منوعات

مصاب بـ”طيف التوحد”.. الأردني حمزة يعزف حياته على البيانو- (صور)

عربي تريند_ “تأخذنا الموسيقى إلى حيث لا تستطيع الكلمات”.. تلك المقولة منسوبة إلى الكاتب والمخرج الأمريكي هنري وينكلر وتنطبق على قصة الشاب الأردني حمزة عكروش (21 عاما)، وهو مُصاب بمرض “اضطراب طيف التوحد”.

و”التوحد” هو حالة ترتبط بنمو الدماغ وتؤثر على كيفية تمييز المصاب للآخرين والتعامل معهم، ما يتسبب بمشكلات في التفاعل والتواصل الاجتماعي، ويتضمن الاضطراب أنماطا محدودة ومتكررة من السلوك، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الأعراض ومستويات الشدة.

لم يلجأ حمزة إلى نوتات لدراستها وحفظها كي يتقن العزف على البيانو، فحالته لا تُتيح له ذلك، فما كان يحتاجه فقط هو الاستماع، ليتمكن من عزف بعض ألحان أغاني المطربة المصرية الراحلة أم كلثوم، ومقطوعات للموسيقار المصري عمر خيرت.

عزف بانسيابية

حكاية حمزة يصعب سرد تفاصيلها بالعبارات. وحجم الأمل الذي يمكن أن تبعث به في نفوس ذوي مصابين بمثل حالته هو ما دفع مراسل الأناضول إلى أن يزوره في مسكنه بمدينة الفحيص التابعة لمحافظ البلقاء (وسط) غربي العاصمة عمان.

كان الترتيب مع أهل حمزة مسبقا، وما إن ترجّل من مركبة شقيقه علي، حتى اندفع مسرعا صوب مراسل الأناضول لعناقه وعلامات الفرح بادية عليه، وكأنه ينتظر بكل فخر أن تصبح قصة نجاحه حديثا للناس.

مسرح الأداء كان “دارة حمزة للفنون والتراث”، وهو مبنى تراثي قديم تابع لبلدية الفحيص أعاد والده صيانته على حسابه الشخصي، ليتحوّل المكان إلى بيت خاص يستقبل مصابي “طيف التوحد” والحالات الأخرى من “متلازمة داون” وما شابهها.

جراء خطأ طبي فارقت والدة حمزة الحياة عام 2018، تاركة مسؤولية رعايته لوالده وأخويه التوأم علي ومرح (28 عاما) وعمته امتياز (62 عاما)، وبالرغم من ذلك لا ينسى عاطفة الأمومة ولا يستطيع أن يُعبّر عنها إلا بدموعه كلما صادف موقفا كانت تشاركه فيه أمه.

طلب علي من حمزة أن يجلس على الكرسي للعزف، فردّ عليه بتساؤل بالكاد كان مفهوما: “أعزف (؟)”.

بانسيابية ومرونة مُطلقة بدأت أصابعه تعزف على أزرار البيانو ليعبر بقدراته التي اكتسبها بأذنيه عن كل حديث لا يقوى لسانه على نطقه.

متابعة الأهل

علي قال للأناضول إن “المصطلح الصحي لحالة حمزة هي طيف التوحد، وحالته ليست من الحالات المستعصية، والسبب أننا تابعناها منذ اكتشافها وكان عمره حينها 3 أعوام”.

وبسؤاله عما إذا كانت إصابة حمزة نتيجة عوامل وراثية، نفى ذلك متوقعا أن يكون السبب ناتجا عن تطعيم حصل عليه في طفولته، دون أن يعطي أي تأكيد أو دلائل لذلك.

وعن مؤشرات حالته بَيَّنَ أن حمزة “كان يتحرك بشكل كبير جدا ويفضل البقاء وحده، إضافة إلى عصبية زائدة، وكنا نتنبه لما يُثيره ونتجنب فعله”.

ووصف علي شقيقه بأنه “هادئ ووضعه مستقر”، معتبرا أن “متابعة الأهل هي ما أحدثت فرقا في سلوكه، ولولا ذلك لكانت حالته مستعصية كبعض الحالات الأخرى”.

وبالنسبة لإتقانه للعزف على البيانو، قال علي “تعلّم حمزة ذلك من طبيبه الذي كان يُشرف على حالته، فقد كان يستخدم الموسيقى أحيانا كأسلوب علاج، ولم يتقن ذلك إلا عبر العزف السّماعي”.

وتابع: “سمع آلات موسيقية كثيرة ومختلفة، ولكن البيانو هو ما تعلّمه، ويستطيع أن يعزف بعض أغاني أم كلثوم ومقطوعات للموسيقار والمايسترو المصري عمر خيرت، وهو يتقن أيضا مهارات أخرى كالفسيفساء والرّسم على الفخار وتشكيل العقود بالخرز”.

اضطراب المشاهير

وتعليقا على حالة حمزة، قال الاستشاري في الاضطرابات النمائية محمود الشلبي، في حديث للأناضول: “هو (حمزة) من أهم المظاهر في اضطراب التوحد وهي من الحالات النادرة وتسمى نمط السافانت”.

وأردف: “مقولة أن كل أطفال التوحد عباقرة هذا غير صحيح، لكن أصحاب نمط السافانت أو ما يُعرف باضطراب المشاهير لديهم قدرات مميزة جدا عن الباقين من أمور حسابية ورياضية ومواهب فنية وإبداعية وموسيقية”.

وختم الشلبي بأن “حمزة أحد الأشخاص المصابين في نمط السافانت، ونسميهم الموهوبين وتكون لديهم قدرات عالية كأذن وحس موسيقي عال مثل الموسيقار النمساوي موزارت”.

ووفق دراسات علمية فإن كل 10 آلاف طفل يُصاب منهم 65 باضطراب “طيف التوحد”، وتفيد إحصاءات أردنية غير رسمية بأن عدد المصابين في المملكة يبلغ نحو 10 آلاف.

(الأناضول)

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى