العرب تريند

من المعني أكثر بتسخين الجبهة الشمالية؟ إسرائيل أم إيران؟

عربي تريند- من المعني أكثر بتسخين الجبهة الشمالية؟ إسرائيل أم إيران؟ ولماذا؟ هل ترى إيران أن الانقسامات الداخلية غير المسبوقة في صفوف الإسرائيليين دليل ضعف، وفرصة لتصفية حسابات؟ أم أن إسرائيل أيضاً تسعى لتصدير أزمتها للخارج بإشعال نار خارجية تبقيها تحت السيطرة؟

“هآرتس”: إسرائيل تعمل على استعادة قوة الردع أمام إيران، وتركّز على الساحة السورية  لأن إرسال الطائرة المسيّرة للجليل يعتبر خطوة جريئة من طرفها.

تتفاوت التفسيرات لتصعيد الضربات الإسرائيلية المتتالية في الأراضي السورية، في الأيام الأخيرة، لكن المؤكد أن الجبهة الشمالية تشهد توتراً متزايداً، ورغم ذلك؛ لم يبادر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لعقد اجتماع المجلس الوزاري الأمني- السياسي المصغّر، بخلاف التقاليد المتبعة في مثل هذه الحالة. ويبدو أن نتنياهو، بتحاشيه عقد “الكابينيت”، يرغب بتحاشي صب الماء على طاحونة المراقبين المحليين، الذين يؤكدون ويحذرون من أن استمرار النزيف الداخلي يشجع أعداء إسرائيل على التجرؤ ضدها أكثر مما كان حتى الآن. كذلك يبدو أن نتنياهو تحاشى فعل ذلك بسبب الأزمة الثنائية بينه وبين وزير الأمن في حكومته يوآف غالانت، الذي خرج عن طوعه، ليلة الثلاثاء الماضي، وأعلن عن ضرورة وقف التشريعات القضائية، ووقف الاحتجاجات، ووقف حالة العصيان داخل المؤسسة الأمنية، نظراً لتحديات خطيرة تواجهها إسرائيل. ويعتبر مراقبون إسرائيليون أن تصريحات غالانت، حول وجود تهديدات أمنية خطيرة، ترتبط برغبة إيران بالقيام بسلسلة عمليات من خلال الأراضي السورية واللبنانية، فيما قال بعضهم إنها تتطلع لإسقاط طائرة إسرائيلية في نطاق حسابها المفتوح، وضمن محاولاتها الثأر لضربات إسرائيلية على أراضيها وعلى الأراضي السورية.

معلق ومطلّق

وكان نتنياهو قد تراجعَ عن إقالة غالانت في هذه الفترة، برسالة قصيرة تم تعميمها، جاء فيها أنه “نظراً لتطورات الوضع الأمني، سينظر نتنياهو في أمر إقالة وزير الأمن فيما بعد”، دون تحديد موعد لذلك. ولم تحدد “المصادر المقربة من نتنياهو” طبيعة هذه “التطورات الأمنية”، فيما لم يصدر تعليق رسمي عن نتنياهو، ولا غالانت حول الموضوع. ويتساءل عدد كبير من المراقبين الإسرائيليين أي تطورات أمنية حدثت في الأيام الأخيرة ولم تكن موجودة من قبل؟

وبعد تشكيكهم بمزاعم نتنياهو، يتوافق هؤلاء المراقبون على أن نتنياهو خجل من التراجع عن إقالته غالانت بوضوح، ورغبَ بهذا النص الحفاظ على ماء وجهه، خاصة أن غالانت، الذي يحظى بشعبية واسعة في الشارع الإسرائيلي، رفضَ شروط نتنياهو بالاعتذار عن موقفه، وعن عقده مؤتمراً صحافياً دعا فيه لوقف التشريعات بخلاف موقف نتنياهو. ولذلك بادر نتنياهو للإعلان عن تعليق الإقالة، وعن رغبته بالعودة للموضوع لاحقاً مما يعني أنه ترك غالانت “لا معلق ولا مطلق”، كما يقول المثل الشعبي، وهذا رغم التطورات الأمنية التي يشير لها، وهذا فتح عليه الباب أمام انتقادات واسعة بأن حساباته الشخصية تمس بالأمن، فيقيل وزير أمن في عزّ أوضاع متوترة في عدة جبهات، ثم يعود بعد أسبوع ليبقيه بوضع مربك، في ما يشبه “البطة العرجاء”، وربما هي محاولة لعدم الاعتراف بخطئه، ولعدم تراجعه عن قرار سابق، بدوافع الحفاظ على صورته ومكانته وهيبته، لكن هذه خرجت متضررة نتيجة تصرفه الأحمق، كما وصفتْه أوساط إسرائيلية واسعة. وهناك من يعتبر أن إبقاء نتنياهو لغالانت “معلقاً” يعني إبقاءه تهت التهديد، ورسالة لبقية الوزراء داخل ائتلافه بأنه لم يضعف، وأنه مستعد للقيام بخطوات تأديبية ضد كل من يتمرد عليه.

وعن وقوع عمليات وحوادث أمنية في عدة جبهات، في الأيام الأخيرة، وآخرها عملية طعن جنديين قريباً من معسكر صرفند، قال الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند للإذاعة العبرية، اليوم، إنه لا يعتقد أن هناك جهة واحدة تنظم كل هذه الهجمات وتنسقها، لكنه واثق من أن حالة التلعثم والارتباك في إسرائيل تشجع أعداءها على التجرؤ عليها، خاصة أن وزير أمنها موجود في حالة غريبة، فهو يبدو كأنه وزير أمن بشروط. محذراً من تبعات إستراتيجية خطيرة على إسرائيل نتيجة استمرار الانقسامات، منها خيار مهاجمة إيران بشكل مباشر من خلال سوريا أو لبنان، أو مهاجمة سفن إسرائيلية في البحر الأحمر، مشدداً على ضرورة ترتيب الأوراق مع الولايات المتحدة وتعزيز العلاقات الثنائية معها.

من غير المستبعد أن يسعى نتنياهو المحاصر بمأزق داخلي كبير لتسخين الجبهة الشمالية، على الأقل بشكل محدود، بغية تصريف الأزمة.

أربع هجمات في ستة أيام

للمرة الرابعة في غضون أسبوع هاجمت إسرائيل أهدافاً إيرانية وسورية في سوريا، آخرها ليلة أمس، وسط تساؤلات إن كانت مجرد عملية انتقام من إيران على “عملية مجدو”، قبل أسبوعين، ودفع طائرة مسيّرة للجليل، قبل يومين، أو أنها محاولة توضيح بأن الانقسامات الداخلية لم تمس بقدراتها، وأنها لن تسمح لإيران بتكثيف محاولاتها تهريب السلاح في ظل المأزق الإسرائيلي الداخلي، أم هي كل ذلك، أم أنها أيضاً محاولات تحرّش لإشعال جبهة داخلية بهدف إطفاء النيران في الجبهة الداخلية؟

من جهتها، ترى صحيفة “هآرتس” أن إسرائيل تعمل على استعادة قوة الردع أمام إيران، وتركّز على الساحة السورية  لأن إرسال الطائرة المسيّرة، أول أمس، للجليل يعتبر خطوة جريئة من طرفها، وتوضح أن الضربات الإسرائيلية الجديدة جاءت استمراراً لتبادل الضربات بين الطرفين.

وتفسّر صحيفة “يسرائيل هيوم”، المقربة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، تصاعد الضربات بالإشارة لقراءة إيران الانقسامات الداخلية في إسرائيل بأنها دليل ضعف. وتقول إنه على خلفية هذه القراءة تحلم طهران بخلق توازن الرعب مع اسرائيل مع محيط أمني يمكنها من نشر الصواريخ في محيطها، وتنقل عن رئيس وحدة أبحاث في المخابرات العسكرية قوله إن ايران تحلم بإسقاط طائرة من سلاح الجو الاسرائيلي.

لكن من غير المستبعد أن يسعى نتنياهو المحاصر بمأزق داخلي كبير لتسخين الجبهة الشمالية، على الأقل بشكل محدود، بغية تصريف الأزمة الداخلية، ويطفئ الاحتجاجات ضده، من خلال هذا التصعيد الذي يضع إيران وسوريا و”حزب الله” في حالة إرباك وتقليص خياراتهم.

 غالانت ونتنياهو في جبهة واحدة مقابل إيران

وكان نتنياهو ووزير الأمن غالانت قد زارا، مساء الإثنين، قاعدتين عسكريتين لتهنئة الجنود بعيد “الفصح” اليهودي، وأكد بيانان صدرا عن مكتب رئاسة الحكومة ووزارة الأمن الإسرائيليتين أن نتنياهو وغالانت شاركا معاً، في حفل بمناسبة “الفصح” اليهوديّ. وكرر نتنياهو تهديدات سابقة، أمس، بقوله إن الحكومة الإسرائيلية تعمل ضد “الإرهاب”، من خلال التحرك ضد “الإرهابيين”، وجباية ثمن من الأنظمة التي تدعمهم.

وكان نتنياهو قد قال، قبيل الاجتماع الأسبوعي للحكومة: “إننا نعمل ضد الإرهاب بكل الوسائل، ونقوم بذلك بطريقتين: أولاً، نتحرك ونكافح الإرهابيين أنفسهم، إذ قضت قواتنا، في الأشهر الأخيرة، على عشرات الإرهابيين، واعتقلت مئات آخرين. وثانياً، نحن نجبي ثمناً باهظاً من الأنظمة التي تدعم الإرهاب خارج حدود إسرائيل”. وأضاف، مهدداً من جديد: “إنني أنصح أعداءنا بألا يخطئوا. إن الجدل الداخلي في إسرائيل لا ولن يضرّ بعزمنا وقوتنا وقدرتنا على العمل ضد أعدائنا على جميع الجبهات، أينما ومتى طلبوا ذلك”.

وقال يوآف غالانت، في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام، مساء أمس:

 “لن نسمح للإيرانيين و”حزب الله” بإلحاق الأذى بنا، لم نسمح بذلك في الماضي، ولا نسمح به في الوقت الحاضر، ولن نسمح به في المستقبل، وسوف ندفع بهم خارج سوريا، إلى حيث ينبغي أن يكونوا”.

وتابع: “لدينا جيش قويّ، وعالي الجودة، يعمل ليل نهار في جميع القطاعات. التهديدات ضدنا هي تهديدات كبيرة، تأتي من مصدر واحد: إيران، التي ترسل أسلحتها.. إلى غزة وسوريا ولبنان والضفة الغربية المحتلة، بل وتحاول تجنيد مواطنين من داخل أراضي 48”.

في المقابل، قال بيان صادر عن الناطق بلسان وزارة الخارجية الإيرانية، أمس، إن اثنين من مستشاري “الحرس الثوري” الإيراني قُتلا في قصف إسرائيلي على سوريا، وأكد أن طهران تحتفظ بحقها في الرد في الزمان والمكان المناسبين، وذلك على غرار البيانات الرسمية الصادرة عن سوريا في كل مرة تتعرض لهجمة إسرائيلية جديدة.

غالانت: لن نسمح للإيرانيين و”حزب الله” بإلحاق الأذى بنا، لم نسمح بذلك في الماضي، ولا نسمح به في الوقت الحاضر، ولن نسمح به في المستقبل، وسوف ندفع بهم خارج سوريا.

تسلُّل المسيّرة: الإيرانيون يبحثون عن مواجهة

من جهته، وعلى غرار مراقبين إسرائيليين آخرين، اعتبر نوعام أمير، المحلل العسكري في صحيفة “ماكور ريشون” المقربة من المستوطنين، أن دفع الإيرانيين مسيّرة نحو الجليل من الجولان يعني أنهم يبحثون عن مواجهة ويستفزون إسرائيل. وذكّر بأن المرة الأخيرة التي جرت فيها مثل هذه الحادثة كانت قبل نحو ثلاث سنوات، عندما تم اعتراض الطوافات الحربية المسيّرة، وأدى هذا إلى يوم قتال في مواجهة سوريا وإيران، ووصل الوضع إلى سقوط طائرة حربية في الجليل قريباً من بيوت الناس، معتبراً أن هذا آخر ما تريد إسرائيل الانجرار إليه، عشية ليلة عيد الفصح. زاعماً أن إسرائيل تنجرّ وراء إيران التي تعربد في الشرق الأوسط، وأن كميات السلاح التي تهرّبها إيران تزداد بصورة كبيرة، والدليل على ذلك العدد الكبير للهجمات التي تقوم بها إسرائيل في سوريا، وفقاً لتقارير أجنبية. ويتابع: “كما أن عدم توخي الحذر والحماية من جانب المستشارين الإيرانيين الذين أُرسلوا إلى سوريا، ما أدى إلى قتلهم في الهجمات والاغتيالات، يشير إلى أن الإيرانيين لم يعودوا يشعرون بالخوف، والسؤال: ماذا يريدون؟

عن ذلك يجيب بنفسه بالقول: “إذا قمنا بقياس مؤشر الشجاعة، بحسب الأحداث التي تجري في الشمال، فمن الصعب ألّا نستنتج أنهم يسعون للمواجهة. مَن يعطي الضوء الأخضر لدخول “مخرب” من لبنان، مع عبوة كبيرة للقيام بهجوم يؤدي إلى سقوط عدد كبير من المصابين، يريد حرباً. لو أدى الهجوم في مجدو إلى وقوع عدد كبير من القتلى، لكنّا الآن نخوض حرب لبنان الثالثة، كما أن حرب الشمال الأولى (التي تشمل سوريا أيضاً) هي بالأساس رهن بالطرف الثاني. ويتابع: “لا شك في أن مَن يقف في الطرف الثاني يعتقد أن إسرائيل ضعيفة ومضغوطة. لكن إسرائيل سارعت إلى التوضيح أن على الطرف الثاني ألّا يصدّق ما يقال في وسائل الإعلام العربية التي تغطي الاحتجاجات في إسرائيل، كما يتعين على إيران و”حزب الله” و”حماس” و”الجهاد الإسلامي” ألّا يختبروا إسرائيل وجهوزيتها”.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى