تنديد في تونس بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية: تخالف الدستور
عربي تريند_
ذكر عدد من المحامين في تونس اليوم السبت، أن النيابة العمومية بالمحكمة العسكرية الدائمة قررت فتح تحقيق قضائي ضد المحامي والنائب بشر الشابي، وإحالته على أنظار قاضي التحقيق العسكري من أجل تهمة “المس من معنويات الجيش الوطني”، و”الإساءة إلى المؤسسة العسكرية”.
وتعارض جمعيات مدنية وحقوقيون محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، خاصة بسبب قضايا الرأي التي تزايدت بشكل مخيف في الفترة الأخيرة.
وعارضت “الهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب” محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، بمن فيهم المدونون، مؤكدة أن “هذه المحاكمات تتنافى والدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس”.
وأشارت الهيئة إلى أن “بعض الإحالات أمام القضاء العسكري كانت على خلفية تدوينات موجهة ضد رئيس الدولة، القائد الأعلى للقوات المسلحة، واستعرضت المنظّمة عددا من الانتهاكات والاعتداءات التي طالت مدوّنين وذلك ضمن تقريرها المتعلّق بشهر أكتوبر الماضي”.
وقال كاتب عام الهيئة، منذر الشارني في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن “محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري مرفوضة، لأن القضاء العسكري غير مختص والمحاكم العادية هي التي تحاكم المدنيين”، مؤكدا أن “أغلب المحاكمات تمت لمدنيين على خلفية تدوينات كتبوها”.
وأوضح الشارني أن “المحاكمات موجودة منذ سنوات وللأسف لم يتم تفعيل الدستور لوضع حد لهذا الأمر”، مؤكدا أنه “لم يتم إصلاح القوانين منذ سنوات”.
وتابع أن “أوضاع حقوق الإنسان لم تتحسن، وهو ما أشار إليه التقرير حيث ترصد الهيئة عدة انتهاكات وللأسف لا توجد محاسبة”، مبينا أن “مسار العدالة الانتقالية متعثر والمنسوب إليهم الانتهاك يرفضون حضور الجلسات وبطاقات الجلب لا تنفذ، وأغلب الضحايا ينتظرون إنصافهم كما أن عديد الأحكام لم تصدر بعد”.
ولفت إلى أن “المسار القضائي متعثر وتغيير القضاة المختصين في العدالة الانتقالية ساهم في مزيد تعطيلها” مشيراً إلى أن “هذا غير جيد للضحايا، ومن غير المقبول أن يبقى الشخص معلقا في انتظار إنصافه أو نتيجة قضيته فالآجال يجب أن تكون معقولة”.
وأكد أن “من أبرز توصيات الهيئة أن تلتفت الحكومة لحقوق الإنسان وأن تبادر بإصلاح عدة قوانين وأن يفعّل دور الهيئات المستقلة وتمنح الإمكانيات كهيئة حقوق الإنسان، التي لا يوجد بها رئيس إلى اليوم، وهذا غير مقبول رغم دورها المهم”.
وأوضحت الهيئة في تقريرها أن “التدوينات موضوع الإحالة هي مواقف سياسية وشخصية لأصحابها تجاه رئيس الدولة بوصفه شخصية سياسية ومدنية، وأنها وإن كانت محل تجريم، فتكون من اختصاص القاضي العدلي وليس العسكري”.
وأكّدت المنظمة أيضا “معارضتها لعقوبة السجن في قضايا النشر والصحافة باستثناء جنح التحريض أو التهديد التي يمكن الحكم فيها بعقوبات سالبة للحرية، في حالة ما إذا كان التحريض أو التهديد جديا طبق معايير موضوعية يقدرها القضاء”.
أمّا بخصوص العدالة الانتقالية فقد نشرت المنظّمة أرقاما حول عدد بطاقات الجلب ضد المنسوب إليهم الانتهاكات، والتي لم يتم تنفيذها والبالغة 237 بطاقة جلب، وعدد ملفات جبر الضرر التي أصدرت بشأنها هيئة الحقيقة والكرامة قرارات لفائدة الضحايا، والتي تبلغ 22950 قرارا.
وذكرت منظمة مناهضة التعذيب أنّ “80 بالمائة من المنسوب إليهم الانتهاكات في ملفات العدالة الانتقالية ينتمون إلى الجهاز الأمني، وهو ما يؤكد توظيف الجهاز المذكور خلال العشريات السابقة للثورة”، كما أشارت إلى أنّ “المحكمة الإدارية ومنذ سنة 2011 نظرت في ملفات بعض ضحايا الاستبداد بخصوص تحيين مساراتهم المهنية، ولم يصدر أي حكم باستثناء تسوية المسار المهني لمجموعة براكة الساحل وهم عسكريون متقاعدون”.