مصر: جدل حول تعديل قانون الإيجار القديم… ورفض حزبي للإخلاء والطرد
عربي تريند_ ظلّ ملف الإيجار القديم على مدار عقود، يمثل أزمة في مصر، خاصة مع مطالبة أصحاب الوحدات السكنية بإصدار قانون يسمح باستعادة أملاكهم، في ظل رفض المستأجرين هذا الأمر، واعتباره تهديدا لاستقرار أسرهم.
وحسب إحصائيات صادرة عن وزارة الإسكان، فإن عدد الوحدات بقانون الإيجار القديم تبلغ 42 مليونا و973 ألفا، نصيب الوحدات السكنية فيها 38 مليونا و84 ألفا.
تفاصيل تصور الحكومة لحل أزمة الإيجار القديم بشكل كامل، كشف عنها السفير نادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء، وذلك بعد تشكيل لجنة من ممثلي الحكومة ونواب مجلسي النواب والشيوخ لبدء إعداد تصور لتعديل قانون الإيجار القديم بشكل كلي.
وحسب كلامه «تدخل الحكومة لحل ملف الإيجار القديم بهذا الشكل يعتبر سابقة تحسب لها، وذلك لما لهذا الملف من أهمية وحساسية شديدة بين طرفي العلاقة الإيجارية».
«لن يترك أحد في العراء»
وأضاف أن «قضية الإيجار القديم مهمة للغاية» مؤكدا أن الحكومة إذ تنظر هذا الملف فإنها تؤكد على أنه لن يضار أحد».
وأوضح أن «الحكومة لن تترك أحدا في العراء وستوفر المسكن البديل خلال الفترة الانتقالية التي سيتم التوافق عليها قبل تحرير العلاقة بين الطرفين».
وتابع: «من يريد هذه الوحدات البديلة بنظام التملك سيكون ذلك متاحا كما سيتاح الحصول على شقة إيجار، وسيتم تقديم تسهيلات للمستأجرين، منها أن يعفى طالب الإيجار من أي مبالغ مقدمة حتى لا يثقل كاهل هذه الفئة التي ستكون مضطرة إلى ترك وحداتها السكنية بعد تحرير العلاقة الإيجارية».
ووفق متحدث مجلس الوزراء «سيتم العمل على تحديد فترة انتقالية قبل تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر فيما يخص السكني والتجاري مثلما حدث في قانون الوحدات المؤجرة لشخصيات اعتبارية لغير غرض السكن».
وحول المدة الزمنية للفترة الانتقالية، أوضح أن هذه الفترة «ستختلف بين الوحدات السكنية وغير السكنية وقد تكون أطول بالنسبة للشقق السكنية بمدة عام أو عامين» موضحا أن «هذه الأرقام ليست نهائية».
وأكد أن مشروع القانون الذي يجري العمل عليه من قبل الحكومة والنواب «ستعرض فيه مدد الفترة الانتقالية والتي ستكون خاضعة للنقاش ومفتوحة للحوار المجتمعي قبل الاتفاق عليها بشكل نهائي».
حوار مجتمعي
وشدد على «الالتزام بضرورة إنجاز الأعمال في توقيت زمني محدد وعدم ترك الأمر مفتوحا إلى ما لا نهاية» قائلا: «على مدار ثلاثين عاما أقمنا حوارا مجتمعيا لم يفض إلى شيء، والفارق الآن أن مشروع القانون الذي ستقترحه اللجنة المشكلة تتبناه الدولة ويصل إلى قانون نهائي».
إلى ذلك، أعلنت 5 أحزاب مصرية معارضة هي التحالف الشعبي الاشتراكي والاشتراكي المصري والشيوعي المصري والدستور والعيش والحرية، تضامنهم مع حقوق المستأجرين، مطالبين بـ«عدم الإخلاء أو الطرد».
الأحزاب قالت في بيان لها إنها «تابعت خلال الأيام الماضية الاجتماعات والتصريحات والمواقف المختلفة حول قضية قانون الإيجارات القديم، التي شارك فيها رئيس مجلس الوزراء بشخصه مع وزراء آخرين ونواب في البرلمان».
وتابع البيان: «رغم ما أشار له رئيس الوزراء من ضرورة إجراء حوار مجتمعي حول تلك القضية الحساسة للغاية، وهو أمر نتفق معه شريطة أن يجرى حوار مجتمعي جاد حقيقي تشارك فيه كل أطراف وأطياف المجتمع، وتتوفر له الشفافية والعلنية الكاملة، فقد صدرت عن رئيس الوزراء نفسه وعن وزراء ونواب تصريحات مثيرة للقلق، وبعيدة عن التعبير عن ضرورة البحث عن التوازن بين الجميع، من ضمن الإشارات المثيرة للقلق تصريح المتحدث باسم مجلس الوزراء والذي يحصر التوازن في مجرد تحديد فترة انتقالية للتنفيذ، وهو ما لا يعد توازنا، وإنما مجرد فترة حتمية لسريان أي قانون يمس أعدادا هائلة».
وقالت الأحزاب في بيانها: «بالإضافة لذلك، فقد كانت هناك تصريحات أسوأ صادرة عن وزير الإسكان تتحدث عن ما يسميه صندوق تكافل للمساعدة في إتاحة سكن جديد للفئات الأشد فقرا من المتضررين، ما يصب في إتجاه فكرة إخلاء المستأجرين سكني وتجاري من منازلهم ومحلاتهم بعد فترة معينة».
تضامن مع المستأجرين
وأكدت الأحزاب الموقعة «تضامنها القوي والراسخ مع المستأجرين ورابطتهم المعروفة التي عبرت عن موقفهم طوال السنوات الخمس الماضية، والتي أصدر مستشارها القانوني محمد عبد العال بيانا يلخص مواقفهم المشروعة الدستورية والقانونية، وقبولهم بالحوار الحريص على الأمن المجتمعي، وفي الوقت ذاته تمسكهم بحقوقهم القانونية والدستورية المنبثقة من عقودهم الشرعية والأحكام الدستورية».
وقالت الأحزاب: «من المهم في هذا السياق التذكير والتأكيد على حكم المحكمة الدستورية العليا بدستورية قانون رقم 4 لسنة 1996، أو ما يسمى قانون الإيجار الجديد، إذ نصت المحكمة في حكمها على أن إصدار قانون جديد يكون بقيود، وهي ألا تسري أحكامه على ما سبق من قوانين، ولكن تسري على الأماكن المنشأة الخالية، أو الأماكن التي انتهت عقودها ولم يصبح لأي شخص حق الإقامة فيها، وبذلك فليس بوارد طرح أي مقترحات تنتهك تلك المبادئ الدستورية والقانونية الثابتة».
سابقة خطيرة
وتابع البيان: «في حالة أقدام مجلس النواب على تمرير مثل هذه المقترحات فإنه يخلق بذلك سابقة خطيرة في الممارسة الدستورية والبرلمانية لن تثنينا عن مواجهتها مع المستأجرين بكل الأساليب الدستورية والمشروعة، ناهيك عن أن مثل تلك المقترحات لو تم تمريرها ستخلق بالإضافة للأزمة الدستورية، أزمة مجتمعية واقتصادية، لأن القضية تمس ملايين الأسر سكانا وأصحاب محلات ومنشآت وعاملين فيها بحثا عن رزقهم ورزق أسرهم، وانطلاقا من ذلك كله نؤكد مرة أخرى تمسكنا بالحقوق الدستورية والقانونية لكافة المستأجرين، ورفضنا لأي مقترحات من شأنها أن تؤدي لإخلائهم وطردهم من العقارات المستأجرة».
وشددت الأحزاب الموقعة على البيان أنها على «أتم الاستعداد للمشاركة في أي حوار مجتمعي جاد بالمواصفات التي أشرنا لها، جنبا إلى جنب مع المستأجرين، ونحن نعتقد بقوة أن أي حوار جاد حول مشكلة السكن في مصر لا ينبغي أن يكون مقتصرا حصرا على مسألة الإيجار القديم، بل على مشكلة السكن في مصر عموما، حيث أن الإيجار القديم لا يمثل سوى نسبة محدودة من المشكلة، فيما تشير إحصاءات الجهاز المركزي والإحصاء إلى وجود 10 ملايين وحدة سكنية مغلقة يمثل الإيجار القديم أقل كثيرا من 10 في المئة منها، والشقق المغلقة وغيرها من القضايا المهمة هي المسألة التي تتطلب حلا».
واختتم البيان: «المطلوب المشاركة المجتمعية في كل قضايا السكن ومخططات التطوير، وهو حق قانوني ودستوري مشروع، لا أن يفاجأ المصريون بقرارات أحادية من السلطة التنفيذية لا تأخذ في الاعتبار رغبات السكان». إلى ذلك، قال محمد عبد العال، المستشار القانوني لرابطة المستأجرين، إن النائب أحمد السجيني، عضو اللجنة المقترحة لتعديل قانون الإيجار، صرح بأنه كان هناك اجتماع وجرى وضع القاعدة الحاسمة لأي دراسة أو مناقشة وهي التمسك بالأحكام الدستورية.
وأضاف، في تصريحات متلفزة، أن قانون الإيجار القديم من أكثر القوانين التي طالها التغيير، والمحكمة الدستورية أصدرت 30 حكمًا دستوريًا تناولت فيها كافة نصوص الإيجار من حيث المدة وقيمته الإيجارية وكافة عناصر العقد بحيث وصلت للحد الأدنى للشروط التعاقدية المنصوص عليها بحيث لو أقدمنا على أي تعديل نهدم العقد رجاء لأحد أطرافه ورغمًا عن الآخر».
وتابع: «التمسك بالأحكام الدستورية حق للحكومة والبرلمان، ولكن عندما نتحدث عن فترة الانتقال الزمنية المحددة، فإنها مخالفة واضحة لمقتضى الأحكام الدستورية التي صدرت» مشيرًا إلى أن مدة العقد وامتداده للدرجة الأولى طبقا لطبيعة العقد، وبالتالي المنطقي أن حالة امتداد القانون السابقة كان ينص القانون على أن الامتداد لأقارب الدرجة الثالثة نسبًا أو مصاهرة والمحكمة الدستورية ألغته وقصرته على الامتداد الأسري».
وأكد أن «الإيجار في الأماكن التجارية المحكمة أصدرت حكمها بأن يكون للورثة باعتباره نشاطا اقتصاديا» موضحًا أنه لا توجد إحصائية محددة عن مفهوم الشقق المغلقة، وأن هذا المصطلح غير قانوني وموجود في القانون نفسه وهناك مادة تسمى “الترك النهائي».
ولفت إلى أنه «إذا ترك المستأجر الانتفاع بالعين طواعية يجوز للمُؤجر التقدم بطلب إخلائه، والمادة 22 الفقرة الثانية، تقول إذا المستأجر استأجر أكثر من وحدة فهو مخير بأن يأخذ واحدة ويترك البقية».
وأوضح أن «تعديل قانون الإيجار القديم فيه مظلومية خادعة للملاك، وسيطرة كاذبة للمستأجر، ويجد 3 أمور هي عقد رجائي وهي عندما أريد عمل تعديل ليس من العدالة أن أقيم العلاقة في نهايتها ولكن يجب النظر في مجملها من القيمة الاقتصادية التي أخذها المؤجر وتكلفها المستأجر».
وأضاف أنه كان مقترحًا في 2012 زيادة تدريجية للقيم الإيجارية ورفضها ممثلو الملاك، الغرض الرئيسي من تعديل قانون الإيجار فكرة إعادة التوازن رغم أن المحكمة الدستورية قضت بهذا التوازن.
«عقود احتلال»
عمرو حجازي، نائب رئيس جمعية حقوق المتضررين من قانون الإيجار القديم، قال إن متوسط الحد الأقصى للإيجارات القديمة يبلغ نحو 70 جنيها.
وأضاف خلال لقائه مع الإعلامية عزة مصطفى، في برنامج «صالة التحرير» المذاع على قناة «صدى البلد» أنه «بالنسبة للخلو وهو المقابل المادي الذي كان يتم دفعه للحصول على شقة إيجار قديم، فهو أمر مجرم وتم وضعه على أنه جريمة نصب».
وتابع: «تم التقدم بمشروع قانون من جانب جمعية حقوق المضارين من قانون الإيجار القديم يقضي بوجود فترة انتقالية لمدة 3 سنوات للوحدات السكنية وسنة واحدة للوحدات الاعتبارية وهي فترة كافية لحل تلك الأزمة».
اعتبر نائب رئيس جمعية حقوق المتضررين من قانون الإيجار القديم، العقود القديمة للوحدات السكنية (عقود احتلال)».