فورين بوليسي: معارضة من الأمم المتحدة وداخل إدارة بايدن لتصنيف الحوثيين كحركة إرهابية
عربي تريند_ نشرت مجلة “فورين بوليسي” تقريرا أعده مراسل الشؤون الدبلوماسية والأمنية روبي غريمر وكولام لينتش الكاتب البارز في المجلة استعرضا فيه مواقف الأمم المتحدة المعارضة تصنيف الحركة الحوثية ضمن قائمة الجماعات الإرهابية، وذلك خوفا من زيادة الوضع الإنساني سوءا.
وقالا إن البيت الأبيض يواجه مقاومة لخطته تصنيف الحوثيين الذين تدعمهم إيران وفرض عقوبات عليهم لأن هذا سيدمر الإقتصاد اليمني ويدفع أفقر بلد في العالم العربي إلى حافة المجاعة.
وقامت إدارة دونالد ترامب في أيامها الأخيرة بالبيت الأبيض بفرض العقوبات التي ألغتها إدارة بايدن في أيامها الأولى من الحكم. لكن فريق بايدن الموكل بالسياسة الخارجية يشعر بالتعب من الحوثييين وعدم رغبتهم بوقف حرب مستمرة منذ حوالي ثمانية أعوام والتوقف عن ضرب الصواريخ وإرسال المسيرات إلى الإمارات العربية المتحدة والسعودية. وتقول المجلة إن هذين البلدين إلى جانب إسرائيل تدفع إدارة بايدن لإرجاع قراره العام الماضي ووضع الحوثيين على قائمة الإرهاب الأمريكية.
ويقود أكبر مسؤول مكلف بملف الشرق الأوسط في البيت الأبيض بريت ماكغيرك الجهود لوضع الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، إلا أن الخطة واجهت معارضة من مسؤولين أمريكيين آخرين بما في ذلك لقاء في البيت الأبيض عقده مجلس الأمن القومي في 4 شباط/فبراير، وهو واحد من عدة لقاءات مشتركة مع بقية الوكالات الحكومية لبحث الموضوع.
وبحسب مسؤولين أمريكيين على إطلاع بالأمر فالرافضون للخطوة يرون أنها قد تزيد من مصاعب اليمنيين. وقرر الممثلون فحص المبادرة من جديد وتحديد طرق أخرى، بما فيها فرض عقوبات تستهدف مسؤولين حوثيين بعينهم وبشكل لا يؤثر على وصول المواد الغذائية والطبية الحيوية إلى اليمن. وبحسب مسؤولين على معرفة بالنقاشات فإن مبعوثي الأمم المتحدة وبعض المسؤولين في وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومستوردي المواد من دعاة إلغاء الخطة. ورفض متحدث باسم مجلس الأمن القومي التعليق، محيلا المجلة إلى تصريحات الرئيس جوي بايدن في 19 كانون الثاني/يناير بأن الفكرة هي “محل بحث”.
وفي 8 شباط/فبرايرناشد منسق الإغاثة في الأمم المتحدة، مارتن غريفيثس ماكغيرك إعادة النظر في الخطة مشيرا إلى أثرها المدمر على استيراد المواد الضرورية للحفاظ على حياة المدنيين. وفي أثناء اللقاء، أكد ماكغيرك لغريفيثس أن الولايات المتحدة جمدت الخطة في الوقت الحالي، وذلك حسب مسؤولين اطلعوا على فحوى اللقاء. وأضاف ماكغيرك أن الولايات المتحدة تريد مواصلة النقاش مع الأمم المتحدة حول أثر العقوبات الأمريكية على المدنيين في اليمن.
وبنت المجلة تقريرها على مقابلات مع سبعة مسؤولين أمريكيين ودبلوماسيين أجانب وعمال إغاثة لهم علاقة بسياسة اليمن وكذلك وثائق سرية في الأمم المتحدة تشير إلى النقاشات. وتكشف النقاشات الطويلة على مدى أسبوع في واشنطن ونيويورك التحديات التي تواجه صناع السياسة لفرض عقوبات ضد إرهابيين أو جماعات مارقة وبدون أن تترك هذه العقوبات آثارها على المدنيين.
وفي اليمن، تظهر تقارير الأمم المتحدة أن الحوثيين يسيطرون على أراض وبيوت بنسبة 60% على الأقل بما فيها العاصمة صنعاء. وتعكس النقاشات الإحباط بين كبار المسؤولين في البيت الأبيض بمن فيهم ماكغيرك، بعد سلسلة من الهجمات الصاروخية والمسيرات التي استهدفت السعودية والإمارات. وضاعف هذه الإحباطات فشل الدبلوماسية التي بدأتها إدارة بايدن بما في ذلك تعيين مبعوث خاص إلى اليمن. ولم تنجح هذه بإحياء محادثات السلام بين الحكومة المعترف بها دوليا والحركة الحوثية.
وقال خالد اليماني، وزير الخارجية اليمني السابق “في الحقيقة، لم يحدث أي شيء” و “اكتشفت الإدارة أنه ليس لديها منفذ كبير للحوثيين ولا توجد إمكانية لديهم للتفاوض معهم ومساعدة الأطراف إلى طاولة المفاوضات”. وحمل اليماني الحوثيين وموقفهم الداعي للقتال المسؤولية ويعتقد أن وضعهم على قائمة الجماعات الإرهابية قد يزيد من الضغوط عليهم ويجلبهم إلى طاولة المفاوضات. فإضافة المتمردين الحوثيين إلى القائمة الإرهابية وبإشراف من وزارة الخارجية سيؤدي لتجريم التعامل مع المتمردين ويعرض التجار والشركات الذين يتعاملون معهم للعقوبات الجنائية.
ويقول المسؤولون الأمريكيون وعمال الإغاثة الإنسانية الذي يعارضون التصنيف إنه رغم الإعفاءات الممنوحة للجماعات الإنسانية من العقوبات، إلا أن تصنيف الحركة سيترك أثرا مخيفا على الجماعات الإنسانية والشركات التي توزع الإمدادات التي يحتاج إليها المدنيون، ومعظمهم على حافة المجاعة.
وتقول مصادر إن من الخيارات الأخرى التي تدرسها إدارة بايدن هو تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية خاصة بدون وصف الجماعة الإرهابية الأجنبية. وكان التصنيف السابق بدرجة أقل من الجماعة الإرهابية الأجنبية، فرغم أنه يحفز العقوبات إلا أنه لا يعني اتهامات جنائية. وربما استهدفت الولايات المتحدة قادة بعينهم في الحركة وتصنيفهم كإرهابيين. وحذر سكوت بول، المدير البارز في منظمة أوكسفام، إن الشركات التي توزع المواد الضرورية مثل الوقود والطعام قد توقف عملياتها خشية من وقوعها تحت طائلة المساءلة بناء على تصنيف الجماعات الإرهابية الأجنبية ومهما منحت الولايات المتحدة إعفاءات لعدد منها. وقال إن التصنيف سيترك أثره على الإقتصاد اليمني الهزيل والذي يتعرض لضغوط منذ عدة سنين. ويعني التصنيف حرمانه من التحويلات المالية من الخارج والتي أسهمت طوال سنوات الحرب بدفعه. وبسبب ارتفاع الأسعار العالمية وسعر الصرف غير المناسب لم يعد معظم اليمنين قادرين على توفير المواد الأساسية. وقال إن الطعام والدواء الذي سيكون عرضة للرخص لن يكون متوفرا بالمستويات الموجودة الآن”. و “المشكلة الرئيسية ليست فيما إن اختفت المساعدات او ستقل، المشكلة هي أن الإقتصاد سينكمش”. فالحرب التي بدأت عام 2014 ووضعت التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين أدت لمقتل 375.000 يمني ويحتاج ثلثي الشعب اليمني لمساعدات إنسانية.
ودخلت الأزمة اليمنية حالة من الإنسداد، رغم عودة العنف، ويظل الحل دبلوماسيا للمأزق كما يقول اليماني “الحرب تدمر الشعب” و “لا تعطي الحرب أي أمل لليمنيين”. وفي الشهر الماضي كتب سفير الإمارات في الأمم المتحدة مقال رأي بـ “وول ستريت جورنال” طالب فيه الإدارة بتصنيف الحوثيين و “المساعدة على خنق الإمدادات المالية والعسكرية بدون تقييد المساعدات الإنسانية للشعب اليمني”.
وفي نفس الوقت بدأت البعثة الإماراتية في الأمم المتحدة بتوزيع مذكرة على بقية البعثات وضحت فيها كيفية تطبيق تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية أجنبية بدون عرقلة المساعدات الإنسانية. ويقول الداعون لوضع الحركة من جديد على القائمة الإرهابية ومنهم اليماني ومسؤولين سابقين في إدارة ترامب إن الحوثيين حولوا المساعدات الإنسانية إلى مقاتليهم وأن نزعهم عن القائمة لم يترك أثره على محادثات السلام.
ويقول براين هوك، المبعوث الخاص لإيران في عهد ترامب “لا يوجد محفز للحوثيين كي يشاركوا في المحادثات”. وأضاف أن “إزالة الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية ترك وبوضوح أثاره المهمة، ومن الناحية الرمزية أعطى الحوثيين اليد الحرة لمواصلة ما كانوا يقومون به بدون تداعيات”.
كل هذا لم يترك أثره على معارضي التصنيف في واشنطن والأمم المتحدة. واعدت الأخيرة ورقة من خمس صفحات فصلت فيه الآثار الإنسانية للخطة. وجاء فيها أن الإعفاءات للمستوردين لم تكون كافية في ظل مسؤولية القطاع الخاص عن نسبة 85% من المواد المستوردة. وجاء فيها “يحتاج اليمنيون لاستمرار الإستيراد التجاري للنجاة. ولا يمكن لوكالات الإغاثة أن تكون بديلا عن الإستيراد التجاري”، مشيرة إلى أن الأزمة الإنسانية لم تخف منذ عام وبعد قرار ترامب في 2021 تصنيف الحركة، فقد ألغى الموردون الشحنات من المستوردين اليمنيين و “لو توقفت سلاسل التوريد فسيجوع عدد كبير من اليمنيين” و “هناك إشارات عن تناقص الواردات الضرورية والطعام لو تم فرض تصنيف جديد”. وعبر عدد من المستوردين اليمنيين عن مخاوفهم للأمم المتحدة وتأثرهم بقرار جديد يمنعهم من جلب الطعام والدواء والمواد الحيوية الأخرى.