قطر في يومها الوطني: تنظيم كأس العالم يُكلل سجل النجاحات
عربي تريند_ تكتسب احتفالات قطر بيومها الوطني هذا العام نكهة خاصة، في ظل استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم التي ستنظم اليوم الأحد المباراة النهائية فيها، بعد 28 يوماً من الفعاليات الرياضية، استطاعت قطر خلالها أن تثبت قدراتها على تنظيم هذا الحدث العالمي، متجاوزة جميع التحديات والحملة التي استهدفتها قبل وطيلة فترة استضافة البطولة، والتي وضعها المسؤولون القطريون في إطار الافتراءات وازدواجية المعايير.
وعلى الرغم من أن إنجاح البطولة احتل الأولوية، إلا أنه في موازاة ذلك استمرت دولة قطر في أداء دورها الفاعل على الساحة الدولية، لا سيما على صعيد الوساطات، إذ نجحت في أغسطس/آب الماضي في جمع الأطراف التشادية للتوقيع على اتفاقية الدوحة للسلام، والتي جاءت تتويجاً للمفاوضات التي استضافتها الدوحة طيلة خمسة شهور، بمشاركة إقليمية ودولية.
ومهدت الاتفاقية، التي رعتها قطر، لبدء انعقاد الحوار الوطني في العاصمة التشادية نجامينا، الذي يهدف لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، حيث شكلت الاتفاقية خطوة أولى في طريق المصالحة التشادية.
وزير الثقافة: شعار اليوم الوطني هذا العام “وحدتنا مصدر قوتنا” يعبر عن حقيقة القطريين منذ التأسيس
كذلك كرّست قطر، بوصفها واحدة من أكبر الدول المصدرة للغاز في العالم، دورها كضامن لأمن الطاقة العالمي، إذ تحولت إلى مقصد العديد من الدول، للتزود بالغاز والتغلب على أزمة الإمدادات، خصوصاً بعد اندلاع الحرب الأوكرانية.
وسجلت قطر خلال العام الحالي العديد من الإنجازات الاقتصادية، فقد قفزت أصول جهاز قطر للاستثمار (صندوق الثروة السيادي) إلى 461 مليار دولار نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، بزيادة نحو 13 في المائة عما كانت عليه نهاية 2021، والبالغة 354 مليار دولار، ونحو 340 مليار دولار في 2017. وانتقل الصندوق من المرتبة الحادية عشرة إلى المرتبة التاسعة عالمياً والرابعة عربياً.
وتأتي تلك القفزة الملحوظة في قيمة أصول الصندوق السيادي، والتي تدعمها إيرادات قوية من صادرات الطاقة والغاز الطبيعي المسال، على الرغم من إنفاق الحكومة القطرية نحو 220 مليار دولار على البنية التحتية، من طرق وجسور وأنفاق ومواصلات وتوسيع مطار حمد الدولي وبناء مدن جديدة وملاعب كأس العالم.
احتفال اليوم الوطني بشعار “وحدتنا مصدر قوتنا”
وفي ظل هذه الأجواء، يحتفل القطريون هذا العام باليوم الوطني، تحت شعار “وحدتنا مصدر قوتنا”، بوصفه مناسبة وطنية لإحياء ذكرى تأسيس دولة قطر على يد المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني في 18 ديسمبر/كانون الأول 1878، وتأكيداً على هوية الدولة وتاريخها، وتجسيداً للمُثل والآمال التي أقيمت عليها الدولة، وتكريماً أيضاً للرجال والنساء الذين شاركوا في بناء الدولة.
احتفالات قطر بيومها الوطني (حسين بيضون)
تقارير عربية
اليوم الوطني في قطر: تجاوز الأزمات وتكريس الدور الدبلوماسي والرياضي
كما أنه اليوم الذي تتذكر فيه قطر كيف نجحت في تحقيق وحدتها الوطنية، وكيف أصبحت دولة متميزة، بعد أن كانت مجتمعاً من القبائل المتناحرة يفتقد الأمن والنظام. كما يمثل هذا اليوم فرصة للتعرف إلى أعمال مؤسسي دولة قطر، الذين تحملوا الصعاب ودفعوا ثمناً غالياً لتحقيق وحدة أمتهم والاحتفاء بذكراهم.
وأكد رئيس مجلس الشورى القطري حسن بن عبد الله الغانم، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية “قنا”، أن دولة قطر تمكنت من تجاوز جميع العقبات والمصاعب التي واجهتها خلال تاريخها بالوحدة والتكاتف والتلاحم، مشدداً على أن الحفاظ على هذه المعاني ضمان لمستقبل واعد. وعن تزامن هذه المناسبة مع بطولة كأس العالم، أشاد بنجاح تنظيم البطولة، مؤكداً أن دولة قطر أثبتت للعالم قدرتها وتفوقها في تنظيم الفعاليات الكبرى.
من جهته، لفت وزير الثقافة، الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني، في حديث قبل أيام لوكالة “قنا”، إلى أن شعار اليوم الوطني هذا العام “وحدتنا مصدر قوتنا”، المأخوذ من كلمة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يعبّر عن حقيقة القطريين على مدار العقود منذ ملحمة التأسيس.
وبرأيه فإن الشعار يعبّر عن الشرط الأساسي الذي مكن القطريين من مواجهة التحديات، حيث تحولت الوحدة إلى قيمة ثابتة في الوعي والسلوك، تنتقل من جيل إلى جيل.
وحول تزامن احتفالات الدولة باليوم الوطني مع إقامة بطولة كأس العالم، وختامه في هذا اليوم، قال وزير الثقافة إن اليوم الوطني هذا العام حدث استثنائي لتزامنه مع تنظيم قطر لكأس العالم 2022، مؤكداً “أنه من الواجب على كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة أن يكون سفيراً لدولة قطر”.
التعريف بثقافة قطر وتراثها وتقاليدها
وقد عمدت قطر على مدار أسابيع بطولة كأس العالم، سواء بشكل مباشر أو عبر شاشات التلفزة، إلى التعريف بثقافة وتراث وتقاليد دولة قطر، والدور الذي تؤديه عالمياً.
وحرص المسؤولون القطريون، مراراً، على تأكيد أهمية هذا الحدث لقطر، بما في ذلك وصفه من قبل الشيخ تميم، في افتتاح دور الانعقاد السنوي الـ51 لمجلس الشورى في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بأنه “حدث تاريخي” و”يشكل أحد أهم مشاريعنا الوطنية”.
عيسى آل إسحق: قطر ردت على كل الاتهامات وحملات التشكيك بهذا النجاح غير المسبوق بشهادة الجميع
وشدد أمير قطر يومها على أنه “أهم حدث رياضي، ولكنه ليس حدثاً رياضياً فقط، بل هو مناسبة إنسانية كبرى”.
ومما قاله وقتها عن استضافة قطر كأس العالم: “إنها باختصار مناسبة نظهر فيها من نحن، ليس فقط لناحية قوة اقتصادنا ومؤسساتنا، بل أيضاً على مستوى هويتنا الحضارية. هذا امتحان كبير لدولة بحجم قطر، التي تثير إعجاب العالم أجمع بما حققته وتحققه. لقد قبلنا هذا التحدي إيماناً بقدرتنا، نحن القطريين، على التصدي للمهمة وإنجاحها، وإدراكاً منا لأهمية استضافة حدث كبير مثل كأس العالم في الوطن العربي”.
استضافة كأس العالم تحدٍ للذات
وفي السياق، قال الكاتب والإعلامي عيسى آل إسحق، لـ”العربي الجديد”، إن استضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022 كانت تحدياً للذات، ليس لتحقيق النجاح، بل أن نذهل العالم بما نستطيع فعله، وهو ما فعلناه على مدى الأسابيع الماضية، حيث نجحنا في كتابة التاريخ.
ولفت إلى أن قطر واجهت حملات التشكيك والافتراءات. وذكّر بأنه منذ أن فازت بتنظيم كأس العالم في 2 ديسمبر 2010، بدأ التشكيك بقدرة قطر على تنظيم هذه البطولة الأكبر من حيث الدول المشاركة فيها، أو “الجماهير التي ستزحف إلى قطر لحضور البطولة وقدرتها على استيعابهم، وهي الدولة الصغيرة في المساحة والسكان، وليس انتهاء باستغلال ملفات حقوق الإنسان والعمالة الوافدة والحصار الذي فرض عليها، فردت على كل هذه الاتهامات وحملات التشكيك بهذا النجاح غير المسبوق بشهادة الجميع”.
واعتبر آل إسحق أن الاحتفال باليوم الوطني، وإقامة المباراة النهائية لكأس العالم، البطولة التي يتابعها المليارات من الناس في نفس اليوم، دعوة للجميع ليشاركنا الاحتفال بالإنجازات، مشيراً إلى أن “قطر وعدت وأوفت بوعدها”. من جهته، أعرب الناشط والمرشح السابق لمجلس الشورى جاسم فخرو، عن فخره بالنجاح الكبير الذي حققته قطر، باستضافة بطولة كأس العالم.
وقال، لـ”العربي الجديد”: “حقيقة لا كلمات تصف ما حدث ويحدث في قطر، التي تتجلى بأحلى حلّة وهيئة وجمال للعالم بكل دوله وشعوبه. وكلمة فخر لا توفي المشاعر حقها”.
ولفت إلى أن “الفخر هنا بالنجاح منقطع النظير في ما قدمته الدولة للبطولة، والفخر بذكاء ودهاء الدولة في ربط المونديال باليوم الوطني لتصبح المناسبة مناسبتين، واستثمار البطولة لتقديم قطر، ومن ورائها العالم العربي، بثقافته وتراثه وتقاليده إلى العالم بأرقى وأقوى الطرق”.
وأشار إلى أن قطر نجحت “في مواجهة كل ما تعرضت له من حملات مغرضة طيلة السنوات الماضية، والمرحلة الصعبة والقاسية بالتخطيط السليم والصبر والعمل الدائب والقرارات الناضجة، وهي تقدم للعالم في يومها الوطني، أجمل بطولة لكأس العالم من كافة النواحي، استمتعت بها شعوب كل العالم، والعرب خاصة، لقربها من محيطهم”.
وشدد على أنها قدمت منظوراً جديداً للدول العربية، وتغيير الصورة النمطية للعرب في أعين شعوب العالم. كما قدمت للعالم دولة عربية جديدة متجددة، لها قوتها الناعمة وحضورها العالمي الذي يساهم بشكل قوي في القرارات الدولية لرفاهية شعوب العالم.
وقال فخرو إن “دولة قطر أصبحت لها شخصيتها وهويتها المستقلة، بعد سلسلة الأحداث التي مرت بها في السنوات الأخيرة، فهي لم تعد دولة خليجية عربية صغيرة تعيش على هامش العالم، بل خرجت إلى العالمية مع الاحتفاظ بروحها الخليجية وانتمائها العربي، ومستقبلها سيكون وفقاً لشخصيتها الجديدة دولة عربية ــ عالمية غنية، لها علاقات واستثمارات ومصالح وأدوار سياسية واتصالات مع كافة دول العالم. قطر أصبحت قبلة العالم”.
قدمنا صورتنا الحقيقية للعالم
وأكد الكاتب والباحث في التراث الشعبي صالح غريب نجاح قطر في التعريف بثقافتها وتراثها خلال بطولة كأس العالم، ومحو الصورة النمطية التي كانت مأخوذة عن قطر والعالم العربي، حيث رافقت البطولة، العديد من الفعاليات الثقافية والتراثية التي عرفت بهوية قطر كدولة عربية صاحبة تاريخ وتراث عريق.
وقال غريب، لـ”العربي الجديد”: لقد نجحنا في نقل رسالتنا والتعريف بهويتنا وتغيير الصورة النمطية عن قطر والعالم العربي، وهو أمر لمسته بشكل مباشر، سواء من خلال وجودي في الفعاليات الثقافية والتراثية التي رافقت البطولة أو من خلال احتكاكي المباشر مع الجماهير القادمة من مختلف دول العالم، والتي سجلت إعجابها وانبهارها بما وجدت في البلد.
جاسم فخرو: قطر قدمت منظوراً جديداً للدول العربية، وتغيير الصورة النمطية للعرب في أعين شعوب العالم
واعتبر غريب أنه رغم الحملات المغرضة ضد قطر، التي لم تتوقف حتى أثناء البطولة، فلقد نجحنا في تقديم الصورة الحقيقية عن قطر لمئات الآلاف من الناس الذين زاروا البلد لمشاهدة كأس العالم، وللملايين من الناس الذين تابعوا البطولة من خلال شاشات التلفزة.
وأكد أن قطر استطاعت أن تقدم كأس عالم مميزة أشاد بها الجميع، فنجحت خططها الأمنية وخططها المدروسة في مجال النقل والإسكان في الرد على جميع الحملات المغرضة، التي كانت في معظمها لأسباب عنصرية. وشدد على أن قطر لن تتوقف عن النجاح والإبهار، فهذه عادتها.