“سلايت”: بعد بقائها على بوابة البريكس.. هل تستأنف الجزائر الحوار مع فرنسا؟
عربي تريند_ قالت مجلة “سلايت” بالفرنسية، إن الجزائر التي لم تجد لها مكانة بين الدول الستة السعيدة التي ستنضم إلى تحالف “بريكس” الذي شكلته البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب أفريقيا، يتعين عليها الآن أن تعيد النظر في موقعها على المستوى الدولي.
وأضافت المجلة أن الجزائريين لم يتعافوا بعد من الضربة التي شعروا بها عندما تم الإعلان عن عدم انضمام بلادهم إلى مجموعة بريكس للدول الناشئة، ويشعرون بالخيانة إلى حد ما، من قبل حلفائهم التقليديين، الروس والصينيين، والذين جعلوا القادة الجزائريين يعتقدون منذ فترة طويلة أن الوقت قد حان للعب مع الكبار.
فمن أجل الحصول على دعم لطلب الجزائر الانضمام إلى “بريكس”، قام الرئيس عبد المجيد تبون برحلتين خلال شهري يونيو ويوليو الماضيين، إلى موسكو وبكين. وبما أنه استُقبل بحفاوة كبيرة، اعتقد الجميع أن مسألة انضمام بلاده إلى مجموعة بريكس كانت مضمونة، كما توضح “سلايت”.
الجزائريون لم يتعافوا بعد من الضربة التي شعروا بها عندما تم الإعلان عن عدم انضمام بلادهم إلى مجموعة بريكس، ويشعرون بالخيانة إلى حد ما
وذكرت المجلة أنه تم اختيار ست دول جنوبية، بما في ذلك ثلاث دول عربية، لتكون جزءا من هذا الكيان، ولكن ليس الجزائر، التي تقدمها على أنها “قوة إقليمية”، والتي تم التقليل من قيمتها في نظر الرأي الدولي، في الوقت الذي أطلقت فيه عرض وساطة في النيجر، على حد قول “سلايت”.
وحاول القادة الجزائريون تخفيف الصدمة من خلال حث المواطنين على عدم تحويلها إلى مرض. وكان العزاء الوحيد الذي وجدته الحكومة هو أنها وعدت “بمستقبل مزدهر” بفضل انضمامها المرتقب إلى منظمة شنغهاي للتعاون، التي تجمع في الأساس بلداناً من آسيا وآسيا الوسطى، ولكنها تضم أيضاً بلداناً أخرى من الجنوب. وتضيف المجلة، أنه “في مساحات النقاش، يمتزج الشعور بالغضب وعدم الفهم”.
وخلف الكواليس، يُعتقد أن هذا قد يشجع الرئيس عبد المجيد تبون على استئناف الاتصالات مع باريس. وستكون هذه أيضا فرصة للحديث مرة أخرى عن زيارته الرسمية المرتقبة إلى العاصمة الفرنسية، والتي تقررت في مارس الماضي، وتم تأجيلها إلى أجل غير مسمى. وتعود آخر مرة تحدث فيها الرئيس الجزائري عن ذلك إلى الخامس من شهر أغسطس الماضي.
وأعلن تبون بعد ذلك أن الزيارة مستمرة، وأنه ينتظر أن يحدد الجانب الفرنسي موعدا لها، ملقيا الكرة في ملعب فرنسا. ونظراً للوضع الأخير الذي تفاقم إلى حد كبير بسبب قضية الناشطة الجزائرية- الفرنسية أميرة بوراوي، ترك تبون الباب مفتوحاً أمام إمكانية إعادة الاتصال مع باريس.
وعلى الرغم من أن العلاقات هدأت رسميا، إلا أن التوترات التي تغذيها أحيانا التصريحات السياسية العدائية الصادرة عن بعض الشخصيات غير الرسمية، ولكن المعروفة بقربها من إيمانويل ماكرون، لا تساعد في تنظيف المناخ اللازم لاستئناف العلاقات. وكان هذا هو الحال بشكل خاص عندما طالب رئيس الوزراء الاشتراكي السابق مانويل فالس، والسفير الفرنسي السابق في الجزائر كزافييه درينكور، بإلغاء اتفاقية 1968 التي منحت مزايا للمهاجرين الجزائريين.
يُعتقد أن عدم انضمام الجزائر إلى بريكس سيشجع الرئيس الجزائري على استئناف الاتصالات مع باريس، والحديث عن زيارته المرتقبة إلى العاصمة الفرنسية
وبعيداً عن سوء الفهم المعتاد بين الطبقات السياسية على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فإن الأحداث التي تهز منطقة الساحل حاليا، تجبر البلدين على التدخل، كل حسب خطته، ولو مع مخاطر الاصطدام. فعلى غرار فرنسا، تطالب الجزائر بعودة النظام الدستوري في النيجر، لكن الأخيرة تعارض بشكل قاطع أي تدخل عسكري خارجي. فهي تخشى بشكل مشروع من تداعيات النزاع المسلح على حدودها الجنوبية، وأولها التفاقم الدائم لمناخ انعدام الأمن في هذه المنطقة ذات الحدود التي يسهل اختراقها، كما توضح “سلايت” بالفرنسية، مضيفة أنه من بين مخاوف الجزائر الأخرى، التهديدات المرتبطة بمشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء الذي يمر عبر النيجر، وكذلك باستثمارات شركتها النفطية سوناطراك التي انطلقت مؤخرا في هذا البلد. كما أنها تشعر بالقلق إزاء خطر حدوث موجات جديدة من الهجرة إلى الجزائر.
لكل هذه الأسباب، تسعى الجزائر جاهدة إلى إيجاد تسوية تبدو صعبة على نحو متزايد، في ظل عناد مدبري الانقلاب ونفاد صبر منتقديهم، وعلى رأسهم فرنسا.
من جانبهم، يواصل الفرنسيون المتعجلون لخوض المعركة، إثارة فزاعة التدخل العسكري، بشكل مباشر أو من خلال حلفائهم في غرب أفريقيا، الذين ليسوا جميعاً على نفس الموقف. وإذا قررت فرنسا أو دول الإيكواس التدخل في النيجر، فماذا ستفعل الجزائر؟ تتساءل مجلة “سلايت”، مشيرة إلى أنه لا يوجد تنسيق على ما يبدو بين الجزائر من جهة، وباريس ودول غرب إفريقيا من جهة أخرى.
وتابعت المجلة القول إن هذا الاختلاف في وجهات النظر بين الجزائر وباريس بشأن هذه القضية، كان بالفعل سبباً لأول سوء فهم. ففي 21 أغسطس/ آب الماضي، أعلنت وسائل الإعلام الرسمية الجزائرية، أن سلطات البلاد “ردّت سلبا على الطلب الفرنسي بالتحليق فوق التراب الوطني الجزائري لمهاجمة النيجر”.
ونفى الجيش الفرنسي هذه المعلومات على الفور. ونقلت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية في 22 أغسطس/ آب عن أحد كبار الضباط قوله: “ليست هناك أي رغبة على الإطلاق في مهاجمة النيجر”. وكان ذلك بمثابة فرصة أخرى ضائعة لتهدئة الأجواء بين البلدين، كما تقول مجلة “سلايت”.