العالم تريند

ديلي تلغراف: بريطانيا تموّل سجنا يديره الأكراد في سوريا يُحرم فيه الأطفال من ضوء الشمس

عربي تريند_ نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” تقريرا أعده كامبل ماكديمرميد، قال فيه إن بريطانيا تمول سجنا “سريا” يعتقل فيه الأطفال ويحرمون من ضوء الشمس.

وقال الكاتب: “كبر الأطفال على مدى ثلاثة أعوام بدون ضوء الشمس في زنازين شديدة الحرارة في الصيف، وينخر بردها العظام في الشتاء”، وأضاف أن بعضهم يعاني من جراح خطيرة لا يمكن معالجتها في السجن، أما الآخرون فيعانون من مرض السل الذي ينتشر في الزنازين التي لا يوجد فيها تهوية. ولا يحصلون على تعليم كاف ولا زيارات عائلية ولا فواكه أو خضروات طازجة، وذلك حسب مصادر متعددة لديها معرفة حقيقية بالأمر، والذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم حتى لا تتعرض حياتهم للخطر.

ويقدر عدد الأطفال بـ750، أعمار بعضهم تسعة أعوام، بينهم غربيون وبريطاني على الأقل، قابعون بدون أمل في نظام سجن تموله بريطانيا في شمال سوريا تم بناؤه للأشخاص الذين يعتقد أن لهم علاقات مع تنظيم الدولة الإسلامية. ولم توجه لأي منهم تهم بارتكاب جريمة، علاوة على محاكمتهم.

كبر الأطفال على مدى ثلاثة أعوام بدون ضوء الشمس في زنازين شديدة الحرارة في الصيف، وينخر بردها العظام في الشتاء

وكانت التقارير التي كشفت عن احتجاز ووفاة حدث أسترالي الشهر الماضي، وغياب المعلومات أو الأدلة عن مصيره، بمثابة حادثة فتحت العيون على الطريقة التي أصبح فيها نظام السجون في المناطق التي يديرها الأكراد في شمال- شرق سوريا “نقطة سوداء” تبتلع عشرات الأطفال. ويعتقد أن هناك عددا منهم قد قتل وتعرضوا لجراح خطيرة أو اختفوا بدون أثر منذ الهجوم الدموي الذي نفذه مقاتلو تنظيم الدولة في كانون الثاني/ يناير.

وقالت المقررة الأممية الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، فيونيلا ني أيولاتغن: “هناك 100 طفل على الأقل. إما قتل الأطفال أثناء الهجوم أو أنه جرى نقلهم لأماكن لم يتم الكشف عنها، ونطلق على هذا وفقا للقانون الدولي التغييب القسري”. وقالت: “أعتقد أن هناك عددا من الأطفال يعانون من جراح تعرض حياتهم للخطر، ولا يزالون في ذلك السجن. وأعتقد أن بعض الأطفال هم من دول غربية”.

تقول الصحيفة إن قوات سوريا الديمقراطية، وهي ميليشيا يقودها الأكراد وتشرف على السجون لم تكشف عن أية معلومات تتعلق بالأطفال. وتفهم الصحيفة أن قوات سوريا الديمقراطية رفضت طلبات من منظمات غير حكومية لإجلاء الجرحى والمرضى من الأطفال، قائلة إنهم يمثلون خطرا أمنيا. وأشارت الصحيفة إلى أن بو فيكتور نيلاند، ممثل اليونسيف في سوريا، زار السجن وتجول فيه في شباط/ فبراير، وأخبر صحيفة “نيويورك تايمز” أن المعتقلين الأطفال يعانون من نقص الطعام والأدوية، وهو أمر نفته قوات سوريا الديمقراطية. وردت قائلة: “يحصل الأحداث على ثلاث وجبات في اليوم ومياه نظيفة للشرب وتوفر لهم العناية الصحية من الفريق الطبي في السجن”. واعترفوا أن 121 مقاتلا وحارسا قتلوا في حصار كانون الثاني/ يناير إلى جانب 380 متشددا من تنظيم الدولة والمعتقلين، لكنهم لم يكشفوا عن القاصرين الذين أصيبوا أو ماتوا في الحصار، رغم الأسئلة الكثيرة التي وجهت إليهم. وقالت ليتا تايلور، المديرة المشاركة في مكافحة الإرهاب بمنظمة هيومان رايتس ووتش: “الصمت على العدد يثير أسئلة عن سبب سماح عدد من الدول مقاتلين غير دول ومحاصرين ويواجهون مصاعب مالية بإدارة عشرات الآلاف من الأجانب المشتبه بعلاقتهم مع تنظيم الدولة إلى جانب عائلاتهم، ولم يقدم أي منهم للمحكمة علاوة على توجيه تهم بارتكاب جرائم”.

وبعد نهاية المعركة مع تنظيم الدولة في عام 2019، أصبحت قوات سوريا الديمقراطية، مسؤولة عن 10 آلاف معتقل على علاقة مع التنظيم. ووضعت قوات سوريا الديمقراطية هؤلاء المعتقلين في عدد من مراكز الاعتقال في شمال- شرق سوريا، والتي كان معظمها مستشفيات ومدارس تم تحويلها لمراكز اعتقال. وتم اعتقال 750 طفلا تحت سن الثامنة عشرة.

يقدر عدد الأطفال في السجن بـ750، أعمار بعضهم تسعة أعوام، بعضهم يعانون من جراح تعرض حياتهم للخطر

وتشير قوات سوريا الديمقراطية لهم بـ”أشبال الخلافة”، وهو اللقب الذي استخدمه تنظيم الدولة لوصف الجنود الأطفال. إلا أن بعضهم لم يحمل سلاحا، وفُصل بعضهم عن أمهاتهم وهم صغار خوفا من تأثيرهم على المخيمات التي سجنت فيها النساء. وكان معظم الأطفال المعتقلين هم من السوريين والعراقيين إلى جانب 150 طفلا من مناطق أخرى، واحد منهم بريطاني، كما يقول خبراء الأمم المتحدة.

ومثل الكبار، فهؤلاء الأطفال يواجهون وضعا قانونيا مجهولا. فقوات سوريا الديمقراطية ليست لديها اختصاصات قانونية لمحاكمة المعتقلين الأجانب، كما تجاهلت عدة دول دعوات الولايات المتحدة والسلطات المحلية، لإعادة تأهيل أبنائها. وتقول بريطانيا إن المواطنين الذين سافروا إلى مناطق تنظيم الدولة يمثلون خطرا على الأمن. وجرّدت الحكومة عددا منهم من جنسياتهم، مع أنها عبّرت عن استعداد لجلب الأطفال الذين لا أب أو أم لهم. وبدلا من تأهيل السجناء من بريطانيا، فقد استثمرت بشكل كبير في تقوية نظام السجون في مناطق شمال- شرق سوريا.

ولم تكشف الحكومة عن المبلغ الذي أنفقته، ولا الرقابة التي طلبتها، إلا أن الجنرال الأمريكي بول كافيرت، قائد قوات مكافحة تنظيم الدولة، تحدث العام الماضي عن تمويل بريطاني بـ20 مليون دولار لتوسيع مؤسسات السجن. وقالت الحكومة إنها زادت من التمويل. وفي كانون الثاني/ يناير، شن مقاتلو تنظيم الدولة هجوما جريئا لاختراق  وتحرير المعتقلين من المركز الرئيسي الذي يُعتقل فيه الأطفال في سجن بحي غويران بمدينة الحسكة، وهي بلدة واقعة على نهر الخابور وتبعد 40 ميلا عن  الحدود التركية. وبعد عشرة أيام من القتال الدموي الذي سيطر فيه مقاتلو التنظيم على جزء من السجن وحرسه والسجناء، حيث اعتقلوا مئات من مقاتلي سوريا الديمقراطية، تمت السيطرة عليه بدعم بريطاني ومن القوات الأمريكية الخاصة ومروحيات أباتشي. واستمع العالم لصوت الطفل يوسف ذهب خلال الحصار، في سلسلة من المناشدات التي طلب فيها إنقاذ حياته. وكان عمر ذهب 11 عاما في 2015 عندما أخذه أقاربه إلى سوريا حيث نجا من الحياة في ظل تنظيم الدولة، والمعركة الأخيرة لهزيمته، وبعد ذلك فصله عن أمه وسجنه. ولكن حياته اتخذت منعطفا آخر عندما جُرح في أثناء الحصار. وفي رسالة لعائلته في أستراليا، قال: “جرحت في رأسي ويدي. نزفت دما كثيرا، ولا يوجد هنا أطباء ولا أحد يساعدني”. وقدر أن ما بين 15 إلى 20 طفلا قُتلوا حوله: “أنا خائف وأريد المساعدة”. وكان هذا آخر ما سمعه العالم من يوسف.

وفي 18 تموز/ يوليو، أعلنت عائلته عن وفاته، وأصدرت بيانا عبّرت فيه عن حزنها وغضبها من الحكومة الأسترالية التي فشلت في جلب يوسف إلى وطنه. ومضى أسبوعان على وفاته، لكن لم تؤكد سلطات السجن الكردية ذلك، مما يشير إلى نظام سجن غامض وخارج عن المحاسبة.

الحكومة البريطانية كشفت أنها تخطط لاستثمار المزيد في نظام السجون  بشمال- شرق سوريا، رغم تحذير خبراء الأمم المتحدة، من أن تمويل نظام السجن حيث يعتقل آلاف بطريقة تعسفية ولأمد غير محدود وبدون محاكمة، يخرق القانون الدولي

وقال متحدث باسم الحكومة الأسترالية: “تحاول وزارة الخارجية والتجارة تأكيد وفاة أسترالي في سوريا”. وحذر خبراء الأمم المتحدة، الحكومة البريطانية من أن تمويلها نظام السجن حيث يعتقل آلاف بطريقة تعسفية ولأمد غير محدود وبدون محاكمة، يخرق القانون الدولي على الأرجح. وفي رسالة تعود إلى الأول من كانون الثاني/ يناير، حذروا من أن تقديم الدعم “في توسيع والحفاظ على نظام سجن تعسفي كبير، لا يتوافق ببساطة” مع التزامات الحكومة البريطانية في ظل القانون الدولي والمتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية.

وردّت الحكومة في نيسان/ أبريل على الرسالة، ونفت أن تمويل السجن يمثل مسؤولية قانونية، مضيفة: “نحن قلقون بالتحديد بشأن الظروف التي يعيش فيها القاصرون، بما في ذلك التقارير عن الجرحى والقتلى جراء الهجموم على غويران، وعدم توفر العناية الصحية وانتشار السل وفقر التغذية”. ورفضت وزارة الخارجية والكومنولث طلبا من الصحيفة لتقديم معلومات حول دعم بريطانيا للسجون في شمال- شرق سوريا بموجب قانون حرية المعلومات.

وبررت الرفض بأنه استثناء يتعلق بحماية الأمن القومي. إلا أن الحكومة كشفت في رسالتها للخبراء من الأمم المتحدة، أنها تخطط لاستثمار المزيد في نظام السجون  بشمال- شرق سوريا” و”نخطط لزيادة حجم الدعم الإنساني للقاصرين في السجون عام 2022″. ولا أحد يعرف المبالغ التي أنفقتها الحكومة أو الإشراف الذي قامت به “لن يكون مناسبا للتعليق لأسباب تتعلق بالأمن القومي”.

وقالت تايلور، من منظمة هيومان رايتس ووتش، إن دور الحكومة البريطانية في السجون يدعو للتمحيص إن “تمويل بريطانيا للمعتقلات التي تسجن لمدد غير محدودة في ظروف تعرض حياتهم للخطر وبدون إجراءات قانونية، يثير أسئلة قانونية خطيرة”. وقالت إن الحل الدائم هو إعادتهم: “كان يوسف واحدا من الأطفال الذين واجهوا أو سيواجهون نفس المصير”.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى