قلق في المنظومة الأمنية الإسرائيلية من تداعيات “الثرثرة” بشأن إيران
عربي تريند_ في الوقت الذي طالب فيه وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس بالتحقيق في هوية “مسربي الأنباء” عن النشاط الإسرائيلي ضد إيران، قال مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس”، إن جهات رفيعة المستوى في المنظومة العسكرية والأمنية في إسرائيل تبدي قلقاً من سلسلة الأنباء التي نشرت في الصحف المحلية والأجنبية ونسبت لإسرائيل عملية استهداف السفينة الإيرانية في البحر الأحمر، قبالة سواحل إريتريا، وحادثة التفجير في مفاعل نطنز.
وبحسب الصحيفة، فإن هذه الجهات تبدي مخاوف من فقدان السيطرة في “الحرب على صاحب الفضل في هذه العمليات”، بين جهات وأطراف سياسية وأخرى أمنية وفي المؤسسة العسكرية، مضيفة أن هناك من يحاول توظيف التصعيد والتوتر مع طهران لاحتياجاته وحساباته الشخصية وحتى في الصراع بين الأجهزة الأمنية المختلفة، في إشارة على ما يبدو إلى التوتر والسباق بين “الموساد” من جهة، والأذرع العسكرية الأخرى من جهة أخرى.
وذكرت الصحيفة أن الجنرال غانتس، الذي طالب المستشار القضائي بالتحقيق في مصادر التسريب، أشار إلى أنه لم يكن هناك قرار في إسرائيل بالعدول عن سياسة الضبابية في كل ما يتعلق بنشاطها السري.
وأضافت الصحيفة أن جهات أمنية مختلفة لفتت إلى أن الحديث لا يدور عن تسريب بعينه من بين تسريبات أخرى، وإنما عن سلسلة من التسريبات المتعاقبة في ظل التوتر السائد أخيراً بين إسرائيل وإيران، بما يشير إلى أن التسريبات كانت مقصودة بشكل لا يترك مجالاً للشك عن مسؤولية دولة الاحتلال عن الضربات التي تلقتها إيران مؤخراً، بما في ذلك الكشف قبل نحو شهر من قبل صحيفة “وول ستريت جورنال” عن أن إسرائيل استهدفت منذ العام 2019 أكثر من 12 سفينة إيرانية في البحر الأحمر والبحر المتوسط.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني سابق رفيع المستوى ومطلع على الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل قوله: “يبدو الأمر غير جيد، فنحن في فترة يعاني فيها بعض قادة الأجهزة الأمنية من ضعف كبير في مواجهة متخذي القرارات”، مشيراً إلى أن بعض المسؤولين الأمنيين لهم علاقات خاصة مع نتنياهو.
وبالرغم من أن هذا المصدر لم يوضح الجهة المقصودة، إلا أنه يبدو أن المقصود بهذه التصريحات هو رئيس الموساد الحالي يوسي كوهين، الذي قالت تقارير صحافية إسرائيلية إنه عُين في منصبه بعد موافقة عقيلة رئيس الحكومة، سارة نتنياهو على تعيينه.
ولا يُخفي كوهين علاقاته المميزة مع نتنياهو والتي دفعت كثيرين إلى التساؤل عما إذا كان يعد العدة لخوض المعترك السياسي بعد إنهاء مهامه رئيسا للموساد، من قلب حزب الليكود، خصوصاً أن هناك من ردد أن نتنياهو يرى فيه وريثاً لائقا له في قيادة الحزب.
وبحسب المصدر المذكور، فإنه إذا أضفنا الظروف السياسية الحالية وعدم استقرار الحكومة في إسرائيل وعلاقات مشحونة مع الإدارة الأميركية، فإن هذا يحول الفترة الحالية إلى فترة تبعث على القلق الكبير.
وقال مصدر أمني آخر إن التسريبات تهدف لاحتساب هذه العمليات لصالح أطراف سياسية (بنيامين نتنياهو على حساب الجيش والأجهزة الأمنية، بالرغم من أن إسرائيل تواجه ملفات كثيرة مهمة تضع أمامها تحديات أكثر إلحاحاً من إيران، لكن هناك من يعتقد أنه ينبغي أن يطغى الموضوع الإيراني لأسباب ليست بالضرورة عملياتية”.
مع ذلك، أقر المصدر الأمني المذكور أنه كانت هناك حالات قررت فيها إسرائيل الكشف عن بعض العمليات كجزء من معركة الوعي ونقل الرسائل لإيران ولكن الأمر يختلف هذه المرة، إذ لا يعقد الكابينت السياسي الأمني جلسات ولا يوجد أي نقاش جدي في هيئات أمنية وازنة بشأن “السياسة الضبابية” المتعلقة بالنشاطات الإسرائيلية ضد إيران.
وبحسب المصدر، فإن احتمال أن تكون جهات أميركية وراء هذه التسريبات هو احتمال يبعث على القلق الكبير، مضيفا “نحن نعمل مع الولايات المتحدة بتعاون تام في القضايا الحساسة جداً، وإذا غيّر الأميركيون توجههم وانعكس ذلك في مثل هذه التسريبات، فعلينا أن نتوصل إلى اتفاق معهم”.
في المقابل، قال مسؤول استخباراتي سابق لصحيفة “هآرتس” إنه لا يُستبعد أن يكون الأميركيون وراء بعض التسريبات لتوجيه رسالة للحكومة الإسرائيلية بقدوم إدارة جديدة، وأن يكون هدف التسريبات الضغط على إسرائيل لتخفي عملياتها ضد إيران في المرحلة الحالية.