غوتيريش في افتتاح الجمعية العامة 78: “كلنا مسؤولون عن مأساة درنة الليبية”
عربي تريند_ افتتح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، المناقشة العامة رفيعة المستوى للدورة الثامنه والسبعين للجمعية العامة، بحضور ممثلين عن 193 دولة، ودولتين بصفة مراقب وعدد من ممثلي الاتحادات الإقليمية بمن فيهم نحو 140 رئيس دولة أو حكومة.
وقد بدأ خطاب الأمين العام بعد انتهاء رئيس الجمعية العامة الجديد لهذه الدورة، دينيس فرانسيس من ترينيداد وتوبيغو. وقد استهل الأمين العام خطابه بالوقوف أمام مأساة المدينة الليبية درنة، معتبرا أنها “ضحية لأخطاء بشرية”.
غوتيريش: عاش أهل درنة وماتوا في بؤرة من اللامبالاة
وقال الأمين العام: “قبل تسعة أيام فقط، اجتمع العديد من التحديات التي يواجهها العالم في تحدٍ واحد مروع، لقد فقد الآلاف من الأشخاص في درنة بليبيا حياتهم في مأساة غير مسبوقة من الفيضانات. لقد كانوا ضحايا عدة مرات. ضحايا سنوات الصراع، ضحايا الفوضى المناخية. ضحايا القادة – القريبين والبعيدين – الذين فشلوا في إيجاد طريق للسلام.
وتابع غوتيريش: “عاش أهل درنة وماتوا في بؤرة من اللامبالاة، كما حدث في السابق أطلقت السماء العنان للأمطار بقوة 100 مرة أكثر من المعدلات الشهرية خلال 24 ساعة… كما انهارت السدود بعد ذلك. سنوات من الحرب والإهمال… مُحي كل ما عرفوه من الخريطة وحتى الآن، بينما نتحدث الآن، تجرف الأمواج الجثث إلى الشاطئ من نفس البحر الأبيض المتوسط، البحر حيث يستجم المليارديرات على يخوتهم الفاخرة. درنة هي لقطة حزينة لحالة عالمنا، طوفان، عدم مساواة، ظلم، وعدم القدرة على مواجهة التحديات في وسطنا”.
غوتيريش: تنجرف الآن الجثث على الشاطئ من نفس البحر الذي يستجم تحت شمسه المليارديرات على يخوتهم الفارهة
وقد أطلق الأمين العام في كلمته تحذيرات قوية حول التهديدات الوجودية التي تواجهها البشرية من بينها أزمة المناخ والصراعات، وعدم المساواة والظلم وعدم القيام بما يكفي لمواجهة التحديات بما فيها المناخية وتبعاتها.
تحدث غوتيرش عن قضية إصلاح النظام العالمي “متعدد الأقطاب”، وقال: “خلال معظم فترة الحرب الباردة، كان ينظر إلى العلاقات الدولية إلى حد كبير من خلال منظور قوتين عظميين، جاءت فترة قصيرة من القطبية الأحادية. ولفت الانتباه إلى أن وجود عالم متعدد الأقطاب، بحد ذاته، ليس أمرا سلبيا، ولكن وحده لا يستطيع ضمان السلام”.
التحديات الرئيسية
ألقى غوتيريش الضوء على أهم التهديدات والصراعات حول العالم والانقسامات الداخلية في بعض الدول وازدياد أوجه عدم المساواة وخطاب الكراهية والمعلومات المضللة ونظريات المؤامرة على وسائل التواصل الاجتماعي. “ويزيد الذكاء الاصطناعي من سرعة انتشارها مما يقوض الديمقراطية ويزيد من العنف والانقسامات”. وشدد في هذا السياق على “الحاجة الماسة إلى ميثاق رقمي عالمي، بين الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني بغية التخفيف من مخاطرها وتطويعها لخدمة البشرية”. وأشار إلى نيته تعيين هيئة استشارية رفيعة المستوى معنية بالذكاء الاصطناعي والتي ستعمل على تقديم توصيات بحلول نهاية السنة.
وتوقف غوتيريش عند الغزو الروسي لأوكرانيا مشددا على انتهاكه لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، مشيرا كذلك إلى تبعاته الخطيرة على العالم بما فيها التبعات الاقتصادية وأزمة الغذاء. ولفت الانتباه إلى استمرار جهوده لإعادة إحياء مبادرة البحر الأسود لتصدير الحبوب والتي انسحبت منها روسيا. وأكد على وجود حاجة ماسة الحبوب والأسمدة الأوكرانية والروسية من أجل استقرار أسعار الأغذية وضمان الأمن الغذائي.
انتقل الأمين العام للحديث عن عدد من الصراعات حول العالم بما فيها السودان، الذي “ينزلق إلى الدخول بحرب أهلية واسعة النطاق، وحتى الآن فر الملايين ويواجه االسودان الآن خطر التقسيم”. وأشار كذلك إلى الوضع في الكونغو وتهجير الملايين ناهيك عن العنف الجنسي. كما ذكر ميانمار وأفغانستان والانقلابات العسكرية في أفريقية والوضع في الساحل.
وأشار إلى تصاعد العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة وسقوط الضحايا من المدنيين. وأضاف: “الإجراءات الأحادية الجانب تزيد من سوء الوضع وتقوض إمكانية التوصل لحل الدولتين وتحقيق السلام والأمن الدائمين للفلسطينيين والإسرائيليين”.
كما أشار إلى استمرار الدمار الذي تشهده سوريا وعدم وجود سلام في الأفق القريب، لافتا إلى الزيادة الشديدة في الاحتياجات الإنسانية حول العالم، وحذر من إمكانية انهيار نظام المساعدات الإنسانية. وحث الدول على الزيادة من مساهماتها المالية لدعم العمليات الإنسانية. وقال “إن لم نطعم المحتاجين، فإننا نطعم التطرف”.
التنمية المستدامة والتغير المناخي
توقف غوتيرش مطولا عند أهداف التنمية المستدامة ومحاربة التغير المناخي والربط بينهما وشدد كذلك في هذا السياق على ضرورة إصلاح النظام المالي العالمي ومساعدة الدول النامية التي تعاني الكثير منها من التغير المناخي وتبعاته، وهي لم تكن أصلا مسؤولة عنه.
وتحدث غوتيرش عن وجود الحلول التي يغيب تنفيذها. وأضاف “مجموعة دول العشرين مسؤولة عن 80 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة. يجب أن تكون تلك الدولة القائدة في المجهودات ويجب أن تتخلص من إدمانها على الوقود الأحفوري”. وانتقد استمرار تلك الدول بأعطاء التراخيص الجديدة للنفط والغاز الأمر الذي لا يساعد على احتواء الأزمة المناخية، بل يزيدها.
وشدد غوتيريش كذلك على ضرورة العمل على المساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص والأجور قانونيا وفعليا حيث تدفع النساء غالبا ثمنا باهظا كما أن تحسين وضع المرأة يعود بالفائدة على كل المجتمع في جميع مجالات الحياة بما فيها الاقتصادية. وشدد على ضرورة سن القوانين التي تحافظ على كرامة وحقوق الإنسان لحماية فئات المجتمع الأضعف بما فيها الأقليات.