العالم تريند

رغم تهديد الغرب بسبب أوكرانيا.. بوتين سائر في فرض سياج أمني

عربي تريند_ رفع الحلف الأطلسي من جاهزية وعدد قواته في الدول الأوروبية الشرقية ليس تحسبا للدخول في مواجهة مع روسيا بسبب أوكرانيا، فهذا غير مطروح في الأجندة العسكرية، بل خوفا من مغامرة روسية حقيقية نحو بلدان أخرى كانت تشكل سابقا جزءا من الاتحاد السوفييتي. ويعود هذا إلى نتيجة توصل إليها الغرب وهي محاولة الكرملين استعادة جزء من فضاءات الاتحاد السوفييتي ولو افتراضيا.

واتخذ الحلف الأطلسي والدول الغربية قرارا بعدم خوض حرب في مواجهة روسيا إذا قامت بشن حرب ضد أوكرانيا. ويعود القرار إلى الاعتقاد بأن الحرب ستؤدي فقط إلى ضياع أقاليم شرقية لأوكرانيا مثل لوغانسك ودونتيسك وليس أوكرانيا بالكامل، لكن مع خطة الكرملين في التسبب في تغيير في النظام بقدوم آخر موال لموسكو وبعيد عن الغرب. وتعلن كل الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا عدم خوض الحرب من أجل أوكرانيا لأنها ليست عضوا في الحلف الأطلسي. وفي المقابل، تمد هذا البلد ببعض الأسلحة التي قد تخلق بعض المشاكل العسكرية للجيش الروسي، مثلما فعلت بريطانيا بإرسال شحنة من الأسلحة الدقيقة.

وأبرزت جريدة “الباييس” الإسبانية، في مقال تحليلي اليوم الأربعاء، كيف ترغب أوروبا في الإبقاء على قنوات التواصل مع روسيا وعدم التلويح بالعقوبات، في حين تهدد لندن وواشنطن أوكرانيا بأشد العقوبات. ويعود هذا إلى وعي الدول الأوروبية بأنها العنصر الضعيف أمام روسيا عسكريا وفي مجال الطاقة نظرا لاستيراد أوروبا نسبة هامة من الغاز من روسيا.

أوروبا ترغب في الإبقاء على قنوات التواصل مع روسيا وعدم التلويح بالعقوبات. ويعود هذا إلى وعيها بأنها العنصر الضعيف أمام روسيا عسكريا وفي مجال الطاقة نظرا لاستيرادها نسبة هامة من الغاز من روسيا

وتدفع الدول الأوروبية نحو المهادنة الحذرة، إذ ترى عواصم مثل باريس وبرلين وروما عزيمة تكاد تصبح علنية لموسكو وهي خلق أزمات لفرض واقع جديد يعيد نوعا ما الفضاءات التي كانت مرتبطة بالاتحاد السوفييتي ولو على المستوى النظري والسياسي وليس العسكري والميداني. ونجح الضغط الروسي في إبقاء دولة غربية مثل فنلندا بعيدا عن الانضمام إلى منظمة شمال الحلف الأطلسي رغم انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.

وبدأ الغرب يفهم الآن التصريحات المتكررة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقوله إن تفكك الاتحاد السوفييتي كان جريمة حقيقية، ويربطون التصريح بسياسة الكرملين الحالية والمستقبلية في نسبة العنف المعبر عنه تجاه أوكرانيا أو سوابق مثل ضم شبه جزيرة القرم والهجوم على جورجيا سنة 2008. ويذهب أبرز محللي جريدة “لوموند” الفرنسية، آلان فرانشون، في مقال يوم الجمعة الماضي، إلى التأكيد على عزيمة بوتين إقامة فضاء أيديولوجي ثم فضاء شبه ميداني يشكل دائرة أمنية للأمن القومي الروسي. وهذا يتجلى في عدم ترك الاختيارات الاستراتيجية في يد الدول المحيطة بروسيا مثل انخراطها في الحلف الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي.

ويسود الاعتقاد في نجاح بوتين في استعادة افتراضية ولكنها ملموسة نسبيا لفضاء الاتحاد السوفييتي من خلال أزمة أوكرانيا، حيث ستفكر الدول كثيرا قبل الاقتراب من الحلف الأطلسي والرهان كثيرا على الاتحاد الأوروبي. كما يسود الاعتقاد في بدء فرض روسيا قمة يالطا جديدة (نسبة إلى يالطا الخاصة بالحرب العالمية الثانية) تنص على عدم استقبال دول البلطيق وبولونيا لقوات الحلف الأطلسي، ومنع تمدد الحلف الأطلسي ووقف التعاون الغربي- الأوكراني في المجال العسكري.

لم تعد موسكو تهتم فقط بمنع التمدد بل تريد سياجا أمنيا- أيديولوجيا يتجلى في إيمان شعوب المنطقة القريبة بعدم الرهان على الحلف الأطلسي، مثلما يحدث في فنلندا والسويد، حيث غالبية الشعب ضد الانخراط في هذا الحلف للحفاظ على علاقات مع روسيا وتفادي مشاكل مستقبلا. وبدأت دول مثل بلغاريا تراجع حساباتها، وقد صرح منذ أيام وزير الدفاع ستيفان يانيف أن تواجد أسلحة أطلسية في أراضي بلغاريا ليست موجهة إلى روسيا، في إشارة الى تعزيزات جوية بطائرات مقاتلة إسبانية وهولندية.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى