التايمز: هل يخسر حزب العمال انتخابات تكميلية بسبب فلسطين؟
عربي تريند_ دعا الكاتب دانيال فنكلشتاين، المحرر السابق لصحيفة “التايمز” المحافظة والمساهم فيها زعيم حزب العمال كير ستارمر لمواجهة النائب السابق جورج غالوي الذي ينافس على مقعد في منطقة باتلي أند سبين والتي يشعر سكانها المسلمين بالحنق على زعيم الحزب لعدم اتخاذه موقفا واضحا من الحرب الأخيرة على غزة.
وفي ومقال بعنوان “لماذا لا تزال فلسطين تتسبب بهزيمة العمال” قال فنكلشتاين وهو يهودي إن إسرائيل ومنذ لحظة إنشائها برزت كمشكلة لحزب العمال.
فقد عانت حكومة كليمنت أتلي مشكلة لتحديد سياسة متماسكة منها وبعدما أجبرت على النظر في قضية السماح للمهاجرين اليهود الهجرة إلى فلسطين التي كانت تسيطر عليها بريطانيا بعد الهولوكوست ولكنها لم تنجح أبدا.
وجرت الحكومة بهذا الاتجاه أو ذاك بين محاولاتها لإرضاء الأمريكيين والرغبة بالحفاظ على التأثير البريطاني في الشرق الأوسط والحجة الإنسانية الواضحة لمساعدة اللاجئين وإرضاء الأماني القومية للسكان العرب ومعاداة السامية لإرنيست بيفن وزير الخارجية. وكتب وزيره الأصغر في يومياته “لا شك لدي من أن إرينست يمقت اليهود”.
وقررت الأمم المتحدة في النهاية تقسيم فلسطين إلى دولتين ذات سيادة. وقام كل من أتلي وبيفن برمي المسألة إلى حضن الأمم المتحدة. وقضية متعلقة بالحقوق المتنافسة والهوية الإثنية كان صعبة على ساسة اشتراكيين متجذرين في السياسة الطبقية والمطلق الأخلاقي. ومهما كان الأمر يدعو على الحيرة لكن الكاتب لا يعتقد أن مسالة فلسطين وإسرائيل كانت إشكالية لحزب العمال كما هي اليوم.
ففي الوقت الذي يحاول فيه كير ستارمر إعادة ضبط السياسة بعد جيرمي كوربن فهو يواجه تحد يوم الخميس من جورج غالواي في الإنتخابات التكميلية بباتلي أند سبين. ولا يبدو أن غالوي سيفوز، لكنه قد يجذب أصواتا كافيا من المسلمين مما سيساعد على هزيمة العمال.
ومن بين الموضوعات التي يستخدمها وللتسبب بأزمة لستارمر هي فلسطين التي أصبحت الموضوع الرئيس في هذه الانتخابات التكميلية وأثارت إحباط المرشحة العمالية كيم ليدبيتر. وأظهرت شجاعة لا مثيل لها من أجل الترشح في الدائرة التي كانت تمثلها أختها التي قتلها متطرف يميني. فهي فصيحة وواضحة وتحاول الحديث للسكان عن الأمور التي تهم دائرتهم. ولأن القضية الفلسطينية واجهت حزب العمال فقد حاول أن يظهر كم حريص عليها.
وطرح ستارمر فجأة موضوع فلسطين في المساءلات البرلمانية لرئيس الوزراء، وتحدثت عنها ليدبيتر في النقاشات المحلية ووعدت بأنها “ستكون داعمة شديدة لحقوق الشعب الفلسطيني”. وعندما قال غالواي إنه قام بالبحث في غوغل ولم يعثر على أي تصريح لها داعم لفلسطين، اعترفت ليدبيتر بأنه كان “بالتأكيد صوتا عاليا في موضوع فلسطين”، ولن يستطيع تحقيق أي شيء كما قالت لأنه لن يفوز، فالتصويت له يعني فوز المحافظين.
وتحسرت ليدبيتر من أن مواقف ستارمر من فلسطين لم تحد أثرا، ويرى الكاتب أن تصريحاته أحدثت أثرا ولكن ليس ما يريد جمهور غالواي سماعه.
وقال فنكلشتاين أن الفرق بين غالواي وستارمر عندما يتعلق الأمر بفلسطين وإسرائيل لا علاقة له بدعم أحدهما الحار لهما أو تردد الآخر، ولكن لأن أراءها مختلفة بشكل جذري. ولا تستطيع ليدبيتر منافسة غالواي على ما يمكن قوله أو عمله. فالسياسة التي التزم بها الحزب وبعد نشوء دولة إسرائيل، وهي السياسة التي رسمها هارولد ويلسون وسار عليه من بعده. وتقوم على دولتين لشعبين يعيشان بسلام إلى جانب بعضهما البعض. وأضيف إلى هذا معارضة احتفاظ إسرائيل بأي نوع من السيطرة على الأراضي التي احتلتها عام 1967.
فعندما يتحدث ستارمر وليدبيتر عن فلسطين فهم يعنون حق الفلسطينيين في دولتهم الخاصة والسيادة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ورد عسكري إسرائيلي محدود عند الهجوم على إسرائيل واهتمام أكبر بالحقوق المدنية الفلسطينية ووضع حد لبناء المستوطنات، مع وجود دولة إسرائيلية ذات سيادة. وهذا ما لا يعنيه غالواي بصوته العالي ولا شعار “تحرير فلسطين من النهر إلى البحر” وليس ما يعنيه نقاد الصهيونية. فغالواي لا يريد كما يقول دولة فلسطينية ذات سيادة ولكن دولة فلسطينية تستبدل بإسرائيل. ويرى الكاتب أنه وبعيدا عن النقاش إن كان هذا الكلام معاد للسامية لكنه يعني ترحيل 6 ملايين يهودي وتركهم بدون مكان.
الدعوة للدولة الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين ليس مثل المطالبة بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر.
ويعني الفشل من تعلم تجربة اليهود في القرن العشرين. ولو اختار ستارمر هذه السياسة فسيدير ظهره لموقف بريطانيا وحزبه منذ الحرب العالمية الثانية وفصل نفسه عن التحالف الأطلنطي وتقديم الأيديولوجية على المواقف العملية. ولو خسر حزب العمال باتلي أند سبين فإن واحدة من نتائج الخسارة هي ضرورة الحديث عن فلسطين أكثر. وسيكون مرحب بهذا لو أراد الحزب لكنه لن يساعده في صناديق الاقتراع. وكان قرار الحزب إصدار بيان يهاجم فيه رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي إشارة عن محاولته إرضاء غالوي وجمهوره. ويعتقد الكاتب أن اهتمام ستارمر بفلسطين سيدو موضوعا شاذا لأن قلة من الناخبين لا تشغلهم القضية إلا بقدر. ولو حاول أن يرضي غالواي وجمهوره فسيخسر انتخابيا.
ويرى الكاتب أن الدعوة للدولة الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين ليس مثل المطالبة بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر. ويجب أن يكون ستارمر وبقوة مع الطلب الأول وضد المطلب الثاني وبنفس القوة.