مصر

انتحار وتأخر صرف رواتب وفصل تعسفي… تقرير يرصد أوضاع العمال في مصر

تشهد مصر في الفترة الحالية تكرار أساليب بلطجة وتوحش أصحاب الأعمال في بعض مواقع القطاع الخاص، مستغلين عدم وجود أي رادع عقابي في قانون العمل، ومدعومين بالتوجهات المنحازة لهم في التشريعات التي صدرت في السنوات القليلة الماضية، أو المزمع إصدارها حالياً، حسب تقرير لحملة الدفاع عن الحريات النقابية، رصدت فيه أزمات تعرض لها العمال خلال الفترة الأخيرة، محذرة من خطورة ذلك.
وحذرت حملة الدفاع عن الحريات النقابية وحقوق العمال من خطورة التراخي في مواجهة وردع هذه الممارسات قبل أن تستفحل وتصبح ظاهرة وتتحصن بغطاء قانوني في مشروع قانون العمل الجديد الذي أعدته الحكومة بما يرضي رغبات ومصالح رجال الأعمال، خاصة أنه قد بدأ يتكرر بشكل متزايد تأخر بعض الشركات في صرف أجور العمال.
ولفت التقرير إلى تعمد إدارات الشركات عدم صرف علاواتهم الدورية ومستحقاتهم في بدلات الانتقال والوجبة، وضرب عرض الحائط بالاتفاقيات التي وقعوها مع العمال ومكاتب العمل، وفصل القيادات النقابية والعمالية؛ لترهيب العمال وإثنائهم عن المطالبة بحقوقهم، ومناصبة النقابات العداء بدلاً من التفاوض معها، وهو ما يسد قنوات حل النزاعات ويدفع إلى تفجر الأوضاع.

تأخر الرواتب

وقالت الحملة إنه خلال الأسابيع القليلة الماضية تم رصد عدة وقائع، منها قيام 520 عاملاً في الشركة المصرية لتصنيع المواد الغذائية “آيس مان”، يوم 8 مارس/ آذار الجاري، بتحرير شكوى جماعية في مكتب العمل ضد قرار الإدارة بصرف نصف راتب شهر فبراير/ شباط الماضي فقط (والمتأخر صرفه حتى الآن) وإعلانها أن الصرف سيتم يوم 15 مارس/ آذار الجاري، كما تقدم 50 عاملاً بتحرير شكاوى فردية للسبب ذاته، بالإضافة إلى مطالبتهم بصرف بدل المواصلات وبدل الواجبة التي تم وقف صرفها منذ أغسطس/ آب الماضي، وذلك رغم معاناتهم من تدني أجورهم وعدم بلوغها الحد الأدنى للأجور الذي صدر به قرار رئيس الجمهورية، والذي يبلغ 2400 جنيه.
وقالت حملة الدفاع عن الحريات النقابية إنه في 7 مارس/ آذار الحالي، تجمهر أكثر من 50 عاملاً في شركة النيل للمواد العازلة “بيتونيل” بعد منعهم من دخول الشركة، ومنعهم من حضور اجتماع ممثلي الإدارة مع مفتشي القوى العاملة، عقب فصل 8 قيادات نقابية، وإيقاف 14 عاملاً، وعدم صرف الأجور لـ 40 عاملاً منهم العمال المفصولون والموقوفون.
ولفت إلى أن الشركة فصلت ممثلي العمال وقياداتهم النقابية، وأوقفت العمل في جميع الأقسام، ضاربة عرض الحائط بقانون العمل رقم 12 لعام 2003، في محاولة منها لإرهاب العمال وإثنائهم عن المطالبة بحقوقهم، والسعي لإنشاء منظمتهم النقابية المستقلة.
وحسب التقرير: “كان العمال قد شرعوا في تأسيس منظمتهم النقابية، فعقدوا جمعيتهم العمومية واستكملوا إجراءات التأسيس، وتقدموا بأوراق ومستندات اللجنة النقابية كاملةً وفقاً للقانون إلى مديرية القوى العاملة بالإسكندرية في سبتمبر/ أيلول الماضي، غير أن إدارة الشركة ناصبت المنظمة النقابية الوليدة العداء، وعمدت إلى عرقلة خطواتها والتنكيل بمؤسسيها وممثليها”.
وتابع التقرير: “فوجئ العمال يوم 19 فبراير/ شباط الماضي بإدارة الشركة تمنعهم جميعاً من دخول مقر العمل. وتحسباً لادعاء الإدارة امتناعهم عن العمل، قام العمال بتحرير محاضر إثبات حالة، كما حرر العمال المفصولون محضر إثبات حالة”.

عقود محددة المدة

وزاد التقرير: “تحاول الشركة إكراه 21 عاملاً على توقيع عقود محددة المدة بدلاً من عقودهم غير محددة المدة بحكم استمرارهم في العمل بعد نهاية عقودهم المؤقتة، ولما رفضوا تم إيقافهم تعسفياً عن العمل أيضاً”.

انتحار عامل

وقالت حملة الدفاع عن الحريات النقابية، إنه في شركة “يونيفرسال” للأجهزة الكهربائية أضرب العمال عدة مرات مؤخراً، كان آخرها عقب انتحار زميلهم عاصم عفيفي بسبب سوء ظروفه المادية وعدم قدرته على الوفاء بمتطلبات أسرته، بعد أن دأبت إدارة الشركة على التأخر في صرف مستحقات العمال المتمثلة في رواتب 8 أشهر (حافز) و48 شهراً بدل طبيعة عمل، ومستحقات شهر يناير/ كانون الثاني الماضي لأكثر من ألف عامل، ما دفع العمال للدخول في أكثر من إضراب وعمل أكثر من اتفاقية مع إدارة الشركة برعاية وزارة القوى العاملة، واتفاقية برعاية النقابة العامة للصناعات الهندسية والمعدنية والكهربائية في 2 يناير/ كانون الثاني الماضي، ما لم تلتزم به الشركة.
وأكدت حملة الدفاع عن الحريات النقابية وحقوق العمال، أن هذه الممارسات تشيع أجواء البلطجة وعدم احترام القانون، وأن لها عواقب وخيمة، ليس فقط على أحوال العمال وأسرهم، وإنما أيضاً على الاستقرار الاجتماعي والاقتصاد القومي، مما يتطلب قيام الأجهزة الحكومية بمسؤولياتها لوقف بلطجة واستهتار وتلاعب أصحاب الأعمال بالقوانين وبحقوق العمال.
وأعلنت الحملة تضامنها الكامل مع العمال ومطالبهم المشروعة، ودعت كافة القيادات العمالية والنقابية والأحزاب والقوى السياسية المهتمة بقضايا العمال إلى إعلان تضامنهم مع العمال، وحقوقهم في صرف أجورهم بانتظام وعدم التلاعب بمستحقاتهم المالية، وفي تأسيس نقاباتهم وعدم فصلهم بسبب النشاط النقابي والمطالبة بالحقوق، والحرص على أن يكون قانون العمل الجديد ضامناً للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والنقابية للعمال المنصوص عليها في الدستور المصري والاتفاقيات الدولية.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى