سيارات تريند

المنافسة على السيارات الذاتية تحتدم بين الشركات رغم المخاطر

تحتدم المنافسة على تطوير السيارات الذاتية بين الشركات العملاقة، رغم المخاطر التي تعتري استثمارات ضخمة يضخّها الصانعون، باعتبار هذه المركبات خياراً مستقبلياً لا بُدّ منه. فمن هم المتنافسون وأبرز إنجازاتهم ومواعيد الطرح في الأسواق؟

الشهر الماضي، ذكرت مجلة “فوربس” الأميركية، في تقرير في فبراير/ شباط الماضي، أن جميع كبار صانعي السيارات في العالم ضخّوا استثمارات ضخمة في تكنولوجيا المركبات الذاتية القيادة. وقد شهد العام الماضي 2018، العديد من المشاريع النموذجية والتجارب التي تمت على الطرق السريعة وشوارع المدن.

وثغرات جسيمة كشفت عن أن السيارات الذاتية القيادة، لا يمكنها التعامل مع أصحاب البشرة السمراء، ما يزيد التكهنات بارتفاع الحوادث الناجمة عنها، فضلاً عن محدودية سوقها في بعض الدول.

وجاء ذلك بعدما اصطدمت سيارة أوبر الذاتية القيادة وقتلت امرأة في ولاية أريزونا، في 18 مارس/ آذار من العام الماضي 2018، وصدر حكم قضائي مؤخراً بأن شركة “أوبر” لم تكن مسؤولة جنائياً في الحادث.

وتبيّن أن السيارات الذاتية القيادة ستكون عدائية تجاه أصحاب البشرة الداكنة، فحظوظ هؤلاء بالتعرض لحادث من هذه السيارات سيكون أكبر من أصحاب البشرة البيضاء، بحسب دراسة نشرها معهد جورجيا التقني في وقت سابق من مارس/ آذار الجاري، وذلك كونها قد تكون قادرة على تمييز الأشخاص البيض أكثر من غيرهم، فضلاً عن كون كلفتها عالية، بخاصة في ظل التكنولوجيا المطلوبة وتعقيداتها.

في معرض جنيف للسيارات، الذي تم تنظيمه من 7 إلى 17 مارس/ آذار الماضي، ظهرت السيارات الكهربائية بشكل جلي، بينما لم تسجل المركبات الذاتية القيادة حضوراً. وقال رئيس مجلس إدارة شركة فولكسفاغن الألمانية هربرت ديس، في تصريحات على هامش المعرض، وفق فرانس برس: “لقد تبخّر جزء كبير من الحماسة”.

كما قال توماس موريل، المسؤول عن السيارات في شركة ماكينزي: “ثمة عراقيل عديدة يجب تجاوزها” ومن بينها السعر، موضحاً: “تحتاج السيارة لكي تكون ذاتية القيادة إلى 50 ألف يورو، على صعيد التكنولوجيا فقط”. وتوقع أن تشكل السيارات الذاتية القيادة بحلول عام 2030 نحو 15% من السوق، في أكثر السيناريوهات تفاؤلاً، وأقل من 3% في السيناريو الأسوأ.

محاذير من الاختراق والقرصنة

يعتمد الجيل الجديد من السيارات كثيراً على التكنولوجيا، وخاصة سيارات القيادة الذاتية، التي تعتمد على أجهزة الاستشعار، والكاميرات، والرادار، والعديد من التقنيات المتطورة. لكن هذه السيارات يمكن اختراقها بشكل خطير من المجرمين أو الإرهابيين أو حتى الحكومات، ما يستلزم جهوداً أمنية جديدة من جانب صناعة السيارات.

ففي الشهر الماضي، قدر مركز “جونيبر” للأبحاث في بريطانيا في تقرير عام 2018، أنه بحلول عام 2023 سيتم ربط نحو 775 مليون سيارة بالويب بطريقة ما.

والتهديدات الرقمية للسيارات الذاتية القيادة، وفقاً لتقرير جامعة ميشيغان لعام 2018، “تشمل المتسللين الذين يحاولون السيطرة على السيارة أو إيقافها، والمجرمين الذين يمكن أن يحاولوا سرقة مركبة أو خطف ركابها واللصوص الذين يوجهون سيارة ذاتية القيادة لنقل نفسها”.

استثمارات ضخمة تضخّها الشركات

والواضح أن هذا النوع من التعقيد التكنولوجي في المركبات الذاتية يتطلب استثمارات هائلة. ففي ديسمبر/ كانون الأول 2018، كشفت شركتا “فولفو للسيارات” و”لومينار” المتخصصتان في مجال تطوير تكنولوجيا الاستشعار الأساسية للمركبات الذاتية القيادة، عن مستشعر “ليدار” (LiDAR) الذي يعتبر لغاية الآن الأكثر تقدماً.

وتتيح هذه التقنية للسيارات الذاتية القيادة، التنقل بأمان في بيئات المرور المعقدة وبسرعات أعلى، من خلال تزويدها بقدرات إدراكية طويلة المدى وموثوقة. وبحلول منتصف العقد المقبل، سوف يكون نصف حجم السيارات السنوي كهربائياً بالكامل، وثلثها ذاتي القيادة، وسوف تقوم فولفو بالتعامل مع أكثر من 5 ملايين مستهلك، وفق تقرير لها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2018، أعلنت مجموعة فولفو تعاونها مع شركة نفيديا الأميركية لتطوير برامج ذكاء اصطناعي، من شأنها تعزيز خطط عملاق السيارات السويدي لتطوير الجيل المقبل من سياراتها الذاتية القيادة. وقالت فولفو إن تعاونها مع نفيديا يستهدف تطوير نواة كمبيوتر متقدم جداً، مشيرة إلى أن أول سيارة مجهزة بنواة الكمبيوتر الجديدة سترى النور مطلع العقد المقبل.

ومن المقرر أنّ طرح سيارات “فولفو” الجديدة سيتم بداية من عام 2020، وستكون مصممة خصيصاً لتجنب وقوع إصابات خطيرة، أو وفيات للسائق والركاب في حالة حوادث السيارات.

وفي 7 من الشهر ذاته (أكتوبر)، أعلنت شركة “هوندا موتور” اليابانية لصناعة السيارات، اعتزامها استثمار 2.75 مليار دولار في كل من “جنرال موتورز” الأميركية، وشركة “كروز” لتطوير السيارات الذاتية القيادة التابعة لمجموعة “جنرال موتورز”، بهدف التطوير المشترك لسيارات ذاتية القيادة يتم تسويقها عالمياً.

وبحسب بيان صادر عن الشركات الثلاث، فإن ثالث أكبر شركة صناعة السيارات في اليابان سوف تستثمر ملياري دولار على مدى 12 عاماً في المشروع، مع شراء حصة قيمتها 750 مليون دولار في شركة “كروز” لتطوير سيارات ذاتية القيادة، “يمكن تصنيعها بأعداد كبيرة لاستخدامها عالمياً”.

وكانت شركة الاتصالات اليابانية العملاقة “سوفت بنك”، قد أعلنت في مايو الماضي اعتزامها استثمار 2.25 مليار دولار في شركة “كروز”.

وفي السياق ذاته، طورت شركة جنرال موتورز أفضل نظام للقيادة الذاتية، متفوقة على صانعة السيارات الكهربائية “تسلا”، وفقاً لتقرير حديث لـ”كونسيومر ريبورتس”.

وفي 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2018 أيضاً، اختتم معرض باريس الدولي للسيارات فعالياته، بعدما عرضت أبرز شركات تصنيع السيارات العالمية أحدث إصداراتها، حين قدمت رينو نموذج سيارة يتميّز بشكل غريب لتلفت أنظار زوّار المعرض، وهي EZ Ultimo، فهي بمثابة “صالة متنقلة”، ذاتية القيادة، وتمتاز بمساحة واسعة في مقصورتها الداخلية الغريبة الشكل.

مزيد من التجارب على الطرق

وتتوالى التجارب على الطرق، رغم المخاطر في أكثر من مكان في العالم. ففي 20 مايو/ أيار 2018، منحت سلطات مدينة شنغهاي الصينية مجموعة “بي إم دبليو” ضوءاً أخضر لاختبار سيارات ذاتية القيادة، لتصبح المجموعة الألمانية بذلك أول صانع سيارات أجنبي يُسمح له بتجربة هذا النوع من المركبات المستقلة على الأراضي الصينية.

وسلطات المدينة التي تضم 24 مليون نسمة، بدأت تمنح هذا النوع من الرخص في مارس/ آذار، ما أتاح للمصنع الصيني “سايك” والشركة الناشئة المحلية “إن آي أو” المتخصصة بالهندسة الكهربائية، بتسيير مركباتهما لمسافة 6 آلاف كيلومتر من دون مشكلات تذكر، حسبما أكدت اللجنة.

ففي 19 مارس/ آذار 2018، صدمت سيارة ذاتية القيادة تابعة لشركة “أوبر”، امرأة في ولاية أريزونا الأميركية فأردتها قتيلة، لتمثّل الواقعة، في رأي محللي رويترز، أول اختبار كبير للطريقة التي سيتعامل بها صنّاع السياسة والرأي العام مع التكنولوجيا الجديدة، خصوصاً في بلد كان مجلس نوابه أقرّ بالإجماع، في سبتمبر/ أيلول 2017، إجراءً يسمح للمصنّعين بالحصول على استثناءات من قواعد السلامة التي تتطلب التحكم البشري.

وفي 2 إبريل/ نيسان 2018، صرّحت شركة “هيونداي موتور” الكورية الجنوبية، بأنها نجحت في أول اختبار في العالم للسيارات الهيدروجينية الذاتية القيادة، بقطع 5 سيارات تابعة لها 190 كيلومتراً على الطريق السريع بين سيول وبيونغ تشانغ، وفقاً لوكالة “يونهاب”، التي أوضحت أن المجموعة تضمّنت سيارتين من طراز “جينيسيس جي 80” و3 سيارات هيدروجينية كهربائية.

وفي السياق ذاته، جاء إعلان شركة “رينو” الفرنسية، طرح سيارة الأجرة الآلية “إي.زد غو”، التي تستوعب 6 أشخاص.

وفي منتصف عام 2018، اختبرت مقاطعة جنيف نظام مواصلات عامّة مكوّناً من حافلات ذاتيّة القيادة، وذلك في إطار مشروع دولي تنظّمه جامعة جنيف وتُساهم في تمويله المفوضية الأوروبيّة.

وتم تخصيص مبلغ يقدّر بـ 22 مليون يورو لهذا المشروع، منها 16 مليون يورو يتكفل بدفعها برنامج التمويل “هورايزون 2020” التابع للاتحاد الأوروبي، المخصص لتمويل برامج البحث الأوروبيّة.

وسيعتمد المشروع الذي سيدوم أربع سنوات، على أسطول من الحافلات الذاتيّة القيادة التي تتراوح سعتها ما بين 4 إلى 12 كرسيّاً، كما يسعى المشروع إلى جمع معلومات تعكس التداعيات والنتائج الاقتصادية واللوجستية وكذلك الاجتماعية، لشبكة المواصلات الذاتية القيادة هذه.

وفي غضون ذلك، كانت شركة هوندا اليابانية تستعد لإطلاق سيارات ذاتية القيادة بالتعاون مع شركة وايمو الأميركية، في خطوة تزيد من حدة السباق بين الشركات العالمية لإنتاج هذه النوعية من المركبات.

وبحلول عام 2025، تخطط هوندا لتصميم سيارات تمتاز بوظائف القيادة الآلية القياسية “المستوى 4″، ما يعني أنها ستكون قادرة على قيادة نفسها على الطرق السريعة، وطرق المدن في معظم الحالات.

وتتفاوض وايمو الأميركية مع هوندا لعمل شراكة بين الجانبين منذ أواخر عام 2016، وذلك منذ أن كانت الشركة تحت إمرة شركة غوغل بشكل رسمي، وهي الكيان الأبرز والأكثر اهتماماً بعملية تصنيع سيارة ذاتية القيادة على مستوى العالم بشكل رئيسي.

وتقول شركتا وايمو وجنرال موتورز بأنهما الأقرب لقيادة السباق الضخم، الذي انضمت إليه العديد من الشركات العالمية، سواء التي تتخصص في التكنولوجيا أو تلك التي تتعلق بالسيارات، وعلى رأسها أوبر وبي إم دبليو وأبل وغيرها من الكيانات حول العالم.

فقد استطاعت وايمو أواخر عام 2017، أن تضع قدميها على بداية الطريق بتصنيع شاحنة تعمل بنظام نصف القيادة الذاتية خلال الفترة الماضية، لتكون بداية فعلية لعملية تطوير الأنظمة المستخدمة في عملية الاستشعار، إضافة إلى الحسّاسات القادرة على التعامل مع مختلف الأخطار.

تجربة مريرة أضاءت على مخاطر السيارات الذاتية

ولأن السيارات الذاتية تعتمد أنظمة تقنية قابلة للخطأ والأعطال والنقص في البرمجة، فإن مخاطرها أيضاً كبيرة. ولا تزال في ذاكرة الشركات كما المنظمون والراغبون بشراء سيارات من هذا النوع، حادثة 19 مارس/ آذار 2018، عندما صدمت سيارة ذاتية القيادة تابعة لشركة “أوبر”، امرأة في ولاية أريزونا الأميركية فأردتها قتيلة، لتمثّل الواقعة في رأي محللي رويترز، أول اختبار كبير للطريقة التي سيتعامل بها صنّاع السياسة والرأي العام مع التكنولوجيا الجديدة.

وكان لافتاً أن الحادثة وقعت خصوصاً في بلد، كان مجلس نوابه أقرّ بالإجماع في سبتمبر/أيلول 2017، إجراءً يسمح للمصنّعين بالحصول على استثناءات من قواعد السلامة التي تتطلب التحكم البشري.

وعلى تخوم الولايات المتحدة شمالاً، لم تُبد شركة “بلاكبيري” تراجعاً عن برامجها، وأكدت أنها ستواصل اختبار سيارتها الذاتية على الطرق في أوتاوا، فيما أعلنت سلطات منطقة أونتاريو الكندية، أنها لا تسمح بسير السيارات الذاتية على الطرق، إلا بوجود سائق خلف المقود.

المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى