العرب تريند

حكومات لبنان وأزمات التشكيل: تاريخ من تصريف الأعمال

عربي تريند_ يواصل رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نجيب ميقاتي مساعيه في تشكيل حكومة منذ 23 يونيو/حزيران الماضي، وسط خلافات على بعض الحقائب الوزارية التي قد تطيل فترة تشكيل الحكومة، وهو ما قد يُبقي البلد في مرحلة تصريفِ أعمالٍ ترتب تبعات قاسية نسبةً إلى الصلاحيات المحدودة جداً والضيقة التي يمنحها إيّاها القانون والتي تنحصر في إطار تسيير المرافق العامة.

وعرف لبنان منذ ما بعد الاستقلال عام 1943 حتى عهد الرئيس ميشال عون 77 حكومة، بيد أن مسار التشكيل لم يكن يوماً بسلاسةٍ تامة أو مرّ من دون عقبات، وخصوصاً منذ خروج النظام السوري من الأراضي اللبنانية في 26 إبريل/نيسان 2005، الذي كان مهندس مرحلة الوصاية وصانع المسؤولين والعهود. وبدأ بعد انسحابه الخلاف والتناحر السياسي والمحاصصة والتسويات، ما أدى إلى إطالة أمد ولادة الحكومات لأشهرٍ، وأطول مدّة تأليف كانت في السنوات الأخيرة من نصيب حكومة حسان دياب.

وشُكِّلَت في 21 يناير/كانون الثاني 2020 حكومة دياب بعد تكليفه في 19 ديسمبر/كانون الأول 2019 قبل أن تستقيلَ في 10 أغسطس/آب 2020 غداة انفجار مرفأ بيروت (4 أغسطس 2020)، وتبقى في حالة تصريف أعمال مدة 13 شهراً حتى 10 سبتمبر/أيلول 2021 تاريخ تشكيل نجيب ميقاتي حكومته الثالثة.تقارير عربية

يقول الكاتب السياسي في جريدة “المدن” الإلكترونية وليد حسين لـ”العربي الجديد”، إن مراحل تصريف الأعمال سُجِّلَت في حقبات ما بعد خروج الجيش السوري من لبنان بشكل كبير، أي في عام 2005 وصعوداً، باعتبار أن الأخير كان يفرض إيقاعاً سريعاً، سواء على صعيد تكليف الرؤساء، أو تركيب الحكومات.

ويردف حسين، قائلاً: “بالإضافة إلى حكومة دياب التي بقيت بحال تصريف الأعمال لـ13 شهراً، استمرت حكومة نجيب ميقاتي الثانية (استقالت في 23 مارس/آذار 2013) نحو 11 شهراً، إذ بقيت في حالة تصريف أعمال حتى 15 فبراير/شباط 2014، وشكل بعده تمام سلام حكومته مطلع عام 2014، وبقيت ما عرف بحكومة الوحدة الوطنية أكثر من سنتين، لكنها ترافقت مع فراغٍ لعامين تقريباً في موقع رئاسة الجمهورية، ما جعلها أيضاً بمثابة “تصريف أعمال” وإن ليس بالمفهوم القانوني، فقد اتسمت بالتعطيل”.

ويشير إلى أن لبنان عرف منذ انتخابات عام 2009 النيابية وحتى عام 2018 أكثر من سنتين من حكومات تصريف الأعمال، وحكومة فؤاد السنيورة التي تشكلت بعد انتخابات عام 2005 النيابية في عام 2005 لم يدم عقدها لأكثر من سنة ونيّف، وباتت بحكم حكومة تصريف الأعمال من نهاية عام 2006 ولغاية منتصف عام 2008، وهو تاريخ إعادة تشكيل حكومته الثانية.

ويلفت حسين إلى أنه بعد استقالة دياب، كُلِّف السفير اللبناني لدى المانيا مصطفى أديب تشكيل الحكومة في 31 أغسطس/ آب 2020، قبل أن يعتذرَ في 26 سبتمبر/ أيلول 2020 نتيجة المناكفات السياسية وتمسّك حركة أمل (بقيادة نبيه بري) بوزارة المالية، والتيار الوطني الحر (بقيادة النائب جبران باسيل) بوزارتي الطاقة والخارجية، ومن ثم كلف سعد الحريري في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 وقد استمرّ بحالة التكليف الطويلة جداً حوالى 9 أشهر قبل أن يعتذر في منتصف يوليو/ تموز 2021، وبعدها كُلِّف ميقاتي في 26 يوليو/ تموز الحالي.

ويرى الكاتب السياسي اللبناني أن القوى السياسية باتت بعد خروج النظام السوري أكثر “راحةً” بفرض شروطها والشروط المضادة الوزارية وتقاسم الحصص، الأمر الذي يؤدي إلى إطالة أمد التشكيل، وهذه العقد الأساسية في المجتمعات المتعددة التي تحول دون انتظام الحياة السياسية في السلطة التنفيذية بشكل سليم، عدا عن الشق القانوني الذي يصار إلى استغلاله لناحية عدم وجود مدة زمنية تلزم أولاً رئيس الجمهورية بالدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة، وكذلك الامر بالنسبة إلى الرئيس المكلف الذي لا تقيّده أي مهلة زمنية لتشكيل حكومته.

ويستبعد حسين أن يصار إلى تشكيل ميقاتي الحكومة بوقت قريب، مشيراً إلى أن الأزمة “ستطول، وقد تذهب إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية (تنتهي ولاية عون في 31 أكتوبر 2022)”، إلا في حال حصول اتفاق أو “ديل” لكيفية توزيع الوزارات على القوى السياسية، كما حصل عند تشكيل حكومة ميقاتي الأخيرة، علماً أنه يُحكى بضرورة تسريع عملية التأليف تجنباً لأزمة دستورية قد نصل إليها على غرار عام 2014، بحيث تكون الحكومة موجودة في حال حصول فراغ رئاسي.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى