فايننشال تايمز: المواقف العامة من إسرائيل تتغير في أمريكا وأوروبا بسبب حرب غزة
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريراً عن الاستطلاعات في الولايات المتحدة وأوروبا، وأظهرت تحوّلاً مهماً من الحرب الدائرة في غزة وأثرها على السياسة المحلية في الغرب.
وفي تقرير أعدته جانينا كونبوي وألان سميث جاء أن النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين طالما قسم العالم، حيث جلب الناس إلى الشوارع وأثار خلاف المجتمع الدولي.
وأدى هجوم “حماس”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وحملة الانتقام الإسرائيلية، التي مضى عليها أكثر من ستة أسابيع، لاختلاف الآراء بسبب صور ما بعد الهجوم على إسرائيل والعملية في غزة، التي تسيدت الأخبار ومنصات التواصل الاجتماعي. لكن تطور الرأي العام منذ الحرب لم يكن نسقياً، ويمكن التكهن به، فمن الولايات المتحدة إلى أوروبا، حصلت تحولات مهمة تركت أثرها على السياسات المحلية.
الصحيفة: من الناحية التقليدية، أظهر الرأي العام الأمريكي شعوراً قوياً تجاه إسرائيل، فيما برزت إسبانيا بين الدول الأوروبية كأكبر متعاطف مع الفلسطينيين
وقبل هجمات 7 تشرين الأول، كان موقف الرأي العام من النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني هو اللامبالاة. وقال ثلاثة أرباع الألمان إن النزاع لا يهمهم كثيراً، فيما قالت نسبة 55% من الأمريكيين، في استطلاع جرى في أيار/مايو، إن الموضوع لا يثير اهتمامهم بقوة.
ومن الناحية التقليدية، أظهر الرأي العام الأمريكي شعوراً قوياً تجاه إسرائيل، فيما برزت إسبانيا بين الدول الأوروبية كأكبر متعاطف مع الفلسطينيين.
ومع ذلك شهدت أمريكا، وقبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تحولاً مهماً، وبتداعيات سياسة قوية محتملة، حيث بدأ الديمقراطيون بالتحرك باتجاه القضية الفلسطينية. ومع أن المواطنين الأمريكيين لا يزالون وبشكل عام أكثر تعاطفاً مع إسرائيل، إلا أن مؤسسة غالوب للاستطلاعات، كشفت، في آذار/مارس، أن النتيجة الصافية للديمقراطيين تظهر تفضيلهم الفلسطينيين، ولأول مرة.
وكشفت أحداث ما بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر عن الخلافات الجوهرية الجيلية والسياسية بشأن النزاع. فزيادة التعاطف الأخيرة مع الفلسطينيين لا تزال قائمة، أما نسبة 25% من الذين صوّتوا لجو بايدن، وعرّفوا أنفسهم بالمتعاطفين مع إسرائيل، فهم نسبة لا تزيد كثيراً عن نسبة 20% من المتعاطفين مع فلسطين. وبالمقارنة فإن نسبة 76% من قاعدة ناخبي دونالد ترامب هم من المؤيدين لإسرائيل. ويعني التحول أن بايدن يواجه الآن صدعاً مفاجئاً داخل الحزب بشأن الشرق الأوسط، حيث يتجه نحو معركة صعبة لإعادة انتخابه، وفي مواجهة محتملة مع دونالد ترامب. ويعتبر العمر عاملاً مهماً في هذا التحول، فبين الشباب الأمريكيين هناك دعم واضح للفلسطينيين أكثر من إسرائيل. وفي الوقت نفسه، فالنسبة بين الفئة العمرية 65 عاماً تدعم إسرائيل، وهي 10 أضعاف الداعمين لفلسطين من نفس الفئة العمرية.
ولكن أحد التطورات المهمة المحتملة في السياسة الأمريكية هو تغير الأفكارمنذ بداية الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد “حماس” في غزة المحاصرة، والتي شرد فيها مئات الآلاف، وأدت إلى أزمة إنسانية عميقة.
ففي استطلاع أجرته مؤسسة إبسوس، منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، وجد أن معظم الأمريكيين يعتقدون أن على الولايات المتحدة التصرف كوسيط محايد. وفي الوقت الذي وافقت فيه غالبية الأمريكيين على أن إسرائيل “تعمل ما يقوم به أي بلد للرد على هجوم إرهابي”، إلا أن اثنين من ثلاثة أمريكيين شملهم الاستطلاع قالوا إنه يجب على الدولة العبرية وقف إطلاق النار والتفاوض للإفراج عن الرهائن. ووجد الاستطلاع أن الأمريكيين منقسمون بالتساوي حول الرد الإسرائيلي وإن كان “مفرطاً”، حيث وافقت نسبة 50% على الرأي، ولم توافق نسبة 50% عليه.
وبين الديمقراطيين، فإن نسبة 62% وافقت أن الرد كان مفرطاً، مقابل 30% من الجمهوريين الذي قالوا إنه مفرط. ومن اللافت للنظر أن الجيل الشاب والديمقراطيين الميّالين لليسار كانوا أكثر نقداً لبايدن وطريقة معالجته للحرب، حيث قالوا إنه لم يضع شروطاً كافية على دعمه للرد الإسرائيلي، وكان عليه عمل المزيد لمنع الضحايا المدنيين بين الفلسطينيين.
الصحيفة: من اللافت أن الجيل الشاب والديمقراطيين الميّالين لليسار كانوا أكثر نقداً لبايدن وطريقة معالجته للحرب
ولدى بريطانيا نفس الميول المسجلة في الولايات المتحدة وبين الآراء السياسية والأجيال، لكن الخلاف بين الأجيال ليس عميقاً كما في أمريكا. فمع أن الأشخاص ما بين 18-24 أكثر تعاطفاً بثلاث مرات مع الفلسطينيين ممن هم فوق الـ 65 عاماً، إلا أن دعم المجموعتين لكلا البلدين متساو، أو لم يقرَّر بعد.
ومن الناحية السياسية، فالناخبون بين العمال يدعمون فلسطين (31%)، مقارنة مع الناخبين المحافظين المتعاطفين مع إسرائيل (نسبة 34%)، لكن هناك نسبة واضحة، وعلى مدى الطيف السياسي، تتعاطف بنفس المستوى مع الطرفين، أو غير متأكدة.
ويبدو هذا أكثر وضوحاً بين ناخبي الحزب الليبرالي الديمقراطي، حيث تساوت نسبة الداعمين للطرفين 50-50%.
وربما تغير الكثير في مواقف الرأي العام مع استمرار الحرب، ولكن ذلك بات واضحاً في الولايات المتحدة، حيث يتحرك الرأي العام والموقف من إسرائيل بطريقة ستشكّل السياسة في الشرق الأوسط، وأبعد منه.