العالم تريند

الغارديان: رئيس وزراء بريطانيا الجديد يخدم أصحاب المال ويواجه حزبا خارجا عن السيطرة

عربي تريند_ نشرت صحيفة “الغارديان” تعليقا حول انتخاب نواب حزب المحافظين ريشي سوناك، كأول رئيس وزراء لبريطانيا من أصول هندية وقالت بأنه انتصار لـ”سيتي” المال والأعمال وتقشف على بقية الشعب.

ورأت أن الرموز مهمة فأصول رئيس الوزراء الجديد كمدير محافظ وقائية توضح سياسته لا أصوله العرقية. وقالت “كون رئيس الوزراء البريطاني المقبل يعود إلى أصول هندية، هي إشارة تقدم، لأن حزب المحافظين لا يعرف عن اجتذابه للناخبين غير البيض. إلا أن الكثير من نواب المحافظين دعموا سوناك لكي يصبح زعيمهم بحيث انتخب بدون منافسة، وصعوده في عيد الأنوار (ديوالي) سيكون مصدر فخر لأبناء دينه الهندوس والنظام السياسي البريطاني”. وأصبح للمحافظين سجل مهم في تعيين النساء كزعيمات، فلديه الآن ثلاث رئيسات للوزراء ووزراء خزانة ثلاثة من غير البيض وسوناك كرئيس للوزراء.

ويمكن لحزب المحافظين الزعم وبثقة أن الهوية العرقية لا تمنع من الوصول إلى أعلى المناصب في هذا البلد. وليس لدى حزب العمال المعارض الثقة لكي يزعم هذا. ولكن في السياسة تعتبر الرموز مهمة، والصور نفسها لا قوة لها. فقد وصل سوناك الذي يعتبر أصغر رئيس وزراء في تاريخ بريطانيا إلى السلطة بدون أن يقول كيف سيتعامل مع الركود الذي سيلوح في الأفق والتضخم المتفاقم. كما أن رئيس الوزراء الجديد هو من أثرى النواب في البرلمان، ورغم عدم حصوله على تفويض شعبي، فلم يفعل الكثير لكي يطمئن الناس العاديين الخائفين من زيادة الأسعار والفواتير والانتظار الطويل للحصول على موعد في الصحة الوطنية.

وحالة الطوارئ حقيقية، لكن سوناك يبدو مصرا على وقف دعم فاتورة الكهرباء لأصحاب البيوت في نيسان/إبريل. وهو يعتقد أن تحقيق هدف عشوائي لخفض الدين الوطني العام أهم من إنقاذ الناس من الفقر المدقع. وبدون توسيع للخطة المالية وضمانات بشأن الطاقة، فلن يتوقف التضخم عن الارتفاع وسيتعمق الركود. ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الفائدة. ويقول المحللون في ستانلي مورغان إن أسعار الاقتراض على البيوت قد ترتفع بنسبة 6% والتي قد تؤدي إلى جانب زيادة فواتير المعيشة لأزمة أصحاب بيوت، بحيث لن تتمكن نسبة 40% منهم من الوفاء بالرهن العقاري.

وتقول الصحيفة إن سوناك سياسي ذكي داخل حزب أحمق. فسياساته المتعثرة لم تفعل الكثير لكي تجذب زملاءه المحافظين. ففي الصيف، فضل أعضاء المحافظين سياسات ليز تراس المتدرجة على خططه غير المبهرجة. ولكنه بدا جذابا عندما انهارت اقتصاديات تراس على منصة الإطلاق وقبل أن تنطلق.

وأصبح حزب المحافظين خارجا عن السيطرة في ظل قيادة تراس. ومن حسن حظ سوناك أن لديه الآن من يلوم على المشاكل التي ستعاني منها البلد. ولعل أصول سوناك في المحافظ الوقائية تكشف عن سياسته لا أصوله العرقية، ولهذا فقد كان الفائز الأكبر من وصوله إلى رئاسة الوزراء هم ملاك السندات الحكومية البريطانية. فقد عاد العائد على السندات الحكومية لمدة 30 عاما إلى ما كان عليه قبل ميزانية تراس المصغرة، ففي الوقت الذي ستربح “سيتي” أو مركز المال والأعمال في لندن سيعاني بقية الشعب من التقشف.

وتعلق الصحيفة أن رئيس الوزراء المقبل أمامه جبل يجب عليه الوصول إلى قمته. فقد أظهرت استطلاعات المعهد اليميني “أونورد” أن حزب العمال يتفوق في الشعبية على حزب المحافظين في كل قضية تواجه البلد باستثناء الدفاع والبريكسيت. والأخبار السيئة التي تنتظر سوناك هي أن واحدا من كل ستة بريطانيين يدعم قيما ومواقف لليمين. والمزيد منهم يفضلون المساواة على النمو. وفي أثناء التسلق تتكشف شخصية المتسلق، فربما قلد سوناك سياسات رئيس الوزراء المحافظ بنجامين دزرائيلي، الذي ولد يهوديا ووعد بمعالجة الانقسام الاجتماعي. وبدون هذا الالتزام وسياسة داعمة له، فلن تطول حكومة سوناك وستواجه الفوضى. ولا تتحمل بريطانيا رئيس وزراء آخر ينتخبه نواب الحزب أو أعضاؤه، بل ويجب أن ينتخب عبر التصويت الشعبي والعام.

وعلقت مراسلة الشؤون السياسية أوبري أليغارتي أن حزب المحافظين متصدع وخرج عن السيطرة، فهل سيتمكن سوناك من حكمه. فعندما سئل نواب الحزب وبشكل خاص حول قدرة الحزب على الخروج من دوامة الخلافات التي لا تنتهي بعد انتخاب سوناك، كان الجواب من معظمهم “يمكنه” أو “يجب عليه”. وقد يجد رئيس الوزراء راحة من إحاطات زملائه النارية، حيث سيتوارى من حاولوا إبعاده عن 10 داونينغ ستريت وسيلعقون جراحهم ويعود المعتدلون إلى المسار العام. ولكن شهر العسل سيكون قصيرا، حيث سيواجه سوناك نفس المشاكل التي واجهتها تراس، بما في ذلك التوقعات الاقتصادية الخطيرة والتراجع في شعبية الحزب. فحصوله على 200 صوت داعم من النواب جعله المفضل، لكنه سيظل محل شك من الذين حاولوا تحويل تتويجه كزعيم إلى معركة تنافس بينه وبين بوريس جونسون أو بيني موردانت. وكان نواب المقاعد الخلفية يشعرون بالتشوش لدرجة أن واحدا منهم اعترف قائلا “عقلي مع سوناك وقلبي مع بيني وروحي مع بوريس”.

وينظر لسوناك كقوة استقرار، حيث هوجم في الصيف بسبب تبنيه سياسة مالية أرثوذكسية. وعبر الكثير من نواب المحافظين عن ضجرهم من تحولهم لنجوم في مسلسل درامي بلا نهاية ويأملون أن يقوم وزير الخزانة السابق بطمأنة الأسواق وسيتي ويعيد الثقة بالحزب ورؤيته الاقتصادية. وحضر أنصار سوناك والنواب الذين حاولوا تنصيب منافس له أول خطاب ألقاه أمام لجنة 1922 في البرلمان، وحتى موردانت وأنصارها كانوا في الغرب. ولم تحضر تراس ولكنها أرسلت تغريدة دعم.

ومن الصعب قراءة الدعم المباشر على أنه صورة عن سلام دائم داخل الحزب، فقد دعمه البعض متأخرين عندما قرأوا اتجاه الريح وأرادوا الحصول على حظوة في داونينغ ستريت. وقال وزير إنهم وضعوا ثقلهم وراء سوناك بتردد، وهناك إشارات إنذار أنهم سيواصلون نقده من الهامش. وقالت نادين دوريز، وزيرة الثقافة السابقة والمدافعة عن جونسون إن سوناك لا تفويض لديه وتوقعت الدعوة لانتخابات مبكرة. لكن أنصار رئيس الوزراء الجديد لديهم الثقة أن أمثالها سيتحولون إلى هامش.

وقال آخر إنه كان سيقول نفس كلام دوريز لو لم يكن سيدافع عن مقعده الانتخابي. وعبر عدد من الناشطين في حزب المحافظين عن غضبهم من عدم منحهم دورا في اختيار الزعيم الجديد، حيث ذكر عدد من النواب أنهم تلقوا طلبات من أعضاء لإلغاء العضوية. وقال جوزيف روبرتسون، مدير مركز محافظ إن سوناك لم يصوت له الأعضاء في الصيف و”بدون تفويض ديمقراطي”. واعترف مصدر في داونينغ ستريت بخروج الحزب عن السيطرة وذلك بعد العملية لإنقاذ حكومة تراس قبل سبعة أيام. وتعتمد النوايا الحسنة من النواب على التعيينات في حكومة سوناك التي ستبدأ حالا. وربما قرر عزل وزراء ينظر إليهم على أنهم من شلة تراس أو النقاد الذين حصلوا على مقاعد بسبب الولاء لا الكفاءة.

وقال مسؤول في الحزب “لو أردت أن يكون لديك حكومات مواهب فأنت بحاجة لعزل نصف الحكومة”. وعمل هذا سينظر إليه بالتطهير وهو ما رشح بعدما تولت تراس الحكومة. والمصاعب قائمة لكن النواب يرون ضرورة منح رئيس الوزراء مساحة وعدم مفاقمة الخلافات ومحاولة ردم الثغرة في الاستطلاعات وهي 30 نقطة من أجل تحسين حظوظهم في الانتخابات العامة.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى