العرب تريند

عيد الفطر يخلو من الفرح في الشمال السوري

عربي تريند_ غابت مظاهر الفرح عن عيد الفطر في معظم أنحاء سورية، وخصوصاً في شمالها الغربي والشرقي، وإن كان بعض الناس لا يزالون متمسكين ببعض عادات وطقوس العيد بالحد الأدنى. ففي شمال غرب سورية التي يشكل النازحون والمهجرون أكثر من نصف سكانها، يأتي العيد ليذكرهم بما يعانونه.

حسين الجرك نازح يقيم في مخيمات شمال غربي سورية، يفتقد أجواء العيد في قريته التي خرج منها مهجراً قبل سنوات، وخصوصاً الزيارات التي كانت تجمع الأقرباء.

يعيش الرجل الستيني، وهو من قرية الدير الشرقي بريف معرة النعمان، في مخيم أرض السوس غرب إدلب، وهو أب لخمسة أولاد يعيش أربعة منهم في مخيمات متفرقة في محافظة إدلب، وابنة تعيش في لبنان لم يرها منذ اثني عشر عاماً. يقول في حديث لـ”العربي الجديد”: “لم أستطع التأقلم مع العيد في حياة الخيام كما كنت في قريتي قبل التهجير، ولم أشعر بهناء العيد. جمعة الأهل والأقارب أصبحت صعبة للغاية، بالإضافة إلى مصاعب الحياة في الخيام، وضيق الحال الذي يحول بيننا وبين السعادة”.

ومثل حسين، يعيش أكثر من مليون ونصف المليون نازح ومهجر من مدنهم وبلداتهم في مخيمات الشتات شمال غربي سورية، إلا أن معظمهم لم يستطع التأقلم مع أجواء العيد الجديدة داخل الخيام. ويقول النازح عمر الجرك لـ”العربي الجديد”: “في العيد، فقدنا أجواء الألفة والمحبة التي كنا نعيشها في قريتنا في ظل التشرد وبعد المسافات بين أفراد العائلة الواحدة. وبات معظم التواصل عبر شاشات الهواتف التي لا يمكنها أن تصف المشاعر على حقيقتها، لكنني مجبر على التأقلم مع حياة الخيام وتأمين أبسط حاجات العيد للأطفال، وخصوصاً أن بعضهم ولد في المخيمات ولا يعرف المعنى الحقيقي للعيد. تجب مواجهة الواقع قدر الإمكان”.

أما في شمال شرق سورية، فتكاد تخلو شوارع مدينة القامشلي من المارة، ولا تشهد الحدائق ومراكز ألعاب الأطفال الازدحام المعتاد. ويعزو عادل محمد (34 عاماً)، وهو أب لطفلين من مدينة القامشلي، في حديثه لـ”العربي الجديد”، الأمر إلى سوء الأحوال المعيشية وغلاء الأسعار. ويقول: “ربما انتهت العمليات العسكرية بين مختلف الأطراف من قوات سوريا الديمقراطية والنظام وتنظيم داعش، إلا أن وطأة الحرب وآثارها الاقتصادية مستمرة وتتفاقم مع مرور الوقت، وتسيطر الفوضى على المشهد العام، ولم يعد المواطن قادراً على تأمين الحد الأدنى للمعيشة اليومية”.

كليجة العيد (العربي الجديد)
قضايا وناس
“كليجة العيد”… فرحة لأطفال الرقة السورية
يتابع محمد: “أعيش وزوجتي وطفلان في منزل بالإيجار. أعمل وزوجتي في مديرية التربية، وبالكاد يكفينا الراتب لتأمين أسطوانة الغاز والخبز ودفع فواتير الماء والكهرباء”. ويوضح: “أعمل بعد الدوام محاسباً لدى شركة شحن. سابقاً، كنا نعيش بشكل جيد وكنا نتمكن من توفير بعض المال. كان متوسط رواتبنا يصل إلى ما يعادل 500 دولار. أما الآن، فلا يتجاوز 40 دولاراً”.

يضيف: “لم أستطع تأمين ثياب العيد وحرصنا على شرائها للأطفال فقط، كما اشتريت مستلزمات العيد والضيافة من طعام وحلويات. لذلك، أعلم بحال الناس والأهل والأصدقاء كما يعلمون بحالنا، واقتصرت معايداتنا على رسائل تهنئة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو اللقاء خلال صلاة العيد، وزيارة القبور صباحاً كما جرت العادة”.

بدورها، تقول هيفاء خليل (50 عاماً) من القامشلي لـ”العربي الجديد”: “في كل عيد، كنت أحرص على زيارة منزل والدي بصحبة زوجي وأطفالي الأربعة. لكن هذا العيد، اعتذرت عن زيارتهم منعاً للإحراج. والدي موظف متقاعد وظروفه الاقتصادية صعبة. وعلى الرغم من مساعدة أشقائي الذين هاجروا إلى أوروبا من حين إلى آخر، إلا أن تكاليف العلاج والأدوية التي يتناولها هو ووالدتي بشكل دائم من حبوب الضغط وغيرها تثقل كاهلهم”.

تضيف خليل: “سابقاً، كان منزلنا أنا وزوجي ومنزل عائلتي يكتظ بالزوار. والجميع كان حريصاً على تبادل الزيارات وتقديم الهدايا وإقامة الولائم”. وتستدرك متحسرة على ما مضى: “اليوم لا نستطيع القيام حتى بالواجبات الرئيسية أو تقديم المساعدة لأحد محتاج من المعارف أو الأهل أو الأصدقاء إذا ما مر بظروف صعبة، مثل المرض أو غيره أو حتى في المناسبات السعيدة من أعياد أو أعراس”. تتابع: “أصبح شعارنا اللهم نفسي. وهذا ما من شأنه فك الروابط الأسرية والمجتمعية التي امتازت بها مناطقنا”.

قضايا وناس
أحلام حلويات وملابس في عيد سورية
من جهته، يقول بدران محمد (65 عاماً)، وهو مستثمر صالة ألعاب في إحدى حدائق القامشلي، لـ”العربي الجديد”: “كنا نشهد أيام الأعياد إقبالاً شديداً من الأطفال وعائلاتهم على صالات الألعاب على الرغم من بساطتها وقلتها، إذ ليس لدينا سوى بعض المراجيح وسفينة وبرج للتزحلق. أما هذا العيد، فلا يوجد إقبال كبير على الرغم من خلو المدينة من صالات السينما والمسارح أو الفرق الترفيهية والسيرك التي كانت موجودة سابقاً، وكانت محط فرح وسعادة للكبار والصغار. على الرغم من ذلك، يتوافد القليل من الأطفال إلى الحديقة للعب علماً أن الأسعار ليست مرتفعة. إلا أن الظروف المعيشية تفرض شروطها وهذا أمر محزن ومؤسف”.

ويطالب محمد السلطات القائمة بتوفير حدائق ومساحات صديقة للأطفال ومدها بمختلف الألعاب ووسائل التسلية واللعب والخدمات العامة.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى