المغرب العربي

الرئيس الجزائري يزور الصين السبت المقبل: استدارة سياسية واندفاع اقتصادي متزايد نحو الشرق

عربي تريند_ بدأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون السبت المقبل زيارة دولة للعاصمة الصينية بكين، تدوم عدة أيام، يبحث فيها مع نظيره الصيني شي جين بينغ وكبار المسؤولين، حزمة ملفات ثنائية تخص العلاقات السياسية وتحديث اتفاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين، ومسألة انضمام الجزائر كدولة ملاحظة في مجموعة بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)، إضافة إلى قضايا دولية وإقليمية.

وتجري آخر الترتيبات لزيارة تبون إلى الصين، بحسب ما أكدته مصادر رسمية وموثوقة لـ”العربي الجديد”، في 15 يوليو/ تموز الجاري، وهي الزيارة الأولى يقوم بها رئيس جزائري لبكين منذ عام 2008.

 ويرافق تبون وفد وزاري هام، على رأسه وزير الخارجية أحمد عطاف، وعدد من مسؤولي الشركات والمؤسسات الاقتصادية الحكومية، ووفد من رجال الأعمال وكبرى شركات القطاع الخاص العاملة في مختلف المجالات الإنتاجية، بهدف إدماج القطاع الخاص في مشاريع شراكة.

إطار أوسع للتعاون

وتستهدف الزيارة تحديث اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة بين الجزائر وبكين سنة 2014، ووضع إطار أوسع للتعاون والشراكة بين البلدين، وخلق مجلس أعمال مشترك جزائري صيني، يضم رجال الأعمال والمستثمرين من البلدين، يتيح استغلال جملة من الفرص والامتيازات التي يوفرها قانون الاستثمار الجديد في الجزائر.

وترغب الجزائر في مزيد من انخراط الشركات الصينية في الأنشطة الاقتصادية للبلاد، واستقطاب التكنولوجيات في قطاع الطاقة واستغلال المناجم والصناعات التحويلية، والبنى التحتية والأشغال العمومية، إضافة إلى تعزيز التعاون في مجال الفضاء وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وقطاع الأسلحة وتطوير منظومات الدفاع والجيش، واستقطاب جزء من السياح الصينيين إلى سوق السياحة في الجزائر، والتعاون في المجال الثقافي والإعلامي.

وستُبحَث خلال الزيارة، وفقاً للتفاهمات التي جرت خلال المسار التحضيري، آليات تسريع تنفيذ عدد من مشاريع البنية التحتية الحيوية، ولا سيما إنجاز ميناء الجزائر في منطقة الحمدانية بشرشال (120 كيلومتراً غربيّ العاصمة الجزائرية)، واستغلال منجم الحديد في غار جبيلات في ولاية تندوف جنوب غربيّ الجزائر (ظفرت به ثلاث شركات صينية لاستخراج خام الحديد بأكثر من ملياري دولار).

 كذلك ستُبحَث آليات تسريع مشروع استغلال وتحويل الفوسفات في منطقة بلاد الهدبة بتبسة قرب الحدود بين الجزائر وتونس، (استثمار صيني بقيمة سبعة مليارات دولار في قطاع الفوسفات لإنتاج 5.4 ملايين طن من الأسمدة بمختلف أنواعها سنوياً)، ومشروع الأسمدة الفوسفاتية في واد الكبريت بسوق اهراس الحدودية مع تونس، وتطوير منجم الزنك والرصاص بواد أميزور ببجاية شرقيّ البلاد، وغيرها من المشاريع الحيوية بالنسبة إلى الجزائر.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقّعت الجزائر والصين على الخطة الخماسية الثانية للشراكة الاستراتيجية 2022-2026، فيما كانت الجزائر قد انضمت إلى الخطة التنفيذية للبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق منذ عام 2018، وكذلك خطة التعاون في المجالات الرئيسية التي تمتد حتى عام 2024.

زيارة مهمة اقتصادياً

وتبدو الزيارة مهمة على مستوى التوقيت الاقتصادي بالنسبة إلى الجزائر، وتأتي الصين منذ عام 2019 على لائحة أول شريك تجاري ممول للجزائر، بحجم يقدر بتسعة مليارات دولار.

 كذلك تبدي الجزائر رغبة واضحة في الاستفادة من الخبرة والشركات الصينية في بعض القطاعات، وخصوصاً المناجم، وهذا قطاع حيوي تضعه الجزائر على رأس أولوياتها لتحرير اقتصادها الوطني من المحروقات وتنويع مصادر الدخل القومي، وهو ما يفسر فوز الشركات الصينية بعدد من مشاريع استغلال مناجم الحديد والفوسفات وغيرها في الفترة الأخيرة.

وقال الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة البليدة (قرب العاصمة الجزائرية) حمد شيريفي لـ”العربي الجديد”، إن زيارة تبون لبكين تأخذ أهميتها على الصعيد الاقتصادي بشكل خاص من خلال “تنويع الاقتصاد الجزائري وتسريع وتيرة نموه واستغلال الموارد المتوافرة عبر الاستفادة من القدرات المتنوعة للاقتصاد الصيني، باعتباره ثاني اقتصاد عالمي يتميز بالتنوع الكبير والنمو السريع”.

وأضاف شيريفي أن الزيارة مهمة أيضاً لـ”ضمان استمرار تدفق المشاريع الاستثمارية الصينية المتنوعة والهامة حجماً وقيمة إلى الجزائر، وما يترتب عليها من امتلاك أصول طويلة الأجل تحتم استدامة الشراكة والتعاون بين البلدين والانتقال بها إلى مستويات استراتيجية تحقق لها الأمن والأمان”.

وتسبق زيارة الرئيس تبون لبكين بأيام، مشاركة عدد من قادة الأحزاب السياسية الرئيسة في الجزائر، في المؤتمر العام للحزب الشيوعي الصيني الحاكم، كضيوف شرف، ما يكرّس عمقاً سياسياً وشعبياً في العلاقات الجزائرية الصينية، يتجاوز الجانب الرسمي، خصوصاً أنه يُحتَفَل هذا العام بالذكرى الـ62 لإقامة العلاقات الجزائرية الصينية التي تتميز برصيد تاريخي كبير، من خلال دعم الصين للجزائر في مرحلة النضال ضد الاستعمار، وفي مرحلة بناء الدولة الوطنية.

وتأتي زيارة الرئيس تبون لبكين، بعد أقل من شهر من زيارته الأخيرة منتصف الشهر الماضي لموسكو، وتسعى الجزائر لتعزيز علاقاتها بالدول الرئيسة في مجموعة بريكس.

وتمثل الزيارة فرصة للحصول على مزيد من الدعم الصيني لمسعى انضمام الجزائر إلى مجموعة البريكس، كملاحظ في المرحلة الأولى، وعضو كامل في المرحلة الثانية، خصوصاً عشية قمة مجموعة بريكس التي تعقد في بداية شهر أغسطس/ آب المقبل، إضافة إلى مسعى استفادة الجزائر من بنك بريكس للتنمية، الموجه لدعم مشاريع البنية التحتية في الدول النامية. 

استدارة نحو الشرق

وتعزز زيارة تبون لبكين استدارة سياسية واقتصادية لافتة للجزائر، نحو دول الشرق، بعد زيارات سابقة لدول الخليج وتركيا وموسكو.

وقال أستاذ العلوم السياسية والدراسات الأمنية في جامعة عنابة شرقيّ الجزائر، خالد خليف لـ”العربي الجديد”، إن “الزيارة يمكن اعتبارها فرصة المرحلة، لأنها تأتي في سياق دولي غير مستقر، بحيث إن كل دول العالم تبحث فيه عن الأريحية السياسية والاقتصادية”.

وأضاف خليف أن الزيارة “تعزز الرغبة في مزيد من تطوير وتعزيز العلاقات ذات البعد التاريخي والسياسي، الذي يظهر جلياً في الاعتراف الصيني المبكر باستقلال الجزائر، وتحيين التعاون والتشاور الصيني الجزائري في شقه السياسي الذي لم ينقطع طوال عقود في كل السياقات الدولية”.

وأوضح أن “أحد أهداف الزيارة رغبة الجزائر كدولة مهمة ومحورية في أفريقيا وفي المنطقة، في البحث عن تحريك رصيدها الدبلوماسي والسياسي، وتمتين الروابط السياسية مع بلد موثوق له ثقله في المجموعة الدولية، وله ثقل سياسي واقتصادي وديمغرافي، والتنسيق والتشاور بخصوص العمل تحت غطاء مجلس الأمن في القضايا التي تهم الجزائر، وفلسطين والصحراء”.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى