول مستقبل الحرب على غزة، يقول غولان، وهو نائب قائد جيش الاحتلال سابقاً، إن حكم “حركة المقاومة الإسلامية” “حماس” لن ينهار، على الأقل في المنظور القريب. ويعلل غولان ذلك بالتأكيد على أن الضغط على “حماس” لن يكون ضغطاً يفكك “حماس” كلياً.
بارنياع: لا مجال لنا للتقدم نحو الجنوب أكثر. أحاديث العجرفة الإسرائيلية عن محاصرة بيت السنوار هي قصص يرويها نتنياهو لنفسه ولنا
ويتابع: “ولأنه من غير المتوقع أن تحدث هنا تطورات عسكرية درامية علينا التركيز على تحرير المخطوفين، منع دخول وسائل قتالية للقطاع، وتلبية الحاجات الإنسانية داخل غزة. هذا لا يعني أنه عندما تتحقق هذه الأهداف فإن المعركة قد انتهت”.
ولماذا تنفي إمكانية تدمير سلطة “حماس”؟ ففي شمال القطاع الجيش يقترب من فعل ذلك خلال عدة أسابيع؟
“في خلفية الإنجاز في شمال القطاع هناك شرطان مريحان؛ إخلاء معظم السكان، والفهم بأن أغلبية المخطوفين غير متواجدين هناك. هذا مكّننا من تفعيل قوة مكثفة. أنظر، هل تستطيع إسرائيل إسقاط حكم “حماس”؟ نعم. ولكن هل لدينا أكثر من أسابيع معدودة لمواصلة العملية دون اعتراض أمريكي شديد؟ يبدو لا، ونحن لا نعمل في فراغ. سنحتاج للاحتفاظ بضغط هجومي دائم. أنا أقارن ذلك لحملة “السور الواقي”، التي استمرت ستة أسابيع، وبعدها واصلنا العمل داخل الضفة الغربية طيلة خمس سنوات”.
أنت تشبّه هذه الحرب لـ “السوار الواقي”، ويبدو لي كالتورّط في الوحل اللبناني؟
“لا. لماذا وحل. في النصف الثاني من 2007، خمس سنوات بعد “السور الواقي” خفضنا سقف الإرهاب داخل الضفة الغربية”، بما يقل عن سقفه عشية الانتفاضة الثانية. هذه كانت الإشارة بأننا انتصرنا. هذه هي القصة اليوم في قطاع غزة. تعالوا نكون واقعيين”.
وفي سياق الحديث عن المسألة الإنسانية، ورداً على سؤال حول مشاعره وهو يرى صور غزة؟ أجاب:
“أن تشاهد المدنيين خارج هذه العملية هو أمر غير ممكن، ولكن ينبغي القول إنه في 2005 أعطوا الغزيين احتمالاً للعيش بجانبنا بسلام، ومن وقتها لم يأخذوه مرة تلو المرة”.
لكنك دعوت في الماضي بشكل مثابر لتسوية مقابل “حماس”؟
“قلت قولاً في غاية البساطة: لا يمكن البقاء في مكاننا. لقد فشلت فكرة تجميد التاريخ على شكل “وضع راهن” للأبد. نظرية إدارة الصراع قد انهارت”.
قلت أيضاً، عندما كنت شريكاً في حكومة بينيت- لبيد: “أقترح مواصلة سياسة تقديم جزرة دسمة من جهة، وعصا غليظة من جهة أخرى خلف الظهر”. هل أخطأت؟
“علينا الاعتراف بالحقيقة. السابع من أكتوبر فاجأنا، كمستوى سياسي وعسكري. كجنرال في الجيش دائماً اعتبروني أكثر تزمتاً، وكنت ممن دعوا لعمليات عسكرية أكثر عمقاً، لجباية ثمن باهظ من “حماس” من منطلق الفهم بأننا لا نستطيع اللعب وفق قوانين “حماس”، بل علينا تحديد القواعد بأنفسنا.هذا يمكن تحقيقه عبر الدبلوماسية، والذهاب لتسويات، أو خطوات عسكرية تفكّكهم. المهم المبادرة للسعي للتقدم”.
والسؤال إذا ما كان على معسكر اليسار أن يقوم بحساب للنفس؟
“النظرية بإمكانية إحراز تسوية مع “حماس” انهارت بقوة، لكنها لم تكن نظرية اليسار، بل هذا ما فعله بنيامين نتنياهو: أنا أعطيكم حقائب مالية من قطر، وأنتم تجلسون بهدوء”.
والآن، بعد السابع من أكتوبر، كيف ينبغي أن يبدو حل الصراع؟
“انفصال مدني مع مسؤولية أمنية. هذان الشرطيان الحيويان والأساسيان القادران على ضمان نتيجة مشتهاة في نقطة معينة مستقبلاً، انفصال أو ضمّ، ما من حلّ آخر. علينا اتخاذ قرار إن كنا نريد رؤية كيان سياسي واحد، أو كيانين بين البحر والنهر. وهذه ليست قصة يسار أو يمين. هذه حقيقة أن رجال اليمين أيضاً، أمثال أرئيل شارون، تسيبي ليفني، ودان مريدور، توصلوا لاستنتاج بضرورة تقسيم البلاد”.
يعني الحل بقي ذات الحل؟
“لا يوجد حل آخر. علينا العودة للصهيونية العملية. حلم اليمين المتطرف، حلم سموتريتش، منفصم عن الواقع. نظريته بحسم الصراع بضربة سحرية، بالطرد الجماهيري هي خطة مسيائية غيبية غير قابلة للتطبيق”.
هناك من يقول إن تفكيك المستوطنات خطة غير قابلة للتطبيق؟
تقاسم البلاد يلزم بإخلاء سبعين ألف مستوطن. بقية الأمور يمكن تسويتها. أنا أقرأ الخرائط. أقول لك هذا بمسؤولية”.
هذا هو الاتجاه الذي لم يتغير ولكن ماذا نفعل غداً؟
“لا أريد الدخول في ذلك. الترجمة العملية ليست مهمة الآن”.
السلطة الفلسطينية ضعيفة، والرئيس عباس يقترب من التسعين من عمره، وشعبية “حماس” في الضفة الغربية واسعة، وفي المقابل هناك غضب وصفر ثقة لدى الجانب الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر. لا يمكن الحديث عن خطة سياسية دون تقسيمها لمراحل؟
“عندما يتحول هذا السؤال إلى العملي سنعطي إجابات، والآن ينبغي الحديث بالموضوع على المستوى المبدئي. الحسم: ضم أو انفصال. لنر أولاً إن كنا سننشغل بهذا الموضوع في الانتخابات القادمة عندنا، وعندها سنخوض في بحر من الأسئلة العملية. هذا حسم يشبه حسم الجمهور اليهودي عشية قرار التقسيم في 1947؛ أن نقبل أو نرفض خطة التقسيم”.
“حماس” ليسوا جبناء
في هذا السياق يعتقد الكثير من الإسرائيليين حتى الآن بضرورة مواصلة الحرب على غزة حتى إسقاط حكم “حماس” ونزع قدراتها، واستعادة الردع المفقود، وترميم الهيبة الجريحة وتلبية شهوة الانتقام. لكن بعض المعلقين الإسرائيليين يشككون بإمكانية تحقيق ذلك، ومنهم المعلق السياسي البارز في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم بارنياع، الذي يشير لاستمرار النقاش الداخلي: ماذا أولاً؛ تدمير “حماس”، أم استعادة المخطوفين؟ معتبراً أن الحملة على جنوب القطاع هي الفرصة الأخيرة الموجعة.
وعن الخيارات الممكنة يضيف بارنياع: “لا مجال لنا للتقدم نحو الجنوب أكثر. أحاديث العجرفة الإسرائيلية عن محاصرة بيت السنوار هي قصص يرويها نتنياهو لنفسه ولنا. الحرب ثقيلة ومكلفة. نعم، يضيق الخناق على خان يونس، لكنها ليست مسادا (مسادا القلعة اليهودية في قلب صحراء الخليل، التي سقطت بيد الرومان قبل الميلاد، بعدما انتحر اليهود المتحصنون فيها بشكل جماعي).
بارنياع: محلّلون إسرائيليون كثر تحوّلوا من صحافيين لجنود في التعبئة ورفع الروح المعنوية
بارنياع الذي شكّك بجدوى الحرب في مقالاته بشكل مثابر، في الأسابيع الأخيرة، يؤكد، اليوم الجمعة، ذلك، ويقول إن محلّلين إسرائيليين كثراً في القنوات التلفزيونية تحوّلوا من صحفيين لجنود في التعبئة ورفع الروح المعنوية، ويتحدثون كم هم جبناء جنود “حماس”، لكن الحقيقة أنهم ليسوا جبناء، ولم نر أحداً منهم يخرج من فتحة نفق رافعاً يديه فوق رأسه أو يحمل راية بيضاء”.
ويضيف بارنياع:”هي نتيجة طيبة أن يؤدي القتال في خان يونس لتفكيك حقيقي لقدرات “حماس” وتصفية قادتها. هذه إمكانية، وهذا أمل، وهذه مغامرة. الخطر على حياة الجنود والمخطوفين مؤكد”.
يشار إلى أن صحيفته “يديعوت أحرونوت” قد شكّكت، اليوم، بالتقرير الرسمي عن أسر مئات من جنود المقاومة، وتصويرهم عراة. وقالت إن هؤلاء مشتبه بهم بالتعاون مع “حماس”، وهذا يتناغم مع التأكيدات الفلسطينية بأن هؤلاء أطباء وأكاديميون وصحفيون. وقد عُرف من بين هؤلاء الصحفي الزميل ضياء الكحلوت من مدينة غزة.
في المقابل، توقّفَ زميله، المحلّل آفي سخاروف، في ذات الصحيفة، عند نقاط الضوء في الحرب، منها النجاح في التوغل البري، فشل نظرية وحدة الساحات وغيره. وفي الجهة الثانية يشير لنقاط تنزع النوم من العيون قلقاً: ثمن الحرب، ماذا يحدث داخل غزة في اليوم التالي للحرب، وما ستشهده إسرائيل في اليوم التالي.