العالم تريند

نيويورك تايمز: الهجمات المتكررة على إيران تشير إلى وجود شبكة إسرائيلية يدعمها عملاء إيرانيون

أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن الهجمات التي هزّت إيران منذ الصيف الماضي وكان آخرها هجوم الأسبوع المنقضي ضد مفاعل نطنز تشير إلى وجود شبكة إسرائيلية داخل إيران وعجز للأمن الإيراني عن تفكيكها.

وفي تقرير أعده كل من بن هبارد ورونين بيرغمان وفرناز فصيحي، جاء فيه أن إيران تعرضت في أقل من تسعة أشهر إلى سلسلة من الهجمات التي تتراوح ما بين اغتيال قيادي في تنظيم القاعدة منح ملاذا في البلاد، وتبعه مقتل عالم ذرة إيراني مهم، وتفجيران غامضان في منشأة نووية، مما أثّر على جهود الجمهورية الإسلامية في تخصيب اليورانيوم.

وتشير هذه الهجمات المتتابعة التي يقول المسؤولون إنها من تنفيذ إسرائيل للسهولة التي استطاعت فيها المخابرات الإسرائيلية الوصول إلى داخل الأراضي الإيرانية وتنفيذ الهجمات المتكررة ضد أهم المنشآت وأكثرها حراسة.

تشير هذه الهجمات المتتابعة التي يقول المسؤولون إنها من تنفيذ إسرائيل للسهولة التي استطاعت فيها المخابرات الإسرائيلية الوصول إلى داخل الأراضي الإيرانية وتنفيذ الهجمات المتكررة ضد أهم المنشآت وأكثرها حراسة.

وقالت الصحيفة إن العمليات التي تعتبر الأخيرة في سلسلة من هجمات التخريب والاغتيال التي تجري منذ عقدين، كشفت عن ثغرات محرجة وتركت قادة إيران ينظرون وراء ظهورهم وهم يتفاوضون مع إدارة جوزيف بايدن للعودة إلى المحادثات النووية. وأدت إلى اتهامات متبادلة بين أطراف الحكم الإيراني، فقد قال رئيس المركز الإستراتيجي في البرلمان، إن إيران أصبحت “ملاذا للجواسيس”. ودعا قائد الحرس الثوري السابق إلى إصلاح شامل في أجهزة الأمن، وطالب المشرعون في البرلمان باستقالة قادة الأجهزة الأمنية.

والأكثر إثارة للقلق لإيران، هو أن الهجمات كشفت عن شبكة جواسيس داخل البلاد كما يقول المحللون والمسؤولون الإيرانيون، في وقت فشلت فيه أجهزة المخابرات في العثور على الجواسيس. ونقلت الصحيفة عن سنام وكيل، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس قولها: “أن يضرب الإسرائيليون بفعالية داخل إيران وبهذه الطريقة الوقحة يعتبر محرجا ويكشف عن الضعف داخل إيران مما ينعكس كما أعتقد سلبا عليها”.

وألقت الهجمات بظلال من الرهاب على بلد بات يرى مؤامرة أجنبية في أي حادث. وفي نهاية الأسبوع بثت شاشات التلفزة خبرا عن شخص قالت إنه منفذ تفجير في مفاعل نطنز الشهر الماضي. والشخص هو رضا كريمي (43 عاما) ولكن لا يعرف من هو وإن كان قد تحرك بنفسه أو نيابة عن جهة أخرى، وإن كان اسمه هذا حقيقيا. وعلى أية حال، فقد هرب من البلاد قبل الانفجار، كما قالت وزارة الاستخبارات الإيرانية.

وفي يوم الإثنين عندما أعلن التلفزيون الرسمي عن وفاة الجنرال محمد حسين زادة حجازي، نائب قائد فيلق القدس بسبب إصابته بجلطة قلبية ثارت الشكوك حول وفاته وأن هناك مؤامرة ضده. وكان حجازي هدفا مستمرا للمخابرات الإسرائيلية. وأكد نجل قائد آخر لفيلق القدس على تويتر، أن حجازي لم يمت بسبب جلطة قلبية. وفشل متحدث باسم الحرس الثوري في تبديد الشكوك، عندما قال إن الجنرال حجازي مات بسبب “مهام صعبة للغاية” وإصابته بكوفيد-19 قبل فترة وتعرضه للأسلحة الكيماوية أثناء الحرب العراقية- الإيرانية.

ولو صدق أن حجازي اغتيل، فسيكون الثالث خلال 15 شهرا، ففي كانون الثاني/ يناير 2020، اغتيل قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر اغتالت المخابرات الإسرائيلية العميد محسن فخري زادة العالم النووي المهم. وحتى لو مات الجنرال حجازي بشكل طبيعي، فخسارة ثلاثة مسؤولين كبار تعتبر ضربة للحرس الثوري.

الهجمات تمثل حملة طويلة من المخابرات الأمريكية والإسرائيلية لعرقلة ما تراها النشاطات الإيرانية الخطيرة، ومن أهمها البرنامج النووي

وتقول الصحيفة إن الهجمات تمثل حملة طويلة من المخابرات الأمريكية والإسرائيلية لعرقلة ما تراها النشاطات الإيرانية الخطيرة، ومن أهمها البرنامج النووي واستثمار طهران في الجماعات الوكيلة حول العالم العربي وتقديم صواريخ دقيقة إلى حزب الله. وفي وثيقة للجيش الإسرائيلي تعود إلى 2019 كشفت أن حجازي كان مسؤولا بارزا في العامين الماضيين كقائد لفرع فيلق القدس في لبنان ومسؤولا عن برنامج الصواريخ الدقيقة. وقال المتحدث باسم الحرس الثوري، رمضان شريف، إن اسرائيل حاولت اغتياله.

وتعمل إسرائيل على عرقلة البرنامج النووي الذي تراه تهديدا خطيرا عليها، حيث قامت بسلسلة اغتيالات لرموز البرنامج في 2007 عندما مات باحث في وحدة تخصيب اليورانيوم في مفاعل أصفهان بظروف غامضة بعد تسرب الغاز. وتم قتل ستة علماء نوويين في السنوات اللاحقة وجرح سابع. وقال الجنرال رستم قاسمي، أحد قادة فيلق القدس البارزين إنه نجا بأعجوبة من محاولة اغتيال إسرائيلية أثناء زيارته للبنان في آذار/ مارس. لكن الاغتيال هو أداة من أدوات الحملة التي تعمل على عدة جبهات.

وفي 2018 قامت إسرائيل بعملية جريئة وسرقت نصف طن من الوثائق الأرشيفية عن البرنامج النووي كانت محفوظة في مخزن بطهران. وقامت إسرائيل بعمليات أخرى حول العالم، حيث لاحقت معدات كانت في طريقها إلى إيران ودمرتها، وقامت بإخفاء أجهزة استقبال وإرسال أو عبوات ناسفة يتم تفجيرها حالة وصولها إلى إيران، وذلك حسب مسؤول أمريكي أمني.

وقالت مسؤولة أمنية إسرائيلية سابقة، إنها من أجل التأثير على المعدات قادت هي وزملاءها بقيادة السيارة إلى المصنع وافتعال أزمة، مثل حادث سيارة أو سكتة قلبية وعندها تناشد المرأة الحرس للمساعدة. مما سيعطيها الوقت الكافي للتعرف على نظام الحماية الإلكتروني حيث يقوم فريق آخر بتفكيكه وتعطيله.

ووصف رئيس البرنامج النووي الإيراني السابق فريدون عباسي- دفاني في مقابلة مع التلفزة الإيرانية ما حدث في مفاعل نطنز الأسبوع الماضي قائلا إن العبوة الناسفة كانت مخبأة في مكتب وُضع في المفاعل منذ عدة أشهر. ومزقت العبوة المصنع الذي يقوم بإنتاج جيل جديد من أجهزة الطرد المركزي مما أخّر عمليات التخصيب لعدة أشهر، حسب قول مسؤولين.

وفي يوم الثلاثاء، كشف علي رضا زكاني، رئيس مركز البحث في البرلمان الإيراني، إن محركا أرسل من مفاعل آخر للإصلاح في الخارج وأعيد وفي داخله عبوة متفجرة زنتها 300 رطل. ولا يعرف إلا القليل عن حادث نطنز الأخير سوى أن التيار الكهربائي قُطع ودمّر آلافاً من أجهزة الطرد المركزي.

ولن تكون إسرائيل قادرة على تنفيذ هذه العمليات بدون مساعدة داخلية، وهو ما يزعج المسؤولين الإيرانيين. وحاكمت إيران على مدى السنوات الماضية عددا من الإيرانيين الذي وجهت إليهم تهما بالتواطؤ مع إسرائيل، والعقوبة كانت الإعدام. إلا أن الاختراقات شوهت سمعة أجهزة الأمن المسؤولة عن حماية المنشآت والعلماء الإيرانيين. وطالب مسؤول سابق في الحرس الثوري بعملية “تطهير” لأجهزة الاستخبارات.

لن تكون إسرائيل قادرة على تنفيذ هذه العمليات بدون مساعدة داخلية، إلا أن الاختراقات شوهت سمعة أجهزة الأمن المسؤولة عن حماية المنشآت والعلماء الإيرانيين. وطالب مسؤول سابق في الحرس الثوري بعملية “تطهير” لأجهزة الاستخبارات.

وقال نائب الرئيس إسحق جهانغير، إنه يجب تحميل الوحدة المسؤولة عن أمن نطنز، مسؤولية الفشل الأخير. وقال نائب رئيس البرلمان، أمير حسين غازي زادة هاشمي لوسائل الإعلام يوم الإثنين، إن لوم إسرائيل والولايات المتحدة لا يكفي. فإيران بحاجة لتنظيف بيتها. ووصفت صحيفة تابعة للحرس “مشرق نيوز” الوضع في الأسبوع الماضي بالقول: ” لماذا تتصرف حراسة المنشآت بطريقة غير مسؤولة بحيث تلدغ من نفس الجحر مرتين؟”. إلا أن الحرس الثوري تابع للمرشد آية الله علي خامنئي، وحتى الآن لم يُظهر أي نية لتعديل من القمة إلى القاع.

وعانت الحكومة الإيرانية بعد الهجوم من مشكلة التعامل مع الوضع، حيث قالت أجهزة الأمن إنها حددت هوية المنفذين بعد مغادرتهم البلاد. وقالت أيضا إنها أحبطت عملية أخرى. وبعد كل هجوم تتعالى أصوات الانتقام واتهامات المحافظين لحكومة حسن روحاني بالضعف أو أنها أخضعت البلاد للمفاوضات النووية على أمل تخفيف العقوبات الأمريكية.

وبالتأكيد فقد ركزت إيران أثناء إدارة دونالد ترامب على “الصبر الإستراتيجي” ولم تمنح إسرائيل الفرصة لجرها إلى مواجهة. وهناك إمكانية أن إيران حاولت الانتقام وفشلت. وحُمّلت طهران مسؤولية انفجار في نيودلهي قرب السفارة الإسرائيلية، كما اعتقلت السلطات الإثيوبية 15 شخصا لمحاولتهم ضرب أهداف إسرائيلية وإماراتية. لكن انتقاما علنيا قد يؤدي لرد إسرائيلي قوي. ويقول طلال عتريسي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة اللبنانية: “ليسوا متعجلين لبدء حرب” و”انتقام يعني حربا”.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى