مصر

بعد “إف 15”.. مصر تجمع أهم المقاتلات الروسية والفرنسية والأمريكية لكن دون تهديد حقيقي لسد النهضة

تشكل المصادقة الأولية من طرف الولايات المتحدة على بيع مقاتلات “إف 15” المتطورة إلى مصر مفاجأة حقيقية، وإذا ما انتهت الصفقة بالمصادقة النهائية، ستتحول مصر إلى أقوى سلاح جوي في إفريقيا وربما الشرق الأوسط برمته، والدولة التي تجمع أهم المقاتلات في العالم.

في هذا الصدد، أوردت الصحافة الأمريكية المتخصصة في الشؤون العسكرية، القبول الأولي لواشنطن ببيع مصر مقاتلات “إف 15” حيث صرح قائد القيادة المركزية الأمريكية، كينيث ماكنزي، أمام الكونغرس الثلاثاء، أنه وبعد عمل طويل وشاق، قد تبيع واشنطن مقاتلات “إف 15” إلى مصر. ويبقى وجه الغرابة أن المصادقة تأتي بعد تقدم مصر بطلب يعود إلى السنوات الأخيرة من عهد الرئيس أنور السادات والأولى للرئيس حسني مبارك.

وكانت مصر ترغب بعد التطبيع مع إسرائيل في الحصول على مقاتلات “إف 15” لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة باعت لها فقط المقاتلة “إف 16” وبشروط مجحفة، وبدون مميزات كثيرة عن النسخة التي يمتلكها الطيران الحربي الأمريكي. وكانت القاهرة تحتج على واشنطن، وتتساءل لماذا تحجم عن بيعها هذه المقاتلات وهي التي وقّعت على التطبيع، في حين باعتها إلى السعودية وقطر، البلدان اللذان لم يوقعا على أي اتفاقية تطبيع.

ووجدت واشنطن حلا سياسيا وعسكريا لتبرير الصفقة الحالية بشأن “إف 15” لأن مصر تعتبر شريكا إستراتيجيا للحلف الأطلسي منذ سنة 1989، ودولة مهمة في الأجندة العسكرية الأمريكية. ومن غير المعروف حتى الآن شروط الصفقة والمميزات الكاملة للمقاتلة. وقد تكون واشنطن قد استبعدت وقوع حرب بين مصر وإسرائيل، ولهذا قامت ببيعها هذه الطائرات.

وعمليا، توجد عوامل أخرى تقف وراء قرار الولايات المتحدة بالمصادقة الأولية على هذه الصفقة بعد أكثر من أربعين سنة من الرفض، ويعود أساسا إلى قرار مصر تنويع سلاح الجو بالتوقيع على صفقات مع دول مختلفة. في هذا الصدد، كانت مصر من أوائل الدول التي اقتنت المقاتلة الفرنسية “رافال” وحصلت على 24 منها منذ سنتين ثم وقّعت صفقة أخرى للحصول على 30 أخرى.

في الوقت ذاته، وقّعت مصر مع روسيا صفقة لاقتناء الطائرة المقاتلة المتطورة “سوخوي 35” التي تعد العمود الفقري لسلاح الجو الروسي في الحرب ضد أوكرانيا. ولا ترغب الولايات المتحدة في خسارة مصر عسكريا في المستقبل، لا سيما وأن العالم سائر في التبلور نحو عالم متعدد الأقطاب، وتعمل الحرب الحالية بين روسيا وأوكرانيا على تسريع هذا المسلسل.

وإذا مرت الصفقة بجميع مراحل المصادقة، ستكون مصر أول دولة في العالم تتوفر على أهم المقاتلات حاليا، وهي رافال الفرنسية وسوخوي 35 الروسية، وإف 15 الأمريكية. وعادة ما تعتمد الدول على نوع واحد من المقاتلات الغربية أو الروسية، وهناك دول تعمل على تغيير مقاتلاتها بأخرى تدريجيا، لكن هذا لم يحدث في مصر.

وستمنح هذه الطائرات المقاتلة قوة أكبر لمصر سواء في القارة الأفريقية، حيث تعد القوة العسكرية الأولى، والتمركز القوي في الشرق الأوسط خاصة أمام تركيا. ورغم الحصول على هذا السلاح المتقدم، فهو يسمح للقوات الجوية المصرية بضمان أمن البلاد بشكل فعال في مواجهة الدول المحيطة، لكنه لا يمنحها عمقا إستراتيجيا خارج الحدود للتعامل مع المخاطر التي تهدد الأمن القومي المصري مثل تدمير سد النهضة في إثيوبيا الذي يهدد مصر بالجفاف وضرب القطاع الزراعي.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى