العالم تريند

“واشنطن بوست” تستعرض تفاصيل عن مسرّب وثائق البنتاغون 

عربي تريند_ كشفت صحيفة “واشنطن بوست” أن مسرّب وثائق البنتاغون إلى منصة ديسكورد لألعاب الفيديو عملَ في قاعدة أمريكية. وقال تقرير، أعدّه شون هاريس وصمويل أوكفورد، إن الرجل الذي يقف وراء تسريب أسرار الحكومة الأمريكية وكشف عن تجسسها على الحلفاء، وعن منظور الحرب القاتم في أوكرانيا، وأثار أزمة دبلوماسية للبيت الأبيض، هو شاب جذاب يحب السلاح، قدّمَ المعلومات السرية لمجموعة معارف بعيدين كانوا يبحثون عن رفقة في عزلة الوباء، وجَمَعَهم حب السلاح والزي العسكري والدين، ومعظمهم من الرجال والشباب، حيث قاموا بإنشاء نادٍ خاص لا يدخله أحد إلا بدعوة، عام 2020، واختاروا ديسكورد، منصة التواصل الاجتماعي التي تحظى بشعبية بين محبي ألعاب الفيديو.

كانت المنصة ملجأ للمراهقين والرجال الذين اضطروا للبقاء في بيوتهم أثناء عزلة الوباء وانقطعوا عن أصدقائهم في العالم الخارجي، إلا أن أو جي قدم لهم محاضرات حول شؤون الساعة وأحداث العالم وعمليات الحكومة السرية.

ولكنهم لم ينتبهوا، العام الماضي، عندما قام رجل، يطلق عليه البعض “أو جي”، بوضع رسالة حافلة بالمختصرات والرطانة. ولم تكن الكلمات مألوفة، ولهذا لم يكلف الكثيرون أنفسهم بقراءة ما ورد فيها، حسب تصريحات واحد من أعضاء النادي، لكنه احترم أو جي، العضو الأكبر في عائلتهم الصغيرة، والذي زعمَ أن لديه أسراراً حكومية أخفتْها الحكومة عن الناس العاديين.

وقال العضو الشاب إنه قرأ رسالة أوجي، والمئات الأخرى التي تلت، وعلى قاعدة منتظمة خلال أشهر. وكانت نصوصاً شبه حرفية لوثائق استخباراتية سرية، والتي قال أو جي إنه أحضرَها إلى بيته من عمله في “قاعدة عسكرية”، لم يسمّها العضو.

وزعم أو جي أنه قضى جزءاً من وقته في منشأة لا يسمح فيها باستخدام الهواتف النقالة، ولا أي جهاز إلكتروني يمكن استخدامه لتوثيق المعلومات السرية المحفوظة في شبكة الكمبيوتر الحكومية، أو في التخزين المؤقت بالطابعات.

وقال عضو النادي الخاص إن أو جي قام بوضع تعليقات يدوية على بعض الوثائق المطبوعة، وترجمة لغتها الغريبة لمن ليس مطلعاً على لغة الاستخبارات، مثل “NOFORN”، أي معلومات حساسة ويجب عدم مشاركتها مع مواطنين أجانب. وأخبرَهم أو جي أنه قضى ساعات طويلة وهو ينسخ الوثائق السرية ومشاركتها مع رفاقه في منصة ديسكورد والخادم الإلكتروني الذي يتحكم به.

وكانت المنصة بمثابة ملجأ للمراهقين والرجال الذين اضطروا للبقاء في بيوتهم أثناء عزلة الوباء وانقطعوا عن أصدقائهم في العالم الخارجي. وتبادلَ الأعضاء إيماءات ونكاتاً غير محتشمة وثرثرات كسولة. وتابعوا أفلاماً معاً وتمازحوا وصلوا معاً. إلا أن أو جي قدم لهم محاضرات حول شؤون الساعة وأحداث العالم وعمليات الحكومة السرية، التي تريد أن “تحتفظ بها بعيداً عنا”، حسب قول العضو. واعتقد أن هذه المعلومات من الداخل ستقدم للآخرين حماية من العالم الخطير حولهم.

وقال العضو: “هو شخص ذكي ويعرف ما يفعل عندما نشر هذه الوثائق، بالطبع، لم تكن تسريبات بالصدفة أو نوعاً من هذا”. وتقول الصحيفة إن الوثائق التي نسخها أو جي تحتوي على معلومات، وتتطرق لموضوعات لا يسمح إلا لشخص درب لأشهر بالاطلاع عليها. وكانت تحتوي على معلومات حول تحرك قادة كبار وتكتيكات حربية وتحديث لوضع القوات العسكرية. إلى جانب تحليلات جيوسياسية ورؤية للحكومات الأجنبية وجهودها للتدخل بالانتخابات.

وكانت هذه الوثائق مجرد جرعة لما كان أو جي يخطط لتقديمه من وثائق لأعضاء النادي. وعندما وجدَ أن كتابة الوثائق باليد متعبة بدأ بنشر صور عن الوثائق الأصلية، مثل تلك التي انتشرت في الأسبوع الماضي، بطريقة عرقلت السياسة الخارجية الأمريكية وأغضبت حلفاء أمريكا.

وتقول الصحيفة إن عضو النادي في ديسكورد كان عمره 18 عاماً عندما التقى مع أو جي. وحصلت الصحيفة على موافقة والدته للحديث معه وتسجيل تعليقاته، شرط عدم الكشف عن هويته، وطلب التستّر على صوته. وتم التحقق من روايته بالحديث مع عضو آخر، وقال العضوان إنهما يعرفان اسم أو جي الحقيقي، والولاية التي يعيش فيها، وأين يعمل. في وقت يقوم فيه مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) بالبحث عن مصدر التسريب. ولا يزال التحقيق في بدايته، وقام البنتاغون بتشكيل لجنته الخاصة برئاسة مسؤول بارز.

تقول الصحيفة إن الوثائق كانت تحتوي على معلومات حول تحرك قادة كبار وتكتيكات حربية وتحديث لوضع القوات العسكرية.

 وقامت “واشنطن بوست” بمراجعة حوالي 300 صورة من الوثائق السرية، معظمها لم ينشر، وبعض الرسائل النصية التي كتبها أو جي والتسجيلات الصوتية لرجل قال عضوا النادي إنه صوت أو جي الذي كان يتواصل معهما عبر خادم ديسكورد.

وأعجب الأعضاء الشباب بما رأوه من “تنبوءات” لأو جي بشأن أحداث قبل أن تتحول إلى عناوين الأخبار الرئيسية، وهي أمور “لا يعرفها إلا شخص لديه تصريح عال”.

وقال العضو الشاب إنه انجذب لأو جي، الذي كان في منتصف العشرينات، نظراً لاهتماماته فهو “ذو بنية رياضية وقوي ومسلح. وهو مدرب، وكل ما تتوقع أن تشاهده في فيلم مجنون”.

وفي فيديو، اطلعت عليه الصحف، ظهر رجل، يقول العضو إنه أو جي، وهو يطلق النار في ميدان رماية، ويرتدي نظارات حماية وغطاء للأذن ويحمل بندقية كبيرة. وأطلقَ عدداً من الصرخات العنصرية والمعادية للسامية، ثم أطلقَ عدداً من الرصاصات نحو الهدف. ويبدو أن العضو انجذب نحو فتوة أو جي ومهاراته في استخدام السلاح. وشعر بعلاقة خاصة مع الرجل، الذي وصفه بأنه “مثل العم”، وفي مناسبة أخرى مثل الأب. وقال العضو: “كنت واحداً من قلّة على المنصة كانوا قادرين على التصديق بأنها حقيقية”، أي الوثائق. حيث حاول التفريق بينه وبين البقية التي تجاهلتها: “شعرت أنني على قمة أيفريست”، و”شعرت أنني فوق أي شخص، لدرجة أنني علمتُ أموراً لا يعرفونها”.

والتقى العضو مع أو جي، قبل أربعة أعوام، على قناة “أوكسايد” على يوتيوب، المتخصصة بالسلاح والزي العسكري والمعدات القتالية. وقال إن عدداً من الأعضاء شعروا بأن القناة مزدحمة، وأردوا موقعاً هادئاً لمناقشة التكتيكات القتالية، ولهذا انشقوا وأنشأوا جماعتهم الخاصة. وتبعهم أشخاص بنفس التفكير، وانضموا إلى خادم ديسكورد الخاص، وأصبح اسمه “ثاغ شيكر سنترال”، حيث أصبح أو جي المدير له. وقال العضو: “أصبحنا قريبين من بعضنا مثل العائلة المتماسكة”، و”اعتمدنا على بعضنا البعض”. وقال إن أعضاء في المجموعة طلبوا مساعدة أو جي في أثناء نوبات من الكآبة، وقدم لهم النصح. وأصبح أو جي الزعيم الذي لا ينازَع، ووصفه العضو بـ “المتشدد”، وفرضَ نظاماً توقع من الآخرين قراءة الوثائق السرية التي أشركهم بها بتمعن، وكان يغضب عندما كان يخف اهتمامهم.

وفي العام الماضي كتب أو جي، المنزعج، رسالة قال فيها إنه يقضي الساعات يومياً في كتابة الوثائق وشرحها وتقديم معلومات غير متوفرة للمواطنين العاديين. وأصبح غاضباً، وهدّدَ بالتوقف عن المشاركة مع الأعضاء إنْ لم يُظهروا اهتماماً، كما قال العضو. وعند هذه النقطة غيّر أسلوبه، وبدأ بتحميل الوثائق الأصلية بدلاً من كتابتها، وكانت مثيرة للانتباه، فهي تحتوي على صور وسلايدات تصوّر مسار الحرب في أوكرانيا، أو التطورات النووية في كوريا الشمالية، أو صور واضحة للمنطاد الصيني الذي أسقطته الولايات المتحدة في شباط/ فبراير.

وأعجب الأعضاء الشباب بما رأوه من “تنبوءات” لأو جي بشأن أحداث قبل أن تتحول إلى عناوين الأخبار الرئيسية.

وكان أو جي يشرك أعضاء المجموعة بالوثائق أسبوعياً، ولكن جعلته عرضة للخطر، حيث أظهرت حواراته معهم عبر الفيديو مواد وأثاثاً من الغرفة التي كانت يتحدث منها، وهي أمور ستكون مفيدة للمحققين. وأثار أو جي توقعات المجموعة بقدرته على الوصول إلى وثائق سرية أهم، سواء للتباهي أو تعليم الأعضاء.

وخلف نقل وتحميل الوثائق السرية التي شاهدها الملايين عدد من الخروق الأمنية، تماماً مثلما حدث عند تسريب ريلتي واينر وثائق من وكالة الأمن القومي لموقع انترسيبت عام 2017. فوثائق أو جي مطبوعة على ما يبدو على ورق عادي ومجعدة بسبب طيها لأربع طيات. ويبدو في الصور التي أخذها لوثائق أنها أخذت من على سرير، وظهر غراء غوريلا ودبابيس ومواد أخرى على هامش الصورة، وهذه مهمة للمحققين الباحثين عن علامات.

وأكد العضو أن أو جي ليس معادياً للحكومة الأمريكية، وليس عميلاً لا لروسيا أو أوكرانيا، لكنه غاضب على عدم إطلاع المواطنين على الحقيقة. كما يبدو أن لديه موقفاً سيئاً من الحكومة، وبخاصة الشرطة والمخابرات، وأنهما تحاولان قمع المواطنين، كما صرح بشأن يد الحكومة الطويلة. وزعم أن الحكومة كانت تعرف مقدماً بهجوم بسوق بافلو في أيار/ مايو، وقتل فيه عنصريٌّ أبيض 10 من السود. وزعم أو جي أن قوات حفظ النظام الفدرالية غضت الطرف عن الهجوم حتى تطلب ميزانيات جديدة.

عضو في المجموعة: “أو جي ليس معادياً للحكومة الأمريكية، وليس عميلاً لا لروسيا أو أوكرانيا، لكنه غاضب على عدم إطلاع المواطنين على الحقيقة”.

لكن خادم ديسكورد لديه جانب مظلم من ناحية فتحه المجال للأعضاء التلفظ بما يريدون من ألفاظ عنصرية، واسم الخادم يشي بأن الباب مفتوح لقول ما تريد مهما كان خادشاً للحياء أو مؤذياً.

وكان الأعضاء، مع ذلك، ممنوعين من الحديث عن الأسرار التي أشركهم بها أو جي، إلا أن المجموعة كان فيها أعضاء روس وأوكرانيون ومن أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية.

وظل أو جي طوال الشتاء ينشر الوثائق على خادم المجموعة، ثم قام شاب من المجموعة في 28 شباط/ فبراير بنشرها على خادم لديسكورد تابع ليوتيوب اسمه “واو ماو”، وظهرت 10 منها في 4 آذار/مارس على “ماين كرافت إيرث ماب”، الذي يركز على الألعاب الشعبية. ورغم احتقاره للحكومة الفدرالية لم يكن أو جي يتصرف كمخبر يريد الكشف عن أسرار الدولة، بل في الصالح العام وخدمة لأعضاء مجموعته، كما يقول العضو. وكان على اتصال مع أو جي، في الأيام الماضية، حيث أغلق الخادم الخاص، ونَقَلَه إلى موقع آخر للتواصل مع عائلته، و”يبدو مرتبكاً وضائعاً ولا يعرف ماذا يفعل”، و”هو واع بما حدث والتداعيات التي ستكون. لكنه لا يعرف كيف يحل الموضوع، وهو حزين لهذا”. وفي آخر رسالة لهم طلب منهم حذف أي معلومة، رسالة أو وثيقة تشير إليه.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى