العالم تريند

إندبندنت: مخيم الهول أكثر بقعة دموية على وجه البسيطة وأخطر من كراكاس

عربي تريند_ نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريرا لمراسلتها بيل ترو عن زيادة عمليات القتل داخل مخيم الهول الذي يلاحقه تنظيم “الدولة”. وقالت إن الهول بات أكثر الأماكن دموية على وجه البسيطة حيث يعيش المقيمون فيه بحالة من الخوف الدائم. وقالت إن عمليات القتل والاغتيال تتم في وضح النهار، فقد جاء المسلحون في يوم الجمعة، وبعد خروج المصلين من صلاة الجمعة وقتلوا اثنين من أقارب سارة. أما ليلى، فقد جاء المهاجمون في منتصف الليل وقتلوا زوجها الذي كان نائما بجانبها، حيث كانت وهي الحامل في أشهرها الأخيرة تحاول النوم في الجو الحار. ولا علاقة بين أقارب سارة وزوج ليلى إلا مجرد العيش في مخيم الهول الذي تزداد فيه الجريمة والعنف والموت، في وقت يحاول المسؤولون الأكراد احتواء الوضع وما يرونه التأثير المتزايد لتنظيم “الدولة” على المخيم الذي تعتقل فيه عائلات التنظيم.

ويعيش في هذه المدينة من الخيام حوالي 60.000 سوري وأجنبي، بمن فيهم عائلات مقاتلي تنظيم “الدولة” وأعضائه وأشخاص هربوا بعد انهيار آخر معاقله قبل 3 أعوام.

دعا المسؤولون الأكراد الذين يشرفون على المخيم إلى إعادة تشكيل حاسمة للمخيم بعد زيادة عمليات القتل ومحاولات الذبح والتخريب والابتزاز والسرقة هذا العام.

وقد ارتفع معدل العنف إلى مستويات غير مسبوقة، فأقارب سارة وزوج ليلى هم من ضمن 81 شخصا قتلوا هذا العام في المخيم، كما يقول المسؤولون. وتقول منظمات حقوق الإنسان التي استهدف العاملون فيها أن مخيم الهول هو الأكثر دموية هذا العام حسب أعداد المقيمين فيه من العاصمة الفنزويلية، كاراكاس، مدينة الموت العالمية. ودعا المسؤولون الأكراد الذين يشرفون على المخيم إلى إعادة تشكيل حاسمة للمخيم بعد زيادة عمليات القتل ومحاولات الذبح والتخريب والابتزاز والسرقة هذا العام. وتقول سارة “أي شخص مرتبط بالمخيم هو عرضة للخطر”، مضيفة أن حماها قتل لأنه كان عضوا في مجلس محلي الهول، مضيفة أنها تعرف عن 13 سوريا قتلوا هذا العام. ولا أحد يعرف أسباب ارتفاع الجريمة والقتل، إلا أن المسؤولين في المخيم وبعض المقيمين فيه يعتقدون أن تنظيم الدولة يقف وراء الجريمة وأن ما يقوم به عناصره هو جزء من حملة لتجنيد المقيمين فيه وجمع المال. ولا تعرف سارة السبب الحقيق ولكن مقتل حماها وابنه هو جزء من هجمات على المقيمين في المخيم ومن يتهمون بالعمل مع الأكراد. وهناك شكل يربطها: فالضحايا الذين قتلوا في الفترة الأخيرة يضمون رجال أمن وأفراد في عائلات وعاملين في جمعيات خيرية في المخيم وقادة محليون عينوا للإشراف عليه. وتقول سارة إن أحد المهاجمين قبض عليه ووجد حرس المخيم على هاتفه النقال رسالة “العملية تمت” مع أسماء عدد من قادة مجلس الإشراف عليه. أما زوج ليلى، فهو من إدلب وكان يعيش على جهاز كمبيوتر مهرب يستخدمه لتحميل برامج أطفال على أشرطة دي في دي وبيعها في المخيم. وهي لا تعرف سبب استهدافه، وكونه يدير عملا، فربما كان الإبتزاز سببا للقتل. وقالت “لقد أطلقوا النار على رأسه بدون أن يتفوهوا بكلمة” و “أنا خائفة ووحيدة والوضع مخيف وكلنا خائفون”. وتقول ترو إن الهول ليس مكانا يرحب بزواره وتطل خيامه من الأفق في منطقة صحراوية من محافظة الحسكة القريبة من الحدود العراقية. ويقف الحرس قرب الأسلاك الشائكة، وفي الداخل تتحرك النساء بالعباءات السود في متاهة تحت الشمس الحارقة، والجو محمل بالتوتر.

وفي مكان ملحق مخصص لمواطني دول أخرى يرمي الأطفال الحجارة على الزوار فيما ينظر المقيمون في الجانب الرئيسي للغرباء بنوع من الريبة. وتعكس قصة المخيم التاريخ العنيف للمنطقة، فقد افتتح أول مرة عام 1991 لاستقبال اللاجئين العراقيين الفارين من حرب الخليج الأولى، ثم أعيد فتحه أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ومع صعود تنظيم الدولة والعنف الذي أعقبه أصبح المخيم مكانا يهرب إليه اللاجئون في الفترة ما بين 2016- 2017 ونقطة عبور للفارين السوريين من العنف في بلادهم.
ومع بداية 2019 تحول المخيم إلى مكان لاستقبال الأعداد المتزايدة من الذين أقاموا داخل حدود تنظيم الدولة، حيث بدأ يفقد مناطقه بشكل سريع. وزاد عدد المقيمين فيه 6 أضعاف. وزادت قدرته الاستيعابية مرتين عن الحد الأعلى. وتم قسم المخيم الذي زاد عن قدرته إلى قسمين: الأجانب، بمن فيهم البريطانيين والأمريكيين والروس ووضعوا في مكان عرف بالملحق. وأبقي على السوريين والعراقيين وبعضهم من أنصار تنظيم “الدولة” وآخرون من المواطنين العاديين في المكان الرئيسي.

وتم نقل معظم الأوروبيين بمن فيهم البريطانية شميما بيغوم إلى مخيم أصغر اسمه الروج، لكن بقي في المحلق أكثر من 8.000 شخص ينتمون إلى جنسيات أخرى مثل طاجيكستان وروسيا. ورغم عودة ألاف السوريين إلى بيوتهم في صفقة اتفق عليها قادة القبائل إلا أن هناك حوالي 20.000 لا يزالون في القسم الرئيسي وإلى جانب حوالي 30.000 عراقي. وترددت عدة دول في إعادة مواطنيها فيما ظل السوريون عالقون في المخيم ولسنوات حيث تدهور الظروف وتجذر اليأس وزاد العنف. وفي اليوم الذي وصل فيه الوفد الصحافي عثر الحرس على جثة امرأة مرمية في المجاري الصحية من القسم السوري، ولم يتم التعرف على هويتها لأن وجهها فجر بسبب إطلاق النار عليه. ويعتقد المسؤولون عن المخيم أن المسؤول هو تنظيم “الدولة” الذي يعاقب من يحيد عن خطة المتشدد. ويقول المدير الإداري لمخيم الهول “حاولوا في بداية العام إحياء أيديولوجية تنظيم “الدولة” عبر قتل الناس، وكنا نعثر على جثتين أو ثلاث جثث كل يوم، أطلق النار عليها أو طعنت.
ثم قررنا شن عملية عسكرية واسعة”. وقال إن عدد الذين قتلوا في المخيم هو 154 شخصا وهو أعلى من 100 شخص قتلوا منذ 2020. و “لاحظنا زيادة في التهديد للحرس والسكان المحليين العاملين مع المنظمات غير الحكومية، ويقولون أعطنا مالا وإلا قتلناك”.

وكشف المسؤولون للصحيفة عن صورة للتهديدات التي تلقوها على الهاتف وتطالب بدفع الضرائب أو تبرعات لم تدفع. وتشير بعض الرسائل إلى تنظيم “الدولة” وتصف مسؤولي المخيم بالكفار، لكن الصحيفة لم تكن قادرة على التأكد من مصدرها. وتقول رسالة “نحن إخوانكم في تنظيم الدولة” “ادفعي لنا 300 دولار زكاة ولديك 3 أيام” وأرسلت الرسالة لعاملة نظافة تعمل مع منظمة إنسانية في القسم السوري- العراقي من المخيم. وفي رسالة أخرى بعثت من رقم هاتفي لتواني عبر واتس آب إلى رجل عراقي يملك عددا من المحلات في المخيم وطلب منه دفع 8.000 دولار. و “تجاهلت تنظيم “الدولة” أو حجبت الرقم فسنعثر عليك”، واحتوت الرسالة على مكان خيمته وأسماء العاملين الذي يعملون معه “المجاهدون قريبون منك، ونعرف أين تعيش”.

وهناك قنوات على تطبيق تلغرام، مثل “كابوس الحسكة” الذي يشترك المستخدمون له بالصور والعناوين وحتى أرقام الهواتف في داخل الهول ولأشخاص متهمون بالتعامل مع الأكراد أو إدارة المخيم أو لانحرافهم عن القيم المتشددة للتنظيم. وتدعو إدارة القناة المستخدمين للبحث عن هؤلاء الأشخاص وقتلهم. وتعرضت منشآت المنظمات غير الحكومية لهجمات موثقة، مع أن المسؤولين يعتقدون أن المال وليس تنظيم “الدولة” أو الدين هي الدافع، نظرا لتدهور الظروف في المخيم. ففي نهاية آب/أغسطس هاجم مسلحون مركزا تعليميا يديره مجلس اللاجئين النرويجي وطلبوا المال، ولم يصب أحد بأذى لكن تم تعليق العمليات فيه لفترة مؤقتة. وتقول فيرا ميرونوفا، الأستاذة الزائرة بجامعة هارفارد والخبيرة بالجماعات المسلحة إن العنف وأن تركز في القسم السوري والعراقي إلا أنه يحصل داخل الملحق حيث تقيم النساء فيه علاقات مع تنظيم الدولة في الخارج. ووثقت ميرونوفا عددا من حالات الذبح في المخيم بما فيها واحدة ضد روسية، ولكنها ليست متأكدة عن عدد العمليات التي نظمها التنظيم أو المجرمين. وهناك مخاوف من تورط حراس فاسدين للمخيم بعمليات الابتزاز الذي أصبح تجارة رابحة “كم من هذا له علاقة بالخلافة وكم منه له علاقة بالحصول على حصة يحصل الفرد أو العصابة؟” و “ربما لم يعد لدى الناس مال، وهناك عنف متزايد وهذه أمور لها علاقة بالمال”. واقترح المسؤولون الأكراد تقسم المخيم إلى أقسام معزولة عن بعضها البعض بمنطقة خالية طولها 30 مترا، لكن منظمات حقوق الإنسان إنها مثيرة للجدل وتزيد من شعور تحول المخيم إلى سجن ضيق وتفرق بين العائلات وتعرقل جهود توفير الدعم الإنساني، وفوق هذا سترفع من مستوى التوتر والعنف.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى