العالم تريند

“بيت العنكبوت”.. هل ينهار جراء الحرب الإسرائيلية الداخلية الباردة؟

عربي تريند_ نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، هذا الصباح، رسمَ كاريكاتير تبدو فيه حافلة تسقط للهاوية من قمة الجبل نحو وادٍ سحيق وهي محملة بالإسرائيليين. وسبقها عددٌ كبير من المراقبين والقادة السابقين من المستويين السياسي والأمني ممن يحذرون، منذ شهور، وحتى اليوم، من خطورة الصراع الدائر، بمصطلحات يوم القيامة، كالحديث عن “خراب الهيكل الثالث”، و”نهاية الحلم الصهيونية”، و”السقوط في الهاوية” وتحقق “الكارثة الكبرى”. فهل فعلاً سقطت إسرائيل في الهاوية بعد المصادقة، أمس، على مشروع قانون يلغي صلاحية المحاكم إلغاء قرارات الحكومة ورئيسها؟ ومتى وكيف يخرب “بيت العنكبوت”؟

على طاولة المحكمة العليا الإسرائيلية التماسات تطالب بشطب القانون الجديد، والذي ينذر بإطفاء النار الإسرائيلية بالبنزين.

في مسيرتها، منذ قامت عقب نكبة 1948 على أنقاض الشعب الفلسطيني، شهدت الدولة اليهودية أزمات خارجية وداخلية خطيرة ظهرت على السطح خلالها تحذيرات من “خراب الهيكل” وانهيار الدولة، منها حرب رمضان 1973، ثم حالة الانشقاق الكبير عقب توقيع اتفاق أوسلو، والذي انتهى باغتيال رئيس حكومتها إسحق رابين، عام 1995، إلى الاحتجاجات الواسعة بعد فك الارتباط عن غزة وتفكيك المستوطنات بالقوة، عام 2005. فهل الأزمة الحالية الداخلية أكثر خطورة على إسرائيل ومستقبلها، ولأيّ مدى تتطابق مع الواقع التحذيرات وتصريحات الرثاء حول انهيارها، واقترابها من حافة الهاوية أو السقوط فيها؟ إلى أين تتجه إسرائيل بعدما “وقع الفأس بالرأس”، وتغلب الائتلاف الحاكم على المعارضة في البرلمان والميدان؟ إلى أين تسير إسرائيل بعدما انتصر وزير قضاء متشدد (ياريف لافين من الليكود) على مئات الطيارين العسكريين، وتغلّبَ رئيس لجنة القضاء والقانون في الكنيست (سمحا روتمان من الصهيونية الدينية) على رؤساء الموساد والشابك والجنرالات المعارضين لـ “خطة الإصلاحات”، وبعدما هزم وزير الأمن القومي المدان بالإرهاب آلافاً من ضباط الاحتياط الذين أعلنوا وقف تطوعهم وخدمتهم العسكرية، وبعدما فاز نتنياهو على مئات آلاف المتظاهرين الذين خرجوا أمس مجدداً للشوارع وأشعلوها؟

باستيليا إسرائيلية

نجح الائتلاف الحاكم وفشلت المعارضة في هذه المنازلة حول مشروع قانون “حجة المعقولية”، وحول مكانة المحكمة العليا، وهي بمثابة منازلة هامة حول قلعة هامة في ساحة حرب، باستيليا إسرائيلية، لكنها مجرد جولة ستتلوها جولات وصراعات متتالية، والخسارة الحقيقية المؤكدة لحقت بإسرائيل، وأضرارها ربما لا تتجلى بوضوح لأنها كأثر الفراشة لا ترى، الآن.

فور المصادقة على القانون الخلافي، سارعَ رئيس حكومة الاحتلال، الخارج للتوّ من المستشفى، لمغادرة الكنيست فيما انشغل لافين وروتمان وبن غفير بالاحتفال بالعناق والتقاط صور السيلفي. وبعد ساعات، عاد وخاطبَ الإسرائيليين بشريط فيديو قال فيه إن الديمقراطية باقية ومتينة، وإن ما جرى استحقاقٌ ديمقراطي طبيعي، وإن الائتلاف الحاكم سيستغل العطلة البرلمانية من أجل التوجه للمعارضة سعياً نحو تسوية “على كل شيء وفوراً”، ملمحاً بذلك لإمكانية التوافق على بقية مشاريع القوانين، وعلى القانون الذي صودق عليه أمس أيضاً.

في المقابل؛ حمل قادة المعارضة على أقطاب الائتلاف الحاكم، وقال رئيسها يائير لبيد إن نتنياهو هو أسير ومغلوب على أمره، وإن رئيس الحكومة الفعلي هو وزير القضاء ياريف لافين، فيما قال شريكه رئيس الحزب الدولاني بيني غانتس إن نتنياهو غير جدير بالثقة، واصفاً قادة الائتلاف بمُسمّمي الآبار”. رغم حدة اللهجة لم يغلق لبيد وغانتس الباب بالكامل أمام فكرة العودة للحوار، التي أعلن عنها مجدداً نتنياهو. فهل تتحقق هذه؟ ومتى؟

العدو الخارجي سيلعب دور الطبيب المداوي، والأخطار الخارجية ستدفع الإسرائيليين مجدداً حول موقدة القبيلة.

حرب أهلية باردة

هذا في الإعلام، حيث تتواصل المعركة على وعي الإسرائيليين وسواهم بين المعسكرين الإسرائيليين المتصارعين، وعلى الأرض هناك أزمة ثقة عميقة بينهما، وحسابات مفتوحة، ورغبة بالانتقام والظفر بالسلطة، علاوة على الاختلافات والخلافات الجوهرية. ولذا من المرجح أن تستمر “حرب الاستنزاف” هذه داخل إسرائيل، وبلوغ التسوية يبدو رحلة جبلية صعبة سيتخللها المزيد من السجالات والتراشق والصراعات في الشوارع، وفي المحكمة العليا، التي طرحت على طاولتها اليوم التماسات تطالب بشطب القانون الجديد، والذي ينذر بإطفاء النار الإسرائيلية بالبنزين لأن إلغاء القانون من قبل هذه المحكمة يعني أزمة دستورية تقود بالضرورة للمزيد من الفوضي. والأضرار اللاحقة بإسرائيل حاصلة الآن، حتى لو تحققت التسوية فلن تبرأ إسرائيل منها، وتحتاج عندئذ لسنوات طويلة لترميم ما تهتك وتعطل. إسرائيل لن تفقد قوتها العسكرية في الشهر القادم، بحال نشبت حرب خاصة “دفاعية” لا “هجومية”، رغم حالة العصيان المتسعة في الاحتياط، لأن الجيش لم يفقد أهليته للقتال بعد، خاصة أن الإسرائيليين عبارة عن مجتمع عساكر، وفي العموم إسرائيل إسبارطة حديثة، ولأن العدو الخارجي سيلعب دور الطبيب المداوي، والأخطار الخارجية ستدفع الإسرائيليين مجدداً حول موقدة القبيلة.

كما أن الخسائر الاقتصادية المقدرة بالمليارات لن تزعزع اقتصاد إسرائيل وتصيبه بشلل خطير بسبب متانته.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى