العالم تريند

هل يبعد “الخائِن والعدم” ماكرون عن الإليزيه؟

عربي تريند_ في شهر سبتمبر/ أيلول عام 2011، صدر كتاب “ساركو قتلني”، ليفشل نيكولا ساركوزي في إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية. بعد ذلك بخمس سنوات، صدر في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2016، كتاب “الرئيس لا يجب أن يتكلم هكذا” (بيعت منه نحو ثلاثمائة ألف نسخة)، ليُعلن الرئيس فرانسوا أولاند بعد ذلك بشهرين أنه لن يترشح لفترة رئاسية ثانية. والأسبوع الماضي، وقبل نحو ستة أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية، أصدر الصّحافيان في صحيفة “لوموند” الفرنسية جيرار دافيت وفابريس لوم، هذه المرة، كتاب-تحقيق (638 صفحة) عن الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، تحت عنوان “الخائِن والعدم”.

تطرق الكتاب إلى الولادة السّياسية لإيمانويل ماكرون، وما اعتبرها “خيانته” للرئيس السابق فرانسوا أولاند والحزب الاشتراكي، وإنشائه لــ”عالم الجديد”، بالإضافة إلى سنواته الخمس دون مشاركة على رأس الدولة التي خيّمت عليها الأزمات الاجتماعية والصحية. ولكن من دون الكشف عن معلومات كانت غائبة تماماً عن الرأي العام الفرنسي.

أعطى مؤلفا الكتاب مساحة كبيرة للمعارضين، خاصة الاشتراكيون، الذين تمت خيانتهم، في مقدمتهم الرئيس السابق فرانسوا أولاند. بالإضافة إلى أولئك الذين أصيبوا بخيبة أمل من “الماكرونية” – نسبة إلى ماكرون. في حين، امتنع معظم المقربين من الرئيس ماكرون عن الإجابة على أسئلة وطلبات إجراء مقابلات مع الصحافيّين، بما ذلك المستشارون والوزراء…إلخ. وهو رفضٌ عزاه الصحافيان إلى تعليمات الإليزيه.

البداية
تسببت الصداقة التي جمعت بين إيمانويل ماكرون وفيليب دو فيلييه، الرئيس السابق للمجلس العام لمنطقة Vendée وأحد ممثلي اليمين الذي يتبنى سياسية تؤكد على الهوية، تسببت في ضجة في صفوف الحزب الاشتراكي، الذي رأى بعض أعضائه في هذه الصداقة على أنها خط أحمر تجاوزه إيمانويل ماكرون. التقى الرجلان في مطعم La Rotonde بباريس، حين كان ماكرون وزيرا للاقتصاد في فترة حكم فرانسوا أولاند.

لاحقاً عبر الزوجان ماكرون- بريجيت لصديقها الجديد فيليب دو فيلييه عن رغبتهما القوية في زيارة مجمع Puy du Fou الترفيهي ذي الطابع التاريخي والواقع في مدينة Epesses بمنطقة Vendée. ويدرك فيليب دو فيلييه اليوم أنه كان يشهد بدايات شعار “لا اليسار ولا اليمين”، ولكن القليل من كليهما، والذي تم طرحه لاحقًا كشعار لحملة ماكرون الرئاسية. وخلال هذه الزيارة إلى Puy du Fou في أغسطس/ آب عام 2016، استفز الوزير ماكرون الرئيس أولاند وحكومته بالإعلان أنه ليس “اشتراكياً”.. وبعد ذلك بأيام كانت القطعية.

“الخيانة”
يعود كلٌ من فرانسوا أولاند ورئيس حكومته السباق مانويل فالس والمتحدث السابق باسم حكومته ستيفان لو فول، وغيرهم، بالتفصيل إلى الأشهر التي سبقت ما أطلق عليه الصحافيان مؤلفا الكتاب “الخيانة” والتي تمت في الـ16 من نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 مع الإعلان الرسمي عن ترشح إيمانويل ماكرون للانتخابات الرئاسية. وكتبت الصحافيان بلا أي تحفظ أن تحول وزير الاقتصاد إلى مرشح لرئاسة الجمهورية تحقق من خلال “الغش والخداع”، حيث يروي الأعضاء السابقون في الحكومة والحلفاء الاشتراكيون المحادثات العديدة مع إيمانويل ماكرون حول ابتعاده عن خط فرانسوا أولاند (انتقاداته لسياسات الحكومة)، وحول حركة “إلى الأمام” التي أطلقها والتي يقدمها كمختبر للأفكار التي ستدعم بلا شك ترشيح فرانسوا أولاند.

ويروي غاسبار غانتسر المستشار الصحافي السابق لفرانسوا أولاند قائلا: “يوم الاثنين 29 أغسطس/ آب 2016، دخل ماكرون على أولاند في مكتبه، وقال له: “لست على ما يرام.. ليس لدي مساحة. ولكن لم يقل له بأنه يريد أن يستقيل. فقال له أولاند فكر إذن، ثم نتحدث في الأمر لاحقا. وفي اليوم الموالي، بعث ماكرون برسالة إلى أولاند قال فيها إنه قرر مغادرة الحكومة. في تلك اللحظة، خسر فرانسوا أولاند وزير الاقتصاد الذي غادر لتشكيل حركته السياسية. لكنه أكد لأولاند أنه سيدعمه في الانتخابات الرئاسية”، لغاسبار غانتسر.

كل ذلك ساهم في إخراج فرانسوا أولاند من اللعبة السياسي بإعلانه يوم الأول من ديسمبر/ كانون الأول أنه لن يترشح لفترة رئاسية ثانية، بعد أن “خانه” وزيره، الذي كان يرى فيه الشخص الذي يجسد الديناميكية (والوريث المحتمل)، ولكن أيضًا كل أولئك الذين اعترفوا بأن إيمانويل ماكرون قد أغواهم، ولا سيما الاشتراكيون.

يقول كريستوف كاستانير، أحد أوائل مؤيدي ماكرون: “بصراحة، في عام 2016 كان هدفنا الوحيد هو منع أولاند من الترشح لفترة رئاسية ثانية، وقد تحقق الهدف”. فيما يعتبر فرانسوا أولاند أن ماكرون خانه بشكل منهجي، مستغلاً منصبه في الإليزيه كوزير للاقتصاد لبناء شبكة علاقات واسعة من رجال أعمال ومشاهير. وفي تشخيصه للوضع الراهن للبلاد، يقول الرئيس الاشتراكي السابق: “هناك استياء كبير اليوم من أداء الرئيس ماكرون وحكومته، ولكن بما أنه لا يوجد منفذ سياسي … فنحن في عدم”.

خيبة الأمل
بيير بيرسون هو أحد العناصر الأساسية في “الماكرونية”، حيث أسس مع آخرين “شباب مع ماكرون” حتى قبل إنشاء الرئيس الحالي لحركته “إلى الأمام”. شارك في الحملتين الرئاسية والتشريعية مستشاراً سياسياً، ثم عضواً في اللجنة التنفيذية للحزب.

لكن الرجل الثاني في حركة “الجمهورية إلى الأمام” والنائب البرلماني، قرر في سبتمبر/ أيلول عام 2020 ترك قيادة الحزب، مبرراً ذلك بأن الحركة لم تعد تنتج أفكارًا جديدة، وأن الحزب تخلى عن داعميه الأوائل.

من جانبه، قال جوليان دراي، أحد المقربين السابقين من ماكرون، إن الأخير “قضى بشكل ممنهج على المجموعة التي أوصلته إلى الإليزيه”.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى