العالم تريند

الموجود والمفقود في التصريح السياسي الأول للابيد كرئيس وزراء مؤقت لإسرائيل

عربي تريند_ عدا عبارات إنشائية عن السلام، غابت القضية الفلسطينية عن التصريح السياسي الأول لرئيس حكومة الاحتلال المؤقتة يائير لابيد، واعتبر أن إيران هي التهديد الأعلى، مهددا بأن إسرائيل تعرف كيف تسخدم قوتها العسكرية ضد أعدائها.

لابيد الذي تحدث للإسرائيليين في الثامنة مساء السبت تزامنا مع نشرات الأخبار الإعلامية، واستبق اجتماع حكومته الأول ظهر اليوم الأحد، قدّم خطابا وطنيا إسرائيليا جامعا، شدد فيه على أن “إسرائيل أكبر وأهم من كل واحد منا” على حد تعبيره. وتابع: “في معظم المواضيع المهمة، نحن نؤمن بذات المعتقدات، وإسرائيل بالنسبة لنا هي دولة الشعب اليهودي وقوية عسكريا وتحافظ على القيم الديموقراطية”. وعلى غرار ساسة إسرائيليين سابقين، أبرزهم رؤوفين ريفلين رئيس الدولة السابق، الذي حذر مرارا من أن الانقسامات الداخلية أخطر على إسرائيل من قنبلة إيران، شدد لابيد على خطورة التشظي وتفشي الكراهية بين الإسرائييين رغم توافقهم على كافة القضايا المهمة، منبها للدور المفسد للسياسة وقال إنها هي التي تفسد الشارع وليس العكس.

 مخاطر الانقسام

وفي هذا المضمار، تبنى لابيد أقوال سابقه في المنصب نفتالي بينيت من أجل تمرير رسالة للإسرائيليين مفادها: “نحن إخوة والتحديات الماثلة أمامنا كبيرة. من أجل إنشاء مستقبل مشترك وجيد لنا، يحتاج الواحد منا للآخر وفقط سوية ننتصر. دائما سنشهد خلافات، والسؤال كيف نديرها وكيف نتثبت من أنها لا تديرنا”. في خطابه وتساوقا مع قانون القومية ومع رغبات الإسرائيليين بالتشديد على يهودية إسرائيل، قال لابيد أيضا في خطابه بلهجة استعلائية لا تخلو من الروح العنصرية، وهو يكتفي بالإشارة لفلسطينيي الداخل بإشارة سريعة جدا رغم كونهم قومية كبيرة (18% من السكان) قال فيها: “إنها دولة يهودية بهويتها وطابعها وبتعاملها مع “غير اليهود”، متحاشيا بذلك استخدام كلمة مواطنين عرب، محاكيا بذلك سابقيه في المنصب ممن دأبوا بشكل عام على استخدام مصطلح “غير اليهود”. ويأتي هذا التجاهل الإسرائيلي الرسمي لفلسطينيي الداخل، رغم أن النواب العرب أوصوا على لابيد أمام رئيس إسرائيل بتشكل حكومة في العام الفائت (القائمة المشتركة) ورغم مشاركة نواب الموحدة في الائتلاف الحاكم الذي يقوده لابيد نفسه. وشمل خطاب لابيد الأول كرئيس حكومة، قضايا داخلية أخرى تشغل الإسرائيليين كالغلاء الكبير في المعيشة وغيرها.

التهديد الأكبر

لابيد الذي دخل منصب رئاسة الوزراء قبل يومين، تناول في خطابه قضايا كثيرة خارجية وداخلية وتوقف عند “التهديد الأكبر” إيران، ومضى في إطلاق التهديدات نحوها: “سنفعل ما يتطلب للحيلولة دون بلوغ طهران قدرات نووية أو تعزيز قواعدها على تخومنا”. وعلى خلفية حادثة إسقاط طائرات حزب الله المسيرة القادمة من لبنان أمس السبت، هدد لابيد أعداء إسرائيل من طهران إلى لبنان بالقول: “لا تجربونا، نحن نعرف كيف نستغل قوتنا”. وعلى خلفية الفيديو الذي ظهر فيه مواطن إسرائيلي محتجز في غزة يكابد تدهورا صحيا، توقف لابيد أيضا عند قضية الأسرى في غزة، وقال: “لن نسكت ولن نستريح حتى يعودوا”. كما كان متوقعا، أشاد لابيد بالعلاقات الوثيقة بين إسرائيل والولايات المتحدة وباتفاقات أبراهام، واعدا بـ”المزيد من ثمار وبركات التطبيع”.

هذا أكثر وأقل الموجود في خطاب لابيد، أما المفقود فكان متوقعا، إذ تم تغييب القضية الفلسطينية والصراع مع الشعب الفلسطيني والاحتلال، عدا عبارات إنشائية الطابع عامة خالية من المضمون، كقوله إنه طالما حافظت إسرائيل على الأمن، فإنها ستسعى وتتطلع للسلام. وأضاف: “لسان حال إسرائيل يقول: حان الوقت أن تعترفوا بأننا لن نرحل من هنا، فهيّا نتعلم كيف نعيش معا”. ولم يتطرق لابيد لكيفية التعامل مع السلطة الفلسطينية التي قاطعتها حكومة نفتالي بينيت، لكن من غير المتوقع أن تتغير الأحوال السياسية من هذه الناحية، ولا يلوح أفق سياسي حتى بمجرد الحديث عن مفاوضات مع الجانب الفلسطيني عدا استمرار التنسيق الأمني، فما كان في فترة بينيت سيكون في فترة لابيد الانتقالية.

يشار إلى أن لابيد قد طرح في السنوات الأخيرة طروحات ضبابية حيال القضية الفلسطينية وتسوية الدولتين التي بات قادة الاحتلال يتحاشون التحدث بها كونها تتعارض مع توجهات أغلبية الإسرائيليين ممن يتطلعون لإدارة الصراع أو خفض ألسن لهبه أو اعتماد “السلام الاقتصادي” وبما يتعلق بقطاع غزة سبق وأن طرح تصورا لإعادة إعماره وبناء اقتصاده مقابل نزع سلاح المقاومة.

 وهكذا غاب موضوع التمييز العنصري المنتهج ضد المواطنين العرب في الدولة المصممة على تعريف نفسها “دولة اليهود”، وتتعامل مع سكانها الأصليين كضيوف.

بناء الصورة في وعي الإسرائيليين

جاء كل ذلك، الموجود والمفقود، انطلاقا من رغبة لابيد كرئيس حكومة مؤقتة يطمع باستغلال فترته القصيرة (نحو أربعة شهور) لبناء صورته في وعي الإسرائيليين كزعيم قادر أن يدير شؤون الدولة بنجاح وقوة. ولذا جاء الخطاب السياسي الوطني الإسرائيلي جامعا وخاليا من المضامين الحزبية والانتخابية، وقد ظهر عبر الشاشات كرئيس وزراء لا كرئيس حزب “هناك مستقبل”.

ويراهن لابيد على تسجيل نقاط انتخابية وزيادة شعبيته لدى الإسرائيليين بما يتعدى أتباع حزبه، من خلال الأداء والإدارة والظهور الإعلامي الناجح، كونه كان نجما إعلاميا ويتقن اللعبة الإعلامية منذ عمل مقدما بارزا لبرامج إخبارية في أهم قناة عبرية (القناة 12). يتطلع لابيد لأن يعزز مكانته وهيبته وشعبيته من خلال طقوس وفعاليات رسمية كاللقاء المرتقب مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الثلاثاء المقبل، وكذلك استقبال الرئيس الأمريكي جو بايدن في منتصف الشهر الجاري.

لابيد الذي يدرك بتجربته في السياسة والإعلام  وتجارب منافسيه خاصة بنيامين نتنياهو، قوة مفاعيل مثل هذه اللقاءات والطقوس الرسمية في البلاد والعالم على وعي الإسرائيليين. ومع ذلك يبقى الامتحان بالتطبيق إذ تنتظر لابيد جملة تحديات وأحداث متوقعة وغير متوقعة متنوعة، من المتوقع أن تختبر قدراته الفعلية في مواجهة الأزمات وإدارتها وليس فقط عبر إجادة محاكاة الكاميرا كما يرى مراقبون إسرائيليون كثر.

واحتج منافسو لابيد خاصة حزب “الليكود” على منح القنوات له فرصة مهمة لنقل كامل خطابه في بث حي ومباشر في ساعة الذروة من ناحية نسب المشاهدة، رغم كونه مرشحا في الانتخابات البرلمانية القادمة قبيل نهاية العام الجاري

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى