المغرب العربي

تونس: أزمة كورونا محور معركة صلاحيات جديدة بين رأسي السلطة التنفيذية

عربي تريند_ كان من الطبيعي أن تُثير إقالة وزير الصحة التونسي، فوزي المهدي، زوبعة سياسية في تونس، خاصة أن الوزير المحسوب على الرئيس قيس سعيّد تمت إقالته -في مرحلة أولى- من قبل رئيس الحكومة هشام المشيشي، ضمن تعديل وزاري أعلن عنه المشيشي قبل ستة أشهر ورفضه سعيّد بسبب وجود “شبهات فساد” حول الوزراء المقترحين، وهو ما دفع المشيشي للقبول مبدئيا بمواصلة الوزراء المقالين لعملهم إلى حين البت بأمر التعديل الوزاري.

وكان المشيشي قرر الثلاثاء إنهاء مهام فوزي المهدي على رأس وزارة الصحة، وتكليف محمد الطرابلسي وزير الشؤون الاجتماعية وزيراً للصحة بالنيابة.

وجاء قرار الإقالة بعد يوم واحد من دعوة الوزير المقال، خلال مؤتمر صحافي، الإثنين، إلى حملات مفتوحة للجميع للتطعيم بـ29 مركزاً خلال أول يومين بعيد الأضحى (الثلاثاء والأربعاء)، وهو ما تسبب بازدحام شديد أمام هذه المراكز، والتي لم يقم بعضها بفتح أبوابه، فيما نفدت اللقاحات بسرعة كبيرة في المراكز الأخرى، وهو ما أثار موجة استنكار واسعة في البلاد.

غير أن القرار الجديد أعاد إحياء “معركة الصلاحيات” بين رأسي السلطة التنفيذية، حيث اتهم الرئيس سعيّد أطرافا سياسية لم يحددها بتعمّد نشر الوباء في البلاد، عبر دعوة آلاف التونسيين للتوجه إلى مراكز التلقيح خلال العيد، دون أن توفير ظروف آمنة لعملية التلقيح، وهو ما تسبب بموجة اكتظاظ هائلة أمام هذه المراكز.

وقال سعيّد، في تصريح لقناة “العربية” السعودية: “هناك أشخاص يبحثون عن الضحايا وهدفهم الضحايا وليس الأضاحي. والهدف ليس التلقيح بل انتشار العدوى”، مشيرا إلى أن هناك “أطرافا تقف وراء هذه العملية لترتيب أوضاع سياسية. والجائحة السياسية في تونس أكبر من جائحة كورونا”. كما أكد سعيد أن الصحة العسكرية ستتولى إدارة الأزمة الصحية في البلاد، في إشارة إلى عدم اعترافه بالجهود التي تبذلها الحكومة لمحاربة الوباء.

فيما برر المشيشي قرار إقالة المهدي بقوله: “الأخطاء الكارثية التي أصبحت تتوالى والتي صارت تهدد صحة التونسيين، جعلتنا نتخذ قرار الإقالة والذي تأخرنا فيه. لم أكن أتصور يوما أن تصل وزارة الصحة إلى مرحلة تصبح فيها عاجزة عن توفير الأكسجين في المستشفيات العمومية. نبهت الوزير السابق في مرحلة أولى إلى ضرورة استباق إمكانية نقص مادة الأكسجين ولكن لم يتم اتخاذ القرارات المناسبة، ثم قدمت في مرحلة ثانية لأقوم باتخاذ قرارات بنفسي”.

وأضاف في اجتماع وزاري الثلاثاء: “قرار استدعاء كل التونسيين إلى تلقي التلاقيح يوم عيد الأضحى قرار شعبوي، يمكن وصفه بالإجرامي، خاصة أن فيه تهديدا لصحة التونسيين والسلم الأهلي. هو قرار مسقط ولم تتم استشارة رئيس الحكومة والولاة والقيادات الأمنية أو الرجوع للجنة العلمية أو الهيئة الوطنية لمجابهة كورونا قبل اتخاذه”.

النائب حاتم البوبكري أكد أن قرار إقالة المهدي يعود أساسا إلى تصريح للأخير رد فيه على وصفه بـ”وزير الرئيس” بقوله: “أنا جندي (طبيب عسكري) وما العيب أن أكون وزيرا للقائد الأعلى للقوات المسلحة (في إشارة للرئيس التونسي)”.

ودوّن البوبكري على صفحته في موقع فيسبوك: “هذا الرد لم يغفره له المشيشي، إضافة إلى أنه يبحث عن شماعة يعلق عليها فشل سياسة حكومته في الحرب ضد جائحة كوفيد”.

وأضاف: “يوم اجتمعت خلية الأزمة في وزارة الصحة برئاسة الوزير فوزي المهدي، ألم يكن المشيشي يتنزّه في الحمامات؟ وحين افتضح أمره، التحق بوزارة الصحة وترأس خلية الأزمة وصفحة رئاسة الحكومة تشهد بذلك، وما اتخذ من قرارات ومن بينها قرار الأبواب المفتوحة ليومين للتلقيح ابتداء من سن 18 سنة كان بموافقة المشيشي وبحضوره”.

وفي تواصل لمسلسل معركة الصلاحيات، استقبل الرئيس قيس سعيد الوزير المقال فوزي المهدي، حيث أشاد بكفاءته، وأكد أنه سيتم فتح تحقيق في سبب الاكتظاظ الذي حدث أول أيام العيد، مشيرا إلى أن هناك من يسعى لـ”التضحية بالتونسيين”، وهو ما اعتبره جريمة تستحق المحاسبة.

فيما استقبل رئيس الحكومة هشام المشيشي، وزيرَ الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي الذي كلفه مؤقتا بإدارة وزارة الصحة خلفا للمهدي، حيث دعا المشيشي لتحسين أداء وزارة الصحة وإنجاح عملية التلقيح.

كما قام المشيشي بتكليف وزيرة العدل بالنيابة، حسناء بن سليمان، بقديم شكوى قضائية حول الطرف الذي قام بـ”فتح مراكز التلقيح بصورة عشوائية دون توفير الجرعات اللازمة للفئة العمرية التى تم توجيه النداء إليها للتلقيح ودون التنسيق مع السلطات المركزية والجهوية الصحية والأمنية”.

وكان المهدي علّق على قرر إقالته في تدوينة على فيسبوك، قال فيها: “تلقيت خبر إعفائي مثلكم عبر وسائل الإعلام بعد أن نبهني إليه صديق بالهاتف. علمتني عقود الجندية الثلاث أن لكل مهمة بداية ونهاية وألا ألقي سلاحي أو أغادر موقعي إلا بتسليم العهدة لمن سيتحملها بعدي. عملت في وزارة الصحة بعقل الوزير وأخلاق الطبيب وشرف الجندي ولم أسمح للسياسة وتقلباتها أن تستدرجني، وكيف لها أن تستدرجني وأنا أرى يوميا رمالها المتحركة تبتلع معاش الناس وحياتهم؟”.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى