جدل في تونس بعد قرار وزارة العدل التحقيق في “الجهاز السري” لحركة النهضة
عربي تريند_ قررت وزارة العدل التونسية أخيرا فتح تحقيق حول “الجهاز السري” المزعوم لحركة النهضة، لتعيد الجدل حول هذا الموضوع الشائك والذي تنفي حركة النهضة وجوده، فيما يتحدث خصومها عن “تورطه” في اغتيالات سياسية داخل البلاد.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر قضائية تأكيدها أن وزيرة العدل ليلى جفّال أوصت بفتح تحقيق حول “الجهاز السري” لحركة النهضة.
وجاء القرار عقب شكوى قضائية تقدم بها فريق الدفاع في قضيتي اغتيال السياسيين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، ضد شخصيات سياسية قالت إنها تتبع لـ”الجهاز السري” وهي متورطة في اغتيال بلعيد والبراهمي.
وأشاد عبد المجيد بلعيد (شقيق شكري بلعيد) بقرار وزيرة العدل، معتبرا أن ما أقدمت عليه هو “مسار ممتاز يبعث على الطمأنينة، وهي عازمة على تطهير تونس، وفتح ملف الجهاز السري بجدية سيكشف العديد من الحقائق ولغز ‘الإرهاب’ في تونس”.
كما تحدث في تصريح صحافي عن “معركة كسر عظام بين السلطة وجزء من القضاة الموالين لحركة النهضة (وخاصة أن) البحيري مازال جاثما على القضاء ولذلك فإن العديد من الملفات مازلت مرهونة ولم تغادر الرفوف”.
وتحت عنوان “الجهاز السرِّي في رواية تيّار التعفّن الأيديولوجي”، كتب الوزير السابق خالد شوكات: “حديث البعض في تونس هذه الأيام عن الجهاز السري لحركة النهضة، يؤكد تلك الفكرة التي أشرت إليها باستمرار منذ انقلاب 25 يوليو، وهي هشاشة الفكر الديمقراطي إما عن جهل أو تجاهل يترجم حالة تعفّن أيديولوجي لم تفلح سنوات الانتقال الديمقراطي العشر في التخفيف من وطأتها ومعالجة آثارها السلبية، كما يعكس رغبة في تصفية حسابات سياسية بطرق مخالفة لمقتضيات الديمقراطية ومبادئها، كأن يحاسب تنظيم سياسي معارض على امتلاك جهاز سري أيام الاستبداد، فيما لم يكن الاستبداد يسمح ببناء التنظيمات العلنية وقد دفع طيلة عقود من الحكم الفردي التسلطي جميع التيارات السياسية والأيديولوجية المعارضة إلى ممارسة السرية وأقدار من العنف”.
وأشار إلى أن الدساترة اليوسفيين والقوميين البعثيين واليسار والإسلاميبن، سبق أن قاموا بتأسيس تنظيمات سرية، مضيفا: “لقد فعلوا ذلك عندما لم تكن المعارضة المدنية السلمية الديمقراطية متاحة، فما بالك بحزب يساهم في قيادة حكم ديمقراطي ويفوز بالانتخابات وقادر على “التمكين” بأساليب سلمية ديمقراطية، فالتمكين في أنظمة الحكم الديمقراطي ليس بدعة، وهو ممارسة عادية في أعرق الأنظمة الديمقراطية”.
وتابع بالقول: “هناك إسلاميون بلا شك يرفضون الديمقراطية، إما فكريا كحزب التحرير، أو عنفيا كداعش، وهؤلاء لا يخفون رفضهم هذا الفكري أو العنفي، كما نجد أيضا قوميين ويساريين وحتى دساترة فاشيين يعترضون على الديمقراطية ويعتقدون لدواعِ مختلفة أنها نظام حكم لا يناسبنا، ولعل بعضهم ممن يعمل على تغيير نظام الحكم بالقوة لن يتردد في بناء أجهزة سرية، أما بالنسبة لتيار إسلامي عريض لطالما طالب بالنشاط القانوني العلني وقدّم طلبا لنيل تأشيرة حزب سياسي في ظل الديكتاتورية لسنوات طويلة، فما حاجته يا ترى إلى جهاز سري وهو يحكم البلاد طيلة عقد من الزمان كما يزعمون، أليس في الجمع بين القول بحكم الإسلاميين ثم القول بوجود جهاز سرّي تناقض جوهري؟”.
وقال شوكات، الذي كان نائبا عن حزب نداء تونس: “لقد خضنا الانتخابات ضد الإسلاميين في مناسبات عديدة طيلة السنوات العشر الماضية، وانهزمنا ثم انتصرنا وانهزمنا وهكذا أمامهم. لقد حوّلهم الحكم إلى حالة إنسانية عادية قابلة للنقد والهزيمة، وربمّا الهزيمة الانتخابية الماحقة كما حصل لهم في المغرب مثلا، ولا أظن ديمقراطيا حقيقيا يؤمن بقواعد التنافس الانتخابي وبقيم الانتقال الديمقراطي وفي مقدمتها المصالحة الوطنية، قادر على أن يصدّق فرية “الجهاز السري”، الفرية التي لا تليق إلا بالأنظمة الاستبدادية وشعوب القطيع وكل عاجز عن هزيمة الإسلاميين الانتخابية من ذوي العفن الأيديولوجي والمكايدة السياسية. أما من هزمهم انتخابيا فلا حاجة له بالعودة إلى أساليب الاستبداد البائسة واللعينة”.
ولم تعلق حركة النهضة على قرار وزيرة العدل الأخير، لكنها خلال السنوات الأخيرة نفت وجود أي جهاز أو تنظيم سري لها، أو تورط أي من قياداتها في اغتيال بلعيد والبراهمي.
والعام الماضي، اتهمت الحركة هيئة الدفاع في قضية اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي بالمتاجرة بدمهما عبر الترويج لـ”ادعاءات باطلة” تتعلق بتورط “الجهاز السري” المزعوم للحركة في الاغتيالات السياسية، فيما قررت عائلة القيادي السابق في “النهضة” منصف بن سالم مقاضاة الهيئة بعد اتهام الراحل بتجنيس طلبة من حركة حماس.
وقبل أيام، أفرجت السلطات التونسية عن مصطفى خضر المحكوم في قضية “الجهاز السري”، وذلك بعد قضائه فترة الحكم ضده لمدة ثماني سنوات