ماذا ينتظر تونس بعد قرار سعيّد حل البرلمان؟
أعربي تريند_ علن الرئيس التونسي قيس سعيد، مساء الأربعاء، خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي، عن حل مجلس نواب الشعب، المجمدة أعماله منذ يوليو/تموز الماضي، بناء على الفصل 72 من الدستور.
وينص الفصل 72 من الدستور على أن “رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها، ويسهر على احترام الدستور”.
وكانت أستاذة القانون الدستوري، المختصة بالشأن البرلماني منى كريم الدريدي، قد قالت، في تصريح سابق لـ”العربي الجديد”، إن الدستور التونسي ينص على أنه يمكن لرئيس الدولة أن يحل البرلمان في حالتين: الحالة الأولى هي تلك التي اقتضاها الفصل 89 فقرة 4 من الدستور التي جاء فيها “إذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول (للشخصية المكلفة بتشكيل الحكومة)، ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة، لرئيس الجمهورية الحق في حلّ مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما”.
أما الحالة الثانية، فهي التي اقتضاها الفصل 99 فقرة 2، وذلك “في حال طلب رئيس الجمهورية من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة، وعندئذ يكلف رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر لتكوين حكومة في أجل أقصاه ثلاثون يوما طبقا للفقرات الأولى والخامسة والسادسة من الفصل 89. وعند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما”.
رغم ذلك، فإن البند الذي استند إليه سعيد خارج هذين البندين، وهو البند 71. وفي هذا الإطار، يشير أستاذ القانون العام خالد الدبابي، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إلى “تناقض الرئيس، فهذا البند يندرج في الباب الرابع المتعلق بالسلطة التنفيذية، ونعلم أن الأمر الرئاسي 117 الصادر في 22 أيلول/سبتمبر 2021 علق العمل بالدستور وأبقى فقط على التوطئة والبابين الأول والثاني، أي المبادئ العامة والحقوق والحريات”.
وشدد الدبابي على أن “الرئيس مرة أخرى يتعامل مع دستور 2014 تعاملا انتقائيا حسب الطلب وعلى المقاس بحسب ما يريده وما يرغب به”.
الأمر الرئاسي 117 الصادر في 22 أيلول/سبتمبر 2021 علق العمل بالدستور وأبقى فقط على التوطئة والبابين الأول والثاني
وأضاف أن هذا “الإجراء الاستثنائي الخاص بحل البرلمان هو من الناحية السياسية إجراء متأخر كان يمكن القيام به منذ الأيام الأولى لما بعد 25 يوليو”.
واستغرب الدبابي قائلاً “مرة أخرى لا نفهم تعامل الرئيس مع البند 80 من الدستور، فقد صرح أمس في مجلس الأمن قائلا إن الذين يدعون إلى حل البرلمان يجهلون أن هذا الفصل لا يتيح حل البرلمان وهنا يكمن التناقض”، مشددا على أن “هذه القراءة سليمة ولكن عديد الإجراءات الأخرى التي اتخذها الرئيس لا يتيحها أيضا الفصل 80، بما في ذلك تجميد أعمال البرلمان منذ البداية في وقت ينص هذا البند على بقاء البرلمان في حالة انعقاد”.
وتابع “حتى يكون الرئيس منسجما ومتناسقا في قراءته، كان يمكن حل البرلمان منذ البداية عوض خيار التجميد الذي يعد منزلة بين المنزلتين، بين حالة الأمر الواقع وبين بقاء البرلمان في حالة انعقاد دائم، فقبل حله اليوم كان البرلمان محلولا واقعيا وسياسيا دون تصريح بذلك”.
وبين أن “الاستتباعات القانونية للقرار أن أعمال البرلمان المستقبلية تصبح مخالفة للقانون إذا تواصلت، ولا يمكن للمجلس أن يجتمع ويشتغل فلم يعد له وجود على المستوى القانوني والدستوري”.أخبار
ولفت إلى أن “هناك إشكالا يتعلق بتنظيم الانتخابات المقبلة، فبعدما خرجنا من إطار دستور 2014 بمقتضى الأمر 117، فإن البند 89 الذي يتعلق بحل البرلمان في جانب منه، يقتضي مهلة زمنية بعد الحل لتنظيم انتخابات سابقة لأوانها، فهل سيطبق هذا البند أم لا؟”.
وبين الدبابي أن “المسألة بعد 25 يوليو صارت تقاس بمنطق القوة وليس اعتمادا على الدستور، والموازين اليوم لصالح رئيس الجمهورية الذي يتحكم في المشهد، وقد أساء إدارة الأمور لأنه تم التمطيط في المسار الانتقالي بشكل كبير”.
المسألة بعد 25 يوليو صارت تقاس بمنطق القوة وليس اعتماداً على الدستور
من جهته، قال أستاذ القانون الصغير الزكراوي، في تصريح لإذاعة “شمس”، إنه “لا يمكن تأسيس قرار حل البرلمان على الدستور، لأننا خرجنا على الدستور منذ مدة”، مشيرا إلى أن “الفصل 72 من الدستور تم تعليقه ضمن بقية أحكام الدستور”.
أما أستاذ القانون الدستوري ومنسق مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” جوهر بن مبارك، فقد اعتبر أن “قرار حلّ البرلمان غير دستوري، خطير، واعتداء آخر فاقد للسند طبعا، ولا يحتاج الأمر توضيحا ولكنّه سياسيا غير فعّال وواقعيا معدوم”.
وأضاف في صفحته على “فيسبوك”، أن “سعيد يتعاطى مع المجلس وكأنّه منحل واقعيا منذ بداية انقلابه، وقراره لا يضيف شيئا. ولكن البرلمان رجع لممارسة وظائفه اليوم وألغى تدابير الانقلاب وصار بدوره يتعاطى مع سعيّد خارج إطار منظومة المرسوم 117 بل بمنظور الشرعية الدستورية التي لا تتيح له حقّ الحلّ كما أكد هو بنفسه ليلة البارحة، ولكن بين البارحة واليوم هذه مسألة أخرى مضحكة”.