العالم تريند

هل تحمل زيارة الثلاثي شولتس وماكرون ودراغي رياح تغيير في قواعد الحرب الأوكرانية؟

عربي تريند_ التعهدات التي أطلقها المستشار الألماني أولاف شولتس، اليوم الخميس، فور وصوله أوكرانيا بصحبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، بمواصلة الدعم التام لكفاح كييف في مواجهة الهجوم الروسي، أثارت اهتمام المراقبين، خاصة وأن كييف صرحت مرارا أنها تحتاج بشكل خاص إلى الأسلحة الثقيلة والدبابات المتطورة من ألمانيا من أجل صد التقدم البري الروسي.

وأكد شولتس خلال زيارته لأوكرانيا التي وصل إليها بقطار خاص بصحبة ماكرون ودراغي على أهمية هذه الزيارة إلى كييف، وإظهار دعمهم لأوكرانيا وللمواطنات والمواطنين الأوكرانيين في ظل هذا الوضع الخاص للغاية. وتابع المستشار الألماني: “لكننا لا نريد إظهار التضامن فحسب، ولكن نتعهد بمواصلة المساعدة التي ننظمها ماليا وإنسانيا وكذلك فيما يتعلق بالأسلحة”، مؤكدا أنه سيتم مواصلة الدعم طالما “كان ذلك ضروريا لنضال أوكرانيا من أجل الاستقلال”. كما يتواجد الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس حاليا في كييف، لينضم للقادة الأوروبيين من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا لإجراء مباحثات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وشوهد شولتس وماكرون في محطة القطار وقد ارتدى المستشار الألماني بنطال جينز وقميصا أسود، بينما ارتدى ماكرون بزّة، ويرافقهما السفير الفرنسي في أوكرانيا إتيان دي بونسان.

وقال ماكرون الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي حتى 30 حزيران/ يونيو، على رصيف المحطة إنه جاء لتوجيه “رسالة وحدة أوروبية” و”دعم” لكييف “للحاضر وللمستقبل”.

ونشرت صحيفة بيلد الألمانية أنه وفور وصول الوفد الأوروبي إلى العاصمة الأوكرانية كييف، انطلقت صفارات الإنذار محذرة من اقتراب طائرات روسية، وقالت الصحيفة: “كان جزء من الوفد الألماني بالفعل أمام الفندق عندما انطلق جرس الإنذار. على ما يبدو لم ينزعج أحد، لأنها المرة الرابعة التي تنطلق فيها صفارات الإنذار اليوم. وبعد بضع دقائق، خرج المستشار شولتس أيضا من الفندق وركض إلى الموكب وابتسم للكاميرات. بدا ماكرون مرتاحا أيضا”. وذكرت الصحيفة أنه ولأسباب أمنية، يجب أن تظل وجهة القافلة سرية في الوقت الحالي.

وفي الوقت ذاته، أكد شولتس أنه سيتم التوضيح مرة أخرى أن العقوبات المفروضة ضد روسيا تتمتع بأهمية كبيرة، وقال: “لأنها تسهم في توفير فرصة أن تتخلى روسيا عن نواياها وأن تسحب قواتها. ولأن ذلك هو الهدف بالتحديد”.

“لن أذهب إلى كييف لالتقاط الصور فقط”

وكان شولتس قد صرح مرارا لوسائل إعلام ألمانية أنه لن يزور كييف إلا إذا كان هناك سبب وجيه، وقال بهذا الخصوص: “لن أكون ضمن الأشخاص الذين يدخلون ويخرجون بسرعة من أجل التقاط الصور. ولكن إذا قمت بذلك وزرت أوكرانيا، فلا بد أن يكون هناك شيء ملموس للغاية.” وسبق لزعيم حزب المحافظين المعارض، فريدريش ميرتس، أن زار كييف كأول سياسي ألماني رفيع المستوى، كما زارت وزيرة الخارجيةالألمانية أنالينا بيربوك من حزب الخضر كييف أيضاً.

وتأتي زيارة الزعماء الأوروبيين في وقت ناشدت أوكرانيا مرة أخرى إمدادها بمزيد من الأسلحة لمواجهة تقدم روسيا في الجنوب والشرق. وقال الميجر جنرال دميترو مارشينكو، قائد القوات الأوكرانية في ميكولايف، إن قواته يمكن أن تحقق النصر على روسيا إذا حصلت على الأسلحة المناسبة.

واستغرق الإعداد لهذه الزيارة أسابيع، إذ يتطلع الزعماء الأوروبيون الثلاثة إلى تخفيف انتقادات داخل أوكرانيا بسبب ردود فعلهم تجاه الحرب.

رهان على الأسلحة الألمانية

وتفتقر حكومة كييف إلى المدفعية المضادة للطائرات من نوع Gepard، والتي تم إيقاف تشغيلها منذ فترة طويلة في ألمانيا. وأعلنت وزارة الدفاع الألمانية الأسبوع الماضي أنه سيتم تسليم أول 15 قطعة من هذه الدبابات في يوليو/ تموز، مع 15 دبابة أخرى بحلول نهاية أغسطس/ آب. وبالإضافة إلى الدبابات ومدافع الهاوتزر، وعد المستشار الألماني شولتس مؤخراً بإرسال نظام الدفاع الجوي الحديث “IRIS-T” وأربع قاذفات صواريخ متعددة. ومع ذلك، لم تصل أوكرانيا حتى الآن سوى الأسلحة الخفيفة والذخيرة. في المجموع، تحتاج أوكرانيا 1000 قطعة مدفعية ثقيلة (هاوتزر)، و300 راجمة صواريخ متعددة، و500 دبابة، و2000 مركبة مدرعة، و1000 طائرة مسيرة، بحسب قناة التلفزيون الألمانية الثانية “تسي دي إف”.

وفي مقابلة مع صحيفة “راينيشه بوست” دعا السفير الأوكراني في ألمانيا، أندريه ميلنيك، شولتس إلى التعهد بمزيد من شحنات الأسلحة خلال زيارة كييف. حيث يأمل الأوكرانيون ألا تكون أهمية هذه الزيارة “رمزية” فحسب، بل “رائدة” كما يجب رفع المساعدات العسكرية الألمانية “إلى مستوى جديد نوعي”، بحسب السفير الأوكراني.

بيد أن مجلة شبيغل الألمانية توقفت عند قول شولتس إنه سيتم مواصلة الدعم طالما “كان ذلك ضروريا لنضال أوكرانيا من أجل الاستقلال”. وأبرزت ذلك عبر عنوانها الرئيسي لزيارة شولتس في موقعها الإلكتروني، وتريد المجلة التسليط على ذلك بسبب النظر إلى شولتس على أنه متردد سياسيا على صعيد السياسة المحلية والدولية فيما يتعلق بمجال الحرب.

وعبّر تحالف “إشارة المرور” المكون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر، والحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) عن أمله في أن يتخذ وزيرا الخارجية أنالينا بيربوك، والاقتصاد روبرت هابيك (كلاهما من حزب الخضر) مواقف أكثر قوة فيما يتعلق بتسليم أسلحة ثقيلة لأوكرانيا. وقد نفى المستشار الألماني مرارا اتهامات بالتردد في توريد أسلحة وعد بها إلى أوكرانيا. ورد شولتس على مزاعم السفير والرئيس الأوكراني بأن تدريب القوات المسلحة الأوكرانية ضروري لأنظمة الأسلحة الحديثة جدا والمعقدة في بعض الأحيان، وقال: “يتعلق الأمر بالمعدات الثقيلة ذاتها. يجب أن تكون قادرا على استخدامها، يجب أن تكون مدربا على ذلك، وهذا يحدث حاليا في جمهورية ألمانيا الاتحادية.” وأكد أنه سيتم تسليم جميع الأسلحة الموعودة.

بوتين حذر شولتس من إرسال أسلحة

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد حذر خلال محادثة هاتفية نهاية شهر مايو/ أيار مع المستشار الألماني أولاف شولتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من تسليم أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا. وفي المحادثة التي استغرقت 80 دقيقة، دعا شولتس وماكرون مجددا إلى إنهاء الحرب، حسبما ذكر المتحدث باسم الحكومة الألمانية.

ويرى مراقبون أن شولتس بالرغم من جهوده الحالية ما زال يبحث عن حل وسط يضمن عدم تورط ألمانيا في الحرب الدائرة كما يضمن خروجا مناسبا من الحرب الدائرة لكل من أوكرانيا وروسيا. ويرى خبراء ألمان أن الارتباط بشكل وثيق للغاية بأهداف أوكرانيا قد يعد “خطأ فادحا”، حيث حذر خبراء ألمان مثل يوهانس فارفيك لوسائل إعلام ألمانية أن تصرفات المستشار الألماني “ليست بدافع الجبن أو العجز، ولكن لأنهم لا يريدون المشاركة في الحرب ويبدو أنه ينظر في الآثار الجانبية والمخاطر المترتبة على تسليم الأسلحة”.

وبالرغم من الجهود المبذولة يسود الاعتقاد أوروبيا أن الحرب الروسية الأوكرانية قد تطول، وقد يعني ذلك بالنسبة لحلفاء كييف أنه سيتعين عليهم دعم البلاد بالمال والأسلحة ومساعدة اللاجئين لفترة طويلة قادمة.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى