العالم تريند

المواجهة الأولى بين السلطة الفلسطينية وحكومة اليمين الإسرائيلية تتسع

عربي تريند_ من المستبعد أن تنجح الوساطة الأمريكية في جسر الهوة ووقف التصعيد الأول بين السلطة الفلسطينية، والحكومة اليمينية الإسرائيلية الجديدة، على خلفية العقوبات الأخيرة التي فرضتها تل أبيب على السلطة وعدد من مسؤوليها، ومن المتوقع أن تتصاعد هذه العقوبات أكثر، وتطال مسؤولين آخرين كباراً مقربين من الرئيس محمود عباس.

وساطة ضعيفة

ويدور الحديث حول أن جهات عدة تواصلت، خلال اليومين الماضيين، مع الطرفين، أبرزها مسؤولون أمريكيون كبار، وعلمت “القدس العربي” أن استفحال الخلاف، على خلفية التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة، والحصول على موافقة من الجمعية العامة للأمم المتحدة للتوجه لمحكمة العدل الدولية، ومن ثم طلب اجتماع لمجلس الأمن، تخلله إدانة واسعة لحكومة اليمين، وما قامت به الأخيرة من فرض عقوبات تعجل من زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي للمنطقة.

كما يتوقع، على خلفية الاتصالات التي تلقاها مسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية، أن يصل دبلوماسيون غربيون كبار، بحجم وزراء خارجية، في محاولة منهم لمنع التصعيد السياسي الخطير.

وعلمت “القدس العربي” أن الإدارة الأمريكية طالبت بـ “تهدئة سياسية سريعة”، غير أن الجانب الفلسطيني أكد المضي في الخطة السياسية التي أقرها، من أجل تنفيذها على خطوات خلال الأسابيع القادمة، بعد أن قبل في وقت سابق تأجيل تنفيذ قرارات المجلس المركزي، والقاضية بوقف التعامل بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، فيما توعدت حكومة الاحتلال بتصعيد العقوبات ضد السلطة، في حال مضت في طريق التوجه للأمم المتحدة ومحكمة العدل والمحكمة الجنائية.

وبسبب طبيعة المرحلة القادمة، وتعنت حكومة اليمين الإسرائيلية، وعملها منذ بداية توليها مقاليد الحكم، على تنفيذ خططها الاستيطانية، من المستبعد أن يتمكن الوسيط الأمريكي من تحقيق غاياته، إذ يتوقع أن يتصاعد الخلاف السياسي بشكل أكبر، وأن يترجم إلى تصعيد ميداني على الأرض، خاصة بعد تهديدات حكومة إسرائيل بفرض عقوبات جديدة ضد السلطة الفلسطينية.

وتستعد القيادة الفلسطينية رسمياً، في هذا الوقت، لتصعيد أكبر، يتمثل بالتضييق بشكل أكبر من قبل سلطات الاحتلال ضد مسؤوليها المشرفين على ملف ملاحقة إسرائيل دولياً، بعد أن اشتملت العقوبات الأولى كلاً من عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير زياد أبو عمرو، ووزير الخارجية رياض المالكي، والسفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور، من خلال سحب بطاقة  تسهيلات السفر، رغم أن الأخير لا يحمل هذه البطاقة، قبل أن يقوم وزير الجيش الإسرائيلي الجديد بسحب تصاريح ثلاثة من كبار قادة حركة “فتح” المقربين أيضاً من الرئيس عباس، وهم نائب رئيس الحركة محمود العالول، وعضوا اللجنة المركزية عزام الأحمد وروحي فتوح، والذي يشغل أيضاً منصب رئيس المجلس الوطني، على خلفية زيارتهم الأسير المحرر زميلهم في اللجنة المركزية كريم يونس.

رسالة تهديد إسرائيلية

ووفق تقارير عبرية، فقد بعثت حكومة تل أبيب رسالة شديدة اللهجة إلى قيادة السلطة والرئيس عباس، تنذر بفرض مزيد من العقوبات، وذكرت “القناة 13” العبرية، فقد نقلت الرسالة من خلال مسؤولين أمنيين كبار إلى آخرين في السلطة، دون أن تمر عبر المستوى السياسي في تل أبيب، وكانت موجهة للرئيس عباس جاء فيها: “”فكّر ملياً في أي خطوة سياسية أخرى، مثل التقدم إلى محكمة العدل الدولية، لأن الحكومة الجديدة تعتزم الرد بقسوة على هذه الخطوات”.

وفي نفس المحادثات التي جرت، زعمت إسرائيل للسلطة الفلسطينية، أنها ليست معنية بالتصعيد، وليس لديها نية لإضعاف أو حل السلطة الفلسطينية”، فيما أبلغ مساعدو الرئيس عباس الذين نقلوا الرسالة أنهم “منزعجون للغاية” من التحرك الإسرائيلي، وأنه إذا كان هذا ما يبدو عليه الأسبوع الأول من الحكومة، بعد اقتحام الوزير المتطرف إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى، فما ينتظرنا في الأيام القادمة.

ويدور الحديث، وفق تقارير عبرية، أنه وخلال اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، الذي أقر العقوبات ضد السلطة، كانت هناك محاولات من المستوى السياسي لفرض عقوبات أوسع على الفلسطينيين، لكن المؤسسة الأمنية أوقفت ذلك على أساس أن إسرائيل لا تستطيع أن تلحق الضرر بالشعب الفلسطيني، والاقتصاد الفلسطيني.

كما تردد أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو كان مع هذا الرأي، بعدم الذهاب في البداية إلى اتخاذ “خطوات شديدة للغاية” تجاه السلطة، سعيًا لعدم خنقها والإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة بين الجانبين، لكنه في ذلك الاجتماع قرر تشكيل طاقم وزاري مصغر للنظر في الخطوات العقابية المقبلة ضد السلطة حال صعَّدت من خطواتها الدولية.

ودفع ذلك، في ظل القرار الفلسطيني القاضي بالمضي في خطوات التوجه للأمم المتحدة، الجانب الفلسطيني للطلب من الإدارة الأمريكية التدخل السريع بشأن هذه القضية.

وعلمت “القدس العربي” من المصدر الفلسطيني، أنه جرى الطلب من الإدارة الأمريكية ومسؤولين أوربيين كبار، التدخل بشكل عاجل، لمنع حكومة اليمين الإسرائيلية، من تنفيذ المخطط الخاص بشرعنة 65 بؤرة استيطانية، وهي خطة تتضمن شق طرق جديدة، تقتطع مساحات كبيرة من أراضي الضفة، حيث حذرت السلطة الفلسطينية من أن ذلك سيكون مقدمة لتنفيذ مخطط “الضم الهادئ” لنحو 30% من أراضي الضفة، وفق مخطط سابق لحكومة نتنياهو السابقة.

وفي هذا الوقت يجري التحضير لوصول مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، إلى إسرائيل، والمقرر أن يلتقي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وكذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لمناقشة جملة ملفات هامة، أبرزها السياسة التي ستتبعها الحكومة اليمينية في المرحلة القادمة، والتي قوبل بعض ما كشف عنها، خاصة ما يتعلق بتوسيع الاستيطان وشرعنة البؤر العشوائية، وتعديل قانون “فك الارتباط”، وكذلك تغيير الوضع القائم في القدس، باعتراض أمريكي واضح.

وإضافة إلى هذه الترتيبات القائمة، يقول المصدر الفلسطيني المطلع إن هناك احتمالات قوية لأن يصل لاحقاً وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في حال فشلت مهمة مستشار الأمن القومي، أو كانت هناك حاجة لتدخل سياسي أكبر.

وقد عبر مسؤولون أمريكيون للجانب الفلسطيني عن قلقهم بسبب تلك التوجهات، لكنهم طالبوا في ذات الوقت بأن لا تقدم السلطة الفلسطينية على أي خطوات جديدة في الأمم المتحدة، دون أن يحصلوا على أي رد إيجابي، خاصة أن الجانب الفلسطيني أكد خلال الاتصالات، أن خطة التحرك السياسية التي أقرتها القيادة الفلسطينية، جاءت للتصدي لخطط اليمين الإسرائيلي.

ورغم الوعود الأمريكية بالعمل على منع هذا المخطط، الذي تعهد بتنفيذه نتنياهو لقادة ائتلافه اليميني، وتحديداً لحزب “الصهيونية الدينية” بقيادة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، إلا أن الجانب الفلسطيني يجري الاستعدادات جيداً في هذا الوقت، لتطبيق إسرائيل المفاجئ للقرار.

وقبل أيام عبرت وزارة الخارجية الأمريكية عن معارضة واشنطن مساعي إسرائيلية لتعديل “قانون فك الارتباط” لشرعنة البؤرة الاستيطانية “حوميش” وإقامة مدرسة دينية، وأكدت أن تلك البؤرة “غير قانونية”، ودعت لتجنب الإجراءات الأحادية الجانب، ورفضت أي قرار بإقامة مستوطنة جديدة، أو إنشاء بؤر استيطانية غير قانونية، أو البناء من أي نوع في عمق المناطق في الضفة، أو بالقرب من التجمعات الفلسطينية أو على أراض فلسطينية خاصة.

المضي بالخطة السياسية

ويعتقد الجانب الفلسطيني أن أياً من الوسطاء لا يملك حتى اللحظة أي وسائل ضغط حقيقية، بما في ذلك الإدارة الأمريكية التي أعلنت صراحة عن معارضة الاستيطان، وهو ما يدفع باتجاه الاستمرار في تنفيذ الخطة السياسية، التي تقوم على أساس استمرار التوجه إلى الأمم المتحدة، من أجل إصدار قرارات ضد إسرائيل، بما في ذلك التوجه بعد محكمة العدل الدولية، لتفعيل ملف إدانة الجرائم الإسرائيلية في محكمة الجنايات الدولية.

كما تجري الاستعدادات جيداً من أجل تنظيم فعالية كبيرة في الأمم المتحدة، حسب ما أقرت الجمعية العامة في ذكرى “النكبة” في شهر مايو القادم، تظهر حجم الاضطهاد والمجازر التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، بسبب سياسات الاحتلال الإسرائيلي.

والجدير ذكره أن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر والمختص بالشؤون الأمنية والسياسية، أقر فرض عقوبات جديدة على السلطة الفلسطينية، كرد على توجه السلطة الأخير إلى محكمة العدل الدولية، وحسب بيان لمكتب رئيس حكومة الاحتلال، فإن العقوبات جاءت رداً على “قرار الفلسطينيين بخوض حرب سياسية وقضائية”، وأضاف البيان زاعماً: “الحكومة لن تستقبل حرب السلطة الفلسطينية بعناق وستردّ عليها كلما استدعى الأمر ذلك”، واشتملت العقوبات على تحويل قرابة 139 مليون شيكل (الدولار الأمريكي يساوي 3.5 شيكل) من أموال السلطة الفلسطينية إلى من زعمت إسرائيل أنهم “مستهدفون من الإرهاب”، وكذلك خصم فوري من أموال الضرائب الفلسطينية، والتي تدفعها السلطة إلى أسر الأسر الشهداء.

كما قررت حكومة نتنياهو تجميد خطط بناء للفلسطينيين في المناطق “ج”، وكذلك سحب “منافع” لشخصيات فلسطينية هامة تقول إسرائيل إنها “تقود الصراع القضائي السياسي ضد إسرائيل”، كذلك قررت حكومة الاحتلال زيادة هجماتها ضد الضفة الغربية، واتخاذ إجراءات ضد أي عمل “معاد”، بما يشمل أي “عمليات سياسية قضائية”.

ويفهم من القرارات أن العقوبات ستطال شخصيات فلسطينية مقربة من الرئيس محمود عباس، وربما تشمل العقوبات الإسرائيلية ملاحقتهم أو اعتقالهم، كونهم يعملون في الملف الخاص بمتابعة ملاحقة إسرائيل قضائياً في المحاكم الدولية.

وعقب تلك القرارات، أعلن الوزيران الإسرائيليان المتطرفان بتسليل سموتريتش وإيتمار بن غفير، أن العقوبات التي فرضتها حكومتهم ضد السلطة الفلسطينية “ليست سوى البداية”، وتوعدا بفرض المزيد من العقوبات.

وقد أدانت وزارة الخارجية والمغتربين بأشد العبارات، إجراءات وتدابير الاحتلال، التي وصفتها بـ “التعسفية” ضد الشعب الفلسطيني وقيادته، بما في ذلك قرار سحب بطاقات الـ “VIP “، ورأت أن هذه الإجراءات “استعمارية عنصرية بامتياز، وشكل من أشكال إرهاب الدولة المنظم الذي يعبر عن الإفلاس السياسي للحكومة الإسرائيلية (..) وفشلها أمام قوة الرواية الفلسطينية الحاضرة بقوة على مستوى الأمم المتحدة ومؤسساتها”.

من جهته قال نائب رئيس حركة فتح محمود العالول إن القرارات الانتقامية التي اتخذتها حكومة الاحتلال “تكشف الوجه البشع للاحتلال”، مؤكداً أن القرصنة على أموال الضرائب الفلسطينية، واقتحام بن غفير للأقصى، ومنع البناء في مناطق “ج”، وتهديد الأسرى، وإعطاء تعليمات بمزيد من عمليات القمع تجاههم “يعبر عن حكومة يمينية فاشية”، مؤكداً أن ذلك “لن يترك لشعبنا خياراً سوى المواجهة، وقبول هذا التحدي”.

وكان الرئيس عباس تعهد بمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية الجديدة والمجموعات الاستيطانية المتطرفة، سواء على صعيد استباحة المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية، أو على صعيد سن القوانين العنصرية، وبرامج هذه الحكومة المنافية للقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة، بكل حزم.

والجدير ذكره أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت، قبل أيام، طلب فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية حول شرعية الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، وفي هذا الوقت يعمل فريق فلسطيني مختص على التحضير لهذا التوجه، من خلال كتابة عريضة ادعاء ستقدم للمحكمة، تظهر آثار الاحتلال الإسرائيلي المخالفة للقانون الدولي.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى