العالم تريند

واشنطن بوست: في حصار طرابلس.. خلف حفتر ومرتزقته الروس لعب أطفال ومراحيض مفخخة مع علب الصودا

عربي تريند_ كشفت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير لمراسلها في القاهرة سودرسان رغفان عن المخاطر التي تواجه سكان العاصمة الليبية طرابلس بعد نهاية عام على حصارها. فبعد التدخل التركي لصالح الحكومة المعترف بها دوليا فر المرتزقة الروس وتركوا وراءهم منازل وساحات مفخخة.

وتحدث رغفان إلى خبراء إزالة الألغام الليبيين الذين قالوا إن المرتزقة وضعوا متفجرات في مقاعد المراحيض والأبواب ودمى الأطفال كي تنفجر عند اللمس.

وربما كان تفخيخ علب المشروبات الغازية الفارغة الأكثر دناءة، ذلك أن العديد من الشباب الليبيين يحبون سحق تلك العلب للتسلية، ولذلك صمم الروس العلب لتنفجر عند الضغط عليها. وقال ربيع الجواشي، رئيس مؤسسة الحقول الحرة، وهي وكالة ليبية لإزالة الألغام: “لقد درسونا، وراقبوا كيف يلعب أطفالنا.. إنهم يعرفون كيف نفكر.”

وتجوب فرق إزالة الألغام في ليبيا المشهد الذي دمرته الحرب لتخليصها من هذا الإرث القاتل، وتجد مجموعة من الذخائر غير المنفجرة التي خلفتها وراءها – سواء عن قصد أو عن غير قصد – وليس فقط من قبل المرتزقة الروس الذين دعموا القائد الليبي المنشق، خليفة حفتر، ولكن عبر موجات سابقة من الصراع.

ويعود تاريخ بعض الذخائر إلى ثورة الربيع العربي في ليبيا قبل عقد من الزمان، والتي أدت إلى الإطاحة بالدكتاتور معمر القذافي وقتله. وترك مخازنه الضخمة من الأسلحة في أيدي العديد من الميليشيات.

وفي الأحياء الجنوبية التي دمرتها الحرب في طرابلس مثل عين زارة، اكتشف خبراء إزالة الألغام قذائف وقذائف هاون غير منفجرة، بما في ذلك القذائف الأمريكية وكلها من ترسانات القذافي.

هناك مئات وربما الآلاف العائلات غير قادرة على العودة إلى بيوتها بسبب الألغام والمتفجرات الأخرى حيث تظهر تقارير عن وقوع إصابات كل أسبوع تقريبا.

وبحسب خبراء إزالة الألغام فإن أفتك “الألغام” هي الروسية الصنع. يقولون إنهم لم يروا شيئا مثلها قبل حملة حفتر الفاشلة للاستيلاء على العاصمة في عام 2019.

ولم تزل هناك مئات وربما الآلاف العائلات غير قادرة على العودة إلى بيوتها بسبب الألغام والمتفجرات الأخرى حيث تظهر تقارير عن وقوع إصابات على وسائل التواصل الاجتماعي كل أسبوع تقريبا.

وقال معاد العربي، مدير العمليات في مؤسسة الحقول الحرة: “من بين جميع النزاعات في ليبيا منذ عام 2011، كان هذا الصراع هو الأسوأ بالنسبة لنا ووجدنا الكثير من الأسلحة الجديدة، كلها جاءت من الخارج”.

وفي صباح أحد الأيام، تجمع فريق من خبراء إزالة الألغام الذين كانوا يرتدون زيا بنيا وأقنعة جراحية زرقاء في مكتب مؤسسة الحقول الحرة بعد تلقيهم مكالمتين لتقديم المساعدة.
وقال قائد الفريق محمد زليطني لهم: “العائلات في انتظارنا، أتمنى لكم حظا وفيرا، وآمل أن نعود سالمين”.

وانطلقت القافلة المكونة من 4 سيارات، من بينها سيارة إسعاف وبعد نصف ساعة، وصلت إلى مزرعة قبالة طريق مطار طرابلس والذي كان خط المواجهة السابق للحرب.
وارتدى زليطني ونائبه ملابس زرقاء وأغطية وجه واقية. وكانت هناك قذيفة هاون أمريكية الصنع عيار 81 ملم ملقاة في أحد الحقول. وقام بإزالة الطين عن القذيفة ووجد مسمار الأمان الخاص بها لا يزال سليما. ثم التقط القذيفة وحملها إلى شاحنة صغيرة. ووضعها زميله في العمل على طبقة من الرمل داخل صندوق سميك. أما المحطة التالية فكانت مزرعة أخرى حيث عثر على قذيفة كبيرة موجودة في حقل منذ 9 أشهر.

وتحدث خالد الزروق، 43 عاما، وهو موظف حكومي اتصل بعمال إزالة الألغام قائلا “هذا أمر طبيعي للغاية. حتى أطفالنا يلعبون في كل مكان. نحن نحذرهم فقط من الاقتراب إذا رأوا هذه الذخيرة”.

وبعد أقل من ساعة، تخلص زليطني بأمان من القذائف الـ 3 . كلها روسية الصنع. وقال: “إنه لأمر محزن أن نرى نفايات العالم ملقاة في ليبيا. المسؤولون هم أولئك الذين دعموا الأطراف في الحرب. ولو لم يكن هناك دعم خارجي لما حدث هذا. نحن الليبيون ندفع الثمن الثمن”.

وفي الصيف الماضي، كانت فرق مؤسسة الحقول الحرة من بين أوائل خبراء إزالة الألغام التي دخلت المناطق التي كانت تحت سيطرة المرتزقة الروس من مجموعة فاغنر المرتبطة بالكرملين.

وقال الجواشي إنهم اكتشفوا 107 عبوة ناسفة بدائية الصنع في شارع واحد بمنطقة صلاح الدين جنوبي طرابلس.

كما واكتشف خبراء إزالة الألغام داخل المنازل معدات كمال الأجسام وزجاجات مياه مستوردة وعلب حليب مدعم. وكتبت شعارات على الجدران باللغتين الروسية والصربية. كما كانت هناك تعليمات حول كيفية فتح الأبواب أو الذهاب إلى الحمام دون تفعيل المفخخات المتفجرة التي صممها المرتزقة. وتم تصميم مرحاض واحد بجهاز استشعار لإشعال تسعة رطل من مادة تي إن تي عندما يجلس شخص على المقعد، كما يتذكر خبراء إزالة الألغام. وقالوا إنهم عثروا أيضا على “دبدوب” للأطفال ربط به ستة أسلاك به حتى ينفجر عندما يتجه شخص ما نحوه من أي اتجاه.

كما صممت قنبلة علبة المشروبات الغازية الفارغة بنظام لوحة ضغط يمكن أن تعمل بوزن نصف رصاصة كلاشنكوف. وقال العربي، “المشاكل التي واجهتنا لم تكن المكونات ولكن طريقة وضعها. كل العناصر مفخخة بطريقة جديدة لم نرها من قبل”. وأفاد خبراء إزالة الألغام أيضا أنهم عثروا على مجموعة من الألغام المتطورة، بما في ذلك “لغم نثر” روسي ينتشر بنفسه ويدمر نفسه ذاتيا في غضون 100 ساعة، ولغم مضاد للأفراد بأشعة الليزر كأسلاك تفجير، وترتيبات فتاكة من الألغام، حيث يشكل أحد الألغام شركا يتسبب بانفجار آخر. وتقول الصحيفة إنه بعد التعرف على الذخائر، أرسل خبراء إزالة الألغام صورا إلى مستشارين في أمريكا وأوروبا.

وقال مستشار أوكراني إن الأجهزة تشبه تلك المستخدمة في الصراع في شبه جزيرة القرم، حيث شارك مرتزقة فاغنر أيضا.

وأشار اثنان من فريق إزالة الألغام إلي أنهما أزالا خلال الصيف الماضي أكثر من 400 لغم وعبوة ناسفة أخرى من أكثر من 200 منزل. لكن هذا النجاح كان له ثمنه الباهظ. ففي بداية تموز/ يوليو، قتل الشخصان عندما انفجرت عبوة ناسفة مخبأة داخل منزل. وبعد فرار قوات حفتر الصيف الماضي، عاد عبد الرحمن الغبيلي، وهو عامل اتصالات يبلغ من العمر 48 عاما، إلى مجمع عائلته. عندما فتح الباب الأمامي لمنزله، لم يكن على دراية بالمخاطر التي تنتظره. يتذكر الغبيلي: “عندما أدرت مقبض الباب وضغطت، سقطت قنبلة يدوية وانفجرت.. لقد أصيبت ساقي بجروح بالغة”. وكان شقيقه مهند وراءه في ذلك الوقت ونجا من الأذى. وبعد 15 يوما، كان الشقيقان عند مدخل المجمع السكني مع شقيق آخر،الجويلي.

اكتشف خبراء إزالة الألغام سلكا رفيعا متصلا بعصا من جانب ومفجر في الجانب الآخر. وطلبوا من الأشقاء الثلاثة ومزيل ألغام آخر أن ينسحبوا ببطء نحو سيارة تويوتا كورولا البيضاء الخاصة بالعائلة. لكن أحدهم قطع سلكا مرتبطا بلغم آخر.

وقتل مهند والجويلي على الفور، وكذلك مزيل الألغام.

أصابت شظية ساعد عبد الرحمن الأيمن، مما أدى إلى كسره. كما ويتضرر أطفال طرابلس بشكل خاص من الألغام والذخائر الأخرى. وكان من بينهم عبد الرحيم، 9 أعوام، وابن عمه محمد، 10 أعوام. عندما كانوا يلعبون في ألعاب الفيديو معا. وكانت الأسرة قد عادت إلى منزلها قبل أسبوع من فرارها من هجوم حفتر، وكان الأولاد بالخارج يلعبون بالألعاب النارية بالقرب من جدار نصف مبني عندما وقع انفجار ضخم، على الأرجح قذيفة هاون غير منفجرة، كما قال خبراء إزالة الألغام في وقت لاحق.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى