العرب تريند

لبنان: الحريري يتريث في الاعتذار ومبادرة بري تلفظ أنفاسها الأخيرة

عربي تريند_ حريري بالحديث من دار الفتوى عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، وحرصه على البلد، وغادر من دون الردِّ على أسئلة الصحافيين بشأن نيته الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة، في وقتٍ تلفظ فيه مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري أنفاسها الأخيرة، علماً أن محاولات حثيثة تجرى حالياً لإنعاشها.

وعقد الحريري خلوة مع مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، اليوم السبت، قبل أن يشاركَ في اجتماع المجلس الشرعي الأعلى الذي بحث آخر المستجدات السياسية والأوضاع العامة، ولا سيما ملف تشكيل الحكومة.

وكشفت مصادر مقربة من الحريري لـ”العربي الجديد” عن أن الرئيس المكلف عرض في الاجتماع الواقع الحكومي، وأبرز العراقيل التي تحول دون التشكيل، والتي يقودها رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، وفاتح المجتمعين بنيّته الاعتذار وخصوصاً في ظلّ الأزمات التي تتفاقم يومياً وتحوّل حياة اللبنانيين إلى كابوس من الصعب جداً الخروج منه.

وقالت المصادر نفسها إن “المجتمعين عرضوا الخيارات المتاحة أمام الحريري، وعبّروا عن تضامنهم معه ووقوفهم إلى جانبه بكل الأحوال، وتمنى البعض عليه التريث في قراره وتكثيف مشاوراته في الساعات المقبلة قبل الإقدام على أي خطوة، علّها تثمر في التوصل إلى حلٍّ، وإلا الاعتذار”.

وقال الحريري في تصريح من دار الفتوى “البلد يتدهور اقتصادياً واجتماعياً، وعيننا وعين المفتي دريان على البلد، ما يهمّنا هو البلد وهذا فحوى الحديث الذي دار داخل المجلس”.

وانتشرت أنباء، أمس الجمعة، عن نيّة الحريري الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة والإعلان عن خطوته من دار الفتوى، بيد أن أوساط “تيار المستقبل” لم تحسم الموضوع، واكتفت بالإشارة إلى أن فكرة الاعتذار واردة جداً، وهناك محاولات جدية لثنيه عن قراره سواء من المفتي دريان أو من رئيس البرلمان نبيه بري، ومن خلفه “حزب الله”، الذي أطلق محرّكات التشاور سريعاً لإيجاد حلّ للأزمة وتذليل العقد.

وأشارت أوساط “التيار الوطني الحر”، لـ”العربي الجديد”، إلى أن “الحريري يلعب على وتر الاعتذار، ويرمي تسريبات في الإعلام كل فترة من بوابة الضغط لفرض شروطه بتشكيل الحكومة، مستغلاً حراك الشارع وغضب الناس من الأزمات المتفاقمة وارتفاع سعر صرف الدولار، وهو يجري لقاءات مع الجميع باستثناء الشخص المعني معه بالتشكيل، وهو رئيس الجمهورية ميشال عون”.

وقاد بري أخيراً مبادرة حكومية بالتعاون مع “حزب الله”، تقوم على تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين مؤلفة من 24 وزيراً، لا ثلث معطّلاً فيها لأي فريق سياسي، عادت واصطدمت بأكثر من عقدة، دفعت كلاً من معاونَي بري علي حسن خليل والأمين العام للحزب حسين الخليل، إلى التحرّك على خطّ الحريري وصهر رئيس الجمهورية النائب جبران باسيل لتبديد العراقيل، لكن الخلاف استمرّ حول تسمية الوزيرين المسيحيين وكيفية توزيع الوزارات السيادية، وخصوصاً الطاقة، التي يتمسّك بها صهر رئيس الجمهورية والتي اعتبرت بمثابة عقدة جديدة ظهرت حديثاً.

كذلك، حصل تطور سلبي في الساعات الماضية شكل ضربة قوية لمبادرة بري، تمثّل في نشر باسيل تغريدتين هاجم فيهما مجلس النواب، وانتقد مماطلته في إقرار قانون البطاقة التمويلية الذي تقدّم به تكتله النيابي، فأتى الردّ سريعاً من خليل الذي تربطه أصلاً علاقة سيئة مع باسيل، واتهمه بشكل علني وصريح بالتعطيل، ما يضع استمرار مهام خليل، الموفد من بري خصوصاً للاجتماع مع باسيل، أمام مصير مجهول.

وغرّد باسيل “شو لازم يصير أكتر من يلّي عم يصير حتى يقرّ مجلس النواب قانون البطاقة التمويلية يلّي قدّمناه من فترة لمساعدة العائلات اللبنانية المحتاجة والتعويض عنها ارتفاع الأسعار نتيجة ترشيد الدعم”. وأضاف “ذلّ المواطنين أمام محطات البنزين وعلى أبواب المستشفيات والصيدليات ما بكفّي حتى يعقد مجلس النواب جلسات طارئة ومتواصلة ليل نهار؟ هيدي مسؤولية كان لازم يتحملها الجميع من أكتر من سنة … شو ناطرين بعد؟!”.

من جهته، غرّد علي حسن خليل “لو أن رئيس التيار يتابع كما يجب، لعرف أن مشروع قانون البطاقة التمويلية قد أحيل إلى اللجان المشتركة اختصاراً للمراحل، ولعرف أيضاً أنها مسؤولية الحكومة ورئيس الجمهورية اللذين يتخذان قرارات استثنائية كيفما كان ولم يقدموا إلا قبل أيام على إحالة المشروع إلى المجلس”.

وتابع “كالعادة يسارع التيار إلى حمل رايته للتوظيف الشعبوي”، مشيراً إلى أن “رمي القنابل الصوتية لن يغطي على مسؤولية الفشل والمسؤولين عنها من الكهرباء إلى الفيول إلى إذلال الناس على محطات البنزين، وصولاً إلى عرقلة الحل الجوهري بتشكيل الحكومة”.

وتزامنت التطورات مع خروج أسماء إلى العلن صوِّرَت كرديفة للحريري في حال اعتذاره، أبرزها رئيس الحكومة السابق تمام سلام، والسفير نواف سلام الذي كانت له إطلالة تلفزيونية قبل أيام، وُضعت في إطار التمهيد لطرح اسمه مرّة أخرى وبشكل جدي لرئاسة الوزراء.

وعادت التحركات إلى الشارع اللبناني في الأيام الماضية، ومشاهد قطع الطرقات احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء الذي وصل إلى 15 ألف ليرة لبنانية، وعلت الأصوات المطالبة بسقوط الطبقة السياسية ومن خلفها المصرفية، ومحاسبة جميع المسؤولين عن انهيار لبنان ومؤسساته.

وباتت مشاهد الذل أمام الأفران ومحطات الوقود والصيدليات والمستشفيات من يوميات اللبنانيين، الذين يعانون من أسوأ أزمة اقتصادية تعيشها البلاد، فيما يواصل المسؤولون السياسيون ممارساتهم القائمة على المحاصصة ونهب حقوق الشعب، ويخوضون صراعات فيما بينهم طمعاً بالمقاعد الوزارية والمناصب السياسية، بينما ينهار لبنان كلياً.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى