العالم تريند

سموتريتش: علينا محاربة “توسيع البناء والاستيطان الفلسطيني” في المنطقتين “أ” و”ب”

عربي تريند_ يتواصل الكشف داخل إسرائيل عن ملامح مخططات حكومة الاحتلال، خاصة لدى وزير المالية والوزير الإضافي في وزارة الأمن رئيس حزب “الصهيونية الدينية” باتسلئيل سموتريتش، لضم الضفة الغربية المحتلة.

يشير تقرير للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” أن سموتريتش يحاول تبرير أطماعه الاستعمارية، على طريقة “ضربني وبكى وسبقني واشتكى”، بالزعم أنه يتطلع لـ “محاربة توسيع البناء الفلسطيني” في المنطقتين “أ” و “ب” داخل الضفة الغربية المحتلة.

ويستذكر أن لجنة الخارجية والأمن البرلمانية في الكنيست عقدت جلسة خاصة، في 19 تموز المنصرم، لوضع خطة لمواجهة ما سماه المجتمعون “سيطرة السلطة الفلسطينية على المناطق المفتوحة في الضفة الغربية، والرد الإسرائيلي على ذلك. واقترح سموتريتش، الذي طغى خطابه الاستيطاني على الجلسة، أن يتم إدراج أفعال السلطة الفلسطينية تحت بند “أعمال سياسية معادية”، وطالبَ ببلورة خطة وطنية صهيونية لضبط الأمور.

الهدم والبناء
في جلسة لجنة الخارجية والأمن حضر المقدم آدم أفيدان، رئيس البنية التحتية في الإدارة المدنية، والذي قال إن مهمات الإدارة المدنية حالياً، ووفق اتفاق أوسلو، هي إنفاذ القانون الإسرائيلي المتعلق بالبناء والهدم والتخطيط فقط في المنطقة “ج”.

وحسب أفيدان، فإن نحو 90-95% من طلبات الفلسطينيين للبناء في منطقة “ج” يتم رفضها، إما لاعتبارات تقنية أو لاعتبارات سياسية، بحسب اعترافه. بينما نحو 60-70% من طلبات المستوطنين للبناء تتم المصادقة عليها.

وأضاف أنه، في العام 2022، تم إنشاء 1600 مبنى فلسطيني جديد غير قانوني في المنطقة “ج”، وتم هدم نحو 500 بناء (بعضها تم بناؤه قبل العام 2022). وفي النصف الأول من العام 2023 تم إنشاء 1000 مبنى فلسطيني جديد، وتدمير ما يقرب من 220 مبنى. في المقابل، هدمت الإدارة المدنية فقط 76 منشأة استيطانية في العام 2022، ونحو 21 منشأة فقط منذ بداية العام 2023. والسبب هو أن معظم البنايات الجديدة في المستوطنات تقع ضمن “االمخطط القانوني الأوسع الذي تم اعتماده لكل مستوطنة”، وبالتالي، حتى لو كان البناء الاستيطاني غير قانوني، فإن الإدارة المدنية تحيل قضية إنفاذ القانون إلى مجالس المستوطنات التي تتجاهل أوامر الهدم.

نص فضفاض
وردَّ عضو الكنيست عن الليكود، أفيحاي بارون، وهو ممثل المستوطنين داخل كتلة الليكود البرلمانية، بأن معطيات الإدارة المدنية قد لا تكون ذات صلة بالجلسة المنعقدة، لأن مسؤولية الإدارة المدنية تتحدد داخل المنطقة “ج”، بينما «الاستيطان الفلسطيني ووضع اليد الفلسطينية على الحيز المفتوح»، على حد تعبيره، يتم ممارستهما في المنطقتين “أ” و”ب”، وهنا يجب على إسرائيل التدخل.

وحسب التقارير الإسرائيلية، فإن هذه هي المرة الأولى التي تَعقد فيها لجنةٌ مختصة في الكنيست جلسة تتعلق بالبناء الفلسطيني في منطقتي “أ” و “ب”، بهدف وضع خطة إستراتيجية لمواجهة الأمر”.

وحسب التقرير، فقد تمت صياغة اتفاق أوسلو بشكل فضفاض في ما يخص العديد من القضايا، بحيث أن البناء والتخطيط العمراني إحدى هذه القضايا التي قد تحمل أكثر من تأويل، على خلاف ما هو دارج في تفسيرات الاتفاق.

وينوّه “مدار” بأن المقصود بكلمة “فضفاض”، هو أن إسرائيل لا تعتبر أن نقل السلطات المدنية والأمنية إلى السلطة الفلسطينية في المنطقة “أ” (وتقدر مساحتها بنحو 17-18% من مساحة الضفة) يجب أن يعني أن القانون الدولي يمنعها من التدخل في مسائل التخطيط والبناء في هذه المنطقة. ففي الملحق رقم (1) من اتفاق أوسلو 2 الموقع العام 1995، والذي عرّفَ صلاحيات السلطة الفلسطينية في منطقتي “أ” و”ب”، وَرَدَ تحت الفقرة (1) البند (7) التالي: «ليس في هذه المادة ما ينتقص من صلاحيات إسرائيل ومسؤولياتها الأمنية وفقاً لهذه الاتفاقية».

حسب أقوال الوزير سموتريتش، في جلسة لجنة الخارجية والأمن بتاريخ 19 تموز، فإن “المباني التي سيتم هدمها ستكون تلك التي تتعارض مع الأمن القومي لإسرائيل”، بحيث أن تعريف إسرائيل لمفهوم الأمن، والأمن القومي، يتحدد وفق معاييرها الخاصة، والذي يحدد هذه المعايير اليوم هو التيار الاستيطاني بزعامة سموتريتش. ويوضح، على وجه الخصوص، أن إسرائيل تنظر إلى البناء الفلسطيني في المنطقة “أ” المحاذية لحدود ولاية المستوطنات، أو التي تشرف على تخوم توسّعها الطبيعي، كتهديد لأمنها المستقبلي.

برية بيت لحم
وفي الجلسة نفسها، تَرَكَّزَ جلّ الحديث على المنطقة التي تسميها إسرائيل “محمية الاتفاق”، وهي المنطقة “البرية” الممتدة بين بيت لحم وحدود الأردن. هذه المنطقة مصنفة حالياً كمنطقة “ب”، لكن لها وضعية مختلفة قانونياً، فهي تشكل نحو 3% من مساحة الضفة الغربية، وتصل إلى نحو 166 ألف دونم، وتم نقل الصلاحيات المدنية (لا الأمنية) عليها إلى السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق واي ريفر، في العام 1998. وتدعي إسرائيل أنه في اتفاق واي ريفر، تعهدت السلطة الفلسطينية بتخصيص نحو 3% من مساحة الضفة والتي ستقع ضمن مساحات المنطقة “ب” (والتي تشكل جميعها نحو 28% من مساحة الضفة) كمناطق خضراء أو محميات طبيعية.

لقد مرَّ الأمر ضمن اتفاق واي ريفر من دون أن يتنبه الطرفان إلى تبعات الأمر في المستقبل، حيث إن التوسع السكاني والعمراني الفلسطيني في هذه المنطقة، التي يجب أن تخصص كمحميات طبيعية وفق المعايير الإسرائيلية، سيشكل أزمة لا بد من الوصول إليها.

وما يهم في الأمر أن المفاوض الفلسطيني، في سياق اتفاق واي ريفر، أعلن أنه سيتصرف في هذه المنطقة (نحو 3% من مساحة الضفة الغربية) «وفقًا للمعايير العلمية المعمول بها دولياً، ولن يتم تطبيق أي تغييرات على وضع هذه الأراضي، وأنه لن يمس بحقوق السكان الذين يعيشون حاليًا في هذه الأراضي، بمن في ذلك البدو. وفي حين أن هذه المعايير لا تسمح بإنشاءات جديدة في هذه المناطق، إلا أنها تسمح بالاستمرار في صيانة الطرق والمباني القائمة عليها» (نهاية الاقتباس من نص اتفاق واي ريفر).

محاربة “الاستيطان” الفلسطيني
ويقول “مدار” إنه من أجل فهم السياق “القانوني” الذي نفذ منه سموتريتش، في أثناء إعداده لجلسة لجنة الكنيست التي تنظر في “اعتداءات” الفلسطينيين في المنطقة “ب”، فإن منظمات إسرائيلية يمينية، وسلطات الطبيعة الإسرائيلية، كانت قد راقبت، ومنذ العام 2006، نشاطات فلسطينية “مخالفة” لاتفاق واي ريفر في “برية بيت لحم”. فقد تم رصد طرقٍ ترابية جديدة قام الفلسطينيون بشقها بين الجبال، للقيام بعمليات تشييد مَحاجر، والتي، حسب زعم المراقب الإسرائيلي، أدت إلى الإضرار “بالمناظر الطبيعية والحيوانات”. كما أن البلديات الفلسطينية تقوم برمي النفايات بشكل عشوائي بالقرب من المحمية الطبيعية قبل أن يتم حرقها هناك من دون رقابة أو تنظيم.

ويخلص تقرير “مدار” للقول إن المؤسسة الرسمية في إسرائيل، سواء الحكومة أو الأجهزة الأمنية، قد حسمت موقفها من المنطقة “ج”، وباتت تعتبرها مناطق إسرائيلية يجب محاربة “الاستيطان الفلسطيني” عليها. ولكن يمكن القول إن الجديد الذي يحاول التيار الاستيطاني إدخاله هو التنصّل من اتفاقيات أوسلو، والعودة إلى التدخل في شؤون البناء والتخطيط داخل أراضي السلطة الفلسطينية.

وقد بدا تأثير التيار الاستيطاني في تقرير رسمي قدمته وزارة شؤون الاستخبارات، في العام 2021، والذي نَصَّ على أن «تصرفات الفلسطينيين تتجاهل عمدًا تعريفات المناطق “أ” و”ب” و”ج”. وبناء على ذلك، نوصي بأن يتم التخطيط لجميع الإجراءات الإسرائيلية التي ستشمل أيضًا مراقبة (والرد على) النشاط الفلسطيني في المنطقتين (أ) و (ب)، مع التركيز على تلك المتاخمة للمنطقة (ج) التي لديها احتمالية بأن يكون لها تأثير أمني مستقبلي على المنطقة ج».

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى