العالم تريند

من حرب تموز إلى 7 أكتوبر.. نكسات أنهت أسطورة “الجيش الذي لا يقهر”

عربي تريند_ يُعْتَبَر عجز الجيش الإسرائيلي أمام المقاومين الفلسطينيين في قطاع غزة المرة الثالثة التي يتعرّض فيها لنكسة حقيقية، وهي الأقوى، حيث يفقد تدريجياً صفة “الجيش الذي لا يقهر”، ويعوّضها بحرب الجبناء بقتل المدنيين، في خرق سافر للقانون الدولي.

كانت المرة الأولى في حرب تموز 2006 في مواجهة “حزب الله”، حيث ظهر المفهوم الجديد في حرب الشرق الأوسط، القائم على حرب العصابات أو الكوماندوهات التي تعتمد الفرق الصغيرة والقصف بالصواريخ. وكانت الولايات المتحدة، في عهد الرئيس جورج بوش الابن، ترفض وقف إطلاق النار، اعتقاداً منها بتفوق إسرائيل. لكنها انتهت بالمطالبة بإطلاق النار. وتبين لاحقاً كيف أن جيش الكيان عجز عن التقدم البري، بل وتعرضت دباباته ومدرعاته لأكبر الخسائر. ووفق تقرير صدر في سنوات لاحقة، تبين إلحاق خسائر بأكثر من مائة دبابة، أغلبها تعرض لضربات ذكية، وتتجلى في تدمير عجلاتها الحديدية حتى لا تتقدم.

منذ تلك الحرب، لم يعد جيش الكيان يصول ويجول في جنوب لبنان، كما كان يفعل في الماضي، ولم يعد ينفذ عمليات التوغل التي اعتاد عليها.

منذ حرب تموز، لم يعد جيش الكيان يصول ويجول في جنوب لبنان، كما كان يفعل في الماضي، ولم يعد ينفذ عمليات التوغل التي اعتاد عليها

والمفارقة أن المرة الثانية التي تعرّضَ فيها جيشُ الكيان لانتكاسة لم تشهد حرباً مادية، بل حرباً نفسية طويلة تمتد حتى الآن. يتعلق الأمر بتراجع قدرة الردع والتهديد الإسرائيلية في مواجهة إيران. ويهدد جيش الكيان بحرب ضد إيران، منذ أكثر من عشرين سنة لتدمير مشروعها النووي، والحدّ من صناعتها الحربية، خاصة الصواريخ. وكان يعتقد المحللون بوقوع حرب وشيكة، أو على الأقل بهجوم على شاكلة ما نفذته إسرائيل ضد المفاعل العراقي في عملية أوبرا يوم 7 يونيو 1981. ومرّ عقدان، ولم تقع الحرب، بل الأدهى أن البنتاغون بدوره تراجع عن هذه الحرب لأنه لا يضمن الانتصار العسكري، ولا يضمن تدمير المشروع النووي الإيراني.

إن حديث إسرائيل عن حرب ضد إيران بسبب مشروعها النووي سيكون من باب الخيال مستقبلاً، لأن هذا الكيان لا يتوفر على القوة القتالية الكافية لتنفيذ حرب في مكان يبعد عنه بمسافة كبيرة.

ويبقى المنعطف الحقيقي ما حدث يوم 7 أكتوبر 2023، إذ تعرّضَ جيش الكيان واستخباراته لنكسة حقيقية، لأن الضربة التاريخية جاءت من مقاومين يوجدون في فضاء يشبه السجن، هو قطاع غزة، يفتقدون للاتصالات الخارجية للحصول على الأسلحة. ورغم كل هذا، نجحوا في ضرب برامج التجسس التي تنفرد بها إسرائيل، وفي خرق سياجات الدفاع، وكانت الحصيلة أكثر من 1500 قتيل، وقرابة 240 من الأسرى. وأصبح يوم 7 أكتوبر يخضع للتحليل في الكليات الحربية العالمية، كيف يمكن لمقاتلين مفاجأة كيان يعد ضمن الجيوش العشرين الأقوى في العالم، وله استخبارات يضرب بها المثل.

انتهت أسطورة اعتماد بعض الأنظمة العربية على الاستخبارات والصناعة الحربية الإسرائيلية للدفاع عنها أمام أخطار خارجية

ويترتب على النكسات الثلاث، أو المنعطفات الثلاثة، نتائج عسكرية وسياسية ملموسة، وذات أبعاد جيوسياسية هامة للغاية، ويمكن حصرها في:

فقدان تلك الصورة الأسطورية التي اكتسبها جيش الكيان في حروبه ضد الجيوش النظامية العربية في الستينات والسبعينات، إذ بعد أكبر ضربة حربية تلقاها لا يستطيع تنفيذ عملية عسكرية برية شاملة ضد مقاتلي حركة تخضع لحصار شامل، ويلجأ إلى قتل المدنيين تنفيذاً لما يعرف بـ “حرب الجبناء”.

ويضاف إلى هذا، نهاية أسطورة اعتماد بعض الأنظمة العربية على الاستخبارات والصناعة الحربية الإسرائيلية للدفاع عنها أمام أخطار خارجية، ومنها ما يفترض أنه الخطر الإيراني. والأخطر، أن إسرائيل التي كانت تدّعي تأمين الحماية لبعض الدول العربية لجلبها إلى التطبيع، تحتاج اليوم إلى الحماية العسكرية الأمريكية والأوروبية. ويكفي تأمل قرار إرسال البنتاغون حاملتي طائرات لشرق البحر المتوسط للتدخل، في حالة اتساع رقعة الحرب بانخراط “حزب الله” في أي حرب شاملة.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى